عرض مشاركة واحدة
قديم 15-07-07, 11:03 AM   #2
أمة الخبير
جُهدٌ لا يُنسى
افتراضي

*
*
*


الحصة الثانية



الأحد 15/07/2007


سئل الشيخ الإمام العالم العلامة المتقن الحافظ الناقد شمس الدين أبو عبدالله محمد بن الشيخ الصالح أبي بكر عرف بابن القيم الجوزية رضي الله عنه ما تقول السادة العلماء أئمة الدين رضى الله عنهم أجمعين في رجل ابتلى ببلية وعلم أنها إن استمرت به أفسدت دنياه وآخرته وقد اجتهد في دفعها عن نفسه بكل طريق فما يزداد إلا توقدا وشدة فما الحيلة في دفعها وما السلام إلى كشفها فرحم الله من أعان مبتلى والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه أفتونا مأجورين

فكتب الشيخ رضي الله عنه تحت السؤال الجواب :

الحمد لله أما بعد :

فقد ثبت في صحيح البخاري من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : {{ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء }} .

وفي صحيح مسلم من حديث جابر بن عبد الله قال قال : {{رسول الله صلى الله عليه وسلم لكل داء دواء فإذا أصيب دواء الداء برأ باذن الله }} .

وفي مسند الامام أحمد من حديث أسامة بن شريك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :{{إن الله لم ينزل داء إلا أنزل له شفاء علمه من علمه وجهله من جهله }} ، وفي لفظ : {{ إن الله لم يضع داء إلا وضع له شفاء أو دواء إلا داء واحدا ، قالوا يا رسول الله ما هو قال الهرم }} .قال الترمذي : هذا حديث صحيح .


دواء العي السؤال :

وهذا يعم أدواء القلب والروح والبدن وأدويتها وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم الجهل داء وجعل دواءه سؤال العلماء .

فروى أبو داوود في سننه من حديث جابر ابن عبد الله قال : خرجنا في سفر فأصاب رجلا منا حجر فشجه في رأسه ثم احتلم فسأله أصحابه فقال الشياطين تجدون لي رخصة في التيمم ، قالوا ما نجد لك رخصة وأنت تقدر على الماء . فاغتسلَ فمات . فلما قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر بذلك فقال {{ قتلوه قتلهم الله إلا سألوا إذ لم يعلموا فإنما شفاء العي السؤال إنما كان يكفيه أن يتيمم ويعصر أو يعصب على جرحه بخرقة ثم يمسح عليها ويغسل سائر جسده }} . فأخبر أن الجهل داء ، وأن شفاءه السؤال .



القرآن شفاء :

وقد أخبر سبحانه عن القرآن أنه شفاء فقال الله تعالى : {{ ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته أعجمي وعربي قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء }} . فصلت44
وقال : {{ وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين }} الإسراء .

و’’من’’ هنا لبيان الجنس لا للتبعيض : فإن القرآن كله شفاء ، كما قال في الآية الأخرى فهو شفاء للقلوب من داء الجهل والشك والريب فلم ينزل الله سبحانه من السماء شفاء قط أعم ولا أنفع ولا أعظم ولا أشجع في إزالة الداء من القرآن .
وقد ثبت في الصحيحين من حديث أبي سعيد قال : انطلق نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في سفرة سافروها حتى نزلوا على حي من أحياء العرب فاستضافوهم فأبوا أن يضيفوهم فلدغ سيد ذلك الحي فسعوا له بكل شيء لا ينفعه شيء فقال بعضهم لو أتيتم هؤلاء الرهط الذين نزلوا لعله أن يكون عند بعضهم شيء .
فاتوهم فقالوا أيها الرهط إن سيدنا لدغ وسعينا له بكل شيء لا ينفعه فهل عند أحد منكم شيء
فقال بعضهم نعم والله إني لأرقى ولكن والله استضفناكم فلم تضيفونا فما أنا براق حتى تجعلوا لنا جعلا فصالحوهم على قطيع من الغنم فانطلق يتفل عليه ويقرأ الحمد لله رب العالمين فكأنما نشط من عقال. فانطلق يمشي وما به قلبة فأوفوهم جعلهم الذي صالحوهم عليه .
فقال بعضهم إقتسموا فقال الذي رقا لا نفعل حتى نأتي النبي صلى الله عليه وسلم فنذكر له الذي كان فننظر بما يأمرنا .
فقدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكروا له ذلك فقال : {{وما يدريك إنها رقية ؟ }} ثم قال : {{ قد أصبتم اقتسموا وأضربوا لى معكم سهما }} .

فقد أثر هذا الدواء في هذا الداء وأزاله حتى كأن لم يكن وهو أسهل دواء وأيسره ولو أحسن العبد التداوي بالفاتحة لرأي لها تأثيرا عجيبا في الشفاء .

ومكثت بمكة مدة تعتريني أدواء ولا أجد طبيبا ولا دواء فكنت أعالج نفسي بالفاتحة . فأري لها تأثيرا عجيبا فكنت أصف ذلك لمن يشتكي ألما وكان كثير منهم يبرأ سريعا .

ولكن ههنا أمر ينبغي التفطن له ، وهو أن الأذكار والآيات والأدعية التي يستشفى بها ويرقا بها هي في نفسها نافعة شافية . ولكن تستدعى قبول المحل وقوة همة الفاعل وتأثيره ، فمتى تخلف الشفاء كان لضعف تأثير الفاعل أو لعدم قبول المنفعل أو لمانع قوي فيه يمنع أن ينجع فيه الدواء كما يكون ذلك في الأدوية والأدواء الحسية فإن عدم تأثيرها قد يكون لعدم قبول الطبيعة لذلك الدواء ، وقد يكون لمانع قوي يمنع من اقتضائه أثره .
فإن الطبيعة إذا أخذت الدواء لقبول تام كان انتفاع البدن به بحسب ذلك القبول وكذلك القلب إذا أخذ الرقاء والتعاويذ بقبول تام وكان للراقى نفس فعالة وهمة مؤثرة في إزالة الداء .


الدعاء يدفع المكروه :

وكذلك الدعاء فإنه من أقوى الأسباب في دفع المكروه وحصول المطلوب ، ولكن قد يتخلف عنه أثره إما لضعفه في نفسه بأن يكون دعاء لا يحبه الله لما فيه من العدوان وإما لضعف القلب وعدم إقباله على الله وجمعيته عليه وقت الدعاء فيكون بمنزلة القوس الرخو جدا فإن السهم يخرج منه خروجا ضعيفا وإما لحصول المانع من الاجابة من أكل الحرام والظلم ورين الذنوب على القلوب واستيلاء الغفلة والسهو واللهو وغلبتها عليها .

كما في ’’ مستدرك الحاكم’’ من حديث أبى هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : {{أدعو الله وأنتم موقنون بالاجابة واعلموا أن الله لا يقبل دعاء من قلب غافل لاه }} .فهذا دواءنا نافع مزيل للداء ولكن غفلة القلب عن الله تبطل قوته وكذلك أكل الحرام يبطل قوته ويضعفها .
كما في ’’صحيح مسلم ’’ من حديث أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : {{ أيها الناس إن الله طيب لايقبل إلا طيبا وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال : (( يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم )) المؤمنون 51 . وقال : (( يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات مارزقناكم )) البقرة 172 ، ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يده الى السماء يارب يارب ، ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك ؟! }}

وذكر عبد الله بن أحمد في كتاب الزهد لأبيه : أصاب بني إسرائيل بلاء فخرجوا مخرجا فأوحى الله عز وجل الى نبيهم أن أخبرهم إنكم تخرجون الى الصعيد بأبدان نجسة وترفعون الي أكفا قد سفكتم بها الدماء وملأتم بها بيوتكم من الحرام ، الآن حين اشتد غضبي عليكم ولن تزدادوا مني إلابعدا .

وقال ابو ذر يكفي من الدعاء مع البر، ما يكفى الطعام من الملح .



ملاحظة : هذه الصفحة : >>> الجواب الكافي (مشروع قراءة ) مخصصة للمدارسة ووضع الإجابات فقط ..

*
*



توقيع أمة الخبير
*
*
*


إذا سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله

*
*
*


أمة الخبير غير متواجد حالياً