الدرس الثالث :
قال الْمُصَنِّف - رحمه الله - (وأقسامه ثلاثة : اسم ، وفعل ، وحرف جاء لمعنى)فيه مباحث على ما يلي :
الأول :
قوله (وأقسامه) يتعلق بها أشياء :
الأول :
في كون (الواو) في (وأقسامه) استئنافية ، وقولنا : (استئنافية) مأخوذ من : الاستئناف وهو : الابتداء ، تقول : استأنفت الأمر ؛ إِذَا ابتدأته .الثاني :
في كون ضمير (الهاء) المتصل ؛ عائداً على الكلام . وهو في مَحَلّ خَفْضٍ على الإضافة .
الثالث :في معنى (الأقسام) لغة ؛ حَيْثُ إِنها جَمْع قسْم ، والقَسْم - بفتح القاف - مصدر قَسَمْت الشيء قَسْماً ؛ إِذَا جزَّأته . والقِسْم - بكسر القاف - النصيب .الرابع :
في معنى (الأقسام) في عبارة الْمُصَنِّف - يرحمه الله - ، حَيْثُ عَنى أجزاء الكلام من جهة تركيبه لا حقيقته ؛ لأنه سبق أن الكلام عند النحاة حقيقته مُركَّبةٌ من اللفظ المركب ، والمفيد بالوضع . فهذه القيود الأربعة هي أجزاء الكلام من جهة حقيقته . وأما من جهة التركيب فثلاثة : اسم ، وفعل ، وحرف جاء لمعنى .الثاني :
قوله : (ثلاثة) يتعلق به شيئان :
أحدهما :
أن تقسيم الكلام من جهة تركيبه إِلى أقسام ثلاثة ، أمر مُجْمع عليه عن اللُّغَويين والنحاة ؛ قاله الأزهري .والثاني :في دليل القِسْمة . حَيْثُ إِن دليل ذلك أمران :
• أحدهما : الاستقراء التام ؛ حَيْثُ استقرأ أئمة اللُّغَة كأبي عمرو المازني والخليل وسيبويه - الكلام ، فوجدوه لا يخرج عن كونه : اسماً ، وفعلاً ، وحرفاً جاء لمعنى . والاستقراء التام حجَّة باتفاق .
• والثاني : الدليل العقلي ؛ إِذْ العقل لا يقبل غير تلك القِسْمة .
وبيانه :
أن الكلمة لا تخلو : إما أن تدل على معنى في نفسها أَوْ لا ، فالثاني : الحرف . والأول : إما أن يقترن بأحد الأزمنة الثلاثة أَوْ لا ، فالثاني : الاسم . والأول : الفعل.الثالث :
قوله : (اسم) ، يتعلَّق به أشياء أربعة :الأول :في تقديم الْمُصَنِّف - يرحمه الله - الاسمَ على الفعل والحرف ؛ إِذْ هناك ما يُوجِب تقديمه ، ومن ذلك : كون الاسم يأتي مسنداً ومسنداً إِلَيْهِ ، خلافاً للفعل فلا يكون إلا مسنداً ، وأما الحرف فلا يكون مسنداً ولا مسنداً إِلَيْهِ .ومثال ذلك :
(زَيْدٌ قَائِمٌ) ؛ وفيه أُسْنِدَ القيام لزيد ، فكان (زيد) مسنداً إِلَيْهِ القيام ، وكانت كلمة : (قائم) مسنداً ؛ حَيْثُ أُسْنِدت لـ (زيد) ، وكلمة : (قائمٌ) اسم ، بدلالة التنوين فيها ، والتنوين - كما سيأتي إن شاء الله - من خواص الاسم وعلاماته .
فبان بالمثال السابق أن الاسم يأتي مُسْنَداً ومُسْنَداً إِلَيْهِ .الثاني : في معناه لغة
إِذْ هو : ما دَلَّ على مُسَمّى ، واخْتُلِفَ في اشتقاقه هو مِن (السُّمُوّ) وهو : العلو ، أم من (الوَسْم) وهو : العلامة ؟؟ قولان : والصحيح : الأول ، وعليه الأكثر . ولا شك أن الاسم يعلو الْمُسَمَّى ، ويعلو الفعل والحرف على ما سبق (أَيْ : من كونه مسنداً ومسنداً إِلَيْهِ) .الثالث : في معناه اصطلاحاً
حَيْثُ يُعَرَّف بأنه : ما دَلَّ على معنى في نفسه ولم يقترن بزمان .
و(في) في التعريف للسَّبَبِيَّة ، أَيْ : دَلَّتْ عَلَى معنى بسبب نفسه لا بغيره .
والمراد بالزمان في : (ولم يقترن بزمان) المعَبَّر عنه بـ (الماضي ، والحال ، والاستقبال ) .
[glow=FFFFFF]يتبع[/glow]
التعديل الأخير تم بواسطة أم هشام ; 31-08-06 الساعة 06:02 PM
|