عرض مشاركة واحدة
قديم 03-09-06, 05:34 PM   #18
أمةالله
أم مالك المصرية
افتراضي السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

تم إرسال سؤال الأخت أم اليوسف للشيخ إحسان العتيبي

وكان الرد هو:
اقتباس:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

كتاب " الحلية " يغلب عليه جانب التصوف ، فلا عجب أن يُفهم منه مثل الذي فهمته الأخت .

وليس أصل طلب العلم هو خشية الله بالمعنى نفسه الذي في النتيجة ، وفرق بين " طلب العلم " و " العلم " ، فطلب العلم واجب شرعي ، وينبغي أن يكون الدافع لطلبه القيام بالواجب المفروض ، وقد يصاحب ذلك الخشية من الله أن لا يطبق هذا الواجب ، وعليه : يمكن اعتبار أصل " طلب العلم " خشية الله ، وليس " أصل العلم " !

وكلام أهل العلم في أن رأس العلم خشية الله ليس المراد به الطلب ، بل نتيجة العلم ، وهو ما يحدثه العلم من أثر على من كان عالما أو عنده علم ، ليس على الطالب للعلم لأنه قد يكون في المرحلة الأولى ، ولا يعرف الله تعالى ولا صفاته فكيف لهذا أن يكون عنده خشية ، بل الخشية منزوعة من الجاهل .

وفي " الدرر السنية " :

قال بعض السلف: رأس العلم خشية الله; وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: "كفى بخشية الله علما، وكفى بالاغترار به جهلا"، وقال بعض السلف: من كان بالله أعرف كان منه أخوف; ويدلك على صحة هذا المعنى قول النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه: "أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له" - رواه البخاري - .

فكلما قوي علم العبد بالله، كان ذلك سببا لكمال تقواه وإخلاصه، ووقوفه عند الحدود، وحذره من المعاصي، ولهذا قال الله سبحانه وتعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [سورة فاطر آية: 28].

فالعلماء بالله وبدينه هم أخشى الناس، وأتقاهم له ، وأقومهم بدينه؛ وعلى رأسهم: الرسل والأنبياء، عليهم الصلاة والسلام، ثم أتباعهم بإحسان; ولهذا أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن من علامات السعادة، أن يفقه العبد في دين الله، فقال عليه الصلاة والسلام: "من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين" - أخرجاه في الصحيحين، من حديث معاوية رضي الله عنه - .

وما ذاك إلا لأن الفقه في الدين، يحفز العبد على القيام بأمر الله وخشيته، وأداء فرائضه، والحذر من مساخطه، ويدعوه إلى مكارم الأخلاق، ومحاسن الأعمال، والنصح لله ولعباده.

انتهى

ويمكن تفسير كلمة " رأس العلم خشية الله " بما يحدثه العلم النافع من أثر على العالم بحق ، وهذا موجود في الكلام السابق ، ويزيده توضيحا :

قال الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله - :

والفقه في الدين هو : الفقه في كتاب الله عز وجل ، والفقه في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو الفقه في الإسلام من جهة أصل الشريعة ، ومن جهة أحكام الله التي أمرنا بها ، ومن جهة ما نهانا عنه سبحانه وتعالى ، ومن جهة البصيرة بما يجب على العبد من حق الله وحق عباده ، ومن جهة خشية الله وتعظيمه ومراقبته .

فإن رأس العلم خشية الله سبحانه وتعالى وتعظيم حرماته ومراقبته عز وجل فيما يأتي العبد ويذر ، فمن فقد خشية الله ومراقبته فلا قيمة لعلمه ، إنما العلم النافع ، والفقه في الدين الذي هو علامة السعادة هو العلم الذي يؤثر في صاحبه خشية الله ، ويورثه تعظيم حرمات الله ومراقبته ، ويدفعه إلى أداء فرائض الله وإلى ترك محارم الله ، وإلى الدعوة إلى الله عز وجل ، وبيان شرعه لعباده ، فمن رزق الفقه في الدين على هذا الوجه فذلك هو الدليل والعلامة على أن الله أراد به خيرا ، ومن حرم ذلك وصار مع الجهلة والضالين عن السبيل ، المعرضين عن الفقه في الدين ، وعن تعلم ما أوجب الله عليه ، وعن البصيرة فيما حرم الله عليه فذلك من الدلائل على أن الله لم يرد به خيرا .

انتهى

كما أن غاية العلم ونهايته هو خشية الله التي تدفع للقيام بالأعمال الصالحة وتجنب صاحبها التقصير والمعصية ، وتدفع عن نفس صاحبها الغرور .

قال ابن مفلح الحنبلي :

ويؤيد هذا قول أحمد عن معروف - أي : الكرخي العابد - : وهل يراد من العلم إلا ما وصل إليه معروف ؟ ؟ وقال أيضا عنه : كان معه رأس العلم : خشية الله .

انتهى

وفي " طبقات الحنابلة " لابن أبي يعلى :

وذكر أبو سعيد بن الأعرابي أن أحمد بن حنبل كان يقول معروف الكرخي من الأبدال وهو مجاب الدعوة وذكر في مجلس أحمد معروف الكرخي فقال: بعض من حضره هو قصير العلم قال: أحمد أمسك عافاك الله وهل يراد من العلم إلا ما وصل إليه معروف.

وقال المعافى بن زكريا الجريري حدثت عن عبد الله بن أحمد بن حنبل أنه قال: قلت: لأبي هل كان مع معروف شيء من العلم فقال: لي يا بني كان معه رأس العلم خشية الله تعالى.

انتهى

والله أعلم



توقيع أمةالله

أمةالله غير متواجد حالياً