عرض مشاركة واحدة
قديم 05-06-12, 05:28 AM   #25
سارة بنت محمد
نفع الله بك الأمة
 
تاريخ التسجيل: 09-05-2009
المشاركات: 663
سارة بنت محمد is on a distinguished road
افتراضي

قياس الأولوية

كما في المثال السابق

رأينا الرجل صاحب المصنع لا يستطيع رجل الأمن أن يقيسه على العاملين بالمصنع قياس شمول حتى لو سمي كلاهما (رجل)!
ورأينا أن قياس التمثيل وهو إلحاق حكمه بحكم الفرع (العاملون) في المطالبة بالتصريح.. باطل!
وكلاهما يعد من قبل رجل الأمن إهانة فادحة وتعدٍ سافر يستحق أن يعاقب عليه ولا شك!

فها هنا يصح أن يقال: إذا كان هذا في حق المخلوق الضعيف لمجرد أن له شيء من الملك (المصنع) فأثبت له الكمال النسبي عند المقارنة بخلق مثله
فلا يساوى بينه لا على سبيل التمثيل ولا على سبيل الشمول، وهم خلق مثله لمجرد أنهم يعملون في مصنعه!

فلله تعالى المثل الأعلى وهو (أولى) ألا يقاس على خلقه فيسوى بينه وبينهم تسوية شمول أو تمثيل في الذات والصفات.
كيف وهو خالقهم جميعا؟! سبحانه وتعالى عما يصفون

إذن قياس الأولوية هو :
إن كل كمال اتصف به المخلوق لا يقبل النقص بوجه من الوجوه فالخالق أحق أن يتصف به، وكل ما تنزه عنه المخلوق من نقص فالخالق أولى بالتنزيه عنه

يقول ابن تيمية:" والله تعالى لا تضرب له الأمثال التي فيها مماثلة لخلقه فإن الله لا مثل له، بل له المثل الأعلى فلا يجوز أن يشترك هو والمخلوق في قياس تمثيل ولا في قياس شمول تستوي أفراده، ولكن يستعمل في حقه المثل الأعلى وهو أن كل ما اتصف به المخلوق من كمال فالخالق أولى به وكل ما تنزه عنه المخلوق من نقص فالخالق أولى بالتنزيه عنه، فإذا كان المخلوق منزها عن مماثلة المخلوق مع الموافقه في الاسم فالخالق أولى أن ينزه عن مماثلة المخلوق وإن حصلت الموافقة في الاسم" اهـ التدمرية.

وقد ضرب ابن تيمية مثلين:

1- مثل الجنة:
فإن الجنة فيها أنهار من لبن وماء وخمر وعسل،وفيها فاكهة ونخل ورمان ولحم طير .........الخ
وقال تعالى:" وأتوا به متشابها"
يقول ابن عباس: ليس في الدنيا شيء مما في الجنة إلا الأسماء"

فإذا كان هذا حال المخلوق في الدنيا والمخلوق في الجنة لا يقيس المرء شيئا مما في الجنة على ما في الدنيا إلا كان ما في الجنة أعظم فإن فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر!...

فالخالق أولى ألا يقاس بخلقه فلله المثل الأعلى سبحانه وتعالى وهو عز وجل أعظم وأجل من كل ما يخطر على قلوب عباده ، فذاته وصفاته لا تدركها العقول ولا تحيط بها علما

2- الروح
قال تعالى :"ويسئلونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا"

فهذه الروح وصفها النبي صلى الله عليه وسلم بأنها تقبض ويعرج بها إلى السماء
والأرواح جنود مجندة...الخ

فهل تقاس الروح على الجسد الذي نعرفه ونلمسه؟ وهل يستطيع متفلسف أن يقول الروح كالملائكة؟ فيضحك منه العقلاء ...فإنه ما رأى ملكا ولا رأى الروح ويقيس غائب بغائب!!
فلا يقول بذلك عاقل!
هذا والروح بين جنباتنا تخرج من الجسد فيموت ولا يستطيع إنسان مهما بلغ شأنه أن يعيدها قال تعالى:" فلولا إن كنتم غير مدينين ترجعونها إن كنتم صادقين"

فإذا كان هذا في شأن شيء جعله الله سبب الحياة في أجسادنا لا نستطيع قياسه على نفس الجسد الذي يعيش فيه
"فإذا كان من نفى صفات الروح جاحدا معطلا لها، ومن مثلها بما يشاهده من المخلوقات جاهلا ممثلا لها بغير شكلها وهي مع ذلك ثابتة بحقيقة الإثبات مستحقة لما لها من الصفات، فالخالق سبحانه وتعالى أولى أن يكون من نفى صفاته جاحدا، وهو سبحانه ثابت بحقيقة الإثبات مستحق لما له من الأسماء والصفات" اهـ التدمرية


إذن فقياس الأولوية يعد من الردود المفحمة على المعطل والممثل معا
وكما ذكرنا من قبل إن كل معطل إنما وقع في التعطيل لوقوعه في التمثيل أولا فلجأ إلى التأويل لينفض ما وقر في ذهنه فاستقبحه..
ولكن هل يصح عند أهل السنة نفي التأويل بإطلاق؟؟
وهذا يحتاج لبيان معاني التأويل أولا..
يتبع بإذن الله تعالى
سارة بنت محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس