عرض مشاركة واحدة
قديم 15-06-12, 01:25 PM   #15
أم عبد الرحمن مصطفى
مسئولة فريق العمل الفني
افتراضي

-- (25)
أنت تتعامل مع بشر تحدثه...وهو يفكر ويقلب الكلام على وجوهه، وربما كان هناك ما يخفيه أو يظهر لك خلافه...فتكون معطياتك أنقص من المطلوب!
فلا تتوقع أن يسلم لك بأفعاله في كل ما تقول.. ولا تتوقع أن تسير المواقف على وفق ما تتوقع... فاجعل هامش مرن في صفحة توقعاتك وتهيأ لذلك.
وليكن التركيز الأكبر هو محاولة إفادته... وثق أنه بإذن الله مستفيد.

--(26)
لا تقابل الاستشارات الخاصة برد فعل تهويلي... لابد من ضبط الأعصاب والمشاعر مراعاة نقاط الضعف البشري.
فإن النبي صلى الله عليه وسلم جاءه فتى يطالب بالإذن في الزنا فلم يصرخ ولم يقفز ولم تتسع عيناه وحدقتاه تبرقان!!

بل حاوره بهدوء ولطف حتى عبر به إلى بر الأمان



--(27)
وجه للسؤال الأهم!
روى البخاري ومسلم أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الساعة ، فقال : متى الساعة ؟

قال : ( وماذا أعددت لها ؟ )
قال : لا شيء ، إلا أني أحب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ،
فقال : ( أنت مع من أحببت ) .
قال أنس : فما فرحنا بشيء فرحنا بقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( أنت مع من أحببت ) .

وفي رواية لمسلم:
قال فكأن الرجل استكان .

ثم قال : يا رسول الله ! ما أعددت لها كبير صلاة ولا صيام ولا صدقة . ولكني أحب الله ورسوله .
قال " فأنت مع من أحببت " .

لم يتوقف النبي صلى الله عليه وسلم مع السؤال الأول ليثبت أنه من الخطأ طرحه
ولم يكرر ما تقرر من قبل أنه لا يعلم الساعة إلا الله عز وجل
لكن انتقل بالرجل برفق إلى السؤال الأهم ثم بشره بخير كبير

وهكذا لابد أن ينتقل المستشار برفق مع المستشير فيغير من توافه أهدافه وما ينقدح في ذهنه من فكر في المشكلة

وينتقل بتقييمه للمشكلة نفسها من الدناءة والسفاهة إلى السمو والرزانة

فامرأة تنشغل كل لحظة بما قالته حماتها وأخت زوجها وتبحث عن ردود لاذعة رادعة للانتقام لنفسها...

ينبغي أن ينتقل بها إلى الهدف الأهم وهو كيف أكسب ود حماتي وأخت زوجي

والكلام في هذا المقام يحتاج إلى مجلدات والأمثلة فيها أكثر من أن تحصر في كلمات ... ولكنه العهد أنها فقط إضاءات!


-- (28)
الإضافة في إجابة المستشار لابد أن تتعلق بالموضوع!

فمستشير يتسائل كيف أرقق قلبي؟ كيف أتخلص من ذنبي؟
يضاف له شيء من الكلام عن علو الهمة أو عن الصبر على الطاعة أو عن المصابرة ومراغمة الشيطان...الخ

وهكذا فإن إجابة الأسئلة فن يحتاج إلى فكر وممارسة وفقه عميق

وقد سمعت شهادة بعض العلماء لابن تيمية أنه كان أفضل من يمارس هذا الفن، أعني فن إضافة بعض الأمور المتعلقة بالسؤال والتي قد تبدو للناظر في نص السؤال للوهلة الأولى أن السائل لا يحتاج إليها! ولكنه في الواقع بطرقها يروي غليل السائل بأكثر مما توقع هو نفسه.

فكم من إجابة ثرية ومفيدة وهي مع الأسف خارج الموضوع أو على الأقل لا تطرق الجوانب الهامة في نفس السؤال أو المتعلقة به ...
وهذا يحتاج إلى ...



--(29)
تحليل السؤال بتركيز!

إن السائل عندما يطرح سؤاله فإنما هو يضع ما في ذهنه في وعاء من الكلمات
هذا الوعاء يحمل داخله إشارات مهمة جدا لابد أن يلتقطها المستشار ليفهم ما يحتاج المستشير
وكل كلمة لها صدى ورجع .. سواء كانت مقصودة أو زلة لسان

فكلمة معينة قد تكشف عن إحباط صاحبها ، فيحتاج إلى إضافة عن الهمة أو الرجاء في الله تعالى
وكلمة أخرى قد تكشف بدقة محددة موضع المشكلة بالضبط، وهناك كلمات تدل على معاناة صاحبها وضياعه، وكلمات تدل على كبره وغروره....الخ
هذا التحليل يعين المستشار على الإضافة السابق الحديث عنها، ويعينه على تحليل شخصية المستشير ويوجهه إلى الطريق السليم بإذن الله تعالى.

وكثيرا ما تكون المشكلة غير محتاجة لــــــ (عمل) ما لمواجهتها بقدر ما هي محتاجة إلى التخلص من (داء) ما تظهره الكلمات.

ألا ترون أنه قد يقص عليكم شخص قصة طويلة عن إخفاقات متتالية ويكون حله في حسن الافتقار إلى الله أو الإخلاص إليه أو ترك الكبر والغرور؟؟ ويكون ذلك أولى من مناقشة آحاد وتفاصيل القصة
فهذا مثال نعرفه جميعا ونمارسه جميعا أيضا بصورة إن لم تكن يومية فهي دورية..

فكذلك في كثير من الاستشارات قد تكون الإجابة خارج النص المكتوب أو المنطوق فتحليل الكلمات يفتح أفقا خارج الحدود الضيقة التي قد نحصر أنفسنا فيها.

وهذا التحليل لا يقتصر على الاستشارات بل من المهم جدا أن يمارسه من يشتغل بالإجابة على الفتاوى أيضا..

فكم من سؤال أراد به المستفتي أن يحصل على فتوى بعينها فاستطاع أن ينتزع من المفتي ما يريد لعدم تركيز المفتي في السؤال وتحليل كلماته وألفاظه

وكذلك في باب الاستشارات كثيرا ما يكون الهدف من الاستشارة الحصول على ضوء أخضر للمضي في ممارسة غير منضبطة بالشرع لتكون إجابة المستشير البريئة: هكذا نصحني فلان!!

وهذا باب مهم جدا وشائك جدا والكلام عن فوائدة يطول...ولكن ممارسته مع الاستعانة بالله لها نكهة مختلفة
نسأل الله أن يرزقنا البصيرة الثاقبة والفراسة الصادقة.



توقيع أم عبد الرحمن مصطفى
دخول متقطع ... دعواتكن لي
مدونتي ... صدقتي الجارية بعد مماتي


أم عبد الرحمن مصطفى غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس