عرض مشاركة واحدة
قديم 01-08-12, 02:30 PM   #8
حياة بنت عبد السلام
~مستجدة~
 
تاريخ التسجيل: 24-12-2011
المشاركات: 12
حياة بنت عبد السلام is on a distinguished road
افتراضي

الثاني :

باب الشهادات

الشهادة: مصدر شهد ــــ جمع لإرادة الأنواع،

قال الجوهري: الشهادة خبر قاطع، والشاهد حامل الشهادة ومؤديها لأنه مشاهد لما غاب عن غيره.

وقيل: مأخوذة من الإعلام من قوله تعالى: {شهد الله أنه لا إله إلا هو} ( ال عمران 18 ) أي علم.


عن زيد بن خالد الجهنيِّ رضي اللّهُ عَنْهُ أنَّ النّبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قال: "ألا أُخبركم بخير الشهداء؟ الذي يأتي بالشهادة قبْل أنْ يُسأَلها" رواه مسلمٌ.


دل على أن خير الشهداء من يأتي بالشهادة لمن هي له قبل أن يسأله، إلا أنه يعارضه الحديث الثاني وهو حديث عمران وفيه "ثم يكون قوم يشهدون ولا يستشهدون" في سياق الذم لهم.

ولما تعارضا اختلف العلماء في الجمع بينهما على ثلاثة أوجه.

الأول:

أن المراد بحديث زيد إذا كان عند الشاهد شهادة بحق لا يعلم بها صاحب الحق، فيأتي إليه فيخبره بها، أو يموت صاحبها فيخلف ورثة فيأتي إليهم فيخبرهم بأنه عنده لهم شهادة، وهذا أحسن الأجوبة وهو جواب يحيــــى بن سعيد شيخ مالك.

الثاني:

أن المراد بها شهادة الحسبة، وهي ما لا تتعلق بحقوق الآدميين المختصة بهم محضاً، ويدخل في الحسبة ما يتعلق بحق الله تعالى أو ما فيه شائبة منه كالصلاة والوقف والوصية العامة ونحوها. وحديث عمران المراد به الشهادة في حقوق الآدميين المحضة.

الثالث:

أن المراد بقوله "أن يأتي بالشهادة قبل أن يسألها": المبالغة في الإجابة، فيكون لقوّة استعداده كالذي أتى بها قبل أن يسألها، كما يقال في حق الجواد إنه ليعطي قبل الطلب.

وهذه الأجوبة مبنية على أن الشهادة لا تؤدى قبل أن يطلبها صاحب الحق.
ومنهم من أجاز ذلك عملاً برواية زيد وتأول حديث عمران بأحد تأويلات:

الأول:

أنه محمول على شهادة الزور؛ أي يؤدون شهادة لم يسبق لهم بها علم، حكاه الترمذي عن بعض أهل العلم.

الثاني:

أن المراد إتيانه بالشهادة بلفظ الحلف نحو أشهد بالله ما كان إلا كذا، وهذا جواب الطحاوي.

الثالث:

أن المراد به الشهادة على ما لا يعلم مما سيكون من الأمور المستقبلة، فيشهد على قوم بأنهم من أهل النار وعلى قوم بأنهم من أهل الجنة من غير دليل، كما يصنع ذلك أهل الأهواء؛ حكاه الخطابي. والأول أحسنها.


-------------------------------

وَعَنْ أَبي بكرةَ رضي اللّهُ عَنْهُ "عن النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم أَنّه عَدَّ شهادة الزُّور في أكبر الكبائر" مُتّفقٌ عَليْهِ في حديثٍ طويلٍ.

في حديث ولفظه: أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال: "ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ــــ ثلاثاً ــــ؟" قالوا: بلى،
قال: "الإشراك بالله وعقوق الوالدين". وجلس وكان متكئاً ثم قال: "ألا وقول الزور" فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت.

تقدم تفسير شهادة الزور،

قال الثعلبي: الزور تحسين الشيء ووصفه بخلاف صفته حتى يخيل إلى من سمعه أو رآه بخلاف ما هو به، فهو تمويه الباطل بما يوهم أنه حق،

وقد جعل صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قول الزور عديلاً للإشراك ومساوياً له.

قال النووي: وليس على ظاهره المتبادر وذلك لأن الشرك أكبر بلا شك، وكذلك القتل فلا بدّ من تأويله،

وذلك بأن التفضيل لها بالنظر إلى ما يناظرها في المفسدة، وهي التسبب في أكل المال بالباطل فهي أكبر الكبائر بالنسبة إلى الكبائر التي يتسبب بها إلى أكل المال بالباطل فهي أكبر من الزنا ومن السرقة

وإنما اهتم صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم بإخبارهم عن شهادة الزور،، وجلس وأتى بحرف التنبيه وكرر الإخبار لكون قول الزور وشهادة الزور أسهل على اللسان، والتهاون بها أكثر، ولأن الحوامل عليه كثيرة من العداوة والحسد وغيرها،

فاحتيج إلى الاهتمام بشأنه بخلاف الإشراك، فإنه ينبو عنه قلب المسلم، ولأنه لا تتعدّى مفسدته إلى غير المشرك، بخلاف قول الزور فإنه يتعدّى إلى من قيل فيه، والعقوق يصرف عنه كرم الطبع والمروءة.
حياة بنت عبد السلام غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس