فالدنيا قرية ، والمؤمن رئيسها ، والكل مشغول به ساع في
مصالحه ، والكُلّ قد أُقيم في خدمته وحوائجه فالملائكة الذين هم
حملة عرش الرحمن ومن حوله يستغفرون لـه ، والملائكة
الموكّلون به يحفظونه ، والموكّلون بالقطر والنبات يسعون في
رزقه ويعملون فيه ، والأفلاك مُسَخّرَة مُنقادة دائرة بما فيه
مصالحه ، والشمس والقمر والنجوم مُسَخّرات جاريات بحساب
أزمنته وأوقاته وإصلاح رواتب أقواته ، والعالم الجويّ مسَخّر له
برياحه وهوائه وسحابه وطيره وما أُودع فيه ، والعالم السُّفلي كله
مُسخّر له مخلوق لمصالحه : أرضه وجباله وبحاره وأنهاره
وأشجاره وثماره ونباته وحيوانه وكل ما فيه .
انتهى كلامه - رحمه الله - .
فما أكرمك على الله إذا حققت الإيمان
وما أرخص الإنسان إذا خالف شرع الملك الديّان
رخُصت يده يوم سرقت
ورخُص دمه يوم قتل وسفك
ورخُص ظهره يوم قذف بلا بيّنة
ولذا لما اعترض الشاعر العاري أبو العلاء المعري على قطع اليد فقال :
يد بخمس مئين عسجد وُدِيَت
****
ما بالها قطعت في ربع دينار ؟
أجابه القاضي عبد الوهاب المالكي بقوله :
عـزّ الأمانة أغلاها ، وأرخصها ذل الخيانة
***
فافهـم حكمـة الباري
ولما سُئل ابن الجوزي عن ذلك قال :
لما كانت أمينة كانت ثمينة ، فلما خَانَتْ هَـانَتْ .
فعــلاً :
بالدِّين يسمو المـرء للعلياء
وبغيره ينحط إلى أسفل سافلين
فهذه دعوة للتأمل في مكانة المسلم في الإسلام
ولو كان طفلا لا يعقل ، أو كان سِقطاً ميّتا قد نُفخت فيه الروح .
وإنما ذكرت الطفل لأنه أبلغ في تصوير المقصود ، وإن كانت كل
جنازة مسلم يُوقف لها من أجل الصلاة عليها .
كتبه