عرض مشاركة واحدة
قديم 08-12-13, 06:51 PM   #309
أم عبيدة السلفية
| طالبة في المستوى الثاني 1 |
 
تاريخ التسجيل: 19-09-2010
الدولة: مصر - الاسكندرية
المشاركات: 784
أم عبيدة السلفية is on a distinguished road
افتراضي سَبْعُونَ (70) فَائِدَةً مِنْ شَرْحِ ثَلَاثَةِ الْأُصُولِ للعصيمِيِّ

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

هَذِهِ بَعْضُ الْفَوَائِدِ مِنْ تَقْرِيرَاتِ الشَّيْخِ الْجَلِيلِ الْـمُتَفَنِّنِ صَالِحِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْعصيمِيِّ عَلَى شَرْحِ ثَلَاثَةِ الْأُصُولِ .


* فَائِدَةٌ 01: قال صَالِحٌ الْعَصِيمِيُّ:


ثَــلَاثَةَ الْأُصُولِ حِفْظًا أَحْكِمَا **** مَعْ فَهْمِهَا كَيْ مَا تَكُونَ مُسْلِمًا
لِأَنَّـهَا جَامِعَةٌ لِأَصْـــلِ مَـــا **** إِسْلَامُـــنَا بِهِ يَــصِحُّ فَـاعْلَمَا



* فَائِدَةٌ 02: ذكَر ابنُ بِشْر في عُنْوَانِ الْـمَجْدِ؛ أنَّ إمام الدعوةِ لَـمَّا تعاقدَ مع أميرِ الدِّرعيَّةِ مُحَمَّدِ بْنِ سُعُودٍ؛ أخذ عليه أن يُلزِمَ أهلَ الدِّرعيةِ بتعلُّم ثلاثةِ الأصُولِ.
وكان رحمه الله يكتُبُ إلى جميعِ النَّواحِي مِن أهلِ البُلدانِ أن يَسألُوا النَّاسَ عن هذه الأصُولِ الثَّلاثةِ في كلِّ مسجِدٍ بعدَ صلاة الصُّبْحِ أو بين العِشَاءيْنِ.


* فَائِدَةٌ 03: قال الشَّيْخُ عَبْدُ اللهِ الْعَنْقَرِيُّ في رِسَالةٍ: (وَاحرِصُوا على تعلُّمِ ثلاثَةِ الأصُولِ، فإنَّ الذي لا يَعْرِف دِينَه مِن جِنْسِ البهَائمِ)؛ وكان أهلُ العلم يَعدُّون تركَ تعَلُّمِها مِن الـمُنكرَات الوَاقعَةِ، كما قال بعضُ أئمةِ الدعوةِ النَّجديةِ في رسَالةٍ له مذكورةٍ في الدُّرَرِ السَّنِيَّةِ: (مِن الـمُنكرَاتِ الواقِعةِ: تركُ تعلُّمِ العلمِ، كثَلَاثةِ الأصُولِ).



* فَائِدَةٌ 04: ابْتُلِيَتِ الدَّعْوَةُ النَّجْدِيَّةُ بِطَائِفَتَيْنِ:
1 – طَائِفَةٌ جرَّدوهم مِن الانتسابِ إلى مذهب الحنَابلةِ، وسمَّوهم بالوهَّابيَّةِ؛ عَيْبًا لهم وشَيْنًا، ولم يكونُوا -رحمهم اللهُ- يدَّعُون هذا الاسمَ لهم، ولم يكُونُوا يَعرِفُون مِن هذا اللَّقبِ شَيئًا.
وليست الوَهَّابيةُ التي يُطلقُها خصُومُ الدَّعوةِ -قدِيمًا وحدِيثًا- إلَّا للتَّنفيرِ من اتباعِ الكتاب والسنةِ؛ كما قال الشَّيْخُ مُلَّا عِمْرَانَ أحَدُ علماءِ فارِسَ من إيَران:


إِنْ كَانَ تَابِعُ أَحْمَدٍ مُتَوَهِّـبًا **** فَأَنَا الْـمُقِرُّ بِأَنَّـنِي وَهَّـابِي

2 – وطَائِفَةٌ أخْرَى، وهم الذِين يُعَرُّون أئمَّة الدَّعوة مِن اتِّباع الدَّليلِ، ويَصفُونَهم بأنَّهم حنَابلةٌ مُتعصِّبُون؛ كما وقعَ في كلامِ بعْضِ الـمُتأخِّرينَ.
* فلم يكُنِ انْتِسَابُهم لـمذْهَبِ الحنَابلةِ إلَّا لجِهةِ التَّفقُّهِ به، وإذا ظهَر لهم الدَّليلُ أخَذُوهُ ولو خالَفَ الْـمَذْهبَ.


* فَائِدَةٌ 05: أَدِلَّةُ الِاعْتِقَادِ: الكتَابُ والسُّنةُ والإِجْماعُ؛ قالَ ابنُ الْقَيِّمِ:


وَالْعِلْمُ أَقْسَامٌ ثَلَاثٌ مَــالَـهَا **** مِـنْ رَابِـعٍ وَالْـحَـقُّ ذُو تِبْيَانِ
عِلْمٌ بِأَوْصَافِ الْإِلَهِ وَفِعْــلِـهِ **** وَكَــذَلِكَ الْأَسْـمَـاءُ لِلرَّحْمَنِ
وَالْأَمْرُ وَالنَّهْيُ الذِي هُوَ دِينُهُ **** وَجَزَاؤُهُ يَــوْمَ الْـمَعَادِ الثَّانِـي
وَالْكُلُّ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَنِ التِي **** جَاءَتْ عَنِ المَبْعُوثِ بِالْفُرْقَانِ
وَاللهِ مَا قَالَ امْرُؤٌ مُتَـــحَذْلِقٌ ***** بِسِـوَاهُـمَا إِلَّا مِنَ الْـهَـذَيَانِ




* فَائِدَةٌ 06: مِن محَاسِن العِلْمِ: تَكْرارُ جُملِه الـمُهمَّة مرَّةً بعدَ مرَّةٍ.


* فَائِدَةٌ 07: مَن عرَضَ في بلدٍ ولَـمْ يتَّخذها وطنًا، وإنَّما أقام فيهَا سِنينَ عدَّة؛ فمِثْلُ هذا لا يُنزَّلُ عليهِ وصْفُ البلدِ؛ وإنَّما يُقالُ فيه: نَزيلُ كذَا وكذا؛ كما يُقالُ: مَعْمَرُ بْنُ رَاشِدٍ الْبَصْرِيُّ نَزِيلُ اليمَنِ.


* فَائِدَةٌ 08: العِلْمُ شَرْعًا: إدراكُ خِطاب الشَّرعِ؛ والْعَمَلُ شَرْعًا: ظُهورُ صُورةِ خطابِ الشَّرعِ.
* وخِطابُ الشَّرعِ نوعَانِ:
1 – خِطَابٌ خَبَرِيٌّ؛ وظُهُورُ صُورتِهِ: بامتِثَالِ التَّصديقِ.
2 – خِطَابٌ طَلَبِيٌّ؛ وظُهُورُ صُورتِهِ: بِامتِثالِ الأمْرِ والنَّهيِ.


* فَائِدَةٌ 09: الدَّعْوَةُ شَرْعًا: هي طلَبُ النَّاسِ كافَّةٍ إلى اتِّباعِ سَبِيل الله الجَامعةِ للخيْرِ علَى بَصيرَةٍ.


* فَائِدَةٌ 10: الصَّبْرُ نوعَانِ:
1 – صَبْرٌ عَلَى الْـحُكْمِ الْقَدَرِيِّ؛ والـمُرادُ به: الأقْدَارُ الـمُؤلِـمَةُ التي تَعْرِضُ للعَبْدِ.
2 – صَبْرٌ عَلَى الْـحُكْمِ الشَّرْعِيِّ؛ ويَشْمَلُ الصَّبرَ على إتيَانِ الـمأمُورِ والصَّبْرَ على ترْكِ الـمَحْظُورِ.


* فَائِدَةٌ 11: مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنَالَ الْـمَعَالِي، فَلَابُدَّ أَنْ يَصْبِرَ فِيمَـا يُعَانِي.


* فَائِدَةٌ 12: بيَّنَت سورَةُ العَصْرِ أنَّ الناسَ ينقَسِمُون إلى عَسْكرَيْنِ اثنَيْنِ، لا ثَالثَ لهُما:
1 – عَسْكَرُ السُّعَدَاءِ النَّاجِينَ؛ وهمُ الذين حَظَوْا بالصِّفاتِ الأربَعِ (الْـمَذْكُورةِ فِي السُّورةِ).
2 – عَسْكَرُ الْـهَلْكَى الْـخَاسِرِينَ؛ وهم الذين لم يتحلوا بهذه الخصال.




* فَائِدَةٌ 13: ذهَب جمَاعةٌ مِن أهلِ العِلْمِ إلى حَدِّ الْعِلْمِ الْوَاجِبِ: بأنَّ كلَّ ما وجَبَ العَمَلُ به؛ فتَقَدُّمُ العلمِ عليهِ واجِبٌ.
وقد ذكَرَ هذَا الْقَرَافِيُّ في الْفُرُوقِ، وابْنُ الْقَيِّمِ في مِفْتَاحِ دَارِ السَّعَادَةِ، والشَّيْخُ مُحَمَّد عَلِي بْنُ الْحُسَيْنِ في تَهْذِيبِ الْفُرُوقِ.



* فَائِدَةٌ 14: اجتمَع في نسَبِ الْبُخَارِيِّ: اسمُ الأنبيَاءِ الثَّلاثةِ في نسَبِ نبيِّنَا؛ فإنَّ نسَبَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى إِبْرَاهِيمَ الْـخَلِيلِ يجتمِعُ فيه هؤلاءِ الثَّلاثةُ مِن الأنبياءِ؛ فمُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كان أبُوهُ القرِيبُ مِن الأنبياءِ: إِسْمَاعِيلَ، ووالُد إِسْمَاعِيلَ: هُو إِبْرَاهِيمُ.
وقد اجتمع هذا في الْبُخَارِيِّ رحمه الله، فهو مُحَمَّدُ بن إِسْمَاعِيلَ بن إِبْرَاهِيمَ.



* فَائِدَةٌ 15: الْعِبَادَةُ الشَّرْعِيَّةُ: امتثَالُ خِطابِ الشَّرعِ الْـمُقتَرنِ بالحُبِّ والذُّلِّ.
* وبهذا يتبيَّن الفرقُ بينَ العِبادةِ الشَّرعيَّةِ وبين العبَادةِ البِدْعيَّةِ والشِّركيَّةِ، ويُقال في جِماعِ القَوْلِ فيهَا: أن تَعْلمَ أنَّ العبَادةَ إذا أُطلِقَت فهيَ: تَأَلُّهُ الْقَلْبِ مع الحب والذل.
فإذا سُئلتَ عن العبادة من غير نظر إلى المعبود الذي تعلقت به، فإن العبادة: تَأَلُّهُ الْقَلْبِ مَع الحُبِّ والذُّلِّ، وهي نوعانِ:
1 – تَأَلُّهُ الْقَلْبِ لغيْرِ الله، معَ حُبِّهِ والذلِّ له، وهذه هي الْعِبَادَةُ الشِّرْكِيَّةُ.
2 – تَأَلُّهُ الْقَلْبِ لله، مع حبه والذل له، وهذه نوعان:
1 – تَأَلُّهُ الْقَلْبِ لله بامْتِثالِ خِطابِ الشَّرْعِ، مع حبِّهِ والذلِّ له؛ وهذه هيَ الْعِبَادَةُ الشَّرْعِيَّةُ.
2 – تَأَلُّهُ الْقَلْبِ لله بامتِثَالِ غير خِطابِ الشَّرعِ، معَ حُبِّه والذُّلِّ له؛ وهذه هي الْعِبَادَةُ الْبِدْعِيَّةُ.

* فَائِدَةٌ 16: مَجْموعُ دلائلِ القرآنِ والسُّنةِ يدُلُّ على أنَّ الاستغاثةَ بالْـمَخلوقِ جائزةٌ بخمسةِ شُروطٍ:
1 – أَنْ يَكُونَ الْـمُسْتَغَاثُ بِهِ حيًّا؛ فلَا يُسْتَغَاثُ بميِّتٍ.
2 – أَنْ يَكُونَ الْـمُسْتَغَاثُ بِهِ حاضِرًا؛ فلَا يُسْتَغَاثُ بغائِبٍ.
3 – أَنْ يَكُونَ الْـمُسْتَغَاثُ بِهِ قادرا؛ فلَا يُسْتَغَاثُ بمخلُوقٍ فِيمَا لا يَقْدِر عليه إلَّا اللهُ.
4 – أن يُنظَر إلى هذا الْـمُسْتَغَاثِ بِهِ نظَرَ سَببٍ؛ فإن شاءَ اللهُ أمْضَاهُ، وإن شاءَ سلَبَهُ السَّببيَّةَ.

* وإذا رفَع العبدُ نظرَ قلبِه فوقَ ما أُذِن فيه شَرعًا فيمَا يتعلَّقَ بالأسْبَاب؛ فإنَّه يقعُ في الشِّركِ؛ والـمأذُونُ به في التَّعلُّقِ بالأسبابِ ما جاء في قولِ الله عزَّ وجلَّ: (وَمَا جَعَلَهُ اللهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ)؛ فدلَّت هذه الآية أنَّ الأسبابَ التي يتعاطاهَا العبادُ في بابِ الاستغاثَةِ أو غيرِه يُؤْذَنُ بها بأن تكُونَ مُنزَّلةً هذه الرُّتبةَ، وهي ما جمَعَت معنَيَيْنِ اثنَيْنِ:
1 - الِاسْتِبْشَارُ بِهَا.
2 - اطْمِئنَانُ القلْبِ بهَا.

* فإذا زادَ الالتفَاتُ إلى السَّببِ عن هذا القَدْرِ، كان خلافَ الـمأذُونِ به، ووقَع العَبْدُ في الشِّرْكِ، إمَّا الأكبَرِ أو الأصْغَرِ.
5 – أن تكُونَ اسْتِغَاثةُ العَبْدِ بالْـمُسْتَغَاثِ به في شَيْءٍ مأذُونٍ به شَرْعًا.



* فَائِدَةٌ 17: مَنْ دعَا غائِبًا لا يَسمَعُ كلامَهُ؛ فإنَّه يكُونُ قد نزَّله مَنْزِلةَ الربِّ الذي يَسْمَعُ مَن بعُدَ كما يَسْمَع مَن قَرُبَ.


* فَائِدَةٌ 18: الشِّرْكُ الْأَكْبَرُ: هو صَرْفُ شيءٍ مِن حقُوقِ الله لغيْرِه يَخْرجُ به العبدُ مِن الإسْلَامِ.


* فَائِدَةٌ 19: ليسَ في القُرآنِ -بعدَ الأمْرِ بالتَّوحيدِ والنَّهيِ عن الشِّرك- مِن الأدلةِ أكثرُ مِن أدلَّةِ الولَاء والبراءِ؛ كما بيَّنَهُ حَمَدُ بْنُ عَتِيقٍ في بَيَانِ النَّجَاةِ وَالْفِكَاكِ مِنْ مُوَالَاةِ أَهْلِ الْإِشْرَاكِ.

* فَائِدَةٌ 20: النَّاسُ اليومِ في الولاءِ والبراءِ على ثلاثةِ أقسامٍ:
1 – طَائِفَةٌ جَافِيَةٌ مِن الـمُنْتسِبينَ على الإسلامِ، يزعمُون الولاءَ للمُؤمنِين والبَراءَ من الْـمُشْركينَ حربًا للإنسانيَّةِ ومُعَاداةً للحياةِ الـمدَنيَّةِ؛ وهؤلاءِ إمَّا مغمُوسُون في النِّفاقِ، وإمَّا مِن جُهَّال الـمُسلمِين الذينَ لا يدرُون ما يخرُجُ مِن رؤُوسِهم -وإن تعلَّمُوا القراءَةَ والكتَابةَ؛ فإنَّ الكتَابةَ شَيءٌ والعلمَ شيءٌ آخرُ-.

وإنما أُتِي هؤلاء؛ مِن اتِّباعِهم لِدِينِ الـمَغضُوبِ علَيهِم والضَّالِّينَ.

2 – طَائِفَةٌ غَالِيَةٌ؛ خرجَت بهذا الأصْلِ العظيمِ مِن الدِّيانةِ عن مَخْرجِه الذِي تُوجِبُهُ الشَّريعةُ الغرَّاءُ إلى ما تُـمْليهِ الآراءُ والأهوَاءُ، بأن يُدخِلَ العبدُ في هذه الْـمَسائلِ ما ليسَ منهَا، أو يَجعلَ ما هو منها فوقَ ما رتَّبَتْهُ الشَّريعةُ.

1 – فَمِثَالُ الْأَوَّلِ (أن يُدخِلَ العبدُ في هذه الْـمَسائلِ ما ليسَ منهَا): مَن يَزْعُم أنَّ مِن الولاءِ للمُؤمِنينَ أن لا تَتعرَّضَ لأحدٍ أخطأَ منهُم؛ وهذا مقَالٌ منقُوضٌ بما تقرَّر عندَ أهل العِلْمِ من أنَّ الردَّ على الْـمُخالِفِ مِن أهل الإسْلَام أصْلٌ مِن أصولِ الدِّينِ.
قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ: (لَـمْ يَزَلِ النَّاسُ يُخَالِفُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَيَرُدُّ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ).
2 – وَمِثَالُ الثَّانِي (أن يَجعلَ ما هو منها فوقَ ما رتَّبَتْهُ الشَّريعةُ): مَن يجعَلُ مِن الولاءِ الْـمُطلَقِ للمُسْلمِين نُصْرةُ الْـمَظلُومِ من الْـمُسْلمِينَ في مُقابلِ عَدُوٍّ لغَيْرِهِ مِنَ الْـمُسْلمِين مِيثَاقٌ معه بلَا قُدرَةٍ.

3 – طَائِفَةٌ أخذَت بالولاءِ والبراءِ؛ على ما تُوجِبُه الشَّريعةُ الغرَّاءُ، لا علَى ما تُـمْليهِ الآراءُ والأهواءُ: فهُم يدِينُون للهِ بالولاءِ الْـمُطلقِ للمُؤمنينَ، والبراءِ مِن الكفرَةِ والْـمُشْركينَ، ويعْلَمُون أنَّ الْـمؤمِنينَ أولياءُ اللهِ وأحِبَّاؤهُ، وأنَّ الكافرِين هم أعداءُ الله وخصُومه وهم الحزبُ الخاسِرونَ.

إلَّا أنَّهم يَجْرُون في أمْر الولاءِ للمُؤمنِين والبرَاءِ مِن الكافِرين كمَا بيَّنتْه الشَّريعةُ، فلا يزيدُون ولا يُنقِصون في هذا البابِ إلَّا بقَدْرِ ما جاءت به الشَّريعَةُ
* فَائِدَةٌ 21: مِن أبوَابِ قَبولِ الأمرِ والنَّهيِ: أن يُقدَّمَ -بين يدَيْ هذا الأمْرِ والنَّهيِ- الدُّعاءُ للمأمُورِ والـمَنْهيِّ.


* فَائِدَةٌ 22: الْـحَنِيفِيَّةُ في الشَّرعِ تُطلق على مَعْنَيَينِ اثنَينِ:


1 – مَعْنًى عَامٌّ: وهو الإسلَامُ.
2 – معْنًى خَاصٌّ: وهو الإقبَالُ على اللهِ بالتَّوحيدِ والـمَيْلُ عمَّا سِواهُ.



* فَائِدَةٌ 23: الْـحَنِيفِيَّةُ: دِينُ جَمِيعِ الأنْبِيَاءِ؛ ولكِن أُضِيفت إلى إِبْرَاهِيمَ الْـخَلِيلِ عليه السَّلامُ؛ لأنَّه أكْمَلُ الخلْقِ تحقِيقًا للتَّوحيدِ مع نبيِّنا صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم؛ وإِبْرَاهِيمُ: الأبُ، ومُحَمَّدٌ صلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: الِابنُ؛ فاستَحَقَّ أن تُنْسَبَ إلى الأَبِ دُون الابْنِ؛ فيقال: مِلَّةُ إِبْرَاهِيمَ على جهةِ التَّشْريفِ له؛ وإن كانَت هي ملَّةَ الأنبيَاء جَميعًا.
* قال الشَّيْخُ صَالِحٌ الْعَصِيمِيُّ في الْقَرِيضِ الْـمُبْدَعِ:


وَمِـلَّةُ التَّوْحِيدِ نَـصًّا تُنْسَبُ **** إِلَى الْـخَلِيلِ جَـدِّنَا وَتُعْـرَبُ
أَنْ تَـلْــزَمَ الْإِفْرَادَ بِالتَّمْجِيدِ **** للهِ رَبِّ الْعَـرْشِ وَالْعَـبِـــيدِ
فَـتَعْبُدَ الْإِلَـهَ بِالْإِخْــلَاصِ **** مُسْتَمْسِـكًا بِعُرْوَةِ الْـخَلَاصِ
لِأَجْلِ ذَا بْرَاهِيمُ بِالْـحَنِـيفِ **** مُلَقَّبٌ مَعْ تَــابِـعٍ شَــرِيــفِ


* فَائِدَةٌ 24: يُطلقُ التَّوْحيدُ في الشَّرعِ على معنَيَينِ:
1 – مَعْنًى عامٌّ: وهو إفرَادُ الله بحقُوقِه، وحقوقُ الله ثلاثةٌ:
الْأَوَّلُ: حقُّ الرُّبوبِيةِ؛ كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى: (وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ)
الثَّانِي: حقُّ الألُوهيَّةِ؛ كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى: (فَاعْبُدِ اللهَ مُـخْلِصًا لَهُ الدِّينَ).
الثَّالِثُ: حقُّ الْأَسْماءِ والصِّفاتِ؛ كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى: (وَللهِ الْأَسْمَاءُ الْـحُسْنَى فَادْعُوهُ بِـهَا).

2 – مَعْنًى خَاصٌّ: وهو إفْرَادُ اللهِ بالعِبادَةِ، وإنَّما خُصَّ بالإفْرَادِ؛ لجَلالَتِه وعِظَم شأْنِهِ.


* فَائِدَةٌ 25: يُطلقُ الشِّرْكُ في الشَّرعِ على معنَيَينِ:
1 – مَعْنًى عامٌّ: وهو صَرْفُ شيءٍ مِن حقُوقِ اللهِ لغَيرِه؛ فمَن صرَفَ شَيئًا مِن الحقُوقِ الْـمُتقدِّمةِ ولو قلِيلًا؛ فقد وقعَ في الشِّركِ.
2 – مَعْنًى خَاصٌّ: وهو صَرْفُ شيءٍ مِن أفعَالِ العِبادِ الـمُتقَرَّبِ بها إلى غَيْرِ اللهِ.

* فَائِدَةٌ 26: الْـحَمْدُ: هو الإخبَارُ عن محاسِنِ الـمَحمُودِ معَ حُبِّه وتعظِيمِه؛ وقيلَ: هو الثَّناءُ؛ والأولُ: أصحُّ، وهو الذِي ارتَضَاهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ وَابْنُ الْقَيِّمِ.
وأما الثَّنَاءُ: فهُو تَكرَارُ الْـمحَامدِ مرَّةً بعد مرَّةٍ؛ كما بيَّنَ ذلك ابْنُ الْقَيِّمِ مُطوَّلًا في بَدَائِعِ الْفَوَائِـدِ.



* فَائِدَةٌ 27: تُطْلقُ الآيَاتُ على معنَيَينِ:


1 –الْآيَاتُ الشَّرْعِيَّةُ: وهيَ الآياتُ الـمُنزَّلة على الأنبيَاء؛ ومنهُ: التَّوراةُ والإنجِيلُ والزَّبورُ والقُرآن.
2 – الْآيَاتُ الْكَوْنِيَّةُ: وهي الْـمَخلُوقَاتُ التِي خلقَها اللهُ جلَّ وعلَا؛ ومنهُ: اللَّيلُ والنهارُ والشَّمسُ والقمَرُ.



* فَائِدَةٌ 28: للسَّلفِ أربعُ عبَاراتٍ في تَفْسِير الاستِواءِ:


1 – الْعُلُوُّ.
2 – الِارْتِفَاعُ.
3 – الصُّعُودُ.
4 – الِاسْتِقْرَارُ.

كما نصَّ عليه أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْـمُثَنَّى؛ ثُمَّ تبِعَه طوَائفُ مِن أهل العِلْمِ.


* فَائِدَةٌ 29: جرَى على لسَان بعضِ أهل العلْمِ قولُهم في وصْفِ العَرْشِ: (هُو أفضَلُ الـمخلُوقاتِ)، وهذا غلَطٌ؛ فإنَّ أفضَل الـمخلُوقاتِ هو نبِيُّنَا مُحَمَّدٌ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم.


* فَائِدَةٌ 30: لا يجُوزُ إطلاقُ (تَبَارَكَ فُلَانٌ)، وصيغةُ (تَبَارَكَ) لا تَصْلُحُ إلَّا للهِ؛ كما بيَّنه ابْنُ الْقَيِّمِ في بَدَائِعِ الْفَوَائِدِ.


* فَائِدَةٌ 31: ذهب جماعَةٌ مِن أهلِ العِلمِ إلى أنَّ مِن معانِي الرَّبِّ: الـمَعْبُودَ؛ مِن هؤلاء: الْقُرْطُبِيُّ، والسُّيُوطِيُّ في مُعْتَرَكِ الْأَقْرَانِ.
* ودلائِلُ اللُّغةِ على خلافِ هذَا القولِ؛ فإنَّ الرَّبَّ لا يُعرَفُ في لسَانِ العرَبِ بمَعْنَى الْـمَعْبُودِ.


* فَائِدَةٌ 32: القُرآنُ الكريمُ طَافحٌ بأدلَّةِ الرُّبوبيَّةِ التي يُستفَادُ منها الإقرَارُ بالألُوهيَّةِ؛ فإنَّ مَن أقرَّ بالرَّبِّ سُبحانَه خالِقًا مُدبِّرا رازِقًا وجَب عليه أن يُقِرَّ به معْبُودًا مُستحِقًّا للعبادة.
وقد ذكَرَ ابْنُ الْوَزِيرِ في تَرْجِيحِ أَسَالِيبِ الْقُرْآنِ عَلَى أَسَالِيبِ الْيُونَانِ عن صاحب كتَاب مَذَاهِبِ السَّلَفِ: أنَّ في القرآنِ خَمسَمائةِ آيةٍ تدُلُّ على الرُّبوبيَّةِ.
وإنما مُلئ القُرآنُ الكريمُ بهذه الأدلَّةِ الدالَّة على هذا النَّوعِ؛ لأنَّ دلِيل الرُّبوبيَّةِ قَنطَرةٌ إلى دلِيلِ الألُوهيَّةِ.



* فَائِدَةٌ 33: النِّـدُّ؛ ما اجتمَع فيه معنَيانِ:


1 – الشَّبَهُ والـمُماثلَةُ.
2 – الضِّدُّ والـمخالَفةُ.

فلا يكونُ الشَّيءُ نِدًّا لغيرهِ حتَّى يكُونَ شبِيهًا له مُـماثِلًا؛ مع وجُود الْـمخَالفةِ والضِّديَّةِ.


* فَائِدَةٌ 34: لَيْسَ مِنَ الْأدبِ أَنْ يَضَعَ طَالِبُ الْعِلْمِ كِتَابَهُ في الأَرْضِ، بَلْ يرفَعُه ويُكْرِمُه، وهكذَا كان أهلُ العلمِ لا يتسَاهلُون في هذهِ الأمُورِ ويَعدُّونَها مِن الأمُورِ العظِيمَةِ.
وقد دخلَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهُويَه على الْإِمَامِ أَحْمَدَ وبيَدِه كتابٌ، فألْقَى بهِ إسْحَاقُ إلى الأرْضِ؛ فغَضِبَ الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللهِ وقالَ: (أَهَكَذَا يُفْعَلُ بِكَلَامِ الْأَبْرَارِ؟!).



توقيع أم عبيدة السلفية
اطْلُبْ مِن العلومِ عِلمَاً ينْفَعُك ‏ يَنفي الأذَى والعَيْبَ ثمّ يرفَعُك
_ التَجَاربُ ليْسَت لهَا نِهايةٌ، والمرءُ مِنْها في زيَادَةٍ _
_ إذا غامَرْتَ في شرف مروم ‏ فلا تقنع بما دون النجوم ‏ _
أم عبيدة السلفية غير متواجد حالياً