عرض مشاركة واحدة
قديم 21-03-14, 03:58 PM   #6
رقية مبارك بوداني
|تواصي بالحق والصبر|
مسؤولة الأقسـام العامة
افتراضي



ثُمَّ قال المُؤلِّفُ بَعدها: [ وأن يَجعلَكَ مُباركًا أينما كُنتَ ] .
هذه نعتبِرُها غايةَ المَطلَب؛ أن يكونَ الإنسانُ مُباركًا أينما كان.
أن يكونَ وقتُ الإنسان كُلُّه في طاعةِ الله. تَجِده في بِرٍّ، وصِلةِ أرحامٍ،
وفي إحسانٍ للجِيران وزيارةٍ، وفي دَعوةٍ ونُصحٍ، وفي ذِكرٍ وعِبادةٍ وقيامٍ
وغيره.

ويقولُ العُلماءُ: إنَّ البركةَ أينما كان، تكونُ بَركةً في العُمُر، فيُصبِحُ وقتُ الإنسان
يَعملُ فيه ما لا يَعمل في غيره. وسُبحان الله، تمثَّلَت في شيخ الإسلام ابن تيمية
رَحِمَه الله. قالوا: إنَّ شيخَ الإسلام- رَحِمَه الله- لو قُسِّمَت كُتُبُه على عُمُره،
وُجِدَ أنَّه يَكتُبُ يوميًّا مائة صفحة.

قالوا: ومِن البَركةِ: البَركةُ في رِزْقِ العَبدِ. ليست العِبرةُ بكَثرةِ المال.
كم من إنسانٍ أُعطِيَ من الأموال الطائلةِ، ولكنَّه منزوع البَركة!

قالوا: ومِن المُباركة: أن يُباركَ اللهُ في عِلم الإنسان.

قالوا: ومِن البَركةِ كذلك: أن يُباركَ في عَمل العَبد.

قالوا: ومِن البَركةِ: أن يَجعلَ اللهُ للعَبدِ بَركةً في ذُرِّيَّتِهِ.



ثُمَّ دَعَا لنا بدُعاءٍ آخَر: [ وأن يَجعلَكَ مِمَّن إذا أُعطِيَ شَكَرَ ] .

يقولُ العُلماءُ: إنَّ الدُّعاءَ مِن العُبُوديَّة، ومِن مَظاهِرها.

أُمِرنا أن لا نَذِلَّ لأحدٍ كائنًا مَن كان، إلَّا للهِ سُبحانه وتعالى،
ولا ندعوا أحدًا، ورِزْقُ اللهِ تعالى بيدِهِ لا بيدِ الخَلْقِ إطلاقًا.
ولهذا يقولُ العُلماءُ: إنَّ السُّؤالَ مَذَلَّةٌ.



مِن مَظاهِر العُبُوديَّةِ: هذه الثَّلاث التي ذَكَرَها المُؤلِّفُ:
[ إذا أُعطِيَ شَكَرَ، وإذا ابتُلِيَ صَبَرَ، وإذا أذنَبَ استغفَرَ ] .
هذا يَدُلُّ على أنَّ الإنسانَ عَبدٌ للهِ تعالى.

يقولُ العُلماءُ قاعِدةً جَميلةً: ‹‹ كُلَّما أحدَثَ اللهُ لَكَ نِعمةً، فأَحدِث له شُكرًا
وزيادةً في العِبادة ››
.

ضِدَّ الشُّكر أن يَكفُرَ الإنسانُ النِّعمة، وأن يُنكِرَها، وأن يَصرِفَها لِغَير اللهِ تعالى.
ولهذا مَن تنكَّرَ، كانت سببًا لِشَقاوتِهِ في الدُّنيا وفي الآخِرة، واللهُ يقولُ:
﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ﴾
إبراهيم/7.
ولهذا يَجِبُ على الإنسان أن يَزيدَ الشُّكرَ للهِ تعالى دائمًا.
ولا يكونُ الشُّكرُ فقط بالِّلسانِ، وإنَّما:
أفادتكمُ النَّعماءُ مِنِّي ثلاثةً .. يَدي ولِساني والضَّميرُ المُحَجَّبَا

يَجِبُ أن يكونَ الشُّكرُ من القلب، فتعترِفَ أنَّها من اللهِ وليست منكَ،
واللهُ يقولُ: ﴿ وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ﴾ النحل/53. ويكونُ الشُّكرُ
بلِسانِكَ: (( إن اللهَ ليَرضى عن العبدِ أن يأكلَ الأكلةَ، فيحمدَه عليها ))
رواه مُسلِم. ويكونُ الشُّكرُ بكلامِكَ وجَوارحكَ؛ بالعِبادةِ والطاعةِ،
فيُصبِحُ الإنسانُ على خَيرٍ في الدُّنيا والآخِرة.

شُكرُ النّعمةِ يكونُ عند العَطاءِ، كما قال اللهُ لآل داود: ﴿ اعْمَلُوا آَلَ دَاوُودَ
شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ﴾
سبأ/13، واللهُ يقولُ: ﴿ وَإِنْ تَشْكُرُوا
يَرْضَهُ لَكُمْ ﴾
الزمر/7.
وشُكرُ النّعمةِ- كما قُلنا- يكونُ بالقلبِ: بالإقرارِ والاعترافِ،
وبالِّلسانِ: بالذِّكرِ والحَمْدِ، وبالجَوارحِ: بالعَملِ بطاعةِ اللهِ تعالى.








توقيع رقية مبارك بوداني

الحمد لله أن رزقتني عمرة هذا العام ،فاللهم ارزقني حجة ، اللهم لا تحرمني فضلك ، وارزقني من حيث لا أحتسب ..


رقية مبارك بوداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس