عرض مشاركة واحدة
قديم 21-03-14, 04:11 PM   #14
رقية مبارك بوداني
|تواصي بالحق والصبر|
مسؤولة الأقسـام العامة
افتراضي




• القاعِـدةُ الثَّالِثـة:


في هذه القاعدةِ أراد المُؤلِّفُ- رَحِمَه الله تعالى- أن يُبيِّنَ أنَّ النبيَّ-

صلَّى الله عليه وسلَّم- بُعِثَ في زَمنٍ كانت الآلِهةُ فيه مُتعدِّدة،
وأنَّ كُفَّارَ قُريشٍ أو مُشركي العَرب لم يَكُن الشِّركُ عندهم نوعًا واحدًا،
بل مِن هؤلاء الناس مَن يَعبُدُ الملائكةَ، ومنهم مَن يَعبُدُ الأنبياءَ،
ومنهم مَن يَعبُدُ الصَّالحين، ومَنهم مَن يَعبُدُ الأحجارَ، ومنهم مَن يَعبُدُ الأشجارَ،
ومنهم مَن يَعبُدُ الشمسَ والقمر، ومع ذلك قاتَلَهم النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم.



* مِن سلبيَّاتِ الشِّركِ وأباطيله:

- أنَّ أهلَه مُتفرِّقون في عِباداتِهم، لا يَجتمعون على ضابِطٍ واحدٍ أبدًا،
ولا يسيرون على أصل، وإنَّما يسيرون على أهوائهم ودعاياتِ المُضلِّين.
ولهذا قال اللهُ تعالى مُشبِّهًا المُشرِكَ: ﴿ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ
مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ
لَا يَعْلَمُونَ ﴾ الزمر/29.



أُمِرنا أن نُقاتِلَ المُشركينَ جميعًا، فالمُشرِكُ ما يُقبَل منه الجِزْيَةُ إطلاقًا.

ولهذا النبيُّ- صلَّى الله عليه وسلَّم- ما قَبِلَ مِن مُشركي العَرب الجِزيَة،
وإنَّما قَبِلَ الجِزيَةَ من اليَهود والنَّصارَى، وكذلك من المَجوس،
مَن عداهم فليس إلَّا السَّيْف أو الإسلام.

القِتالُ إنَّما شُرِعَ ليكونَ الدِّينُ للهِ تعالى، ليس المقصود هو قتل الكافِر

أبدًا، إنَّما المقصود أن يُسلِمَ الكافِر. وجاء الجِهادُ لأنَّ أقوامًا وقفوا
في وجه الإسلام ألَّا ينتشِر، فيُستأصَلُ مَن يَقِفُ حتى يَصِلَ الخيرُ إلى
الغَير ويَصِلَ إلى الناس جميعًا. والدَّليلُ على أنَّ الإسلامَ لا يُريدُ قتلَ
الكافِرِ لذاته أصلاً قولُ اللهِ تعالى: ﴿ وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ
لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾ النساء/94.
وفي حَديثِ أُسامة بن زيد رَضِيَ الله عنه وأرضاه: كان في سَرِيَّة،
وإذا بهم وهو مع اثنين مِن الصّحابة لَحِقوا مُشرِكًا لأجل قتله، ففَرَّ منهم
المُشرِك، ثُمَّ لاذ بأصل شجرةٍ- يعني اختبأ مِن ورائِها أو صعد عليها-
ولَمَّا
قَرُبَ المُسلمون منه- أُسامة ومَن معه- قال: أشهدُ أن لا إله إلَّا اللهُ
وأنَّ مُحمدًا رسولُ الله. فالذين مع أُسامةِ رَجعوا، وانطلَقَ أُسامة ليَقتُلَه.
فقالوا له: كيف تقتُلُه يا أُسامة؟! قال: واللهِ ما قالها إلَّا خوفًا من بارقة
السَّيْف ( لمَّا رأى السَّيفَ على رقبته قالها، وإلَّا ليس صحيحًا. لماذا لم يَقُلها
قبل القِتال؟ وإنَّما هو كذَّاب ). فقتلَه أُسامة. أُخبِرَ النبيُّ صلَّى الله عليه
وسلَّم، فتمعَّرَ وجهُه، وغَضِبَ غَضبًا شديدًا، ثُمَّ قال له: (( أقتلتَه بعد أن
قال: لا إله إلَّا الله؟ )) قال: يا رسولَ اللهِ، واللهِ ما قالها إلَّا تعوُّذًا؛ يعني:
خائفًا من السَّيف. قال له الرسولُ: (( أشققتَ عن قلبه؟ كيف بكَ إذا
جاءت لا إله إلَّا الله تحاجُّكَ يومَ القيامة؟! )). قال أُسامةُ رَضِيَ الله عنه:
تمنَّيتُ أنِّي ما أسلمتُ إلَّا هذه اللحظة، مِن شِدَّة غَضَبِ النبيِّ- صلَّى الله
عليه وسلَّم- عليه.

إذًا، الإسلامُ لا يُريدُ قتلَ الكُفَّار، وإنَّما يُريدُ هِدايتَهم.







توقيع رقية مبارك بوداني

الحمد لله أن رزقتني عمرة هذا العام ،فاللهم ارزقني حجة ، اللهم لا تحرمني فضلك ، وارزقني من حيث لا أحتسب ..


رقية مبارك بوداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس