|| المقرر الأول ||
بَابُ اَلشَّفَاعَةِ
وَقَوْلِ اَللَّهِ عز وجل ﴿وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُم مِّن دُونِهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ﴾.
وَقَوْلِهِ ﴿قُل لِّلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعاً﴾.
وَقَوْلِهِ ﴿مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ﴾.
وَقَوْلِهِ ﴿وَكَم مِّن مَّلَكٍ فِي السَّمَوَاتِ لاَ تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلاَّ مِنْ بَعْدِ أَن يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَن يَشَاءُ وَيَرْضَى﴾.
وَقَوْلِهِ ﴿قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ لاَ يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ﴾.
قَالَ أَبُو اَلْعَبَّاسِ “ نَفَى اَللَّهُ عَمَّا سِوَاهُ كُلَّ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ اَلْمُشْرِكُونَ, فَنَفَى أَنْ يَكُونَ لِغَيْرِهِ مُلْكٌ أَوْ قِسْطٌ مِنْهُ, أَوْ يَكُونَ عَوْنًا لِلَّهِ وَلَمْ يَبْقَ إِلَّا اَلشَّفَاعَةُ, فَبَيَّنَ أَنَّهَا لَا تَنْفَعُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ اَلرَّبُّ; كَمَا قَالَ ﴿وَلاَ يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضَى﴾(1).
فَهَذِهِ اَلشَّفَاعَةُ اَلَّتِي يَظُنُّهَا اَلْمُشْرِكُونَ هِيَ مُنْتَفِيَةٌ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ; كَمَا نَفَاهَا اَلْقُرْآنُ, وَأَخْبَرَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَنَّهُ يَأْتِي فَيَسْجُدُ لِرَبِّهِ وَيَحْمَدُهُ - لَا يَبْدَأُ بِالشَّفَاعَةِ أَوَّلاً - ثُمَّ يُقَالُ لَهُ اِرْفَعْ رَأْسَكَ, وَقُلْ يُسْمَعْ, وَسَلْ تُعْطَ, وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ»(2).
وَقَالَ لَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه : مَنْ أَسْعَدُ اَلنَّاسِ بِشَفَاعَتِكَ ؟ قَالَ «مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اَللَّهُ, خَالِصًا مِنْ قَلْبِهِ»(3) فَتِلْكَ اَلشَّفَاعَةُ لِأَهْلِ اَلْإِخْلَاصِ بِإِذْنِ اَللَّهِ, وَلَا تَكُونُ لِمَنْ أَشْرَكَ بِاَللَّهِ.
وَحَقِيقَتُهُ أَنَّ اَللَّهَ سُبْحَانَهُ هُوَ اَلَّذِي يَتَفَضَّلُ عَلَى أَهْلِ اَلْإِخْلَاصِ, فَيَغْفِرُ لَهُمْ بِوَاسِطَةِ دُعَاءِ مَنْ أَذِنَ لَهُ أَنْ يَشْفَعَ; لِيُكْرِمَهُ, وَيَنَالَ اَلْمَقَامَ اَلْمَحْمُودَ.
فَالشَّفَاعَةُ اَلَّتِي نَفَاهَا اَلْقُرْآنُ مَا كَانَ فِيهَا شِرْكٌ, وَلِهَذَا أَثْبَتَ اَلشَّفَاعَةَ بِإِذْنِهِ فِي مَوَاضِعَ وَقَدْ بَيَّنَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا لَا تَكُونُ إِلَّا لِأَهْلِ اَلْإِخْلَاصِ وَالتَّوْحِيدِ اِنْتَهَى كَلَامُهُ.
--------------------------
للتحميل بصيغة
.... في المرفقات
للتحميل بصيغة
.... هنـــا