وَقَوْلِ اَللَّهِ تَعَالَى ﴿وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ﴾
وَقَوْلِهِ ﴿يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ﴾.
قَالَ عُمَرُ "اَلْجِبْتُ اَلسِّحْرُ, وَالطَّاغُوتُ اَلشَّيْطَانُ"(1).
وَقَالَ جَابِرٌ "اَلطَّوَاغِيتُ كُهَّانٌ, كَانَ يَنْزِلُ عَلَيْهِمْ اَلشَّيْطَانُ, فِي كُلِّ حَيٍّ وَاحِدٌ"(2).
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ
«اِجْتَنِبُوا اَلسَّبْعَ اَلْمُوبِقَاتِ قَالُوا يَا رَسُولَ اَللَّهِ! وَمَا هُنَّ? قَالَ اَلشِّرْكُ بِاَللَّهِ, وَالسِّحْرُ, وَقَتْلُ اَلنَّفْسِ اَلَّتِي حَرَّمَ اَللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ, وَأَكْلُ اَلرِّبَا,
وَأَكْلُ مَالِ اَلْيَتِيمِ, وَالتَّوَلِّي يَوْمَ اَلزَّحْفِ, وَقَذْفُ اَلْمُحْصَنَاتِ اَلْغَافِلَاتِ اَلْمُؤْمِنَاتِ»(3).
وَعَنْ جُنْدَبٍ مَرْفُوعًا «حَدُّ اَلسَّاحِرِ ضَرْبَةٌ بِالسَّيْفِ»(4) رَوَاهُ التِّزْمِذِيُّ وَقَالَ "اَلصَّحِيحُ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ".
وَفِي "صَحِيحِ اَلْبُخَارِيِّ" عَنْ بَجَالَةَ بْنِ عَبَدَةَ قَالَ
"كَتَبَ عُمَرُ بْنُ اَلْخَطَّابِ رضي الله عنه أَنَّ اُقْتُلُوا كُلَّ سَاحِرٍ وَسَاحِرَةٍ، قَالَ فَقَتَلْنَا ثَلَاثَ سَوَاحِرَ"(5).
وَصَحَّ عَنْ حَفْصَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا "أَنَّهَا أَمَرَتْ بِقَتْلِ جَارِيَةٍ لَهَا سَحَرَتْهَا فَقُتِلَتْ"(6)
وَكَذَلِكَ صَحَّ عَنْ جُنْدَبٍ.
قَالَ أَحْمَدُ عَنْ ثَلَاثَةٍ مِنْ أَصْحَابِ اَلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
بَابُ بَيَانِ شَيْءٍ مِنْ أَنْوَاعِ السِّحْرِ
قَالَ أَحْمَدُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ, حَدَّثَنَا عَوْفٌ, عَنْ حَيَّانَ بْنِ الْعَلَاءِ,
حَدَّثَنَا قَطَنُ بْنُ قَبِيصَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ
(إِنَّ الْعِيَافَةَ وَالطَّرْقَ وَالطِّيَرَةَ مِنَ الْجِبْتِ).
قَالَ عَوْفٌ الْعِيَافَةُ زَجْرُ الطَّيْرِ, وَالطَّرْقُ الْخَطُّ يُخَطُّ بِالْأَرْضِ, وَالْجِبْتُ قَالَ الْحَسَنُ رَنَّةُ الشَّيْطَانِ(1) إِسْنَادُهُ جَيِّدٌ.
وَلِأَبِي دَاوُدَ وَالنَّسَائِيِّ, وَابْنِ حِبَّانَ فِي "صَحِيحِهِ" لَهُمُ الْمُسْنَدُ مِنْهُ(2).
وَعَنِ اِبْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا; قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
«مَنِ اِقْتَبَسَ شُعْبَةً مِنَ النُّجُومِ; فَقَدِ اِقْتَبَسَ شُعْبَةً مِنَ السِّحْرِ, زَادَ مَا زَادَ»(3)
رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ, وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ.
وَلِلنَّسَائِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَة
«مَنْ عَقَدَ عُقْدَةً ثُمَّ نَفَثَ فِيهَا, فَقَدْ سَحَرَ, وَمَن ْسَحَرَ; فَقَدْ أَشْرَكَ, وَمَنْ تَعَلَّقَ شَيْئًا, وُكِلَ إِلَيْهِ»(4).
وَعَنِ اِبْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ
«أَلَا هَلْ أُنَبِّئُكُمْ مَا الْعَضْهُ? هِيَ النَّمِيمَةُ, الْقَالَةُ بَيْنَ النَّاسِ»(5) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَلَهُمَا عَنِ اِبْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «إِنَّ مِنَ الْبَيَانِ لَسِحْرًا»(6).

بَابُ مَا جَاءَ فِي الْكُهَّانِ وَنَحْوِهِمْ
رَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ
«مَنْ أَتَى عَرَّافًا, فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ, فَصَدَّقَهُ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ يَوْمًا»(1).
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ
«مَنْ أَتَى كَاهِنًا, فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»(2) رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.
وَلِلْأَرْبَعَةِ وَالْحَاكِمِ - -وَقَالَ "صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِهِمَا" –عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
«مَنْ أَتَى عَرَّافًا, أَوْ كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ, فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»(3).
وَلِأَبِي يَعَلَى بِسَنَدٍ جَيِّدٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مِثْلُهُ مَوْقُوفًا(4).
وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَينٍ مَرْفُوعًا
«لَيْسَ مِنَّا مَنْ تَطَيَّرَ أَوْ تُطُيِّرَ لَهُ، أَوْ تَكَهَّنَ أَوْ تُكُهِّنَ لَهُ, أَوْ سَحَرَ أَوْ سُحِرَ لَهُ, وَمَنْ أَتَى كَاهِنًا, فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ, فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»(5)
رَوَاهُ الْبَزَّارُ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ.
وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ, دُونَ قَوْلِهِ «وَمَنْ أَتَى» إِلَى آخِرِهِ(6).
قَالَ الْبَغَوِيُّ "الْعَرَّافُ الَّذِي يَدَّعِي مَعْرِفَةَ الْأُمُورِ بِمُقَدِّمَاتٍ يُسْتَدَلُّ بِهَا عَلَى الْمَسْرُوقِ وَمَكَانِ الضَّالَّةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ"(7).
وَقِيلَ هُوَ الْكَاهِنُ, وَالْكَاهِنُ هُوَ الَّذِي يُخْبِرُ عَنِ الْمُغَيَّبَاتِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ.
وَقِيلَ الَّذِي يُخْبِرُ عَمَّا فِي الضَّمِيرِ.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ الْعَرَّافُ اسْمٌ لِلْكَاهِنِ, وَالْمُنَجِّمِ وَالرَّمَّالِ, وَنَحْوِهِمْ, مِمَّنْ يَتَكَلَّمُ فِي مَعْرِفَةِ الْأُمُورِ بِهَذِهِ الطُّرُقِ(8) ،
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي قَوْمٍ يَكْتُبُونَ (أَبَا جَادٍ) وَيَنْظُرُونَ فِي النُّجُومِ "
مَا أَرَى مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ خَلَاقٍ" (9).