_أولاً: صـفـة الـقـبـر المشــروع _
س: ما هي صفة القبر الشرعي ؟
1- أن يعمق ويُوسَّع ويُحسَّن:
أ- ففي مسند الإمام أحمد عن رجل من الأنصار قال:
"خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازةِ رجلٍ من الأنصاروأنا غلامٌ مع أبي، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم على حَفِرة القبر، فجعل يوصي ـ وفي رواية: يومئ إلى ـ الحافر ويقـول: أوسع من قبل الرأس، وأوسع من قبل الرجلين، لرُبَّ عِِذْقٍ له في الجنَّة"
ب- وأخرج أبو داود والترمذي والنسائي بسند صحيح من حديث هشام بن عامر قال:
"لما كان يوم أُحُد أصيب من أصيب من المسلمين، وأصاب الناس جراحات، فقلنا: يا رسول الله! الحفرُ علينا لكل إنسانٍ شديدٍ، فكيف تأمرنا؟ فقال: "احْفِرُوا وأَوْسِعوا وأعْمِقُوا وأحْسِنُوا، وادفنوا الاثنين والثلاثة في القبر، وقدموا أكثرهم قرآناً، قال: فكان أبي ثالث ثلاثة، وكان أكثرهم قرآنا فقُدِّم .
فظاهر الأمر في الحديثين يفيد وجوب ما ذُكر فيهما من الإعماق والتوسعة والإحسان، والمعروف عن الشافعية وغيرهم استحباب الإعماق، وأما ابن حزم فقد صرح في المحلى بفرضيته.
قال الشوكاني ـ رحمه الله ـ في الحديث السابق:
فيه دليل علي مشروعية إعماق القبر وإحسانه، وقد اُخْتُلف في حد الإعماق:-
- فقال الشافعي ـ رحمه الله ـ: قامة (أي طول الإنسان)
- وقال عمر بن عبد العزيز ـ رحمه الله ـ: إلى السُّرَّة.
- وقال مالك ـ رحمه الله ـ: لا حد لعمقه.
- وجاء عن عمر بن الخطاب tأنه قال:
"أَعمِقُوا القبر إلى قدر قامته وبسطه"
- وقال الإمام يحيى ـ رحمه الله ـ: إلى الثدي، وأقله ما يوارى به الميت ويمنع من السباع .
فإن مقصد الدفن هو مواراة الإنسان بحيث لا تصل إليه السباع التي تنبش القبور، وعدم خروج الرائحة التي تؤذي الأحياء.
جاء في شرح منتهى الإرادات "فصل في دفن الميت":
ويسن أن يُعمَّق ويُوسَّع القبر بلا حد؛ لقولهrفي قتلى أُحُد:"احفروا وأوسعوا وأعمقوا"،
قال الترمذي: حسن صحيح؛ لأن التعميق أبعد لظهور الرائحة، وأمنع للوحوش.
ـ والتوسيع: الزيادة في الطول والعرض، والتعميق ـ بالعين المهملة ـ: الزيادة في النزول،
ويكفي (في التعميق) ما يمنع السباع والرائحة؛ لأنه يحصل به المقصود، وسواء الرجل أو المرأة. أهـ
والأقرب للصواب أن نقول: إنه لم يرد في إعماق القبر تقدير معين، فيكون الإعماق والحفر بلا إفراط ولا تفريط، ويحصل به المقصود.