عرض مشاركة واحدة
قديم 02-11-07, 12:25 AM   #23
سليمة
~نشيطة~
 
تاريخ التسجيل: 13-01-2007
المشاركات: 341
سليمة is on a distinguished road
افتراضي

الوقفـــــــــةالثامنـــــــــة

من أحب أهل الخير نال من بركتهم، ومن صاحب الأخيار ذُكر معهم

قال ابن عطية: وحدّثني أبي ـ رضي الله عنه ـ قال: سمعت أبا الفضل الجوهري في جامع مصر يقول على منبر وعظه: إنّ من أحب أهل الخير نال من بركتهم، كلب أحب أهل فضلٍ وصحبهم فذكره الله في محكم تنزيله.

قال ابن كثير ـ رحمه الله ـ وهذا فائدة صحبة الأخيار فإنّه صار لهذا الكلب ذكر وخبر وشأن.

وقال القرطبي ـ رحمه الله ـ: إذا كان بعض الكلاب قد نال هذه الدَّرجة العُليا بصحبته ومخالطته الصُّلحاء والأولياء حتى أخبر الله تعالى بذلك في كتابه جل وعلا. فما ظنك بالمؤمنين الموحدين المخالطين، المحبين للأولياء والصالحين بل في هذا تسلية وأنس للمؤمنين المقصرين على درجات الكمال، والمُحبين للنبي صلى الله عليه وسلم وآله خير آل.

ثم أورد ـ رحمه الله ـ حديث أنس بن مالك رضي الله عنه الذي في الصحيح قال: بينا أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم خارجان من المسجد فلقينا رجل عند سُدة المسجد فقال: يا رسول الله، متى الساعة؟ قال: "ما أعددت لها" قال: ولا صدقة، ولكنِّي أحب الله ورسوله. قال: "فأنت مع من أحببت" قال أنس: فما فرحنا بعد الإسلام فرحاً أشد من قول النبي صلى الله عليه وسلم "فأنت مع من أحببت" قال أنس: فأنا أحب الله ورسوله وأبا بكر وعمر، فأرجو أن أكون معهم وإن لم أعمل بأعمالهم.

قال القرطبي ـ رحمه الله ـ: وهذا الذي تمسّك به أنس يشمل من المسلمين كل ذي نفس، فكذلك تعلقت أطماعنا بذلك وإن كُنا مقصرين، ورجونا رحمة الرحمن وإن كنا غير مستأهلين، كلب أحب قوماً فذكره الله معهم! فكيف بنا وعندنا عقد الإيمان وكلمة الإسلام، وحب النبي صلى الله عليه وسلم {ولقد كرّمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضّلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلاً}.

أرأيتِ كيف امتدت بركة هؤلاء الفتية إلى هذا الكلب، وكيف أثّرت الصُّحبة حتى على البهائم!، فما ظنّك بمن صَحِب الأخيار من بني آدم، وحرص على مؤاخاة الصّالحين؟! فهم القوم لا يشقى بهم جليسهم، وهم الذين تستمر خُلّتهم إلى يوم الدِّين، {الأخلاّء يومئذٍ بعضهم لبضع عدو إلا المتقين}.

ولو لم يكن من مُجالسة الصّالحين ومحبتهم إلاّ أن المرء يُحشر معهم لكفى بذلك.

قال الخطابي في كتاب العزلة عند قوله صلى الله عليه وسلم "المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يُخالل" قال معناه: لا تخالل إلاّ من رضيت دينه وأمانته، فإنّك إذا خاللته قادك إلى دينه ومذهبه.

وقال ابن مسعود رضي الله عنه: "ما من شيء أدل على شيء ولا الدخان على النّار من الصاحب على الصّاحب"، وأُثر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن كان يقول: "لولا ذكر الله ما والاه ولولا إخوة يُلتقط طيب الكلام منهم كما يُلتقط طيب الثمار لآثرت الموت على الحياة؟".

ولذا ينغبي أن يكون دأب المسلمة الحرص على مُجالسة الأخيار، ومؤاخاة المتقين الأبرار، ومحبة الصالحين، فإن مجالستهم منفعة في الدين والدنيا ومحبّتهم قُربةً من القُرب ودليل على كمال الإيمان، وسبب لتذوق حلاوة الإيمان وطعمه.

ولتعلم المسلمة أن الأخ الصالح مما تنتفع به حتى بعد موتها، قال أحد السلف: أين مثل الأخ الصالح؟ إن أهل الرجل إذا مات يقسمون ميراثه، ويتمتعون بما خلّف، والأخ الصالح ينفرد بالحُزن مهتماً بما قدم أخوه عليه، وما صار إليه، يدعو له في ظلمة الليل ويستغفر له وهو تحت أطباق الثّرى؟!

انتظرونا مع باقى الوقفات
باذن الله ..؛
سليمة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس