وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَرَبُّكَ فَتَرْضَى
ما هي علاقة هذه الآية بما سبقها من الآيات؟
سوف دالة على الإستقبال وقد سبق أن قال تعالى: (وللآخرة خير لك من الأولى) وهي تدل أيضا على الإستقبال وجاء أيضًا باللام في (ولسوف) وأكده بنفس التوكيد باللام في (وللآخرة).
ولماذا لم يحدد العطاء بشئ ما وانما قال: (ولسوف يعطيك ربك فترضى)؟
لقد أطلق سبحانه العطاء ولم يحدده إنما شمل هذا العطاء كل شيء ولم يخصصه بشيء معين إكرامًا للرسول الكريمr وتوسيعاً للعطاء وكذلك أطلق فعل الرضى كما أطلق العطاء فجعل العطاء عامًا وجعل الرضى عامًا وذكر المعطي أيضاً وهو الرب وعلينا أن نتخيل كيف يكون عطاء الرب؟ والعطاء على قدر المعطي وهذا كله فيه تكريم للرسول كذلك في إضافة ضمير الخطاب (الكاف في ربك) تكريم آخر للرسول r
لماذا اختار كلمة (فترضى)؟
اختيار هذه الكلمة بالذات في غاية الأهمية فالرضى هو من أجل النعم على الإنسان وهو أساسًا الاستقرار والطمأنينة وراحة البال فإن فقد الرضى حلت الهموم والشقاء ودواعي النكد على الإنسان. وإن فقد في جانب من جوانب الحياة فقد استقراره بقدر ذلك الجانب ولذا جعل الله تعالى الرضى صفة أهل الجنة: (فهو في عيشة راضية) (فارجعي إلى ربك راضية مرضية). وعدم الرضى يؤدي إلى الضغط النفسي واليأس وقد يؤدي إلى الانتحار. والتعب مع الرضى راحة والراحة من دونه نكد وتعب، والفقر مع الرضى غنى والغنى من دونه فقر، والحرمان معه عطاء والعطاء من دونه حرمان. لذا فإن اختيار الرضى هو اختيار نعمة من أجل النعم ولها دلالتها في الحياة عامة وليست خاصة بالرسول الكريم r فإذا رضي الانسان ارتاح وهدأ باله وسكن وإن لم يرض حل معه التعب والنكد والهموم والقلق مع كل ما أوتي من وسائل الراحة والاستقرار.
لماذا قال (يعطيك) ولم يقل يؤتيك؟
الإيتاء يكون للأمور المادية وغيرها (الملك، الحكمة، الذكر) أما العطاء فهو خاص بالمادة.
والإيتاء أوسع من العطاء وأعم والعطاء مخصص للمال.
والإيتاء قد يشمله النزع والعطاء لا يشمله النزع.
(آتيناه آياتنا فانسلخ منها) (يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء) وقد لا يستوجب الإيتاء لشخص ما أن يتصرف بما أوتي أما العطاء فلصاحبه حرية التصرف فيه بالوهب والمنح ولذا قال تعالى: (إنا أعطيناك الكوثر) لأن الكوثر أصبح ملكاً للرسول r وكما قال الله تعالى لسيدنا سليمان u (هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب) أي له الحق بالتصرف فيه كما يشاء.
يتبع بإذن الله.
|