عرض مشاركة واحدة
قديم 08-11-07, 06:03 AM   #8
مفكرة إسلامية
جُهدٌ لا يُنسى
افتراضي

أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماًفَآوَى(6)وَوَجَدَكَ ضَالّاًفَهَدَى(7)وَوَجَدَكَ عَائِلاًفَأَغْنَى(8)


هذه الآيات مرتبطة بالآيات السابقة (ما ودعك ربك وما قلى) (وللآخرة خير لك من الأولى) ومرتبطة أيضاً بالقسم في أول السورة (والضحى والليل إذا سجى) والآية (الم يجدك يتيماً فآوى) تؤكد أن ربه لم يودعه ولم يقله وكذلك في وجدك ضالاً فهدى وهي كلها تصب في ( وللآخرة خير لك من الاولى) فالإيواء خير من اليتم والهداية خير من الضلالة والإغناء خير من العيلة فكلها مرتبطة بالآية (ما ودعك ربك وما قلى) وتؤكد معناها.


وللآخرة خير لك من الأولى، فالله تعالى لم يترك رسوله ليتمه أو لحاجته أو للضلال هذا من ناحية ومن ناحية أخرى هي مرتبطة بالقسم فقد أقسم الله تعالى بالضحى والليل وما سجى واليتم ظلمة والإيواء هو النور وكذلك الضلال ظلمة والهدى نور (الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أوليائهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات) سورة البقرة، والحاجة والعيلة ظلمة أيضاً والغنى نور وبهجة.
في هذه الآيات بدأ سبحانه وتعالى بالظلمة ثم النور (اليتم ثم الايواء، الضلال ثم الهدى، العيلة ثم الغنى وهذا ليناسب ويتوافق مع قوله تعالى (وللآخرة خير لك من الاولى) والأولى هي الظلمة أما الآخرة فهي النور وهي خير له من الأولى.


لماذا لم يقسم سبحانه بالليل اذا سجى اولاً ثم الضحى؟
الضحى هو نور الوحي وكان السكون بعد الوحي وكان القسم على أثر انقطاع الوحي فانقطاع الوحي هو الذي تأخر وليس العكس لذا جاء قسم الضحى أولاً ثم الليل.


لماذا تكررت كلمة ربك في هذه السورة؟
الرب معناه إنه هو المعلم والمربي والمرشد والقيم وكل آيات السورة مرتبطة بكلمة الرب (ألم يجدك يتيماً فآوى....) اليتيم يحتاج لمن يقوم بأمره ويرعاه ويعلمه ويوجهه ويصلح حاله وهذه من مهام الرب واليتيم يحتاج هذه الصفات في الرب أولاً ثم إن الضال يحتاج لمن يهديه والرب هو الهادي والعائل أيضاً يحتاج لمن يقوم على أمره ويصلحه ويرزقه فكلمة الرب تناسب كل هذه الأشياء وترتبط بها ارتباطاً أساسياً.وكثيراً ما ارتبطت الهداية في القرآن الكربم بكلمة الرب (ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى) (يهديهم ربهم بإيمانهم) (الحمد لله رب العالمين....اهدنا الصراط المستقيم)


لماذا حذف المفعول للافعال: فآوى، فأغنى، فهدى مثلما حذف في فعل قلى؟
ذكر المفسرون هنا عدة آراء منها أن الحذف هو لظهور المراد لأنه تعالى كان يخاطب الرسول r والمعنى واضح. وقسم قال أنها مراعاة لفواصل الآيات حتى لا يقال آواك وأغناك وهداك فتختلف عن فواصل باقي الآيات ولكن كما سبق آنفاً قلنا إن القرآن الكريم لا يراعي الفاصلة على حساب المعنى مطلقاً وهي قاعدة عامة في القرآن: المعنى أولا ثم الفاصلة القرآنية ومثال ذلك الآية في سورة طه: (الهكم واله موسى فنسي) وكانت الفاصلة في باقي السورة مختلفة وعليه فإن الحذف هنا جاء للإطلاق والدلالة على سعة الكرم. فآوى بمعنى فآواك وآوى لك وآوى بك وأغناك وأغنى لك وأغنى بك وهداك وهدى لك وهدى بك. فلو قال سبحانه وتعالى فوجدك عائلا فأغناك لكان الغنى محصوراً بالرسول r فقط لكن عندما أفاد الاطلاق دل ذلك على أنه سبحانه أغنى رسوله وأغنى به وبتعليماته فيما خص الإنفاق وغيره خلقاً كثيراً وأغنى له خلقاً كثيراً وكذلك آوى الرسول r وآوى به خلقا كثيراً بتعاليمه الكثيرين وتعاليمه كانت تحض على رعاية اليتامى وحسن معاملتهم واللطف بهم وآوى لأجله الكثير من الناس لأن من الناس من يؤوى اليتامى حبا برسول الله وطمعا في صحبة الرسول r في الجنة كما ورد في الحديث: أنا وكافل اليتيم كهاتين واشار إلى أصبعيه. وكذلك بالنسبة للهداية فالله تعالى هدى رسوله الكريم وهدى به خلقاً كثيراً ( وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم) وهدى له ولأجله من أراد سبحانه وتعالى. إذن خلاصة القول أن الحذف هنا جاء لظهور المراد وفواصل الآيات وسعة الاطلاق كلها مجتمعة لا يتعارض أحدها مع الآخر. وكذلك تناسب سعة الإطلاق هنا قوله تعالى (ولسوف يعطيك ربك فترضى). فالحذف هنا جاء للعموم والإطلاق في المعنى.


لماذا ترتيب الآيات على هذا النحو؟ أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى ثم وَوَجَدَكَ ضَالّاً فَهَدَى ثم وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى...
هذا هو الترتيب الطبيعي في الحياة. اليتم يقال لمن فقد والديه أو أحدهما وهو دون سن البلوغ فإذا بلغ انتفت عنه صفة اليتم. وإذا بلغ دخل في سن التكليف الشرعي فهو يحتاج إلى الهداية ليتعلم كيف يسير في الحياة قبل أن يكون فقيرا أو غنيا وكيف يجمع المال الحلال لأن كل مال جمع من غير طريق الهداية هو سحت ثم تأتي العيلة وهي أمر آخر بعد البلوغ من الناس من يكون فقيرا او غنيا وعلى الاثنين أن يسيرا وفق التعاليم التي تعلماها بعد البلوغ مباشرة وهذا طبيعي ويمر به كل الخلق فهذا هو التسلسل الطبيعي في الحياة.لذا فقد بدأ سبحانه بالحالة الأولى (اليتم) ثم إذا بلغ تأتي الهداية في المرتبة الثانية، وثالثاً العائل والغني يجب أن يسيرا على الهداية.


يتبع بإذن الله تعالى ...



توقيع مفكرة إسلامية
نرجو من الجميع الإطلاع عليها , والالتزام بها -بارك الله فيكن-
وَأَرْجُوهُ رَجَاءً لا يَخِيْبُ ~
مفكرة إسلامية غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس