من وساوس الشيطان وشروره :
§ _ ومن وسوسته ماثبت في الصحيح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يأتي الشيطان أحدكم فيقول من خلق كذا ؟ من خلق كذا ؟ حتى يقول من خلق الله ؟ فمن وجد ذلك فليستعذ بالله ولينتهِ " . ( البخاري ومسلم )
وفي الصحيح أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا : يارسول الله ! إن أحدنا ليجد في نفسه ما لأن يخرَّ من السماء إلى الأرض أحبُّ إليه من أن يتكلم به قال : " الحمد لله الذي ردَّ كيده إلى الوسوسة " . ( حديث صحيح أخرجه ابو داود وأحمد)
§ _ ومن وسوسته أيضا أن يشغل القلب بحديثه حتى ينسيه ما يريد أن يفعله ولهذا يضاف النسيان إليه إضافته إلى سبيله . قال تعالى حكاية عن صاحب موسى أنه قال : { فَإِنِّي نَسِيتُ الحُوتَ وَمَا أَنسَانِيهُ إِلَّا الشَّيطَانُ أَن أَذكُرَهُ } [الكهف : 63 ]
وتأمل حكمة القرآن وجلالته كيف أوقع الإستعاذة من شر الشيطان الموصوف بأنه الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس ولم يقل من شر وسوسته لتعم الاستعاذه شره جميعه
فإن قوله : { من شر الوسواس } يعم كل شره ووصفه بأعظم صفاته وأشدها شرا وأقواها تأثيرا وأعمها فسادا وهي الوسوسة التي هي مباديء الإرادة ، فإن القلب يكون فارغا من الشر والمعصية فيوسوس إليه ويُخطر الذنب بباله فيصوره لنفيه ويُمنّيه ويُشهّيه فيصير شهوة ويُزيّنها له ويحسنها ويخيلها له في خيال تميل نفسه إليه ، فيصير إرادة ثم لايزال يُمثّل ويُخيّل ويمنّى ويُشهّى ويُنسِى علمه بضررها ويطوي عنه سوء عاقبتها فبحول بينه وبين مُطالعته ، فلا يرى إلا صورةالمعصيه والتذاذه بها فقط ، وينسى ما وراء ذلك فتصير الإرادة عزيمة جازمه فيشتد الحرص عليها ، من القلب ، فيبعث الجنود في الطلب فيبعث الشيطان معهم مددا لهم وعوناً فإن فتروا حركهم ، وإن ونوا أزعجهم كما قال تعالى :
{ ألم تَرَ أَنَّا أَرسلنَا الشَّياطِين َ عَلَى الكَافِرِين تؤزُّهُم أَزًّا } [مريم:83]
أي تزعجهم إلى المعاصي إزعاجاً كلما فتروا أو ونوا أزعجتهم الشياطين وأزتهم وأثارتهم ،
فلا تزال بالعبد تقوده إلى الذنب ، وتنظم شمل الاجتماع بألطف حيلة وأتم مكيده ، قد رضي لنفسه بالقيادة لفَجَرة بني آدم وهو الذي استكبر وأبى أن يسجد لأبيهم فلا بتلك النخوة والكبر ولا يرضاه أن يصير قوَّاداً لكل من عصى الله كما قال بعضهم :
عجبت من إبليس في تِيههِ .....وقُبح ما أظهر من نخوته
تاه على آدم في سجــدة ....... وصار قوَّادا لذريتــــــه
فأصل كل معصية وبلاء إنما هو الوســـــــــــوســــــــة ، فلهذا وصفه بها لتكون الاستعاذة من شرها أهم من كل مستعاذ منه ، وإلا فشره بغير الوسوسة حاصل أيضا .
شره بغير الوسوسة حاصل .. كيف !؟
لنتابع القراءة > /\
/\
/\
/\
/\
التعديل الأخير تم بواسطة سهام الليل ; 13-11-07 الساعة 03:22 PM
|