الوقفــــــــــة الرابعـــــــة عشـــــر
البعد عن الخوض فيما لا يُحيط به علم البشر، ولا تُدركه العقول وترك المراء فيما لا طائل تحته
وذلك أنه سبحانه لما أخبر عن اختلاف الناس في عدد أصحاب الكهف أرشد إلى أن الأحسن في مثل هذا المقام رد العلم إلى الله تعالى إذ لا احتياج إلى الخوض في مثل ذلك بلا علم {قل ربي اعلم بعدتهم ما يعلمهم إلاّ قليل فلا تُمارِ فيهم إلاّ مراءً ظُهراً ولا تستفتِ فيهم منهم أحدا}.
وفي ذلك صيانة للعقل عن الإقحام فيما ليس له به علم، وصيانة للطاقة العقلية أن تُبدد في غير ما يُفيد، وحتى لا يقفوا المسلم ما ليس له به علم، فهذه من أحداث الغيب الموكلة إلى ربها
يقول الشيخ ابن السعدي ـ رحمه الله ـ: أمّا المماراة المبنية على الجهل والرّجم بالغيب، أو التي لا فائدة فيها إمّا أن يكون الخصم معانداً، أو تكون المسألة لا أهمية فيها، ولا تحصل فائدة دينية بمعرفتها، كعدد أصحاب الكهف ونحو ذلك، فإنّ في كثرة المناقشات فيها، والبحوث المتسلسلة تضييعاً للزمان، وتأثيراً في مودة القلوب بغير فائدة.
********************
الوقفــــــة الخامســــة عشـــــر
ذكر الشيء لا يدل على عدم ذمة
وذلك أن الله تعالى قال: {قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجداً} أي: نعبد الله تعالى فيه، ونتذكر به أحوالهم، وما جرى لهم.
قال الشيخ السعدي ـ رحمه الله ـ: وهذا الحالة محظورة نهى عنها النبي صلى الله عليه وسلم، وذم فاعليها ولا يدل ذكرها على عدم ذمها، فإن السياق في شأن أهل الكهف والثناء عليهم، وأنّ هؤلاء وصل بهم الحال إلى أن قالوا: ابنوا عليهم مسجداً بعد خوف أهل الكهف من قومهم، وحذرِهم من الإطلاع عليهم فوصلت الحال إلى ما ترى. أ.هـ
وقد وردت نصوص حذّرت من اتخاذ القبور مساجد، منها قوله صلى الله عليه وسلم( لعن الله اليهود والنّصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) يحذر ما فعلوا، وروي عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب أنه لما وجد قبرفي زمانه بالعراق، أمر أن يُحفى عن النّاس، وأن تُدفن تلك الرقعة التي وجدوها عنده
فائدة يحسن ذكرها، وإن لم يكن هذا موطنها، يقول الشيخ ابن السعدي ـ رحمه الله ـ: في هذه القصة، دليل على أنّ من فرَّ بدينه من الفتن سلّمه الله منها، وأن من حرص على العافية عافاه الله، ومن أوى إلى الله آواه الله وجعله هداية لغيره. ومن تحمّل الذي في سبيله، وابتغاء مرضاته كان آخر أمره وعاقبته، العز العظيم، ورزقه من حيث لا يحتسب {وما عند الله خير للأبرار}.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(1) يراجع كلام القرطبي – عليه رحمة الله – موال العُُزلة والاعتزال عند تفسيره للآية ج.1
(2) المرجع السابق
(3) تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنّان، لابن السعدي – عليه رحمة الله.
(4) ينظر تفسير الإمام ابن كثير ج3
(5) ذكر ذلك الحافظ ابن حجر – رحمه الله – في الفتح ج2 عند شرحه للحديث في باب من جلس في المسجد ينتظر الصلاة، وفضل المساجد.
(6) يُنظر تفسير ابن كثير، وتفسير ابن السعدي – عليهما رحمة الله.
(7) تفسير ابن السعدي
(8) تفسير ابن السعدي
(9) بتصرُّف، من تفسير القرطبي – رحمه الله تعالى –
(10) تفسير ابن السعدي – رحمه الله تعالى
(11) تفسير ابن الكثير – رحمه الله تعالى
(12) تفسير ابن الكثير – رحمه الله تعالى –
(13) تفسير ابن الكثير – رحمه الله تعالى –
(14) ذكر ابن كثير – رحمه الله – في تفسيره
(15) ذكره ابن السعدي في تفسيره.
(16) ذكره ابن السعدي في تفسير.
(17) يُنظر ما قاله القرطبي – رحمه الله – عند هذه الآية.
(18) تفسير ابن الكثير.
(19) مُقتطفة من خطبة الشيخ د/ صالح بن حميد – حفظه الله.
(20) تفسير ابن الكثير – رحمه الله -
الموضوع لأخ فاضل نحسبه على خير من منتديات السبورة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انتظرونـا ووقفـات أخرى مع هذه السورة العظيمــة
.... ســــورة الكهـــف ....
باذن الله تعالى ...؛