أنفع أدوية الحفظ
قال علي بن خشرم : ما رايت بيد وكيع كتابا قط ، إنما هو حفظ ، فسألته عن أدوية الحفظ ، فقال : إن علمتك الدواء استعملته ؟ قلت : إي والله ، قال : ترك المعاصي ، ما جربت مثله للحفظ .
----------------------
قال ابن مهدي : لما قدم الثوري البصرة قال : يا عبد الرحمن ، جئني بإنسان أذاكره ، فأتيته بيحيى بن سعيد ، فذاكره ، فلما خرج قال : قلت لك جئني بإنسان ، جئتني بشيطان !! يعني بهره حفظه .
---------------------
إمام أهل السنة أحمد : مع المحبرة إلى المقبرة
قال صالح : رأى رجل مع أبي محبرة فقال له : يا أبا عبد الله ، أنت قد بلغت هذا المبلغ ، وأنت إمام المسلمين ؛ فقال : مع المحبرة إلى المقبرة . وقال رحمه الله : أنا أطلب العلم إلى أن ادخل المقبرة .
---------------------
في العلم بحر .. وفي أمور الدنيا لاشيء !
قال ابو يحيى الشعراني : كنت إذا ذاكرت إسحاق [ين راهويه] العلم ، وجدته فيه بحرا فردا ، فإذا جئت إلى أمر الدنيا ، رايته لا شيء .
----------------------
قناديل دين الله يسعى بحملها ......... رجال بهم يحيا حديث محمد
هم حملوا الآثار عن كل عالم ......... تقي ، صدوق ، فاضل متعبد
محابرهم زهر تضيء كأنهـــا ........ قناديل حبر ناسك وسط مسجد
تساق إلى من كان في الفقه عالما ... ومن صنف الأحكام من كل مسند
-----------------------
قال أبو عبيد القاسم بن سلام : كنت في تصنيف هذا الكتاب [ غريب المصنف ] أربعين سنة . ربما كنت أستفيد الفائدة من أفواه الرجال فأضعها في الكتب ، فأبيت ساهرا فرحا مني بتلك الفائدة ، وأحدكم يجيئني فيقيم عندي أربعة أشهر ، خمسة اشهر ، فيقول : قد أقمت الكثير .
قال الزبيدي : عددت حروف غريب المصنف فوجدته سبعة عشر ألفا وتسعمائة وسبعين حرفا ، قال الذهبي : يريد بالحرف اللفظة العربية .
-------------------------------------
الزبير بن بكار القرشي قال : قالت بنت أختي لأهلنا : خالي خير رجل لأهله ، لايتخذ ضرة ولا سُرِّيَّة ، قال : تقول المرأة : والله هذه الكتب أشد علي من ثلاث ضرائر .
----------------------------
الإمام البخاري رحمه الله .
كتب التاريخ الكبير وهو يزيد عن عشر مجلدات كل مجلد لا يقل عن مائتي صفحة وهو ابن ثمان عشرة سنة !!
قال : أخرجت في هذا الكتاب من زهاء ستمائة ألف حديث .. وقال : ما وضعت في كتابي " الصحيح " حديثا إلا اغتسلت قبل ذلك وصليت ركعتين .
قال أحمد بن حمدون : رأيت محمد بن إسماعيل ومحمد بن يحيى الذهلي يسأله عن الأسامي والكنى والعلل ، ومحمد بن إسماعيل يمر فيه مثل السهم كأنه يقرأ قل هو الله أحد .
وقال : أحفظ مائة ألف حديث صحيح ، وأحفظ مائتي ألف حديث غير صحيح .
أنت مع النبي صلى الله عليه وسلم ، فلا تمل !
قال الفربري : أملي البخاري يوما علي حديثا كثيرا ، فخاف ملالي ، فقال : طب نفسا ، فإن أهلي في ملاهيهم ، وأهل الصناعات في صناعاتهم ، والتجار في تجاراتهم ، وأنت مع النبي صلى الله عليه وسلم .
---------------------------------
الحميدي : جالس ابن عيينة نحو تسع عشرة سنة .. وكان يحفظ له عشرة آلاف حديث .
خلف بن هشام يقول : أشكل علي باب من النحو ، فأنفقت ثمانية ألف درهم حتى حَذَقْتُه .
عبد الرحمن بن مهدي : قال عبيد الله القواريري : أملى علي عبد الرحمن عشرين ألف حديث حفظا .
يزيد بن هارون قال : أحفظ عشرين ألفا ، فمن شاء فليدخل فيها حرفا .
أحمد بن حنبل : قال أبو زرعة لعبد الله : أبوك يحفظ ألف ألف حديث .
إسحاق بن راهويه قال : لكأني أنظر إلى مائة ألف حديث في كتبي ، وثلاثين ألفا أسردها .
علي بن المديني قال : تركت من حديثي مائة ألف حديث ... إذن ، فكم تحفظ يا إمام ؟!
أبو زرعة الرازي يقول : عجبت ممن يفتي في مسائل الطلاق ، يحفظ اقل من مائة ألف حديث ، وقال : أحفظ في القراءات عشرة آلاف حديث .
------------------------------
يقول أبو حاتم الرازي : خرجنا من المدينة، من عند داود الجعفري، وصرنا إلى الجار وركبنا البحر، فكانت الريح في وجوهنا، فبقينا في البحر ثلاثة أشهر، وضاقت صدورنا، وفني ما كان معنا ، وخرجنا إلى البر نمشي أياما، حتى فني ما تبقى معنا من الزاد والماء، فمشينا يوما لم نأكل ولم نشرب، ويوم الثاني كمثل، ويوم الثالث، فلما كان يكون المساء صلينا، وكنا نلقي بأنفسنا حيث كنا ، فلما أصبحنا في اليوم الثالث، جعلنا نمشي على قدر طاقتنا، وكنا ثلاثة أنفس: شيخ نيسابوري، وأبو زهير المروروذي، فسقط الشيخ مغشيا عليه، فجئنا نحركه وهو لا يعقل، فتركناه، ومشينا قدر فرسخ، فضعفت، وسقطت مغشيا علي، ومضى صاحبي يمشي، فبصر من بعد قوما، قربوا سفينتهم من البر، ونزلوا على بئر موسى، فلما عاينهم، لوح بثوبه إليهم، فجاؤوه معهم ماء في إداوة . فسقوه وأخذوا بيده، فقال لهم: الحقوا رفيقين لي، فما شعرت إلا برجل يصب الماء على وجهي، ففتحت عيني، فقلت: اسقني، فصب من الماء في مشربة قليلا، فشربت، ورجعت إلي نفسي، ثم سقاني قليلا، وأخذ بيدي، فقلت: ورائي شيخ ملقى، فذهب جماعة إليه، وأخذ بيدي، وأنا مشي وأجر رجلي، حتى إذا بلغت إلى عند سفينتهم، وأتوا بالشيخ، وأحسنوا إلينا، فبقينا أياما حتى رجعت إلينا أنفسنا، ثم كتبوا لنا كتابا إلى مدينة يقال لها: راية ، إلى واليهم، وزودونا من الكعك والسويق والماء.
فلم نزل نمشي حتى نفد ما كان معنا من الماء والقوت، فجعلنا نمشي جياعا على شط البحر، حتى دفعنا إلى سلحفاة مثل الترس، فعمدنا إلى حجر كبير، فضربنا على ظهرها، فانفلق، فإذا فيها مثل صفرة البيض، فتحسيناه حتى سكن عنا الجوع، ثم وصلنا إلى مدينة الراية، وأوصلنا الكتاب إلى عاملها، فأنزلنا في داره، فكان يقدم لنا كل يوم القرع، ويقول لخادمه: هات لهم اليقطين المبارك. فيقدمه مع الخبز أياما، فقال واحد منا: ألا تدعو باللحم المشؤوم ؟ ! فسمع صاحب الدار، فقال: أنا أحسن بالفارسية، فإن جدتي كانت هروية، وأتانا بعد ذلك باللحم، ثم زودنا إلى مصر .
-----------------------------------
عبد الرحمن بن أبي حاتم يقول: كنا بمصر سبعة أشهر، لم نأكل فيها مرقة، كل نهارنا مقسم لمجالس الشيوخ، وبالليل: النسخ والمقابلة.
قال: فأتينا يوما أنا ورفيق لي شيخا، فقالوا: هو عليل، فرأينا في طريقنا سمكة أعجبتنا، فاشتريناه، فلما صرنا إلى البيت، حضر وقت مجلس، فلم يمكنا إصلاحه، ومضينا إلى المجلس، فلم نزل حتى أتى عليه ثلاثة أيام، وكاد أن يتغير، فأكلناه نيئا، لم يكن لنا فراغ أن نعطيه من يشويه.
ثم قال: لا يستطاع العلم براحة الجسد .
-----------------
قال يعقوب الفسوي : كنت جالسا أنسخ، وقد تصرم الليل، فنزل الماء في عيني، فلم أبصر السراج ولا البيت، فبكيت على انقطاعي، وعلى ما يفوتني من العلم، فاشتد بكائي حتى اتكأت على جنبي، فنمت، فرأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - في النوم، فناداني، يا يعقوب بن سفيان ! لم أنت بكيت ؟ فقلت: يا رسول الله ! ذهب بصري، فتحسرت على ما فاتني من كتب سنتك، وعلى الانقطاع عن بلدي.
فقال: أدن مني.
فدنوت منه، فأمر يده على عيني، كأنه يقرأ عليهما.
قال: ثم استيقظت فأبصرت، وأخذت نسخي وقعدت في السراج أكتب .
----------------
ابن أبي عاصم يقول: لما كان من أمر العلوي بالبصرة ما كان، ذهبت كتبي، فلم يبق منها شئ، فأعدت عن ظهر قلبي خمسين ألف حديث، كنت أمر إلى دكان البقال، فكنت أكتب بضوء سراجه، ثم تفكرت أني لم أستأذن صاحب السراج، فذهبت إلى البحر فغسلته، ثم أعدته ثانيا .
هذا والله العلم ، وهذه والله ثمرته : الورع !
------------------------
قال الإمام الترمذي : كنت في طريق مكة فكتبت جزئين من حديث شيخ فوجدته فسألته وانا اظن الجزئين معى فسألته فأجا بنى فإذا معى جزاء بياض فبقى يقرأ على من لفظه فنظر فرأى في يدى ورقا بيضا فقال أما تستحى منى ؟ فأعلمته بأمرى وقلت أحفظه كله قال: اقرأ فقرأته عليه فلم يصدقني وقال: استظهرت قبل ان تجئ فقلت حدثنى بغيره فحدثني بغيره فحدثني بأربعين حديثا وقال: هات، فأعدتها عليه ما اخطأت في حرف.
------------------------------------
يقول أبو بكر بن أبي داوود :
ودع عنك آراء الرجال وقولهم ... فقول رسول الله أولى وأشرح
ولا تك من قوم تلهوا بدينهم ... فتطعن في أهل الحديث وتقدح
قال الذهبي في السير : ( فعلى علم الحديث وعلمائه ليبك من كان باكيا، فقد عاد الاسلام المحض غريبا كما بدأ ، فليسع امرؤ في فكاك رقبته من النار، فلا حول ولا قوة إلا بالله. ثم العلم ليس هو بكثرة الرواية، ولكنه نور يقذفه الله في القلب، وشرطه الاتباع، والفرار من الهوى والابتداع. وفقنا الله وإياكم لطاعته. ) أ.هــ
---------------------------