شيوخه ومعلموه :
تتلمذ سيبويه على يد العديد من كبار الشيوخ والعلماء الذين عاشوا في عصره إبّان الدولة العباسية ، ونخص منهم أربعة من علماء اللغة ..
أولهم : عبقري العربية وإمامها الخليل بن أحمد الفراهيدي،
وهو أكثرهم تأثيرًا فيه، ، دون سائر أساتذة سيبويه حيث كان الخليل بن أحمد الفراهيدي صاحب ( العربية ) ومنشىء علم العروض ومؤلف كتاب العين وأحد أعظم أساتذة النحو واللغة في عصره .
وقد أخذ «الخليل بن أحمد» العلم عن «أبي عمرو بن العلاء» والذي كان علماً في القراءة والعربية، والذين يترجمون الخليل يجمعون على أنه كان من الزاهدين، المنقطعين إلى الله، وكان إمامًا في العربية، كما كان الغاية في استخراج مسائل النحو، وتصحيح القياس، كما كان أول من استنبط علم العروض الذي لم يأخذه عن أستاذ قبله.
وقد كان «الخليل بن أحمد الفراهيدي» السباق إلى تدوين اللغة وترتيب ألفاظها على مخارج حروف الهجاء، وكانت بين يديه الحروف العربية، وهي الأبجدية، أي: أبجد هوز، حطي كلمن.
ولذلك استفاد سيبويه أيما استفادة من معلمه الخليل فقد روى عنه سيبويه في الكتاب 522 مرة، وهو قدر لم يروِ مثله ولا قريبًا منه عن أحد من أساتذته، وهو ما يجسد خصوصية الأستاذية التي تفرد بها الخليل بن أحمد رحمه الله .
ويقول ابن النطاح في حب الخليل لمجالسة سيبويه :
كنت عند الخليل ابن أحمد فأقبل سيبويه فقال الخليل : مرحبا بزائر لا يمل.
فقال أبو عمر المخزومي وكان كثير المجالسة للخليل : ما سمعت الخليل يقولها لأحد إلا لسيبويه !
وثاني معلمي سيبويه هو أبو الخطاب الأخفش،
وفي النحويين (أخافش) ثلاثة مشهورون:
أكبرهم: (أبو الخطاب عبد الحميد بن عبد المجيد)، وهو الذي ذكره (سيبويه) في كتابه. والثاني: (سعيد بن مسْعَدة أبو الحسن)، الذي يروى عنه كتاب (سيبويه)، وهو صاحبه. والثالث: (أبو الحسن علي بن سليمان)، صاحب أبوي العباس النحويين: (أحمد بن يحيى الملقب بثعلب)، و(محمد بن يزيد الملقب بالُمبرِّد) ،
كما أن أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ قد أخذ علومه عن أبو الخطاب الأخفش .
وثالث معلمي سيبوبه العلامة عيسى بن عمرو، ورابعهم: أبو زيد النحوي ، كما أخذ سيبويه العلم عن يونس بن حبيب وغيرهم من علماء وشيوخ الدولة العباسية في البصرة .
ومن الغريب في حياة سيبويه العلمية أنه لما مات - رحمه الله – كان أغلب شيوخه ومعلميه مازالوا على قيد الحياة !