أهمية الكتاب:
بالرغم من أن سيبويه مات قبل أن يرى كتابه النور إلا أن كتاب سيبويه هذا بلغ القمة فيما وصلت إليه الدراسات النحوية في أواخر القرن الثاني الهجري وإبان الدولة العباسية التي كانت تحترم العلم والعلماء وتعطيهم مكانة عظيمة ومنزلة رفيعة وقد صنع سيبويه في مؤلفه "الكتاب" أعظم ما يصنع عالم لموضوعه، إذ آتاه حقه من التقصي والاستيعاب، ومن الدرس والنقد، وجهد ما أسعفه الجهد الكبير، والعقل المستنير لتحرير المسائل وترتيب الموضوعات حتى استحق كتابه في النحو والصرف أن يكون هو الكتاب ، وكأنه النبع الذي يرتوي من كل باحث عن قواعد وأصول علم النحو واستحق سيبويه بكتابه أن يكون في النحويين الإمام.وشيخ المعلمين النحويين حتى عصرنا هذا فأقبل الباحثون وطلبة العلم من بعده على دراسة الكتاب وشرح شواهده والتنقيب عنها .
وقد تسارع العارفون بالنحو والفقه والشعر واللغة إلى تناول هذا الكتاب بالشرح، وجاء الكثير منهم في شروحهم إلى الحديث عن شخصيته العلمية، وثقافته اللغوية، وقدرته على معرفة معاني المفردات، وتفسير الأبنية الغريبة وضبطها، وبيان مفردات جموعها، واستشهاده للمعاني التي يريد توضيحها، وكثرة نقوله عن أئمة اللغة والنحو، واجتهاده الذاتي الذي تجلى في إسرافه في التعليلات النحوية التي تدور حول حكمة اللغة في تركيباتها، وعلاقة مفرداتها، وعلامات الإعراب والبناء، وكان لهذه الشروح أيضاً صدى لثقافته القرآنية، والفقهية والشرعية، وفي علم الأنساب، والمنطق والكلام.
فهذا الكتاب أصبح بمثابة خزانة للكتب، احتواها بالقوة في ضميره وتمخض عنها الزمن بالفعل من بعد وفاة سيبويه، ولذلك نرى أن الأئمة كلهم تلاميذ في مدرسته، فلا نرى المؤلفون جميعًا يتقدمون في علم النحو إلا بأن يناقشوه ويفسروه ويعلقوا عليه ويصوبوه ويخطئوه، وهم بذك يدورون في فلكه، حتى أصبح (
الكتاب )
هو المصدر الفريد لعلمي النحو والصرف بالإضافة إلى علم الأصوات.
منهج الكتاب:
درجت العادة على أن يوضح كل كاتب منهجه في بداية كتابه، ولكن مع سيبويه فالوضع يختلف؛ ولقد قدر الله أن يؤخذ سيبويه قبل أن يتمكن من وضع مقدمة لكتابه، يوضح فيها المنهج الذي سلكه في ترتيب كتابه ؛ فبقي منهج الكتاب لغزًا يستعصي على الإدراك، حتى قال بعض الباحثين إلى أن سيبويه لم يكن يعرف المنهج، وإنما هو قد أورد مسائل الكتاب متتابعة دون أي نظام أو رباط يربط بينها. ولو كان مؤلف الكتاب شخصًا آخر غير سيبويه، لجاز أن يسلم بهذا الرأي على ضعفه، أمَا والمؤلف سيبويه فمن الواجب أن ننزهه عن هذا حيث أن سيبويه بعلمه الكبير لم يكن لينسى أو يجهل هذا الأمر .
ويقول الشيخ علي النجدي عن منهج سيبويه، فيقول:
نهج سيبويه في دراسة النحو منهج الفطرة والطبع، يدرس أساليب الكلام في الأمثلة والنصوص؛ ليكشف عن الرأي فيها صحة وخطأ، أو حسنًا وقبحًا، أو كثرة وقلة، لا يكاد يلتزم بتعريف المصطلحات، ولا ترديدها بلفظ واحد، أو يفرع فروعًا، أو يشترط شروطًا، على نحو ما نرى في الكتب التي صنفت في عهد ازدهار الفلسفة واستبحار العلوم.
فهو في جملة الأمر يقدم مادة النحو الأولى موفورة العناصر، كاملة المشخصات، لا يكاد يعوزها إلا استخلاص الضوابط، وتصنيع الأصول على ما تقتضي الفلسفة المدروسة والمنطق الموضوع، وفرق ما بينه وبين الكتب التي جاءت بعد عصره كفرق ما بين كتاب في الفتوى وكتاب في القانون، ذاك يجمع جزئيات يدرسها ويصنفها ويصدر أحكامًا فيها، والآخر يجمع كليات ينصفها ويشققها لتطبق على الجزئيات.
ويمكن أن يقال على الإجمال: إنه كان في تصنيف الكتاب يتجه إلى فكرة الباب كما تتمثل له، فيستحضرها ويضع المعالم لها، ثم يعرضها جملة أو آحادًا، وينظر فيها تصعيدًا وتصويبًا، يحلل التراكيب، ويؤول الألفاظ، ويقدر المحذوف، ويستخلص المعنى المراد، وفي خلال ذلك يوازن ويقيس، ويذكر ويعد، ويستفتي الذوق، ويستشهد ويلتمس العلل، ويروي القراءات، وأقوال العلماء، إما لمجرد النص والاستيعاب وإما للمناقشة وإعلان الرأي، وربما طاب له الحديث وأغراه البحث، فمضى ممعنًا متدفقًا يستكثر من الأمثلة والنصوص. واللغة عنده وحدة متماسكة، يفسر بعضها بعضًا، ويقاس بعضها على بعض، وهو في كل هذا يتكئ في ترتيب أبواب الكتاب على فكرة العامل أولاً وأخيرًا.
من هنا وعلى هذا الرابط يمكنك تحميل كتاب سيبويه ، ما عليك سوى النقر على الرابط لينقلك إلى الصفحة التي تتضمن ذلك الكتاب :
http://www.al-eman.com/booksD/default.asp?CategoryID=6