عرض مشاركة واحدة
قديم 14-02-08, 04:20 PM   #29
أم الخير
جُهدٌ لا يُنسى
افتراضي

الحاجز الخامس: الحسد في قلب طالب العلم:-

تأتي هذه المشكلة إذا شعر الطالب بالاهتمام وأرد أن يتعلم ، فإنه يجتهد بقدر المستطاع، ويجد الجماعة الذين معه في الطلب أقل منه اجتهادًا وأكثر منه تحصيلاً ، وجماعة لا تجتهد أبدًا ويأتيهم الرزق، فماذا يحصل في قلب طالب العلم؟

الحسد.
حديث سهل بن سعد _رضي الله عنه _ الوارد فيه قصة علي بن أبي طالب في غزوة خيبر:"أنَّ رَسُولَ اللهِ قَالَ يَوْمَ خَيْبَرَ: "لأعْطِيَنَّ الرَّايَةَ غَدًا رَجُلاً يُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ، وَيُحِبُّهُ اللهُ وَرَسُولُهُ، يَفْتَحُ اللهُ عَلَى يَدَيْهِ". فَبَاتَ النَّاسُ يَدُوكُونَ لَيْلَتَهُمْ، أيُهُمْ يُعْطَاهَا، فَلَمَّا أَصْبَحُوا غَدَوْا عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، كُلُّهُمْ يَرْجُو أَنْ يُعْطَاهَا، فَقَالَ: "أيْنَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ؟". فَقِيلَ: هُوَ يَشْتَكِي عَيْنَيْهِ، فَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ فَأُتِيَ بِهِ، فَبَصَقَ فِي عَيْنَيْهِ وَدَعَا لَهُ فَبَرِئ، كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ وَجَعٌ، فَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ. فَقَالَ: "انْفُذْ عَلَى رِسْلِكَ حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الإِسْلاَمِ، وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنْ حَقِّ اللهِ تَعَالَى فِيهِ، فَوَاللهِ لأََنْ يَهْدِيَ اللهُ بِكَ رَجُلاً وَاحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ".
بات الصحابة _رضي الله عنهم_ يدوكون ليلتهم من يعطى الراية؟ وكان الصحابة _رضي الله عنهم_ حاضرين في الصباح، فقال النبي صلى الله عليه وسلم :" "أَيْنَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ؟"، قالوا: يَشْتَكِي عَيْنَيْهِ، يعني به رمد.
ولم يكن عليًا _رضي الله عنه_ مع الصحابة الذين سمعوا الخبر، ولا مع الذين باتوا يدوكون، وإنما أُتي به يُقاد إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فبصق النبي صلى الله عليه وسلم في عينيه، وكان ذلك آية من آيات النبوة، فشفي، وبعد ذلك أعطاه الراية.
هم الآن باتوا يدوكون ليلتهم يبحثون ويتناظرون من صاحب هذا الوصف ؟ ولم يكن واحدًا منهم وإنما كان علي بن أبي طالب رضي الله عنه !
الآن يأتي سؤال لطالب العلم: لماذا شوقهم النبي صلى الله عليه وسلم ؟ ، ولماذا لم يعطِ الراية مباشرة لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه ؟!قال أهل العلم: باتوا وزاد إيمانهم ما الله به عليم.
كيف زاد إيمانهم؟
شوقهم أن يكونوا هم المحبوبين، فتأملوا، وربما دعوا .
فلما باتوا بهذه الحال ، ماذا حصل لهم ؟
زيادة الإيمان في قلوبهم التي جعلتهم يقبلون أن لا يكونوا هم، ويعلمون أن مثل هذا أرزاق، وأنهم إذا ما رزقوا الآن سوف يرزقون في موطن آخر، وإذا لم يشهد الرسول صلى الله عليه وسلم لهم الآن ربما يشهد لهم في موقف آخر.
وإذا لم يحصل لهم كل هذا سيكونون متعلقين بالرب أن يرزقهم رضاه.
إذن: ماذا يُشكل على طالب العلم؟
أن يجد غيره مرزوقًا من حيث لا يحتسب، وهو يبذل الجهد ولا يحصّل.
وهذا من الممكن أن يكون ابتلاء يبتلى به، لذلك على طالب العلم أن يخرج من قلبه التنافس ويذلّ لرب أن يعطيه.
والقضية تحتاج إلى تأمل أكثر.
ماذا نحلّي في أنفسنا؟
ما ضد الحسد؟
التعلق بالرزاق والإيمان بأن كل شيء رزق.
لماذا رُزق فلانًا وأنا لما أُرزق؟
نقول: من قال لك أنك ما رزقت؟! إذا كان الأول رُزق في الظاهر كذا وكذا، فأنت ترزق أعلى منه، وليس شرطًا أن يشهد الناس على ذلك.
ما الإشكال؟
المشكلة أن أحدد لنفسي صورة معينة للرزق فأظن أن الرزق لا بد أن يكون كذا وكذا، مثلاً : لا بد أن يأخذوا أوراقي ويعلقونها في لوحة الإعلانات، لا بد أن أكون من البارزين، لا بد أن أكون الأول على الدفعة، فأضع لنفسي صورة لو ما صارت، وصارت لغيري يقع في قلبي أني غير مرزوق!!ويأتي الشيطان ويفعل فعائله في القلب من الحسد.
يكون القلب أصلاً مليء بالدخن ويأتي العلم فيطفو الدخن على السطح، يعني يكون الشخص أصلاً في طبعه الحسد، فلما يأتي في الطلب ويصير كذا وكذا ، يخرج هذا الدخن .
وطالب لا يكون في طبعه الحسد، ويأتي للطلب وهو نظيف القلب من الحسد، وما يراعي قلبه فيبتلى بالحسد.
فالطلب يأتي بلاء وامتحان، لذلك هو من أعظم أنواع المجاهدة، لماذا؟
لأن النفوس تنكشف حقائقها، وما بداخلها عند الطلب.
المسألة واسعة، وأنا أشير إشارة تغني عن طول العبارة.


يتبع*
أم الخير غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس