عرض مشاركة واحدة
قديم 17-02-12, 03:58 PM   #18
سارة بنت محمد
نفع الله بك الأمة
 
تاريخ التسجيل: 09-05-2009
المشاركات: 663
سارة بنت محمد is on a distinguished road
افتراضي

نكمل الموضوع:

ولأن المسائل تتضح بأمثلة كما ستتضح أكثر ببسط الكلام عن ضد ما ذكرنا

صفة العلم والحكمة:


بناء على ما سبق نقول إن الله تعالى متصف بصفة العلم وصفة الحكمة كما قال عن نفسه

وحكمة الله تعالى ليست كحكمة المخلوقين أبدا، كما أن علمه ليس كعلم المخلوقين لقوله تعالى:" ليس كمثله شيء"

والله تعالى حكيم عليم وله إرادة مطلقة يفعل ما يشاء وقت ما يشاء كيف ما يشاء وفي كل أفعاله حكمة..

في حين أن المخلوق لو قلنا أن لديه حكمة أو علم فهي حكمة محدودة وعلم محدود قال تعالى:" وما أوتيتم من العلم إلا قليلا"
وقد لا يكون لديه إرادة تنفذ تلك الحكمة، وقد يكون للمخلوق إرادة نافذة كالملوك - رغم أنها محدودة أيضا ولكن نافذة بالنسبة لغيره من المخلوقات ورغم ذلك قد لا تكون له حكمة أو علم يخدم به هذه الإرادة.

وحكمة ربنا جل وعلا هي حكمة مطلقة وعلمه محيط بكل شيء لا يخفى عليه خافية ولا يعجزه شيء فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن
وما شاء الله تعالى وقدره كونا فهو الحكمة كلها علم بعضها من علم وخفي على أكثرنا منها ما خفي
وما شاء الله تعالى وشرعه فهو الحكمة والخير والصالح علم بعضا من حكمة الله أمره من علم وجهل أكثرنا منها ما جهل

وهنا يأتي إيمان المرء بعلم الله وحكمته وإرادته في أمرين:

1- إيمانه بالقدر
2- تسليمه للأمر الشرعي


صفة السمع والبصر

وكذلك قال ربنا عن نفسه أنه متصف بالسمع والبصر، فنثبت له ذلك عز وجل،

والمخلوق له سمع وبصر، ولكن ليس السمع كالسمع ولا البصر كالبصر

فإن كان بصر الكلب يختلف عن بصر الإنسان، وسمع الكلب يتصف عن سمع الإنسان بشهادة العقلاء والعلماء، وكلٌ من الكلب والإنسان مخلوق

فكيف نمثل صفة الخالق بصفة المخلوق

فللخالق سمع وبصر يليقان به سبحانه، سمع وبصر كاملين لا يلحقهما النقص والآفات لأنه تعالى منزه عن كل عيب ونقص، وليس لهما مثيل في خلقه، ولا تكيفه العقول القاصرة بل يقف المرء عند حدود عقله يؤمن بما علمنا الله ولا يقف ما ليس له به علم.
وللمخلوق سمع وبصر يليق به كمخلوق فقير عاجز ضعيف لا حول ولا قوة له إلا بربه

وهنا يأتي إيمان المرء بصفتي السمع والبصر في مراقبة الله تعالى في كل كبيرة وصغيرة، وخشية الله عز وجل، ثم تقوى الله في نعمة البصر والسمع بطاعة الله في ذلك لعلمه أن الذي شق سمعه وبصره بحوله وقوته قادر على سلب ذلك منه، وأنه مهما كان بصره حادا، فإن الله تعالى يعلم خائنة عينه ويرى استراق سمعه وأن هذه الصفات التي خلقها الله فيه ستشهد عليه يوم القيامة

قال تعالى:" وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم"

* * *
ثم سنضرب الآن مثالا على أكثر المسائل شيوعا في هذا الباب، والذي يكثر فيه اللغط والاعتراض

قال تعالى:" الرحمن على العرش استوى"

الاستواء صفة من صفات الله، نسميها صفة فعل

ولبسط أنواع الصفات نحتاج إلى موضوع مستقل لكن نجمل فنقول: الصفات ذاتية وفعلية، وصفات تجمع بين الذاتية والفعلية

فأما الذاتية فهي التي لا تفارق الموصوف ويعبر عنها في الكتب بقولهم: لا تنفك عن الذات

ومثالها: العلم والرحمة والحكمة والسمع والبصر...الخ

فلا يمكن أن يتصف ربنا في وقت ما بضد هذه الصفات

والفعلية هي صفات يفعلها ربنا متى شاء وكيف شاء كالنزول إلى السماء الدنيا مثلا في الثلث الأخير من الليل

والضحك، والفرح...الخ

وهذه الصفات يكثر فيها الإشكال عند المبتدعة، وإن كان لديهم في جميع الأنواع إشكالات

وسبب ذلك أنهم يقولون: ربنا لا تحل به الحوادث

وهي كلمة مشكلة لو المقصود بها نفي اتحاد الخالق والمخلوق لصح معناها

ولكن للأسف يقصدون بها نفي هذه الصفات الفعلية عن ربنا جل وعلا جملة وتفصيلا

فإن قال الله تعالى: "الرحمن على العرش استوى"

يقولون لم يستو على العرش! وإن قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : لله أفرح بتوبة أحدكم"
قالوا لا يفرح

وكما سيأتي في شرح قسم النفاة ينقسمون إلى قسم يؤلها وقسم يفوض معناها وسيأتي بإذن الله تعالى.

والنوع الثالث هو ما يجمع بين الصفات الذاتية والفعلية

كصفة الكلام فهو سبحانه وتعالي متصف بالكلام أبدا، وأما آحاد الكلام فهي صفة فعلية يتكلم الله تعالى بما شاء وكيف شاء ووقتما شاء

ولا شك أن هذا القسم أيضا من الأقسام التي يكثر فيها لغط المبتدعة لنفس الإشكال السابق.


-------------------------
ونعود لبسط صفة الاستواء بإذن الله في وقت لاحق
وما كان من توفيق فيما ذكرنا فهو من الله وحده وما كان من خطأ فمني ومن الشيطان والله تعالى منه براء
سارة بنت محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس