المبحث الخامس : وصل وإزالة شعر المرأة :
من الأشياء التي تزيّن المرأة - شعرها الذي تتميّز به عن الرّجل ، ولكن هذا الشّعر قد يصاب بآفة فيسقط ، أو يحتاج إلى زيادة في طوله ، أو أنّ هذا الشّعر يكثر في أماكن من جسم المرأة ممّا يجعله مشوّها لمنظرها أمام زوجها ، فتحتاج لإزالته ، أو التّخفيف منه. ولقد اختلف السّلف والخلف في ذلك (1).
أولا : حكم وصل المرأة شعرها :
ذهبت أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنهما - إلى أنهّ يحرم وصل الشّعر بشعر مثله ، أمّا وصله بصوف ونحوه فيجوز (2).
الأدلّة :
1 - ما روته أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - قالت: ( إنّ جارية من الأنصار تزوّجت ، وإنّها مرضت فتمرط شعرها، فأرادوا أن يصلوه ، فسألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك ؟ فلعن الواصلة والمستوصلة ) (3) .
وجه الإستدلال :
أنّ الرّسول صلى الله عليه وسلم لعن مَن وصل الشّعر ولا يلعن إلاّ على فعل محرم .
2 - ما رواه ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن الواصلة والمستوصلة ، والواشمة والمستوشمة .
وجه الإستدلال :
لعن الرّسول صلى الله عليه وسلم لهذا الفعل دليل على تحريمه ، وأنّه من كبائر الذّنوب (4).
وقد وافقها رضي الله عنها في هذا الرّأي ابن عباس رضي الله عنه (5) ، وتبعها سعيد بن جبير(6) واللّيث بن سعد (7)- رحمهما الله تعالى - (8) ، ومن الفقهاء الحنفية (9) والشافعية (10) ، والحنابلة (11)- رحمهم الله تعالى -
والراجح والله أعلم :
جواز وصل الشّعر بالصّوف فقط ، لا بشعر مثله .
والفكرة الأصولية التي بنت عليها أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - هذه الرّواية هي: سدّ الذّرائع الموصلة للتّدليس والغش والفساد على الزّوج ، وهذا محرّم ، وكذلك فيه استعمال شعر مختلف في نجاسته .
أمّا وصل الشّعر بصوف فهو لا توجد فيه هذه المعاني ، فلا يحرم ، ولوجود مصلحة من تحسين المرأة أمام زوجها من غير مضرّة (12).
_________________________________________
(1)انظر موسوعة فقه أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها (ص: 681).
(2)انظر عمدة القاري (64/22) ، مشكل الآثار للطّحاوي (42/2).
(3)انظر موسوعة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها (ص: 681).
(4)انظر موسوعة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها (ص: 682).
(5)انظر عمدة القاري (64/22) ، مشكل الآثار للطّحاوي (42/2).
(6)هو: سعيد بن جبير بن هشام الكوفي الأسدي مولاهم ، أبو عبد الله من كبار أئمة التابعين ومقدميهم في التفسير والحديث والفقه والعبادة والورع، قتله الحجاج ظلما سنة 95 هـ . انظر ترجمته في : شذرات الذهب ( 1 / 108 ) .
(7)هو: الليث بن سعد بن عبد الرحمن المصري ، التابعي ، الحافظ ، الفقيه المجتهد ، شيخ الديار المصرية في الفقه والحديث ، كان ورعا فاضلا ، عالما كريما، إماما ، أجمع العلماء على جلالته وإمامته ، وعلو مرتبته. واستقل بالفتوى في زمانه في مصر وكان عربي اللسان يحسن القرآن والنحو ويحفظ الحديث والشعر توفي سنة 175 هـ وقيل غير ذلك. انظر ترجمته في: تذكرة الحفاظ (1/ 224 )، وفيات الأعيان (3/ 280 )، شذرات الذهب ( 1 / 285 )
(8)انظر فتح الباري (375/10) في اللّباس .
(9)انظر حاشية ابن عابدين (372/6)
(10)انظر شرح صحيح مسلم (103/14).
(11) انظر :المغني لابن قدامة (76/1).
(12) انظر: المغني لابن قدامة (76/1)، شرح صحيح مسلم للنّووي (104/14)
___________________________
المصدر:
يُتبع إن شاء الله
التعديل الأخير تم بواسطة أم إبراهيم السلفية ; 18-11-16 الساعة 01:33 PM
|