عرض مشاركة واحدة
قديم 01-11-12, 01:43 AM   #12
أم أبي تراب
نفع الله بك الأمة
افتراضي

أقســـام النفـــس
قـد وصـف الله النفـس فـي القـرآن الكريـم بثلاثـة أوصـاف :
المطمئنـــة ، واللوامـــة ،والأمـــارة بالســـوء .
أ ـ النفــس المطمئنــة :
----------------
فالنفـس إذا سـكنت إلـى الله واطمأنـت بذكـره وأنابـت إليـه واشـتاقت إلـى لقائـه وأنسـت بقربـه فهـي نفـس مطمئنـة ، وهـي التـي يقـال لهـا عنـد الوفـاة :
{ يَـا أَيَّتُهَـا النَّفْـسُ الْمُطْمَئِنَّـةُ * ارْجِعِـي إِلَـى رَبِّـكِ رَاضِيَـةً مَّرْضِيَّـةً * فَادْخُلِـي فِـي عِبَـادِي * وَادْخُلِـي جَنَّتِـي } . سورة الفجر / آية : 27 ـ 30 .
وحقيقـة الطمأنينـة : " السـكون والاسـتقرار" ، فسـكنت إلـى ربهـا نتيجـة لطاعتـه وذكــره واتبـاع أمـره ، ولـم تسـكن إلـى سـواه .

ب ـ النفــس الأمــارة بالســوء :

وهـي علـى الضـد مـن النفـس المطمئنـة ، فهـي تأمـر صاحبهـا باتبـاع الشـهوات مـن الغـي والباطـل فهـي مـأوى كـل سـوء ، تقـوده إلـى القبيـح والمكـروه .
والنفـس أصـلاً خُلقـت ظالمـة جاهلـة إلا مـن رحمـة الله ، قـال تعالـى :
{ إِنَّا عَرَضْنَـا الأَمَانَـةَ عَلَـى السَّـمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَـالِ فَأَبَيْـنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَـا الإِنسَـانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومـاً جَهُـولاً } . سورة الأحزاب / آية : 72 .
ولكـن أوجـد عندهـم الاسـتعداد الفطـري لقبـول الحـق إذا عُـرِض عليهـم بغيـر مؤثـرات خارجيـة مفسـدة
{ ... فِطْـرَةَ اللهِ الَّتِـي فَطَـرَ النَّـاسَ عَلَيْهَـا ... } . سورة الروم / آية : 30 .
لكـن بـدون تعلـم ؛ النفـس تبقـى جاهلـة فيهـا هـوى ، ولـو تركـت بـدون تربيـة وترويـض تدعـو إلـى الطغيـان وتميـل إلـى الشـر .
فالإنسـان ظلـوم جهـول ، إلا مـن رفـع الجهـل بالعلـم ، ورفـع الظلـم بالعـدل ، وألـزم نفسـه العلـم والعـدل فقـام عليهـا بهمـا فعنـد ذلـك تُلْهـم رشـدها وتتوقـى الظلـم والجهـل ، ولـولا فضـل الله ورحمتـه علـى المؤمنيـن مـا زكـى منهـم نفـس واحـدة .

قـال تعالـى :
{ يَـا أَيُّهَـا الَّذِيـنَ آمَنُـوا لاَ تَتَّبِعُـوا خُطُـوَاتِ الشَّـيْطَانِ وَمَـن يَتَّبِـعْ خُطُـوَاتِ الشَّـيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُـرُ بِالْفَحْشَـاء وَالْمُنكَـرِ وَلَـوْلاَ فَضْـلُ اللهِ عَلَيْكُـمْ وَرَحْمَتُـهُ مَـا زَكَـا مِنكُـم مِّـنْ أَحَـدٍ أَبَـداً وَلَكِـنَّ اللهَ يُزَكِّي مَـن يَشَـاءُ وَاللهُ سَـمِيعٌ عَلِيـمٌ } .
سورة النور / آية : 21 .
فـإذا أراد الله بهـا خيـرًا جعــل لهـا اتجاهـًا إلـى العلــم ومجاهـدة فـي العـدل . وسـبب الظلـم فـي
النفـس الأمـارة بالسـوء إما الجهـل وإما الحاجـة ، ولـذا كـان أمرهـا بالسـوء لصاحبهـا لازمـًا لهـا إلا إذا أدركتـه رحمـة الله ، وبذلـك يعلـم العبـد أنه مضطـرٌ إلـى الله دائمـًا محتـاج إلـى ربـه قـال تعالـى :
{ ... إِنَّ النَّفْـسَ لأَمَّـارَةٌ بِالسُّـوءِ إِلاَّ مَـا رَحِـمَ رَبِّـيَ ... } .
سورة يوسف / آية : 53 .
فـإذًا الإنسـان محتـاج إلـى الـرب حتـى يُكْفـى شـر نفسـه ، لـذا كـان الرسـول ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ يكـرر فـي خطبـة الحاجـة :
" ونعـوذ بالله مـن شـرور أنفسـنا ومـن سـيئات أعمالنـا ..... " .
سلسلة أعمال القلوب / ... المنجد / ص : 265 / بتصرف .
  • النفــس اللوامــة :
قـال تعالـى :
{ وَلاَ أُقْسِـمُ بِالنَّفْـسِ اللَّوَّامَـةِ } .
سورة القيامة / آية : 2 .
قـال بعضهـم : مـن التلُّـوم وهـو التلـون والتـردد ـ بيـن الخيـر والشـر ـ ، وقـال بعضهـم مـن اللـوم ؛ وهـذا أرجـح. تلـوم صاحبهـا علـى الخيـر والشـر ، حتـى يـوم القيامـة يمكـن أن تلومـه نفسـه ، إن كـان محسـنًا لمـاذا لـم يـزدد إحسـانًا ، وإن كـان مسـيئًا ، لمـاذا عمـل السـوء .
..... والنفـس قـد تكـون تـارة أمـارة بالسـوء ، وتـارة لوامـة ، وتـارة مطمئنـة . والحكـم للغالـب عليهـا مـن أحوالهـا .
سلسلة أعمال القلوب / محمد بن صالح المنجد / ص : 266 .
* * * * *
أم أبي تراب غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس