عرض مشاركة واحدة
قديم 11-02-14, 09:20 AM   #10
رقية
معلمة بمعهد خديجة
افتراضي

فوائد المقرر الأول :
في مطلع السورة أثنى الله – تعالى – على كتابه الكريم ، وذلك متضمن لإإرشاد العباد إلى الاهتداء بنوره والإقبال على تدبر آياته واستخراج كنوزه ، وذلك أن القرآن مشتمل على كل خير وفلاح ، وفيه علاج لكل داء وحل لكل نائبة ، وقد أقبل عليه العلماء واستنبطوا منه العلوم المختلفة ، فمنها : علوم العربية من نحو وصرف وبلاغة – تتضمن علم البيان والمعاني والبديع – وفقه لغة وعلم دلالة ، كما أقبل عليه المفسرون فاستنبطوا : معانيه وأسباب نزوله وتفسيره وأصول تفسيره والناسخ والمنسوخ، وكذا الفقهاء : فاستخرجوا علم الفقه وعلم أصول الفقه والقواعد الفقهية ، وهكذا استنبطت منه جميع العلوم الشرعية والعربية ،
وفيه علاج لكل مشكلة ، حتى قال الشافعي – رحمه الله- : ما نزلت بأحد من أهل العلم نازلة إلا وهي في كتاب الله ، وهذا إنما يتأتى بتدبر آياته وإسقاطها على الواقع وذلك بربط الكون المسطور ( القرآن الكريم) بالكون المنظور ( الواقع الذي نحياه ) فما تخلفنا عن ركب الحضارة وما أصابنا ما أصابنا من ذلة وهوان إلا بابتعادنا عن هذا الأصل الأصيل ، فتركنا العمل بكتاب ربنا وتوهمنا أن تعلم القرآن إنما يكون بقراءته وحفظه وتحقيق حروفه فحسب ، وكأننا لم نقرأ قول الله تعالى :" كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب ".
-أخبر الله – تعالى – عن هذه الدار إنها دارأعمال لا دار قرار ، وأننا راحلون عنها إلى دار القرار ، فإما الى جنة وإما الي نار – والعياذ بالله- ، فحري بنا أن نفقه ذلك وندركه حق الإدراك ونعلمه حق العلم ، وذلك بالعمل للدار الآخرة ، وألا نحزن أو نأسف على ما يصيبنا في هذه الدنيا من مصائب وأحزان ، فلم نخلق في هذه الدنيا لننعم ولكي يمكن لنا في الأرض من غير صبر وجهاد ، وإنما خلقنا لنمحتن ونبتلى ليرى الله منا : هل نصبر ونشكر أم نجزع وننقلب على أعقابنا – والعياذ بالله - ، وإلا فإن المؤمن لا يمكن له في الدنيا حتى يمتحن ويبتلى ويصبر ، قال تعالى مرشدا نبيه صلى الله عليه وسلم ::" فاصبر لحكم ربك ولا تطع منهم آثما أو كفورا " .
-أخبر تعالى بأنه – عز و جل – إنما خلق السماوات والأرض بالحق وأن لهما أجل مسمى ينتهيان عنده وذلك يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات ، و مع ذلك فإن طائفة من الخلق قد أبو إلا إعراضا وصدوفا عن الحق ، أما الذين آمنوا فلما علموا حقيقة الحال قبلوا وصايا ربهم وتلقوها بالقبول والتسليم ، وقابلوها بالانقياد والتعظيم ففازوا بكل خير واندفع عنهم كل شر ، وهكذا المسلم فإنه ممتثل لأمر ربه حيث قال تعالى :" قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم " وقوله تعالى :" وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا " ، فهو قد فهم قوله تعالى :" فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما "، فلا يصدر منه سوى التسليم والانقياد .
أما الكافر والمعرض عن الحق استكبارا وعنادا فإنه كما قال تعالى :" إن الذين حقت عليهم كلمت ربك لا يؤمنون ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الأليم " – والعياذ بالله من ذلك - .
رقية غير متواجد حالياً