عرض مشاركة واحدة
قديم 10-01-08, 11:02 AM   #4
نفحات بنت محمد الصياد
|طالبة في المستوى الثاني1 |
افتراضي

القاعدة الرابعة عشرة:
أنواع القراءة: أنواع القراءة باعتبارين:
اعتبار الكَيْف، وباعتبار الكَم.
باعتبار تحصيل الكيف وهو المعلومة المناسبة التي تريدها.
باعتبار الكم: باعتبار كم المعلومة التي تريد تحصيلها.
أما باعتبار الكيف: فهي تنقسم إلى ثلاثة أنواع:
أولاً: قراءة التحقيق، وهي القراءة المُتَعَمِّقة الباحثة التي تقف فيها عند كل لفظة تُمَحِّصُها وتتأمل فيها وتتدبرها؛ لا تفوتك معاني المعاني، ولا يفوتك المُراد من وراء الألفاظ.
وهذه القراءة هي قراءة المتخصصين المُتَعَمِّقين، وهي قراءة خاصة لبعض الكتب الخاصة، يعني هذه القراءة "قراءة التحقيق" ليست لكل الكتب، بعض الكتب فقط هي التي تحتاج لمثل هذه القراءة.
قراءة التحقيق ما يفوتك لفظة إلا بعد أن تبحث فيها، وفي صحتها، لا يفوتك حديث أثناء قراءتك لكتاب مثلاً إلا بعد أن تعلم مدى صحته، وأن تعلم فعلاً هل هو بهذا اللفظ كما أورده المؤلف أو بلفظ آخر..
الشاهد: أنك تحقق كل حرف يَرِدُ على عينك أثناء قراءتك لهذا الكتاب بقراءة التحقيق.
ثانيًا: قراءة الجرد.
وما المقصود بـ"الجرد" ؟
الجرد: يعني التحصيل السريع، أو التحصيل البارق الذي يُحَصِّل الإنسان فيه أكبر قدر ممكن من المعلومات، وهذا الجرد نوعان:
جرد استيعابي، وجرد انتقائي.
قراءة الجرد سنتكلم عنها في قاعدة خاصة في فائدتها؛ أن الإنسان قد يتعرض لشراء كتاب، ولكن ليس لديه الوقت لقراءته كله، ولكنه في حاجة إلى أخذ فكرة عن الكتاب..
إذًا: هو محتاج أن يقرأ الكتاب كله بطريقة معينة، فيلجأ إلى قراءة الجرد، أو أنَّ هناك كتب لا يمكن أبداً، أو هي لم تُصنَّف أصلاً لقراءة التحقيق، إنما هي مراجع أصيلة، ومصادر أصيلة صُنِّفت للاحتياج إليها عند الاحتياج، مثلاً "تهذيب الكمال"، "فتح الباري" إلى آخر هذه الكتب المُطَوَّلة العظيمة، لا يمكن لإنسان أن يشتريها ليقرأها كلها ولكن يَجْردُها، فمثلاً "فتح الباري" اشتراه، يريد أن يقرأ كتاب "فتح الباري" كله، لو أراد أن يقرأه قراءة تحقيق تفنى الأعمار ولا يقرأه، ولكن يستعيض عن قراءة التحقيق بقراءة الجرد.
وكيف قراءة الجرد؟ أسلوبين:
جرد انتقائي وجرد استيعابي.
الجرد الاستيعابي: أن يقرأ قراءة سريعة لا يقف فيها على كل المعاني، يعني يقرأ الصفحة كلها، يعني مثلاً كتاب "فتح الباري" الصفحة فيه حوالي أكثر من ثلاثين سطر، وربما أكثر، فيمر على كل سطر مروراً سريعاً عابراً، بحيث أن الصفحة الواحدة لا تأخذ منه أكثر من دقيقة، هذا "الجرد الاستيعابي" أنه يستوعب قراءة كل سطر بدون أن يقف عند كل عبارة أو جملة، يمكن أن يفهم عبارة، ولا يفهم عشرة، ليس بالضرورة أن يفهم كل العبارات؛ لأنها ليست قراءة تحقيق.
الجرد الانتقائي: وهو أن يقرأ أعلى الصفحة وأوسطها وأدناها، وهذه تُنالُ بشيء من التَّدَرُّب والتعلم، يعني في الغرب صنَّفوا كتب في كيفية القراءة والاستفادة من القراءة، لدرجة أنهم فتحوا معاهد لتعليم سرعة القراءة، وبعضهم يعني وصل في دُربته وقدرته على القراءة أنه يمكن أن يقرأ كتاب في حوالي ساعة، كتاب واحد يكون طويل مثلاً يقرأه في حوالي ساعة، هذا مع التَّدرُّب، لأنه يدربوهم على وسيلة مُعيَّنة للقراءة وهذه من وسائلها، أن يقرأ سطرين مثلاً، هو ليس شرطًا أن يكون سطرين، وليس شرطًا أن يكون أول سطرين، أو السطرين اللذين بعدهما، لكن مع التدرب يستطيع من خلال النظر إلى الصفحة أن ينتقي بعض السطور يقرأها؛ ليأخذ المعنى أو الإجمال من المعلومات الواردة في هذه الصفحة، وهذه التي نسميها طريقة الجرد الانتقائي.
الوسيلة الثالثة: قراءة الاستطلاع.
ذهبت مثلاً إلى معرض الكتاب اشتريت عشر كتب أو مائة كتاب، وغدًا سوف أذهب إلى العمل، لن تستطيع أن تقرأ أي كتاب، لكن لن تستطيع أن تنام إلا بعد أن تأخذ فكرة عن كل كتاب؛ الكتاب الذي اشتريته تريد أن تأخذ فكرة عنه.
النوع الثالث من أنواع القراءة: قراءة الاستطلاع:
تستطلع الكتاب وتعلم مراد الكتاب، وعلى ماذا تدور مادته العلمية، وماذا يريد الكتاب إيصاله بالنسبة للقارئ..
قراءة الاستطلاع مبنية على قراءة المقدمة والخاتمة، وبعض المؤلفين قد يحرص على اختصار بعض الفوائد في ختام كل فصل، أو باب من الأبواب، فإذا كان هذا دَيْدَن المؤلف فإنك تستطيع أن تفهم الكتاب ككل بقراءتك لهذه المختصرات أثناء الأبواب، ففي الختام كل باب مثلاً يختصر الفوائد في نقاط محددة، فتمر أنت، تقرأ طبعًا مقدمة الكتاب، وتعلم مراد المُصنِّف من الكتاب، ومن التأليف، واصطلاحه في الكتاب، ومنهجه في الكتاب، إلى آخر هذه المعلومات الواردة في المقدمة، والتي غالباً ما يعتني بإيرادها المؤلفون أثناء كتابتهم للمقدمة، ثم قراءة الخاتمة؛ لأنه في الغالب يُلَخِّص المصنف الأهداف والغايات والفوائد العامة للكتاب في هذه الخاتمة، وإذا كان هناك بعض المصنفين ممن يعتني بتلخيص الفوائد أثناء الأبواب والفصول، فإنك تمر على هذه الفوائد وبذلك تستطيع أن تفهم الكتاب جملة بدون أن تتعرض لقراءته كله.
إذًا: عندنا ثلاث أنواع للقراءة: قراءة التحقيق، قراءة الجرد "استيعابي وانتقائي"، وقراءة الاستطلاع.
كل هذا من حيث الكَيْف.
من حيث الكم: تنقسم إلى قراءة سريعة وبطيئة.
وهذه تكون على حسب الدُربة والقدرة؛ لأن هناك أناس يستطيعون قراءة التحقيق بطريقة سريعة، أن يقرأ العبارة بطريقة سريعة ويفهمها، وهذا أمر يرزقه الله مَنْ شاء من عباده، ولمن أراد ذلك ومن فعله سعياً حثيثًا، ودرَّب نفسه على ذلك.
الشاهد: هناك أيضاً أناس لا يستطيعون هذه القراءة السريعة؛ لضعف في الفهم أو التركيز أو نحو ذلك، فمن حيث الكم أنت وقدراتك في كيفية هذه القراءة "قراءة السرعة" أو "البطء" لتُحصِّل الكم المعين المطلوب من القراءة.
لكن قيل: أن الإنسان القارئ العادي المتوسط يستطيع أن يُحصِّل في الدقيقة الواحدة قرابة المائة وخمسين كلمة..
لذلك: نحن نقول: لو الصفحة الواحدة فيها حوالي خمسمائة كلمة أو أقل من ذلك، فالصفحة الواحدة في حق القارئ المتوسط، لا يجوز -بالنسبة للقراءة العادية، لا هي السريعة ولا بطيئة- في حق القارئ المتوسط أن يقرأها في أكثر من دقيقة أو دقيقتين؛ حتى تستطيع أن تنجز قراءة الكتاب بطريقة سريعة.
القاعدة الخامسة عشرة:
تقييد القراءات:
أي: ما تقرأه كيف تُقَيِّده، وماذا تقيده..
أولاً: تُقيِّد المعلومات والفوائد الهامة التي تقرأها في الكتاب؛ إما على صفحات الكتاب، يعني: تُقَيِّد الفائدة في الهامش الأبيض الموجود في نفس الصفحة، أو أن تقيد تلك الفوائد في أول طُرة الكتاب، في أول ثلاث صفحات بيضاء في الكتاب تُقيد فيها الفوائد الواردة في الكتاب مع ذكر الصفحة التي انتقيت منها هذه الفائدة، أو أن تُقيِّد الفوائد والمعلومات في كُنَاشٍ خاص، "كناش" يعني: دفتر خاص تُقيِّد فيه الفوائد والمعلومات.
ماذا تُقَيِّد في هذه الأوراق؟
تقيد القواعد العامة، التي تجمع شتات الفروع، هذه القواعد العامة تَرِدُ بين ثنايا العبارات قد لا يضعها المصنف في عنوان خاص مُستقِل، ولكن ترد أثناء العبارات، فهذه تأخذها من بين ثنايا السطور وتقيدها في كُناشك، أو في أوراقك.
تقييد النوادر والعجائب: قد تقرأ في بعض الكتب نادرة من النوادر لا يمكن أبدًا أن تجدها في مَظِنَّتِها، أن تجدها في المكان المعتاد لها، فهذه تقيدها حتى تستفيد منها.
كذلك: تقييد الاستدلالات النادرة، استدلالات يعني فَهْم العلماء، فَهْم عالِم من نَص، فَهْمُ العبارة..
هذه أيضاً ترد في ثنايا الكلام، ولا ترد في مظانها، فإنك تقيدها حتى تستفيد منها في وقت لاحق.
أيضاً: من هذا السياق تقييد الخاطر والمعلومات التي ترد على عقل الإنسان أثناء قراءته لأي الكتاب، ومن جنس هذا كتاب "صيد الخاطر" للإمام ابن الجوزي، سمَّاه "صيد الخاطر" لماذا؟



توقيع نفحات بنت محمد الصياد
نفحات بنت محمد الصياد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس