عرض مشاركة واحدة
قديم 15-02-07, 02:14 AM   #3
سليمة
~نشيطة~
 
تاريخ التسجيل: 13-01-2007
المشاركات: 341
سليمة is on a distinguished road
افتراضي

· أسباب شرح الصدور



وقال الإمام ابن القيم أيضا : فأعظم أسباب شرح الصدر :



1) التوحيــد : وعلى حسب كماله وقوته وزيادته يكون انشراح صدر صاحبه

قال الله تعالى : " أفمن شرح الله صدره للإسلم فهم على نورمن ربه " الزمر آيه 22



وقال تعالى : " فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء " الأنعام 125



2) فالهدى والتوحيد من أعظم أسباب شرح الصدر والشرك والضلال من أعظم أسباب ضيق الصدر وانحراجه.



3) ومنها النور الذى يقذفه الله فى قلب العبد وهو نور الإيمان فإنه يشرح الصدر ويوسعه وبفرح القلب فإذا فقد هذا النور من قلب العبد ضاق وحرج وصار فى أضيق سجن وأصعبه . وقد روى الترمذي فى " جامعه "

عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إذا دخل النورالقلب انفسح وانشرح

وقالوا : وما علامة ذلك يا رسول الله ؟

قال : الإنابة إلى دار الخلود والتجافي عن دار الغرور والإستعداد للموت من قبل نزوله "



فيصيب العبد من انشراح صدره بحسب نصيبه من هذا النور وكذلك النور الحسي والظلمة الحسية هذه تشرح الصدر وهذه تضيقه.



4) ومنها العلم فإنه يشرح الصدر ويوسعه حتى يكون أوسع من الدنيا والجهل يورثه الضيق والحصر والحبس فكلما اتسع علم العبد انشرح صدره واتسع وليس هذا لكل علم بل للعلم المورث عن الرسول صلى الله عليه وسلم وهو العلم النافع فأهله أشرح الناس صدرا وأوسعهم قلوبا وأحسنهم أخلا قا وأطيبهم عيشا .



5) ومنها الإنابة إلى الله سبحانه وتعالى ومحبته بكل القلب والإقبال عليه والتنعم بعبادته فلا شىء أشرح لصدر العبد من ذلك حتى أنه ليقول أحيانا : إن كنت في الجنة فى مثل هذة الحالة فإني إذا في عيش طيب وللمحبة تأثير عجيب فى انشراح الصدر وطيب النفس ونعيم القلب لا يعرفه إلا من له حس به وكلما كانت المحبة أقوى وأشد كان الصدر أفسح وأشرح ولا يضيق إلا عند مخالطتهم حمى روحه.



6) ومن أظم أسباب ضيق الصدر الإعراض عن الله تعالى وتعلق القلب بغيره والغفلة عن ذكره ومحبة سواه فإن من أحب شيئا غير الله عذب به وسجن قلبه فى محبة ذلك الغير فما فى الأرض أشقى منه ولا أكسف بالا ولا أنكد عيشا ولا أتعب قلبا .

فهما محبتان :

محبة هي جنه الدنيا وسرور النفس ولذة القلب ونعيم الروح وغذاؤها ودواؤها بل حياتها وقرة عينها وهي محبة الله وحده بكل القلب وإنجذاب قوى الميل والإرادة والمحبة كلها إليه.

ومحبة هى عذاب الروح وغم النفس وسجن القلب وضيق الصدر وهي سبب الألم والنكد والعناء وهي محبة ما سواه سبحانه.



7) ومن أسباب شرح الصدر دوام ذكره على كل حال وفى كل موطن فللذكر تأثير عجيب فى إنشراح الصدر ونعيم القلب وللغفلة تأثير عجيب فى ضيقه وحبه وعذابه .



8) ومنها الإحسان إلى الخلق ونفعهم بما يمكنه من المال والجاه والنفع بالبدن وأنواع الإحسان فإن الكريم المحسن أشرح الناس صدرا وأطيبهم نفسا وأنعمهم قلبا والبخيل الذى ليس فيه إحسان أضيق الناس صدرا وأنكدهم عيشا وأعظمهم هما وغما وقد ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الصحيح مثلا للبخيل والتصدق كمثل رجلين عليهما جنتان من حديد كلما هم المتصدق بصدقة اتسعت علية وانبسطت حتى يجر ثيابه ويعفى أثره وكلما هم البخيل بصدقة لزمت كل حلقة مكانها ولم تتسع عليه فهذا مثل انشراح صدر المؤمن التصدق وانفساح قلبه ومثل ضيق الصدر البخيل وانحصار قبله.





9) ومنها الشجاعة فإن الشجاعة منشرح الصدر واسع البطان متسع القلب والجبان : أضيق الناس صدرا وأحصرهم قلبا لا فرحة له ولا سرور ولا لذة له ولا نعيم إلا من جنس ما للحيوان البهيمي وأما سرور الروح ولذتها ونعيمها وابتهاجها فمحرم على كل جبان كما هو محرم على كل بخيل وعلى كل معرض عن الله سبحانه غافل عن ذكره جاهل به وبأسمائه تعالى وصفاته ودينه متعلق القلب بغيره وأن هذا النعيم والسرور يصير فى القبر رياضا وجنة ذلك الضيق والحصر ينقلب فى القبر عذابا وسجنا فحال العبد فى القبر كحال القلب فى الصدر نعيما وعذابا وسجناوانطلاقا ولا عبرة بانشراح صدر هذا لعارض ولا يضيق صدر هذا لعارض فإن العوارض تزول بزوال أسبابها وإنما المعول على الصفة التى قامت بالقلب توجب انشراحه وحبسه فهي الميزان والله المستعان.



10) ومنها بل أعظمها إخراج دغل القلب وهو من الصفات المذمومة التى توجب ضيقه وعذابه وتحول بينه وبين حصول البرء فإن الإنسان إذا أتى الأسباب التى تشرح صدره لم يخرج تلك الأوصاف المذمومة من قلبه لم يحظ من انشراح صدره بطائل وغايته أن يكون له مادتان تعتوران على قلبه وهو للمادة الغالبة علية منهما.



11) ومنها ترك فضول النظر والكلام والاستماع والمخالطة والأكل والنوم فإن هذه افضول تستحيل آلاما وغموما وهموما فى القلب تحصره وتحبسه وتضيقه ويتعذب بها بل غالب عذاب الدنيا والآخرة منها فلا إله إلا الله وما أضيق صدر من ضرب فى كل آفة من هذه الآفات بسهم وما أنكد عيشه وما أسوء حاله وما أشد حصر قلبه ! ولا إله إلا الله وما أنعم عيش من ضرب في كل خصلة من تلك الخصال المحمودة بسهم وكانت همته دائرة عليها حائمة حولها !



فلهذا نصيب وافر من قوله تعالى : " إن الأبرار لفي نعيم " الإنفطار 13

ولذلك نصيب وافر من قوله تعالى : " وإن الفجار لفى جحيم " الإنفطار 14



وبينهما مراتب متفاوتة لا يحصيهاإلا الله تبارك وتعالى.



والمقصود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أكمل الخلق فى كل صفة يحصل بها انشراح الصدر واتساع القلب وقرة العين وحياة الروح فهو أكمل الخلق فى هذا الشرح والحياة وقرة العين مع ما خـُص صلى الله عليه وسلم به من الشرح الحسي .

وأكمل الخلق متابعة له أكملهم انشراحا ولذة وقرة عين وعلي حسب متابعته ينال العبد من انشراح صدره وقرة عينة ولذة روحه ما ينال فهو صلى الله عليه وسلم فى ذروة الكمال من شرح الصدر ورفع الذكر ووضع الوزر ولأتباعه من ذلك بحسب نصيبهم من اتباعه والله المستعان .

وهكذا لأتباعه نصيب من حفظ الله لهم وعصمته إياهم ودفاعه عنهم وإعزازه لهم ونصره لهم بحسب نصيبهم من المتابعة فمستقبل ومستكثر فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه.











الله المستعان
سليمة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس