عرض مشاركة واحدة
قديم 28-04-10, 11:13 PM   #20
أم ايمان
|نتعلم لنعمل|
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تفريغ الدرس الخامس لتدبر القرآن

بنياتي سلام الله عليكن جميعا ورحمته وبركاته، أسأل الله تعالى أن ينورقلوبكن جميع بالإيمان وأن يجعل هده الدقائق في ميزان حسناتنا يوم نلقاه وأن يزيدنا بالتدبر و التفكروالنظر في كتابه إيمانا و يقينا وأن يرزقنا الإيمان الكامل واليقين الراسخ، و الحمد لله رب العالمين.
بنياتي مازلنا في رحاب هذه السورة الكريمة، سورة الجاثية و كنا قد تحدثنا في ظلال هده الآية الكريمة في المحاضرة السابقة عن بعض القضايا المهمة التي يحتاجها المؤمن في حياته، يتزود من الإيمان واليقين والرضا والتسليم لله تبارك و تعالى بالمزيد من النظروالتفكر في آيات الله الملفوفة من حوله في نفسه وفي الكون من حوله.
و كما قلت في السابق وكررت أن هذه من القضايا المهمة في حياة المؤمن عبادة التفكروالنظرو التدبر في الآيات، عبادة عظيمة يحبها الله قد أمر بها في مواضع كثيرة من كتابه الكريم وحث عليها نبيه صلى الله عليه و سلم وهذا هو ديدن الأنبياء والرسل كانوا ينظرون ويتفكرون يتدبرون في عواقب الأمور و في آيات الله سبحانه و تعالى الملفوفة من حولهم و كانوا يزدادون بذلك يقينا وإيمانا.
فيا بنياتي ما أحوجنا إلى أن نطيل النظر كما قلت والتفكر في الأشياء من حولنا، فالأحداث المتغيرة في الكون في المادة بطبيعتها المتمثلة في المتحرك أوالساكن، كلما أطال الإنسان النظروالتفكر وجد الآيات العظيمة الدالة على عظمة الله في الخلق والتكوين والتدبيرو لذلك الله سبحان و تعالى إذا أمربطاعته وبتوحيده وبإخلاص العبودية لله تبارك و تعالى يقيم الأدلة والبراهين على استحقاقه للتفرد بكمال الذل و كمال الخضوع فعبودية الإنسان إذا كانت تامة و خالصة لله تبارك وتعالى وأسلم وجهه و قلبه لله وجد الراحة التامة والسعادة والأمن والطمأنينة فان لم يمتلأ هذا القلب بمحبة الله سبحانه و تعالى و بالقرب منه و بالأنس بذكره و بمعرفته سبحانه و تعالى فإنه لا محال سيبحث عن غيره عن غير الله يأنس به و لذلك كثيرا من الناس يتخذون المعبودات لهم من دون الله تبارك و تعالى، هذه المعبودات إما أن تكون متعقلة بالشهوة بأن تشبع عنده شهوة أو تحقق له مطالب هو بحاجة لها من أمور مادية في الحياة أو تكون سبب في تحصيله بمنافع محدودة آنية فبعض الناس يتمثل ذلك مثلا في الشمس فيعبدها من دون الله أو في النهار فيعبده من دون الله أو في حجر يعتقد أنه ينفع أو يضر فيعبده من دون الله أو في قبر أو في ولي فهؤلاء أضلهم الله سبحانه و تعالى عن العلم لكن العاقل الذي عنده العقل الصحيح و السليم الخالص الخالي من الآفات إذا نظر و تفكر لا يمكن أبدا أن يكون أحد من خلق الله تبارك و تعالى سواء كان صغيرا أو كبير أو عظيما أو حقيرا يستحق الذل و يستحق العبادة و يستحق أن يسأل لأنه لا ينفع و لا يضر لا يملك كمال النفع و الضر فهو ضعيف في غاية الضعف أو متحول و متبدل و متغير فبينما الواحد الأحد الفرد الصمد سبحانه و تعالى و له الكمالات، كمال الصفات جل وعلا عزيزوحكيم و قدير و رحيم و عظيم له الصفات الكاملة التامة، صفات الكمال جل و علا، فالإنسان إذا انتصر بالله عز و جل أعطاه الله سبحانه و تعالى من صفاته فإذا أحب الرحيم أعطاه الله الرحمة و إذا أحب العظيم عرف عظمته أعطاه الله سبحانه وتعالى العظمة فيكون عظيما بكمال ذله لله تبارك و تعالى و يكون عزيزا بكمال إنكسراه و خضوعه لله تبارك و تعالى و يستمد من الله سبحانه و تعالى العزة و يستمد من الله سبحانه و تعالى القوة
فهذه المسائل في غاية الأهمية لذلك نجد أن الله تبارك و تعالى وهو يأمرنا بعبادته دائما و أبدا يتبع ذلك بالأدلة و البراهين من آياته التي بثها في الأكوان وفي الأفاق التي تدل على استحقاقه دون سواه لهذه العبادة التي أمر بها جل و علا و الله سبحانه و تعالى يغار لا يرضى لمؤمنة أو مؤمن، مسلمة أو مسلم أن يصرف شيء من العبادة في قليلها أو كثيرها لغيره، لا تكون إلا له سبحانه وتعالى.
والعبادة كما تعلمن جميعا بنياتي توقيفية فلا ينبغي للإنسان إلا أن يعبد الله بما شرع لا بد من العلم فلا يخترع الإنسان لنفسه عبادة، عبادة ما مثلا عبادة تظن أنها تقربه إلى الله سبحانه و تعالى لا يقبل أبدا إلا ما كان خالصا لوجهه الكريم و كان موافقا لشريعته و لأمره جل و علا ، جعل من العبادات ما يكون ميسرا سهلا يسيرا على العبد يؤديه و لا يعيقه عن الانتفاع بوجوده في الحياة أكلا و شربا وبناءا وتطورا و إقامة حضارة ، لا يمنعه ذلك بل إن حركة الإنسان في الحياة و هو يسعى يمكن أن تتحول هذه الحركة جميعها إلى عبادة إذا كانت خالصة لله غير متصادمة لثوابت دينه و قواعد شريعته فان حركة الإنسان في الحياة في البناء والتطور حركة في صميم العبادة و لذلك قال الله سبحانه و تعالى قال في هذه السورة الكريمة :
{ ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون } [الجاثية] يعني هذه الشريعة كاملة تامة و الدليل أنه قال جل و علا :
{ هذا هدى والذين كفروا بآيات ربهم لهم عذاب من رجز أليم } [الجاثية 11]
{ هذا هدى } تمام الهدى، هذا : اسم إشارة للقريب، القريب جدا للإنسان وذلك هدى تعظيما له في رفعته وكماله وشرفه
وهذا هدى ، الهدى قريب للعقول و القلوب و الأيدي، متناول الأيدي، الإنسان يفتح كتاب الله عز و جل فينظر فيه فينتفع بهذا الهدى و هذا النور فينبغي للإنسان أن يأخذ من هذا الهدى و لذلك الله تباك و تعالى يقول في نبييه صلى الله عليه و سلم كما نعلم تعليما لنا جميعا نساء و رجالا و ذكورا و إناثا ثم جعلناكم جميعا على شريعة من الأمر فاتبعوها ولا تتبعوا أهواء الذين لا يعلمون لماذا ؟ لأنهم لن يغنوا عنكم من الله شيئا و الظالمون بعضهم أولياء بعض و الله ولي المتقين
ثم يعود الله سبحانه وتعالى ويقول هذا بصائر للناس
هذا الكتاب لما فيه من وعظ و الهدى و النور و الخير العميم الذي لا حدود له
هذا الكتاب الذي بين أيديكم، هذا النور الذي يأخذكم إلى التي هي أقوم، يهديكم للتي هي أقوم، وهو يأخذكم إلى مواطن ومواضع ومنازل السعداء ويجنبكم مواطن الزلل، ومساكن وسير أخلاق الأشقياء لذلك قال الله تعالى (هَـٰذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ) فقال تعالى (هَـٰذَا بَصَائِرُ ) لمن؟ للناس جميعا، فتح باب التوبة للناس جميعا على اختلاف مذاهبهم وعقائدهم ولغاتهم وأجناسهم.
هذا هدى، هذا بصائر، بصيرة، نور وهدى لمن ؟ للناس جميعا.
وهدى ورحمة لمن؟ لقوم يوقنون.
الحمد لله الذي جعل هذا الكتاب هدى ورحمة للناس أجمعين.

إذا بنياتي نحن بحاجة ماسة إلى العلم، لذلك العبادة والعمل بدون علم تكون وبالا على صاحبها فالعلم من أنفع ما يكون على صاحبها لذا قال تعالى : (آتَيْنَاهُم بَيِّنَاتٍ مِّنَ الْأَمْرِ ۖ فَمَا اخْتَلَفُوا إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ) قامت عليهم حجة العلم، فالعلم إما أن يكون يقود إلى البغي والعدوان لأنه لم يستعمل للدلالة على الطريق الموصل إلى مرضاة الله سبحانه وتعالى، إلى معرفة الله عز وجل بل للإ ستكبار في الأرض والعدوان واتباع الشهوات ونصرة الباطل فهو يضلهم الله سبحانه وتعالى ويطمس على قلوبهم ويجعل على أبصارهم غشاوة فلا يبصرون معالم الطريق إليه سبحانه وتعالى، وإن ربحوا شيئا في الدنيا ولكنهم في خسارة عظيمة.
العلم على جانب كبير من الأهمية في حياة المؤمن، لابد من العلم فالمؤمن إذا حرص أشد الحرص على أن يتعلم العلم النافع، العلم الموصل إلى طريق الهدى، المورث للخشية كان في مأمن من الزلل وفي مأمن أن تدخل عليه الشبهة أو تستوطن الشبهة في قلبه، فيدفعها بالعلم، العلم النافع المتصل بالكتاب والسنة.
لذلك في هذه السورة الكريمة أمرنا الله بالتفكر والنظر وهذا من طُرق كسب المعرفة النافعة المفيدة، وذم أهل الأهواء، وتوعدهم بالعقاب الشديد لذلك قال تعالى:
(أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَّحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ ۚ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ )
في هذه السورة موطن يستحق النظر يقول تعالى لما ذكر حال بني اسرائيل
(وَلَقَدْ آتَيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ ﴿١٦﴾ ) أعطاهم الله تعالى من الخير، أعطاهم الكتاب والعلم فكانوا يحكمون بين الناس، لهم نظر، لهم دراية ولهم وعي وبعث لهم موسى وهارون وكثير من الأنبياء من بني إسرائيل منهم عيسى عليه السلام، ورزقهم من الطيبات، المن والسلوى، خيرات عظيمة وأصبحت عليهم وجعلهم في زمانهم أفضل الناس (وفضلناهم على العالمين) فهل شكروا هذه النعم ؟؟؟ لا فهل قاموا بهذه النعم؟ لا
طغوا وتكبروا وحرفوا وبدلوا فالله سبحانه وتعالى أبدلهم هذا النعيم وأورثهم بعد العزة ذلة، وبعد النعيم فقر، وهذا مثل ضربه الله تعالى لنا نحن أتباع محمد عليه الصلاة والسلام كما أعطى بني إسرائيل فقد أعطانا الخير الكثير والطيبات الشيء الكثير، فيجب على أمة محمد صلى الله عليه وسلم أن تشكر هاته النعم كما أمر الله سبحانه وتعالى حتى تدوم علينا نعم الله سبحانه وتعالى ويعطيها سبحانه وتعالى ما وعدها وأعدها بالعزة والتمكين والنصرة، والآن هي في ذلة وتخلف بسبب التخلي عن القيام بالنعم التي أعطاها الله سبحانه وتعالى ، الشريعة بين يديها وتتحاكم إلى غيرها، والقرآن بين أيدي المؤمنين ويبتغون العزة في غيرهم.
فهذا يورثهم مزيد من التخلف والذل، فعليهم أن يعودوا إلى هذا الكتاب الكريم ويشكروا الله سبحانه وتعالى حق شكره على نعمه العظيمة التي لا حد لها، ولا تقف عند حد، نعم ظاهرة وباطنة يتقلب فيها أهل الإيمان، فيستحق الله جل وعلا أن يشكر على هذه النعم باللسان وبالجارحة وبالقلب وأن يداوم الإنسان على شكر نعم الله تعالى حتى الكتاب والنعم، لا أقصد النعم في عموم الأمة، لا أتكلم على النعم الخاصة التي في بلد أو في مجتمع أو في عائلة أو في فرد أو في بيت كل هذه النعم التي يتقلب فيها الإنسان على اختلافها وتنوعها تحتاج إلى حفظ ولا يمكن أن تحفظ إلا بطاعة الله سبحانه وتعالى كمال الذل له جل وعلا، ذلك أن الله لم يكن أن يغير نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ، فهذه النعم التي يتقلب فيها الإنسان كما قلت بسبب الإلف والعادة لا يشعر بأهميتها لكن إذا فقدها أو فقد شيئا منها عرف وعند ذلك يسأل الله سبحانه وتعالى أن تعود إليه النعمة.
يحتاج الإنسان أن يحس بقيمة النعمة التي يعيش فيها، نعمة الصحة والعافية، نعمة الولد، نعمة الأمن، نعمة الهداية إلا الخير، نعمة أن تكون فيه ذرية مؤمنة مسلمة كل هذه النعم عظيمة جدا. ومن سمع في بقعة من بقع فيها من الأشجار والأنهار والخيرات والنعيم المقيم شيء عظيم، هذه النعم تحتاج إلى حفظ إن كان في بلد كفار أو غيرها يحتاج أن يشكر الله سبحانه وتعالى عليها وأن يزداد خضوعا لله عز وجل وذكرا له سبحانه وتعالى ودائما يتذكر هذه النعم بين عينيه ويشكر الله سبحانه وتعالى عليها حتى يديمها الله تبارك وتعالى عليه.
الله سبحانه وتعالى قال (وَلَقَدْ آتَيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ) كان حق هؤلاء أن يشكروا هذه النعم حتى تدوم عليهم لكنهم لم يشكروا الله سبحانه وتعالى عليها، لم يعبدوه حق عبادته ولم يقيموا الأمر كما أمر الله جل وعلا بحياتهم فضربت عليهم الذلة والمسكنة وبائوا بغضب من الله إلى يوم القيامة.
فينبغي للمسلم أن يستفيد وأن ينتفع بهذه العبرة بحياة هؤلاء بأن يشكر الله سبحانه وتعالى على نعمه على الكتاب، القرآن بين يديه وربما أعطاك الحكمة وأعطاك العلم، تشكر الله سبحانه وتعالى عليه، والنبوة الحقة والحمد لله بين يديك وأنت من أتباع محمد صلى الله عليه وسلم فهو خير الرسل والأنبياء وقد جعل شريعته حاكمة ومهيمنة على كل الكتب والشرائع السابقة فالحمد لله رب العالمين.
والطيبات حدث ولا حرج التي أخرجها الله سبحانه وتعالى، الطيبات التي أخرجها الله سبحانه وتعالى من الأرض جعلنا نتقلب فيها في الليل والنهار.
قضية أيضا على جانب كبير من الأهمية، والله سبحانه وتعالى (وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ) إذا هناك طيب وخبيث من الطعام أو من الشراب أو من اللباس، وهنالك كذلك كسب الطيب والخبيث، لذلك ينبغي على المسلم والمسلمة أن لا يأكل إلا الطيب وأن لا يبحث إلا على الطيب ، يبحث على الطيب من الشراب والطعام ولا يدخل إلى جوفه إلا الطيب، طيب الكسب، يأكل الطيب ويحرص على الطيب، فالمؤمن طيب، طيب في قلبه ونفسه في ملبسه وطعامه وشرابه في ملبسه الطيب يكتنف في كل جوانبه.
المؤمن كتلة من النوروكتلة من الطيب ولذلك الله تعالى يأمرنا أن نأكل من الطيبات، أن نلبس من الطيبات، أن نعيش بالطيب والطَيب، حتى في قضاء الشهوة الله سبحانه وتعالى يقول
(وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَىٰ فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ۖ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلَّا تَعُولُوا ﴿٣﴾ ) [النساء]
إذا نبحث عن الطيب قال تعالى (يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا ) [المؤمنون:51]
إذن ينبغي على الإنسان أن يعيش بالطيب ويبحث عن الطيب فلا يشم إلا رائحة طيبة، ولا يخرج من فمه إلا الطيب كما قال تعالى : ( أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) [إبراهيم: 24-25]
الكلمة الطيبة عند الله صدقة، وأنفاسه تكون طيبة فيطيب فمه بالسواك والمنظفات فالفم طريق كلام الله تبارك وتعالى فيجري على لسانك كلام الله تبارك وتعالى فينبغي أن يكون هذا المجرى طيبا نظيفا.
الطيب يأكل من الطيب ويجعل فمه طيبا ويخرج من فمه الطيب كما كان الرسول صلى الله عليه وسلم كان يحب الطيب وكانت تفوح منه الرائحة الطيبة عليه الصلاة والسلام من كفه وبدنه ومن ثوبه عليه الصلاة والسلام.
ينبغي على المسلم المؤمن أن يكون طيبا في كل شأنه وفي كل أمره تختارالزوجة الصالحة ويأكل الطيب يكسب من الطيب قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الْأَرْضِ ۖ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلَّا أَن تُغْمِضُوا فِيهِ ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّـهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ) [البقرة:267]
(إِلَّا أَن تُغْمِضُوا فِيهِ ) الله سبحانه وتعالى قال (وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ ۖ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا ۚ كَذَٰلِكَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ) [الأعراف:58]
سبحان الله حتى البقاع منها الطيب ومنها الخبيث البقعة الطيبة والموطن الطيب الذي يطيب المقام فيه بالإيمان والعمل الصالح ليكون حرا في تدينه في الحياة ويعبد الله سبحانه وتعالى وهو في طمأنينة وأمن وسلام، لو ضيق عليه في إيمانه وعبادته ينبغي أن يهاجر إلى الله تعالى إلى موطن يجد فيه الراحة والأمن في عبادة الله تبارك وتعالى كما كان حال أصحاب الكهف الذين آواهم الله تبارك وتعالى وجعلهم آية للناس لما فروا بدينهم.
إذا الإنسان يبحث عن الموطن الطيب والمكان الطيب ويعيش في الطيب دائما وأبدا.
قضية على جانب كبير من الأهمية، نحن نحتاج إلى النور، ينبغي للمسلم ينبغي أن يكون نورا يمشي على الأرض ولا يمكن أن يكون كذلك إلا إذا أخذ النورمن الكتاب الكريم، يتحول إلى قطعة من النور لأن النور سيملأ قلبه، فإذا امتلأ قلبه بالنور انعكس هذا النور على جوارحه فأصبحت مضيئة ومشرقة، فترى النور في وجهه في محياه وينطلق النور من عينيه إذا كان النور في جوارحه يشع بقدرة الله جل وعلا وبفضله ورحمته على هذا المؤمن قال تعالى :
(وَكَذَٰلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا ۚ مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَـٰكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَن نَّشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا ۚ وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) [الشورى:52] إذا صفتان مهمتان في حياة المؤمن :
أن يعيش بالطيب
وأن يكون طيبا
فالمؤمن لا يكون خبيثا ولا يتمثل الخبث في حياته ولا ينبغي أن يوصف المؤمن بالخبث، على الإطلاق.
الخبث يكون صفات المنافقين والعياذ بالله وصفات المشركين أما عباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا، عباد الرحمن الذين سلكوا الصراط المستقيم فهؤلاء طيب يمشي على الأرض، فليس فيهم خبث ولا ينبغي أن يوصفوا بالخبث أبدا لذلك النبي صلى الله عليه وسلم يقول : [لاتقل خبثت نفسي، وقل:لقست نفسي ] البخاري ومسلم
حتى أن الإنسان لما يصيبه ما يصيبه من هم الدنيا يحثه النبي أن لا يخسر نفسه في حالة الضيق وحالة الهم وحالة الغم بالخبث لا يقل خبُث مزاجي أو خبثت نفسي، هذا لا ينبغي أبدا، الخبيث ليس من صفات المؤمنين على الإطلاق، لذلك قال الله عزوجل بعد حديث طويل عن غزوة أحد وما ترتب عليها قال :
(مَّا كَانَ اللَّـهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَىٰ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىٰ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ) [آل عمران:179] فجعل في مقابلة أهل النفاق وصفهم بالخبث وجعل في مقابلتهم أهل الإيمان ووصفهم بالطيب مايستوي أبدا العمل الطيب والعمل الخبيث ولو أعجبك الخبيث
الخبيث كثيرالأن وللأسف الناس الآن أصبحوا يتندرون ويتمدحون بالخبيث في المأكل والمشرب والمطعم والخبيث من سلوك الكفار والخبيث من حياة الكفار ظنا منهم أنّ هذه الحياة وهذه المتعة وهذه العزة وهذه المفخرة وبئس ما ظنوا وبئس ما عقلوا وبئس ما فعلوا، الحقيقة أنهم أضاعوا الطريق، أضاعوا الطريق لا محالة فسبحان الله الذي يقول (قُل لَّا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ) [المائدة:100]
على الإنسان أن يسلك سبيل الطيبين لذلك قال تعالى (وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ) [النور] والله عجبت سبحان الله أن يكرر الله سبحانه وتعالى الأمر فيقول الطيبات للطيبين هذا يكفي لا بل يكرر الطيبون للطيبات كان ممكن يكتفي بقوله الطيبين للطيبات
ينبغي للمؤمنة أن تكون طيبة والمؤمن أن يكون طيب
سبحان الله الطيب لهذه الدرجة مهم في حياة المؤمن؟ نعم على جانب كبير من حياة المؤمنين.
ولذلك بنياتي يجب علينا أن نتمثل حياة الطيبين وحياة الأخيار من المؤمنين كيف عاش الطيب في حياتهم ؟ ولا يمكن أبدا أن نجد أطيب ولا أفضل ولا أحسن ولا أكرم من حياة النبي صلى الله عليه وسلم لقد تمثل فيه عليه الصلاة والسلام نموذج الإنسانية الكامل والكمال لله تبارك و تعالى الذي يجب أن يحتذ ى ويتمثل صلى الله عليه وسلم فقد جمع الطيب بكل صوره وأشكاله، طيب النبي صلى الله عليه وسلم، طيب وزكي، زكاه الله تبارك وتعالى، زكى قلبه وعقله وزكى نفسه و جوارحه عليه الصلاة والسلام وزكاه فقال تعالى (وإنك لعلى خلق عظيم)
فهو نور وهو الطيب بكامله فإذا أراد الإنسان أن يعيش حياة الطيبين فعليه أن يعيش حياة النبي صلى الله عليه وسلم، يتمثل حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وحياة النبي عليه الصلاة والسلام بفضل الله تبارك وتعالى أن جعلها مكشوفة منقولة إلينا بالتواتر، ما من شيء من حياة النبي عليه الصلاة والسلام الأسرارالدقيقة من بيته نقلها لنا الثقات من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم إلى من جاء بعدهم من أتباع وتابعي التابعين إلى يومنا هذا بحمد الله وتعالى.
حياة النبي عليه الصلاة والسلام حياة مكشوفة واضحة، في كل شأنه، كيف يتعامل مع الله وكيف يتعامل مع الناس، كيف كان في فراشه، كيف كان في طعامه، كيف كان في حركته في الحياة في السوق في المسجد مع الناس في ساحات الدعوة مع الناس فحياه مكشوفة فينبغي للمؤمنة أن تتدارس هذه السيرة العطرة وأن تعيشها لماذا؟ حتى تكسب الطيب وأعلى درجات الطيب حتى تكسب الطيب لحياة الطيبين فالله سبحانه وتعالى طيب لا يقبل إلا طيبا، جعلنا الله وإياكم من الطيبين.
طيب الله أنفاسي وأنفاسكم آناء الليل وأطراف النهار

يتبع بإذن الله



توقيع أم ايمان

التعديل الأخير تم بواسطة أم ايمان ; 28-04-10 الساعة 11:51 PM
أم ايمان غير متواجد حالياً