عرض مشاركة واحدة
قديم 30-04-10, 05:56 PM   #23
أم ايمان
|نتعلم لنعمل|
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم

تتــمة الدرس السادس

بنياتي، تأملن قوله تعالى:
(وَخَلَقَ اللَّـهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ) فمن نظر في السموات والأرض نظر عاقل مستبصر، العقل الخالي من الآفات، من القوادح، المتجرد من الهوى ونظر في آيات الله تعالى المنصوبة في الكون والآيات الشرعية المنزلة في كتابه الكريم بتجرد وأخرج من قلبه الأغيار وحصل فيه التخلية قبل التحلية ونظر نظر متجرد كما قلنا من الهوى ودون التقليد والتبعة لقومه أو لجنسه أو لأرضه أو لملته، فهذا لابد أن يهدى إلى الحق كما قال تعالى : (وَخَلَقَ اللَّـهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ) فالحق موجود في كل خلق جل وعلا متلبس يالسموات ومن فيها، في الأرض ومن فيها وكل خلق متلبس بالحق، فهو آية ناطقة بأنّ الله موجود وحاكم ومهيمن و قيوم على كل مخلوق.
ولذلك لو عدنا لأول السورة بنياتي إعجاز عظيم فينا يقول الله تعالى : (إِنَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِّلْمُؤْمِنِينَ ﴿٣﴾ ) لو تأملتن قليلا في الآية الكريمة يقول الله عز وجل (إِنَّ فِي السَّمَاوَاتِ) لم يقل (إن في خلق السموات) لو أعدنا بناء الآية فيها إنّ، آيات، سموات، كل مخلوق سواء كان كبيرا أو صغيرا فهو آية متلبسة بالحق دالة على خالقها، كل كبيرو كل صغير في السموات أو في الأرض ناطق بأن الله واحد جلّ وعلا، وهنا يظهر قول الله سبحانه وتعالى (وَخَلَقَ اللَّـهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ) تقوم الحجة على الناس إذا نظروا في آيات الله عز وجل.
والله تعالى يقول: (وَيْلٌ لِّكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ ﴿٧﴾ يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّـهِ تُتْلَىٰ عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا ۖ فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴿٨﴾)
لذلك الله تعالى قال أيضا في الآية العشرين: (هَـٰذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ )
نصبه الله في كتابه الكريم ومنه الآيات في الأفاق (هَـٰذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ) هذا في الآية العشرين قبل الآية يظهرالإعجاز العظيم (وَخَلَقَ اللَّـهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ) كل ما يجري من الأحداث في هذه الحياة الآن، نرى الكفار يبطشون ويظلمون ويسفكون وما لهم هم رادع فالله سبحانه وتعالى يمهلهم و يمد لهم كما قال تعالى ( إنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّـهِ ۚ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ ۗ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَىٰ جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ) [الأنفال:36]
فهؤلاء يملي الله لهم ويمد لهم في طغيانهم وأعمالهم السوء ليزدادوا إثما وليزدادوا إجراما وليزدادوا كسب السيئات حتى يجازون عليها الجزاء الأوفى يوم القيامة، أين؟ في نــار جهنم نسأل الله السلامة والعافية.
و لذلك كان لزاما بعد ذلك أن يأتي بعده والناس الآن في الحياة وهو من جنس ما خلق الله عز وجل يكسبون ويعملون ويرتزقون وينتفعون بما خلق الله وسخرفي السموات والأرض ولكنهم مع ظلمهم وإفسادهم لابد أن يجازوا. الذين لم يجازوا على أعمالهم في الحياة الدنيا لابد أن يكون هناك يوم يقام ليجتمع فيه الخصوم جميعا، يجتمع فيه الظلمة والصالحون جميعا، الصالحون كانوا صالحين أو مصلحين لابد أن يجازى هؤلاء، صبروا واحتسبوا وأوذوا وقتلوا في سبيل المبدأ فلا بد أن يجتمعوا جميعاعند الله تبارك وتعالى وتجزى كل نفس بما كسبت.
إذا القضية مرهونة لابد من بعث ونشور، حساب وعقاب، خلق الله السموات والأرض بالعدل لابد اليوم الذي يقام، يوم القيامة حتى يقتص حتى من الحيوان، يقتص من بعضها بعض، الله سبحانه وتعالى يقتص من هذا لهذا حتى بين الحيوانات فكيف بالمكلفين فنسأل الله تعالى أن يحفظنا وأن يدلنا على صراطه المستقيم.
إذا بنياتي (وَخَلَقَ اللَّـهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ)
(إِنَّ اللَّـهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَـٰكِنَّ النَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ)
[يونس:40]
بعد ذلك نأتي إلى آية على جانب كبير من الأهمية يقول اليوم تعالى (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَـٰهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّـهُ عَلَىٰ عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَىٰ بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّـهِ ۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ) يحق لكل مسلم أن يقف عند هذه الآية ويتفكر فيها ويتبصر وينظر في حال الناس اليوم (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَـٰهَهُ هَوَاهُ )
النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث عظيمة جليلة حذر من اتباع الهوى لذلك قال أهل العلم ما ذكر الهوى في موضع من المواضع إلا قدمه الله جل وعلا ولذلك قال :
(وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَـٰكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ ۚ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث) [الأعراف:176]
وكما قال تعالى في سورة الروم ( بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ ۖ فَمَن يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّـهُ ۖ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ ) الآية 29
(يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَىٰ فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّـه) [[ص :26]
اتخذ الهوى إلها له يعني كل شهوة كل ما ينقدح في نفسه من شيء يلهو به أو يلعب أويستلذ ولو كان من طريق غير مشروع جعله إلها يعبده من دون الله تبارك وتعالى، فهو آني ما يلبث أن ينقضي، فالنفع الآني يزول، لامحال يزول ولذلك يغير هذا الإله بتغير اللذة والمتعة المتعلقة بهذا المعبود، مرة يكون في صورة امرأة مرة يكون في صورة حجر أو شجر أو نهرأو مال أو نحو ذلك، فهو متبع لهواه (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَـٰهَهُ هَوَاهُ) نسأل الله السلامة والعافية و لذلك النبي صلى الله عليه وسلم حذر من ذلك في أحاديث كثيرة ، في قوله صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه الترمذي [ إذا رأيت شحا مطاعا و هوى متبع ودنيا مؤثرة واعجاب كل ذي رأي برأيه فعليك بخاصة نفسك ودع عنك أمر العامة ] والله هذا هو الزمن نسأل الله العافية والسلامة نسأل الله أن يعافينا جميعا.
بنياتي انظرن إلى قول الرسول عليه الصلاة والسلام [إذا رأيت شحا مطاعا أو هوى متبع ..] الحديث
وفي حديث النبي عليه الصلاة والسلام عن شداد بن أوس [ الكيس من دان نفسه ، وعمل لما بعد الموت ، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأمانى ]
وفي حديث آخر فيه ضعف أخرجه الطبراني في الأوسط، الحديث إن كان فيه ضعف إلا أن معناه
صحيح [ المهلكات ثلاث: إعجاب المرء بنفسه، وشح مطاع، وهوى متبع ]
هناك أبيات في ذم الهوى ذكرها عدد من أهل العلم وهي نفيسة وحسن أن نذكر بها كما قلت قول عبد الله ابن المبارك :
ومن البلايا للبلايا علامة أن **** لايرى لك عن هواك نزوع
العبد عبد النفس في شهواتها **** والحر يشبع تارة ويجوع
ويقول آخر :
إذا طالبتك النفس يوما بشهوة **** وكان إليها للخلاف طريق
فدعها وخالف ما هويت فإنما **** هواك عدو والخلاف صديق
ويقول آخر:
نون الهوان من الهوى مسروقة **** فإذا هويت فقد لقيت هوانا
إن الهوى لهو الهوان بعينه **** فإذا هويت فقد كسبت هوانا
وإذا هويت وقد تعبدك الهوى **** فاخضع لحبك كائنا من كان

نسأل الله أن يعافينا من ذلك وأن يجعل قلوبنا متعلقة به وحده سبحانه تعالى وأن يقينا جميعا شرهوانا وشر نفوسنا.
نعود بنياتي إلى الآية الكريمة : (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَـٰهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّـهُ عَلَىٰ عِلْمٍ)
قوله عز وجل : (وَأَضَلَّهُ اللَّـهُ عَلَىٰ عِلْمٍ)
إما أن يعود الأمرإلى أن الله عالم بحالهم وأنه مستحق للضلالة وأن يكون في الضلال لأن الله خلقه وهو أعلم الناس به جل وعلا يعلم حاله قبل خلقه وبعد خلقه وما سيؤول إليه حال هذا العبد ( وَأَضَلَّهُ اللَّـهُ عَلَىٰ عِلْمٍ) لأنه مهما أبصر من الآيات فلن تغني عنه شيئا، ولن تؤثر فيه شيء ولن يستفيد منها كما قال الله عز وجل : (قُلِ انظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لَّا يُؤْمِنُونَ) [يونس: 101]
هؤلاء ختم الله على قلوبهم على سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة، فلا يمكن أن يبصروا الحق، فالله عليم بهؤلاء قبل خلقهم وبعد خلقهم فقد أضلهم الله وهو عالم بحالهم (وَأَضَلَّهُ اللَّـهُ عَلَىٰ عِلْمٍ)
معنى آخر أن هذا الإنسان أبصر الطريق وأبصر الحق ومع ذلك حاد عنه واستكبر كما هو حال أبي جهل يعلم أن النبي عليه الصلاة والسلام كان صادقا وأمينا وأنه على الحق لكن الهوى والاستكبار، أخذته العزة بالإثم فأبى أن يقبل الحق استكبارا وطغيانا فهو يعلم يقينا أن محمد عليه الصلاة والسلام على حق.
(أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَـٰهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّـهُ عَلَىٰ عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَىٰ بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّـهِ ۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ)
ختم على سمعه فلا يسمع كلام الله ولا يسمع الحق ولا يعتبر ولا يسمع من العبر والعضات التي تنطلق من تنطلق من أفواه الصالحين والخيرين والدعاة وأتباع الرسل المخلصين فهذا يسمع ولكن لا يدخل الكلام إلى قلبه ذلك لأن الكلام لا يتجاوز الأذنين ولا يصل إلى القلب ولا ينتفع به (وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ) فالهدى والنور الذي يسمع الآيات والأحاديث والكلام الطيب لا يصل إلى القلب يقف فقط عند حاسة الأذن لكن لايصل إلى القلب، وإن وصل لا يهتدي به ولا ينتفع به لذلك الله عز وجل قال : (وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ) التغابن
يحتاج الإنسان إلى إيمان وإخلاص حتى القلب يهدى إلى الخير ويستفيد من الكلمات والعضات التي يسمعها، والله عز وجل وضع على بصره غشاوة وإن كان يرى بعين بصيرته، بالعين التي في وجهه لكن هيهات هيهات، هذا النظر الذي لا يقوده إلى أن يرى الحق القائم في كل مخلوق صغير أو كبير فيعلم أن ما أودع الله عز وجل العبر والعضات في هذا المخلوق الواجب أن تهديه وأن تأخذ بيده إلى الخير وأن يؤمن بهذا الخالق العظيم وأنه موجود، وأنه سبحانه وتعالى مستحق لصفات الكمال وأنه مستحق لصفات العزة والكبرياء والعظمة جل وعلا مما يشاهد من الآيات العظيمة في خلقه، وإن يرى الآيات لا يؤمن (وجعلنا على بصره غشاوة ) ويقول تعالى : (فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّـهِ ۚ أفلا تذكرون )
لذلك هذه السورة العظيمة تدعونا لنُعْمِل أبصارنا و عقولنا فيما حولنا ونستدل من خلال ما أودع الله من المعجزات والآيات البينات في خلقه على كماله جل وعلا فيورثنا ذلك الخشية له والحب له جل وعلا والخضوع له جل وعلا في الصغير والكبير على سبيل المثال لا الحصر.
والآن سبحانه وتعالى يقول : (اللَّـهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ) وما في البحر فكل ما في البحر مسخرله (وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا ) [النحل:14] فالأسماك بمختلف أشكالها وألوانها وكذلك ما أودع الله من أسرار في البحار لهذا آيات تستحق النظر والتفكر والتدبر ولذلك المسلم لما يعمل عقله وينظر في المخلوقات العجيبة التي جعلها بألوان وأشكال مختلفة في البحار والمحيطات يزداد خضوعا وذلا وانكسارا لله تبارك وتعالى.
وهذا التسخير لله تبارك وتعالى، فالبحر مسخر للإنسان فينبغي له لما يوضع بين يديه الطري الطيب من الأسماك على اختلاف أشكالها وألوانها وطعومها أن يتذكر نعمة الله تبارك وتعالى عليه ويشكر الله تبارك وتعالى لأنه ساقها الله إليه من غير حول منه ولا قوة ، يأكل منه ويتلذذ فضلا منه تبارك وتعالى فلذلك الله تبارك وتعالى يذكر العباد بهذه النعم ( وهو الذي مرج البحرين يلتقيان)

وقال في سورة فاطرالآية 12 : (وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَـٰذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَـٰذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ ۖ وَمِن كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا ۖ وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)
فالله سبحانه وتعالى يلفت الأنظار لهذه النعم التي سخرها ويسرها لنا جميعا.
ولذلك لما ننظر إلى الفواكه المختلفة الأشكال والألوان والطعوم وتوضع بين أيدينا فنأكل منها، هذا حامض وهذا حلو وهذا بين وبين وهذا أصفر وهذا أحمر وهذا أخضر وهذا أبيض، كل هذا ينبغي للإنسان أن ينظر فيه ويتدبر، من الذي خلقها ؟ من الذي شكلها؟ من الذي أودع فيها هذا الحسن وهذا الجمال وهذه الألوان وهذه الطعوم الجميلة الرائقة من ؟؟ إنه الله جل وعلا لذلك الله تعالى يقول : (فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ إِلَىٰ طَعَامِهِ ﴿٢٤﴾ أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا ﴿٢٥﴾ ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا ﴿٢٦﴾ فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبًّا ﴿٢٧﴾ وَعِنَبًا وَقَضْبًا ﴿٢٨﴾ وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا ﴿٢٩﴾ وَحَدَائِقَ غُلْبًا ﴿٣٠﴾ وَفَاكِهَةً وَأَبًّا ﴿٣١﴾ مَّتَاعًا لَّكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ ﴿٣٢) [عبس]
(فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ إِلَىٰ طَعَامِهِ) دعوة من الله للتدبر والتفكر يجب على الإنسان أن يعمل عقله وذهنه وينظر ويتفكر في كل ما بين يديه من العبر والآيات والعضات في خلق الله جل وعلا تسخيرا وفضلا ونعمة من الله سبحانه وتعالى على عباده. فصحن الفاكهة إذا وضع بين أيديكن تأملن وتفكرن فيه فانظرن إلى الموز كيف شكله وطعمه وكيف ليونته وكيف حلاوته أو البرتقال أو التمرأو الطماطم وهكذا.
والله تعالى ذكر أيضا في سورة فاطر : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّـهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا) [فاطر: 26] هنا الله سبحانه وتعالى أن نتفكر في اللون لنأخذ العبرة والعضة من الذي جعل بهذه الألوان الجميلة الزاهية البهية تسرالناظرين وهذه الطعوم الحلوة الجميلة، من ؟؟ إنه الله جل وعلا ولذلك الله تعالى يقول :
(وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا) [الإسراء:70] هذا من فضل الله تبارك وتعالى على عباده ولذلك ينبغي على العبد أن يديم النظر في كل من حوله وعليه أن يتفكر حتى يزداد خضوعا وذلا وانكسارا لله عز وجل فيستفيد من الآية والله تعالى سجل على هؤلاء وبكتهم جل وعلا وذمهم جل وعلا الذين لا يستفيدون ولا ينتفعون مما يرون من الآيات لأن على أبصارهم غشاوة، لذلك على المؤمن إذا أراد أن ينتفع ببصره عليه أن ينظر في كل من حوله كل ما يمرعليه من الأشياء ولكن بسبب الإلف والعادة فهو لا ينظر فيها ولا يتفكر ولكن ينبغي عليه أن يعيد النظر ويتفكر في قدرة الله تعالى في التصوير وفي التكوين وفي الفضل والرحمة منه جل وعلا أن أخرجه طيبا مستساغا حسنا، سائغا للآكلين وللشاربين هنيئا مريئا فالحمد لله رب العالمين.
أقف هنا بنياتي وإن كان هناك سؤال أو مداخلة إلى أن نلتقي في الأسبوع القادم إن شاء الله تبارك وتعالى.
أترككن في أمان الله وأسأل الله تعالى لكن التوفيق والهداية وأسأله تعالى أن يمتعكن بالصحة و العافية وأن يكتب لكن الأجر والثواب وأن يرزقنا وإياكم العلم النافع إنه جواد كريم وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

والحمد لله رب العالمين



توقيع أم ايمان

التعديل الأخير تم بواسطة أم ايمان ; 30-04-10 الساعة 06:02 PM
أم ايمان غير متواجد حالياً