عرض مشاركة واحدة
قديم 09-12-09, 04:53 PM   #34
أم جهاد وأحمد
|علم وعمل، صبر ودعوة|
افتراضي

الحديث الخامس والعشرون: عن مالك بن الحويرث -رضي الله عنه- قال‏:‏ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:(‏(‏صلُّوا كما رأيتموني أصلّي، وإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم، وليؤمكم أكبركم‏)‏) [متفق عليه]‏.
حديث مالك بن الحويرث وقد وفد إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، ورأى صلاة النبي -عليه الصلاة والسلام-، وحفظ عنه صفة الصلاة، وجاء عنه في صفة صلاة النبي -عليه الصلاة والسلام- ما لم يرد عن غيره، فنقل عن النبي -عليه الصلاة والسلام- قوله: ((صلوا كما رأيتموني أصلي)) هذا الميزان الشرعي للصلاة، أن نصلي كما صلى النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ لأن فعله -عليه الصلاة والسلام- بيان للواجب، وبيان الواجب واجب، ويبقى أن هذا البيان لكونه فعل جاء في بعضه ما يدل على التأكد، وفي بعضه ما يدل على التوسط، وفي بعضه ما يدل على التساهل والتسامح بنصوصٍ أخرى، ولذا قسم أهل العلم أفعال الصلاة إلى أركان، وإلى واجبات، وإلى سنن، مالك بن الحويرث رأى النبي -عليه الصلاة والسلام- يصلي، رآه يقف، يكبر، يقرأ، يكبر، يركع، يكبر ويقول: سمع الله لمن حمده، يركع، يسجد، ورآه أيضاً يجلس بين الركعة الأولى والثانية والثالثة والرابعة، نقل عنه هذا، فهل هذه الأفعال التي رآها مالك بن الحويرث على حدٍ سواء؟ لا، جاءت النصوص الأخرى المبينة لهذا الفعل، فمثلاً تكبيرة الإحرام هل نقول: أن تكبيرة الإحرام مثل رفع اليدين في الحكم؟ لا، هل نقول: أن الجلسة بين السجدتين مثل الجلسة التي يسميها بعضهم جلسة الاستراحة؟ لا، هل نقول: أن الركوع أو السجود مثل التورك أو الافتراش؟ لا، أفعال الصلاة المتفاوتة أهل العلم قسموها إلى أقسام، تبعاً لما ورد من النصوص المقسمة والموزعة والمفرقة لأفعاله -عليه الصلاة والسلام-، وإلا فالأصل أن هذه قاعدة أن نصلي كما صلى النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ لأن فعله بيان لما أجمل في القرآن، الأمر بالصلاة في القرآن مجمل يحتاج إلى بيان، بينه النبي -عليه الصلاة والسلام- بفعله وبقوله، لكن أفعاله منها ما حمل على الركنية، ومنها ما حمل على الوجوب، ومنها ما حمل على الاستحباب، ((صلوا كما رأيتموني أصلي)) لأنه هو القدوة وهو الأسوة، وليس لأحدٍ أن يجتهد مع ما ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام-، نعم للعلماء أن يجتهدوا في فهم كلامه -عليه الصلاة والسلام-، وفي فهم فعله، أو في تنزيل قوله وربطه بفعله، لهم أن يجتهدوا وينظروا، ولذا وجد الخلاف، وإلا قد يقول قائل: كيف يختلف الأئمة ويختلف الصحابة وهم يرون النبي -عليه الصلاة والسلام- يصلي في اليوم والليلة خمس مرات؟ يصلي أضعاف ذلك من النوافل يشوفون شلون اختلفوا؟ يختلفون في الفهوم، النبي -عليه الصلاة والسلام- قد يطيل، وقد يقصر، وقد يستعمل بعض السنن، وقد يترك بعض السنن لبيان الجواز، المقصود أن صلاته -عليه الصلاة والسلام- بيان لما أجمل من الأوامر في القرآن والسنة، والأصل أن هذا البيان واجب لأنه جاءت فيه النصوص ما يدل على أن مفردات هذا البيان الفعلي منها ما هو متأكد جداً بحيث يصل إلى حد الركنية الذي تبطل الصلاة بتركه، أو الواجب التي تبطل الصلاة بعمد تركه ويجبر بسجود السهو مع السهو والنسيان، وما لا يلزم بتركه شيء كالسنن، وأهل العلم فصلوا هذا تبعاً للنصوص الواردة في ذلك.
((وإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم)) حضرت الصلاة، الأذان يعرفه أهل العلم بأنه الإعلام بدخول وقت الصلاة، فقوله: إذا حضرت الصلاة يعني حضر وقتها، فالأذان إعلام لدخول الوقت، فلا يصح الأذان قبل دخول الوقت إلا في صلاة الصبح، إن بلالاً يؤذن بليل، طيب بعد طلوع الوقت مثلاً هل يؤذن أو ما يؤذن؟ يعني نام شخص أو مجموعة ناموا، استيقظوا بعد طلوع الشمس يؤذنون وإلا ما يؤذنون؟ نعم يؤذنون، بعد الوقت، لو الإنسان حبس في منصرفه من عرفة إلى مزدلفة حتى انتصف الليل، يعني ما هو قال أهل العلم أن الأذان إعلام لدخول الوقت الآن قرب خروج الوقت، إذاً الأذان يكون أحياناً للوقت، وأحياناً يكون للإعلان للصلاة، فيما إذا ناموا عن الصلاة كما فعل -عليه الصلاة والسلام- لما نام عن صلاة الصبح. ((فليؤذن لكم أحدكم)) الأذان ما يشترط له من الشروط مثلما يشترط للإمامة، الأذان يكون صيت، ثقة، أمين، عارف بالأوقات؛ لكن لا يشترط له أكثر من هذا، بينما الإمامة ((وليؤمكم أكبركم)) الإمامة لها شروط، ((يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله)) فالأقرأ هو الأولى بالإمامة، وإن حمله الأكثر على أن المراد به الأفقه، الحديث: ((يؤم القوم أقرأهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم سلماً)) أقدمهم هجرة، أكبرهم سناً، المقصود أن لها أوصاف، الأولى بها الأمكن في هذه الأوصاف، فيؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، وأعلمهم به، وأحفظهم له، وأضبطهم لقراءته، والأكثر يرون أن المراد بالأقرأ هو الأفقه، ولو كان غيرها أكثر من القرآن؛ لأن الإمام يعرض له في صلاته أمور إن لم يكن أفقه لا يستطيع أن يتخلص من هذه الأمور التي عرضت له، ولو كان حافظاً لكتاب الله، مجوداً له، لكن النص نص واضح بأن المقدم الأقرأ لكتاب الله، وإن كان غيره أفقه منه، بدليل أن الفقه لا سيما فقه الصلاة جله مأخوذ من السنة، والسنة مرتبة ثانية بعد الأقرأ، كما في النص، إذاً المقدم مطلقاً هو الأقرأ، ثم الأعلم بالسنة، ولنقل: الأفقه؛ لأن فقه الصلاة مأخوذ من السنة، ثم الأكبر، أقدمهم سلم إسلام، وهنا يقول: ((وليؤمكم أكبركم)) وجاء تقديم الكبير في أماكن، ولا شك أن الشرع جعل للكبير ميزة، لما أراد أن يتحدث ولي الدم قال له النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((كبر كبر)) ولا شك أن الكبر كبار السن مقدم في شريعة الإسلام؛ لكن مع التساهل، لا نقول: يؤم الأكبر مع وجود من هو أقرأ منه، لا، الترتيب مطلوب، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.



توقيع أم جهاد وأحمد
اللهم ارزقنا الصدق والإخلاص في القول والعمل
أم جهاد وأحمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس