عرض مشاركة واحدة
قديم 10-08-10, 08:26 PM   #19
طالبة الرضوان
جُهدٌ لا يُنسى
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم



سلسلــة قلوب الصائمين

لفضيلة الشيخ: سعد ابن ناصر الشثري

======================

اليــقيــــــن



الحمد لله على نعمة الإيمان و اليقين ، وأشهد أن لا إله إلا الله صدقاً نجزم به جزم اليقين ، والصلاة و السلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ...

أما بعد ...فإن من الأعمال الصالحة التي تتقرب القلوب بها إلى باريها جلّ وعلا أن تحصِّل اليقين وتبتعد عن الشبهات .

واليقين طمأنينة القلب واستقرار العلم فيه ، وضد اليقين الريب و الشك الذي يتضمن الاضطراب وكثرة الحركة ..

واليقين مبني على علم ٍ للقلب وجزم ٍ منه مع عمل القلب بذلك الجزم ، قال ابن مسعود رضي الله عنه : {خير ما ألقي في القلوب اليقين }وقال :{ اليقين الإيمان كله }.

وعلامة اليقين وفائدته أن صاحبه إذا وردت عليه شبهه أو حصلت له فتنة وابتلاء ، فإنه يثبت ولا ينجرف معها ولا يتبع كل ناعق ، قال الحسن: { باليقين طُلبت الجنة ، وباليقين هُرب من النار ، وباليقين أُدّيت الفرائض ، وباليقين صُبر على الحق }.

اليقين مع الصبر من أسباب نيل الإمامة في الدين ، كما قال تعالى ) وَجَعلنا مِنهم أَئِمّةً يَهدُونَ بِأَمرِنا لَمّا صَبَروا وَكَانوا بِآياتِنَا يُوقِنُون ( ، وانظر لموقف النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بقوله تعالى )( .. الّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إنَّ النّاسَ قَد جَمَعوا لَكم فَا اخْشَوهم فَزَادَهم إيماناً وَقَالوا حَسبُنَا اللهُ وَنعمَ الوَكِيل

أهل اليقين هم الّذين يستفيدون من الآيات ويتفكرون فيها ، كما قال سبحانه ) وفي الأَرضِ آياتٌ لِلمُوقِنين ( جاء في الحديث عن أنس رضي الله عنه أنه قال : { كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول: اللهم يا مقلّب القلوب ثبت قلبي على دينك }، فالدعاء من أسباب تحصيل اليقين ، وكان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم أيضا: {اللهم أرزقني من اليقين ما تُهّون به عليّ مصائب الدنيا } ، وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :{ سلوا الله العافية و اليقين فإن اليقين نعمة من الله }، قال بعض العارفين : [ اليقين واردات ترد على النفوس ، تعجز النفوس عن ردها ] ...

إن من أسباب تحصيل اليقين في القلوب ، طلب العلم الشرعي مع الاهتداء بالكتاب والسنة ، قال سبحانه : )ذَلِكَ الكِتَابُ لا رَيبَ فِيه هُدىً لِلمُتقين ( وقال جلّ وعلا) يُفصِّلُ الآياتِ لَعلََّكم بِلِقاءِ رَبِكم تُوقِنون ( ..

إن من أسباب تحصيل اليقين في القلوب أن يعمل المرء بما لديه من العلم ، كما قال سبحانه ) قَد جَاءَكم مِنَ اللهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِين يهدي به اللهُ مَن اتّبَعَ رِضوَانَهُ سُبُلَ السّلام ( ..

إن من أسباب تحصيل اليقين في القلوب أن يتفكّر العبد في آيات الله الكونية ، وأن يعرف أنها من الله وأن ينظر إلى ما فيها من العجائب ، قال تعالى ) سنُرِيهِم آياتِنا فِي الآفاق ِوفي أَنفُسِهِم حَتى يتبيّنَ لَهم أَنّهُ الحقََّ أو لم يكفي بِرَبِكَ أَنّهُ عَلَى كُلِّ شيءٍ شَهِيد ( .

إن من أسباب تحصيل اليقين .. أن يتخفف العبد من الذنوب ، بتركها قبل فعلها أو بالاستغفار والتوبة منها بعد حصولها ، وقد ورد في الحديث { أن للقلوب صدأ ً كصدأ النحاس وجلاءها الاستغفار} .

ومن أسباب تحصيل اليقين .. أن يعرف المرء عادة الله جلّ وعلا في نصر أولياءه المؤمنين ، وإنزال العقوبة بأعداءه المجرمين ، قال تعالى ) وكُلاً نَقُصُّ عَلَيكَ مِنْ أَنبَاءِ الرُسُلِ مَا نُثَبِتُ به فُؤَادَك ( .

إن من أسباب تحصيل اليقين .. أن يتأمل المرء في عجز الأمم عن الإتيان بمثل هذا القرآن ، قال تعالى ) وَإِن كُنْتُم فِي رَيبٍ مِمّا نَزّلنَا عَلَى عَبدِنَا فَأتُوا بِسُورةٍ مِن مِثلِه ( ، إن الإقبال على المعاصي والاستجابة لمضلّات الفتن من أسباب زوال اليقين كما في الحديث : { تعرض الفتن على القلوب كالحصير عوداً عودا ، فأي قلب أُشربها نكتت فيه نكتةٌ سوداء ، وأي قلب أنكرها نكتت فيه نكتةٌ بيضاء ، حتى تصير على قلبين.. قلب ابيض مثل الصفا لا تضره فتنة ما دامت السموات و الأرض ، والآخر أسود مربادا لا يعرف معروفا و لا ينكر منكراً إلا ما أشرب من هواه } .

إن عدم التزام الإنسان بما أمر الله به من فعل الطاعات من أسباب زوال اليقين ، قال تعالى ) فَأَعَقَبَهم نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِم إلى يَومِ يَلقَونَهُ بِمَا أَخلَفُوا اللهَ مَا وَعَدوه وبِمَا كَانُوا يكذِبُون ( ، إن لدى أهل الإسلام من اليقين ما ليس لغيرهم ، ولدى أهل السنة من اليقين ما ليس لأهل البدع ، ولدى علماء أهل السنة من اليقين ما ليس لعوامّهم ، وهكذا الإيمان إذا خالطت بشاشته القلوب لا يسخطه أحد .

وليحذر الإنسان من أن يعاقبه الله تعالى فيزيل اليقين من قلبه ، فإن الله قادر على ذلك كما قال سبحانه ) فَإِن يشَاءِ اللهُ يَختِمُ عَلَى قَلبِك ( ، وقال ) وَاعْلَمُوا أنَّ اللهَ يَحُولُ بَينَ المرءِ وَقَلبهِ ( ، وقال )( وَكَذَلِكَ يَطبَعُ اللهَُ علَى قلوبِ المُعتَدين

وقال ) وَكَذَلِكَ نَسلُكُهُ في قُلُوبِ المُجرِمِين لا يُؤمِنُونَ به حَتى يَرَوا العَذَابَ الأليم (.

لقد سمع الله قول أولئك الّذين ضعف يقينهم بسبب ما حصل لديهم من المرض مرض القلب ، ووصفهم بقوله (في قُلُوبِهِم مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللهُ مَرَضَا ) ، فترى اّلذين في قلوبهم مرض يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة ..

إن عدم اليقين من أسباب دخول جنهم ، قال الله تعالى حاكياً عمن دخل النار (وَمَا نَحنُ بِمُستَيقِنِين ) ، إن مما يجعل بعض الناس لا يوقن بوعد الله الصادق .. تلك الأماني الكاذبة ، والدعاوي الباطلة التي تغرّ الإنسان وتجعله يغفل عن المطالب القطعية والمسائل اليقينية ، قال تعالى ) يَا أَيُّها الإنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّك الكَرِيم ( ، وقال سبحانه ) أَمّن هَذَا الذِي يَنصُرُكم مِن دُونِ الرّحمَنِ إنِ الكَافِرُونَ الا في غُرُور ( ، قال ابن مسعود : { كفى بخشية الله علما ، وكفى بالاغترار بالله جهلا } .

ومما يبعد اليقين ..الغرور بالدنيا ، بحيث تخدع الأمور الدنيوية الإنسان ، فيظن أنها المقصود الأساسي ، فيغفل عن الآخرة ، قال تعالى )الّذِينَ اتَخَذوا دِينَهم لَهُواً وَلَعِبَا وَغرّتُهُمُ الحَياةِ الدُنيا فَاليومَ ننسَاهم كَما نَسُوا لِقَاءَ يَومِهِم هَذَا وَمَا كَانُوا بِآياتِنا يَجحَدُون ( ، وقال ) وَذَرِ اللذين اتْخَذُوا دِينَهُم لَعِبًا وَلَهْوًا وَغَرّّتْهُمُ الحَياةُ الدُّنْيا ( ، وقال ) يَا أيُّهَا النَّاسُ إنَّ وَعدَ اللهِ حق فلا تَغُرَّنَكمُ الحياةُ الدنيا ولا يغُرّنَّكم بِاللهِ الغَرور (.

إن مما يصد عن اليقين.. الغرور بوعود الشيطان الكاذبة، قال تعالى) وَمَا يَعِدهُمُ الشَيطَانُ الا غُرُورا ( ، ومن ذلك أن يغترّ بعض الناس بما أعطي الكفار من متاع الحياة الدنيا ، قال تعالى )لا يغُرّنَّكَ تَقلُّبُ الّذِينَ كَفَرُوا فِي البلاد متاعٌ قليل ثُمَّ مَأواهم جهَنّم و بئس المهاد( ، وقال) مَا يُجَادِلُ فِي آياتِ اللهِ الا الّذِينَ كَفَروا فَلا يَغرُركَ تَقلُّبِهِم فِي البلادِ(،

وممّا يصد عن اليقين..
الاغترار بالدعاوى الزائفة التي تطلقها جماعات مبطلة ، يحاولون نشر أكاذيبهم وأباطيلهم ليوهموا الناس وليُموِّهوا على الناس ، قال تعالى ) وَكَذَلِكَ جَعَلنا لِكُلِّ نَبيٍ عَدُواً شَياطِينَ الإنسِ والجنِ يُوحِي بَعضَهُم إلى بَعضٍ زُخرُفَ القَولِ غُرُورا وَلو شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرهم وَمَا يَفتَرُون( ، وقال سبحانه ) ذَلِكَ بِأَنّهم قَالُوا لَن تَمَسَّنَا النَّارُ الا أيَّامَاً مَعْدُودَات وَغَرَّهُم في دِينِهِم مَا كَانُوا يفتَرُون (، وقال ) بَل إن يَعدُ الظَالِمُونَ بَعضُهم بَعضَاً الا غُرُورَا (.

ومما يصد عن اليقين.. اغترار الإنسان بما أعطاه الله من نعم ، وغفلته عن قدرة الله على إزالتها )( وقال ) وَقَالوا نَحنُ أكثَرُ أموالاً وَأولاداً وَمَا نَحنُ بِمُعذَّبِين ( ، اسمع قول الله تعالى ) وَيِِلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَة الّذِي جَمَعَ مَالاً وَعَدّدَا يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أخلَدَه كلاَ لَيُنْبَذَنَّ فِي الحُطَمَة ( .. فَأَمَّا عَادٌ فَاستَكْبَرُوا فِي الأرضِ بِغَيرِ الحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أشَدُّ مِنَّا قُوة أَوَلمْ يَرَوا أنَّ اللهَ الذِي خَلَقَهم هَوَ أشَدُّ مِنهم قُوة وَكَانوا بِآياتِنَا يَجحَدُون

أسأل الله جلّ وعلا أن يجعلنا وإياكم من أهل اليقين .. اللهم برّد قلوبنا باليقين ..هذا والله أعلم ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ....






توقيع طالبة الرضوان
سبحان الله،والحمد لله،ولا إله إلا الله،والله أكبر ..
طالبة الرضوان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس