عرض مشاركة واحدة
قديم 30-03-14, 06:20 PM   #5
مريم بنت خالد
معلمة بمعهد خديجة
مشرفة التفسير
افتراضي الفَرْقُ بَينَ: المنَافَسَةَ، والحَسَدِ!


الفَرْقُ بَينَ: المنَافَسَةَ، والحَسَدِ!




’’ والفرق بين المنافسة والحسد:
أن المنافسة البادرة إلى الكمال الذي تشاهد من غيرك، فتنافسه فيه حتى تلحقه، أو تجاوزه؛
فهي من شرف النفس، وعلو الهمة، وكبر القدر، قال تعالى: "وفي ذلك فَلْيتنافس المتنافسون".
وأصلها من الشيء النفيس الذي تتعلق به النفوس طلبًا ورغبة، فينافس فيه كل من النفسين الأخرى،
وربما فرحت إذا شاركتها فيه؛ كما كان أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يتنافسون في الخير، ويفرح بعضهم ببعض لاشتراكهم فيه،
بل يحض بعضهم بعضًا عليه مع تنافسهم فيه، وهي نوع من المسابقة؛
وقد قال تعالى: "فاسْتَبِقوا الخيرات"، وقال تعالى: "سابقوا إلى مغفرةٍ من ربكم وجنة عرضُها كعرض السماء والأرض"،
وكان عمر بن الخطاب يسابق أبا بكر -رضي الله عنهما-، فلم يظفر بسبقه أبدًا، فلما علم أنه قد استولى على الإمامة قال: "والله لا أسابقك إلى شيء أبدًا"،
وقال: "والله ما سبقته إلى خيرٍ، إلا وجدته قد سبقني إليه"،

والمتنافسان كعبدين بين يدي سيدهما يتباريان، ويتنافسان في مرضاته، ويتسابقان إلى محابه،
فسيدهما يعجبه ذلك منهما، ويحثهما عليه، وكل منهما يحب الآخر، ويحرضه على مرضاة سيده.

والحسد خلقُ نفسٍ ذميمةٍ وضيعةٍ ساقطةٍ، ليس فيها حرصٌ على الخير.
فلعجزها ومهانتها تحسد من يكسب الخير والمحامد، ويفوز بها دونها، وتتمنى أن لو فاته كسبها حتى يساويها في العدم،
كما قال تعالى: "ودُّوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء"، وقال تعالى: "ودَّ كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارًا
حسدًا من عند أنفسِهم من بعد ما تبيَّن لهم الحق"،

» فالحسود عدو النعمة، متمن زوالها عن المحسود كما زالت عنه هو.
» والمنافس مسابق النعمة متمنٍّ تمامَها عليه وعلى من ينافسه؛ فهو ينافس غيره أن يعلو عليه، ويحب لحاقه به أو مجاوزته له في الفضل،
والحسود يحب انحطاط غيره حتى يساويه في النقصان.

وأكثر النفوس الفاضلة الخيرة تنتفع بالمنافسة؛ فمن جعل نصب عينيه شخصًا من أهل الفضل والسبق فنافسه؛
انتفع به كثيرًا؛ فإنه يتشبه به، ويطلب اللحاق به والتقدم عليه، وهذا لا نذمه.
وقد يطلق اسم الحسد على المنافسة المحمودة، كما في (الصحيح) عن النبي - صلى الله عليه وسلم -:
"لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله القرآن، فهو يقوم به آناءَ الليل وأطراف النهار،
ورجل آتاه الله مالاً فسلَّطه على هلكته في الحق"، فهذا حسدُ منافسةٍ وغِبْطَةٍ
يدل على علو همة صاحبه، وكبر نفسه، وطلبها للتشبه بأهل الفضل
‘‘ اهـ.

[ الرُّوح (ص 339-340) ]

،,

فائدة من المصنِّف لكتاب العلو؛ الشيخ محمد المقدِّم :
’’ فعالي الهمة ينظر إلى من هو فوقه في الدين، ويقول: "فلان خير مني"، فينافسه.
وساقط الهمة ينظر إلى من هو أسفل منه في الدين ويقول: "أنا خير من فلان".
‘‘ اهـ.

[ عُلُوُّ الهِمَّة الطبعة الرابعة (ص120) ]




توقيع مريم بنت خالد
لا تسألوني عن حياتي فهي أسرار الحياة،
هي منحة .. هي محنة .. هي عالمٌ من أمنيات،
قد بعتها لله ثمّ مضيت في ركب الهداة () *
مريم بنت خالد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس