عرض مشاركة واحدة
قديم 30-03-14, 06:21 PM   #6
مريم بنت خالد
معلمة بمعهد خديجة
مشرفة التفسير
افتراضي الفَرُقُ بَينَ: حُبِّ الرِّياسَةِ، وَحُبِّ الِإمَامَةِ فِي الدِّينِ!



الفَرُقُ بَينَ: حُبِّ الرِّياسَةِ، وَحُبِّ الِإمَامَةِ فِي الدِّينِ!




’’
والفرق بين حب الرياسة وحب الإمارة للدعوة إلى الله:
هو الفرق بين:
» تعظيم أمر الله، والنصح له.
» وتعظيم النفس، والسعي في حظها.
فإن الناصح لله المعظم له المحب له يحب أن يُطاع ربُّه فلا يعصى، وأن تكون كلمته هي العليا،
وأن يكون الدين كله لله، وأن يكون العباد ممتثلين أوامره مجتنبين نواهيه؛ فقد ناصح الله في عبوديته، وناصح خلقه في الدعوة إلى الله.

فهو يحب الإمامة في الدين، بل يسأل ربه أن يجعله للمتقين إمامًا يقتدى به المتقون، كما اقتدى هو بالمتقين،
فإذا أحب هذا العبد الداعي إلى الله أن يكون في أعينهم جليلًا، وفي قلوبهم مهيبًا، وإليهم حبيبًا،
وأن يكون فيهم مُطاعًا، لكي يأتموا به، ويقتفوا أثر الرسول على يده؛ لم يضره ذلك، بل يحمد عليه؛
لأنه داع إلى الله يحب أن يطاع، ويُعبد، ويُوحَّد؛ فهو يحب ما يكون عونًا على ذلك موصِّلًا إليه،
ولهذا ذكر سبحانه عباده الذين اختصهم لنفسه، وأثنى عليهم في تنزيله، وأحسن جزاءهم يوم لقائه، فذكرهم بأحسن أعمالهم، وأوصافهم،
ثم قال: "والذين يقولون ربَّنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرةَ أعين واجعلنا للمتقين إمامًا"،
فسألوه أن يقر أعينهم بطاعة أزواجهم وذرياتهم له سبحانه، وأن يسر قلوبهم باتباع المتقين لهم على طاعته وعبوديته،

فإن الإمام والمؤتم متعاونان على الطاعة، فإنما سألوه ما يعينون به المتقين على مرضاته وطاعته،
وهو: دعوتهم إلى الله بالإمامة في الدين التي أساسها الصبر واليقين، كما قال تعالى:
"وجعلناهم أئمةً يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون"،
وسؤالهم أن يجعلهم أئمة للمتقين هو سؤال أن يهديهم، ويوفقهم،
ويمنَّ عليهم بالعلوم النافعة والأعمال الصالحة ظاهرًا وباطنًا؛ التي لا تتم الإمامة إلا بها
.

وتأمل كيف نسبهم في هذه الآيات إلى اسمه الرحمن -جلَّ جلاله-؛
ليعلم خلقه أن هذا إنما نالوه بفضل رحمته ومحض جوده ومنته !
وتأمل كيف جعل جزاءهم في هذه السورة الغرف، وهي المنازل العالية في الجنة لما كانت الإمامة في الدين من الرتب العالية،
بل من أعلى مرتبة يعطاها العبد في الدين، كان جزاؤه عليها الغرفة العالية في الجنة !

وهذا بخلاف طلب الرياسة؛
فإن طلابها يسعون في تحصيلها لينالوا بها أغراضهم من العلو في الأرض، وتعبد القلوب لهم،
وميلها إليهم، ومساعدتهم لهم على جيع أغراضهم، مع كونهم عالين عليهم قاهرين لهم.
فترتب على هذا المطلب من المفاسد ما لا يعلمه إلا الله؛
من البغي، والحسد، والطغيان، والحقد، والظلم، والفتنّة، والحمية للنفس، دون حق الله، وتعظيم من حقَّره الله،
واحتقار من أكرمه الله، ولا تتم الرياسة الدنيوية إلا بذلك، ولا تنال إلا به وبأضعافه من المفاسد.
والرؤساء في عمى عن هذا، فإذا كشف الغطاء تبين لهم فساد ما كانوا عليه،
ولا سيما إذا حُشروا في صور الذر يطؤهم أهل الموقف بأرجلهم؛
إهانةً لهم وتحقيرًا وتصغيرًا كما صغَّروا أمر الله وحقروا عباده.
‘‘ اهـ.


[ الرُّوح (ص340-341) ]




توقيع مريم بنت خالد
لا تسألوني عن حياتي فهي أسرار الحياة،
هي منحة .. هي محنة .. هي عالمٌ من أمنيات،
قد بعتها لله ثمّ مضيت في ركب الهداة () *
مريم بنت خالد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس