عرض مشاركة واحدة
قديم 02-09-06, 12:09 PM   #3
أمةالله
أم مالك المصرية
افتراضي الجزء الثالث من المحاضرة...

النية الصالحة في العلم سبب عظيم من أسباب الثبات عليه والاستمرار عليه.
أيضا من أسباب الثبات: الصبر على المعلّم، فإنّ المعلمين أو المشايخ ليسوا على درجة واحدة في التعامل مع الطلاب، يختلفون، كل واحد تجد عنده أشياء، فمنهم من قد لا يهتم بالسؤال ويفصل الجواب لكلّ أحد، إذا كان الطالب يستريح له المعلم فصّل له، إذا كان يرى أنه ليس بأهل أو فيه نظر ما فصّل له، يحتاج طالب العلم إلى أن يصبر.
كذلك قد يكون في بعض المعلمين فيه خصال تخصه كل واحد من المتعلمين أو المعلمين –كلنا بشر- كل واحد فيه عيوب أو فيه نقص أو له طبائع خاصة به، فإذا كان المرء أعني طالب العلم طلب من يطلب عليه العلم من أهل الكمال هذا لن يحصّل، تجده يأتي إلى فلان وينتقده -من طلاب العلم-، والثاني ينتقده والثالث ينتقده، مَنْ الكامل عنده؟ لا أحد، وهذا يغلب على الذوّاقين الذين يتنقلون حتى أن بعضهم حضر عددا من الدروس المختلفة سأله أحد العلماء أو أحد المشايخ عما أخذ من العلم فقال: حضرت عند فلان فذكر كذا وكذا وكذا كلمة إما أخطأ فيها أو -المقصود شيء غريب- والثاني قال كذا، والثالث ما فصّل، والثالث غلط في حديث والرابع ذهب في مسألة و...أخذ يعد ويعد، فقال له بئس الرّجل أنت...
من أسباب عدم المواصلة في العلم أنْ يَطلب طالب العلم معلما فيه الكمال هذا لا يوجد إلاّ في المشايخ؛ في عليّة المشايخ يعني المشايخ الراسخين في العلم الكبار، وهؤلاء قد لا يمكنهم أن يعلموا كلّ الأمة، أن يعلموا كل من أراد طلب العلم، ولكن خُذ من المعلم ما أصاب فيه وهو الأكثر ما دام أنه معلم ووثق فيه الطلاب وعنده حسن أداء للعلم وتصور له صوابه أكثر من خطئه أو خطأه يعد قليلا، فخذ منه صوابه والخطأ راجعه فيه بصره حتى يبصر.
من المهم في طلب العلم أن تكون متواضعا مع المعلمين، وهذا سبب من أسباب مباركة الله جلّ وعلا لعلمك؛ لأنّ التواضع للمعلم سبب للاستمرار، وعدم التواضع للمعلم سبب للانقطاع، وهذا مأخوذ من قصة موسى عليه السلام مع الخضر، موسى عليه السلام ما صبر، والخضر عنده علم عجيب؛ علم من الله جلّ وعلا عجيب، فموسى عليه السلام رأى الأول فاعترض مع أنّه عاهده أن لا يعترض، والمسألة الثانية –رآها- الغلام الذي قتله الخضر اعترض موسى عليه السلام ﴿قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا﴾[الكهف:74] ثم الجدار فأخبره أنه لم يستطع معه صبرار ﴿قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا﴾[الكهف:78]، ماذا قال عليه الصلاة والسلام؟ قال: «وددنا أنّ موسى صبر» لو صبر لأخذنا علم كثير لكنه لم يصبر فحُرم من علم الخضر، وسبب الخلاف في الاستنكار هو الاختلاف في العلم الخضر في هذه المسائل أعلم من موسى فاستنكر موسى عليه السلام وهو كليم الله جلّ وعلا ومن أولي العزم من الرّسل كان عند غيره من العلم ما ليس عنده، ما سبب الخلاف؟ سبب الاعتراض اختلاف العلم، لهذا قد يكون عند بعض الطلاب اعتراض عدم فهم عدم قناعة لكن السبب في عدم القناعة اختلاف العلم، ولهذا قال ابن الوزير محمد بن إبراهيم اليماني أو غيره في أبيات حسنة في بيان سبب اختلاف الناس؛ سبب اختلاف الآراء وأنّ سبب ذلك هو اختلاف العلوم قال:

[poem=font="Simplified Arabic,5,,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4," type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
تسـلّ عن الـوفاق فـربنـا قد حـكى بين الملائكـة الخِصامـا [/poem]

الخصام في إيش؟ قصة آدم وحديث اختصام الملأ الأعلى وغير ذلك، كذلك الاختصام بشأن أهل النار وغير ذلك...

[poem=font="Simplified Arabic,5,,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4," type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
كذا الخضِر المكرّم والوجـيه الـ = ــمكلّم إذ ألمّ به لمامــــا
تكدّر صـفو جمعهــما مـرارا = فعجّل صاحـب السرّ الصرامـا [/poem]

تكدّر صفو الجمع بأي شيء؟ باعتراض موسى عليه السلام موسى اعترض فبين له الخضر أن ليس له هذا؛ أنه ليس من أدب المتعلم مع المعلم أن يعترض عليه بشيء لا علم له به، ﴿لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ﴾[الكهف:73]، إلى أن قال له ﴿إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا﴾[الكهف:76].
قال هنا

[poem=font="Simplified Arabic,5,,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4," type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
تكدّر صـفو جمعهــما مـرارا = فعجّل صاحـب السرّ الصرامـا
ففـارقه الكليـم كليـم قلـب وقـد = ثنّى على الخضـر الملامـا
وماسبب الخلاف سوىاختلاف ال = ــعلوم هناك بعضـا أو تمامـا[/poem]

ما سبب الخلاف؟ اختلاف العلوم، هذا الطالب مثلا يستنكر على المعلم يقول: لا ليس كذا -وهو نظر لها من جه- سبب الاختلاف هو اختلاف العلم؛ هذا علمه واسع وهذا علمه ضيق فصاحب العلم الضيق اعترض على صاحب العلم الواسع فصار بينهما ما قد يسبّب الانقطاع من الاستفادة ولذلك قال:

[poem=font="Simplified Arabic,5,,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4," type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
وماسبب الخلاف سوىاختلاف ال = ــعلوم هناك بعضـا أو تمامـا
فـكان من اللوازم أن يكون الإله = مـخـالفـا فـيها الأنامـــا
فـلا تجهـل لها قـدْرا وخـذها = شـكورًا للـذي يحـيى الأناما[/poem]

يعني (هذه في مسائل القدر) إلى آخر أبياته.
المقصود من ذلك أنّ صبر المتعلم على المعلم وعدم كثرة الاعتراض هذا يجعله يستمر ويستفيد؛ لأنّ طالب العلم وهو يسمع إذا عوّد ذهنه أن يعترض، أنْ يستشكل لن يتابع الكلام؛ يفهم أوله وآخره وتسلسل المعلم فأنت تستمع مثلا لأحد المشايخ وهو يتكلم فكلما أورد كلمة أتيت باعتراض، إذا أورد لفظ حديث قلت في ذهنك: لا هذا ليس لفظ الحديث. الحديث له ألفاظ وروايات أنت حفظت واحدة فيمكن المعلم عنده ثلاث أربع روايات فانشغلت بالاعتراض، إذا انشغلت بالاعتراض حرمت، ولكن إذا انشغلت بالفائدة فما كان من الفوائد فيها الصواب استفدت، وما كان فيه غير الصواب خطأ ذهب وحده، أو شيء صححته بينك وبين نفسك أو راجعته فيه، هكذا يكون العلم، أما الاعتراضات النفسية هذه التي تطلب الكمال أو نفسية الناقد أي كلّما سمع شيئا من معلمه نقد ولو في نفسه، يحضر في نفسه أسئلة واعتراضات والمعلم يتكلم، هذا لا يستفيد وهذا سبب من أسباب الانقطاع في العلم.

يتبع...



توقيع أمةالله

أمةالله غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس