الموضوع: مجاهدة النفس
عرض مشاركة واحدة
قديم 04-07-07, 10:40 AM   #4
عبد السلام بن إبراهيم الحصين
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: 08-02-2007
المشاركات: 867
عبد السلام بن إبراهيم الحصين is on a distinguished road
افتراضي

يذكر أهل العلم أن المجاهدة على أربعة مراتب:
أولا: مجاهدة النفس في معرفة العلم النافع، لرفع الجهل الذي هو وصف أصلي في الإنسان، كما قال تعالى: {والله أخرجكم من بطون أمهاتكم على تعلمون شيئًا}، وقال: {إنه كان ظلومًا جهولا}
وإنما كانت هذه المرتبة أول المراتب لأن ما بعدها مبني عليها، ولأن العلم هو أعظم الوسائل الموصلة إلى الله، ولهذا كان أول ما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم الأمر بالقراءة، فقال تعالى: {اقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق، اقرأ وربك الأكرم}.

المرتبة الثانية: مجاهدة النفس في العمل بالعلم، كما قال تعالى: {فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك}، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يستعيذ بالله من علم لا ينفع، وأول من تسعر به النار يوم القيامة من تعلم العلم لا ليعمل به، ولكن ليرى الناس أنه عالم.

المرتبة الثالثة: الدعوة إلى العلم النافع، وحث الناس عليه، وبيان الحق للجاهل به، كما قال تعالى: {فلذلك فادع واستقم كما أمرت}، وقال تعالى: {قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني..}.
وإنما كانت هذه هي الثالثة؛ لأن الجاهل لا يمكنه أن يدعو إلى شيء صحيح، والعالم الذي لم يعمل تكون دعوته وبالا وضررا على الدعوة؛ لأن الناس ينظرون إلى عمل العالم قبل النظر إلى علمه، كما قال تعالى عن شعيب: {وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه إن أريد إلا الاصلاح ما استطعت}.

المرتبة الرابعة: الصبر على الأذى في طريق العلم والعمل والدعوة، والصبر باب عظيم من أبواب التوفيق والنصر، كما قال تعالى: {والله يحب الصابرين}، وقال: {إن الله مع الصابرين}، وقال تعالى: {إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب}، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((وما أعطي أحد عطاء خيرًا و لا أوسع من الصبر))، وقال عمر: "وجدنا خير عيشنا بالصبر، ولو كان الصبر من الرجال لكان كريمًا".

ويجمع هذه المرابت كلها قول الله تعالى: {والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملو الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر}
فالإيمان هو العلم، ثم العمل الصالح، ثم التواصي بالحق هو الدعوة، ثم التواصي بالصبر.

والحديث في هذا الموضوع شيق وممتع وطويل، وهو مما يعين على المجاهدة، فجزاكم الله خيرا على طرحه والسؤال عنه، جعلنا الله وإياكم من المجاهدين في سبيله، وهدانا طريقه المستقيم إنه سميع مجيب.
عبد السلام بن إبراهيم الحصين غير متواجد حالياً