عرض مشاركة واحدة
قديم 03-04-08, 11:42 AM   #5
علو الهمة
~مشارِكة~
 
تاريخ التسجيل: 02-02-2008
المشاركات: 99
علو الهمة is on a distinguished road
c5 تابع...





إن الإيمان بأسماء الله الحسنى وصفاته العلى ليهدي المؤمن إلى عبادة الله عز وجل كأنه يراه، وهذه هي مرتبة الإحسان العظيمة التي هي أعلى مراتب الدين - نسأل الله عز وجل بلوغها والثبات عليها حتى الممات-؛ فيجتهد العبد في التقرب إلى ربه جل وعلا بما يحب، واجتناب ما يكرهه ويبغضه، حتى يحب ما يحبه الله ، ويبغض ما يبغضه الله، ويعظم ما يعظمه الله، ويحقر ما يحقره الله، فيكون من أولياء الله المخبتين الذين يحبهم ويحبونه، ويقذف الله في قلبه نوراً عظيماً، وفرقاناً مبيناً، ويجد من حلاوة الإيمان وبرد اليقين وطمأنينة القلب وانشراح الصدر والحياة الطيبة ما يعتبر بحق أعظم نعيم يمكن أن يناله أحد في هذه الحياة الدنيا.



فمَنْ عَلِمَ أنَّ اللَّهَ عزَّ وجلَّ يرى مكانَهُ، ويسمعُ كلامَهُ، ويعلمُ سريرَتَهُ وعلانيتَهُ،،،
وعَلِمَ أنَّهُ ذو الفضلِ العظيمِ، والإحسانِ العميمِ، والكرمِ الجزيلِ،،،
وأنَّهُ قريبٌ مجيبٌ، رحيم ودود، شاكرٌ عليمٌ، حفيظ لأعمال عباده،،،
وأنه مع من ذكره، وآمن به واتقاه، وصبر ابتغاء وجه وطلب رضاه،،،
وأنه يحب المحسنين، ويحب المتوكلين، ويحب التوابين، ويحب المتطهرين،،،
وأنه لا يُضيعُ عملَ عاملٍ منْ ذكرٍ أوْ أُنْثَى وهوَ مؤمنٌ، بلْ يَقْبَلُهُ ويُنَمِّيهِ، ويُباركُ لعاملِهِ فيهِ، ويضاعف له المثوبة والأجر في الدنيا والآخرة،،،

واستقرَّ هذا العلمُ في قلْبِهِ، وضربَ بجُذُورِهِ فيهِ، آتَى أُكُلَهُ كلَّ حينٍ بإذنِ ربِّهِ عملاً صالحاً وحالاً مُرْضِياً؛ ذلكَ فضلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يشاءُ واللَّهُ واسعٌ عليمٌ.
فيبذُلُ العبدُ جُهْدَهُ، ويستفرغُ وُسْعَهُ في التقرُّبِ إلى اللَّهِ عزَّ وجلَّ بأنواعِ القُرُباتِ، وتخليصِ العملِ من الشوائبِ والمُحْبِطَاتِ.

وإنَّما يضْعُفُ عزمُهُ، وتفْتُرُ هِمَّتُهُ إذا ضَعُفَ عندَهُ هذا النورُ الإيمانيُّ.



وهذا المعنى كثيرٌ جدًّا في القرآنِ العظيمِ:
قالَ اللَّهُ تعالى:{ وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (217) الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ (218) وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ (219) إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ }
[الشعراء: 217-220.]
وقالَ: { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ }[البقرة: 186].
وقالَ:{ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }[البقرة: 110]
وقالَ: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } [الحشر: 18]
وقالَ: { وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ } [5البقرة: 215]
وقالَ: {وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ} [آل عمران: 115]
وقالَ: { إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا } [الكهف: 30]
وقالَ: { وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ }[محمَّد :53]
وقالَ:{ كهيعص (1) ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (2) إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا} [مريم: 1-3]

ومِنْ ألطفِ ما وردَ في ذلكَ قولُهُ تعالى:{ هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ } [آل عمرانَ: 38].
وذلكَ بعدَ قولِهِ جلَّ وعلا في سياقِ قِصَّةِ مريمَ الصِّدِّيقَةِ: { كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ } [آل عمرانَ:37]
وقالَ تعالى:{ وَآَخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآَخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (102) خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (103) أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (104) وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } [التوبة: 102-105]
فانظر كيف يرغبهم في التوبة والتصدق بقوله: (ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة ويأخذ الصدقات) فالله هو الذي يقبل توبة عبده ويفرح بها جل وعلا محبة لعبده المؤمن ، وإلا فإن الله غني عن عباده لا يحتاج إلى أحد طرفة عين.
والله هو الذي يأخذ الصدقات ويتقبلها من عبده الذي أخرجها إيماناً واحتساباً من كسب طيب فينميها لعبده المؤمن ويضاعفها له أضعافاً كثيرة.

ألا يحرك ذلك في نفس العبد المذنب الضعيف دواعي الرجوع إلى الله و الانطراح بين يديه والفرار إليه ؟!!
فهو البر الرحيم، والتواب الحليم، والعفو الغفور، يفرح بتوبة التائبين، ويغفر ذنوب المذنبين، ولا يتعاظمه ذنب أن يغفره، بل يغفر الذنوب لمن آمن به ودعاه ورجاه مهما بلغت ولا يبالي كما جاء في الحديث القدسي العظيم: (يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي) رواه الترمذي وحسنه الألباني

ألا يحثه قوله: (ويأخذ الصدقات) على التصدق ابتغاء فضل الله والتقرب إليه ؟!! لعلمه بأنه الله هو الذي يأخذها، وإذا كان الله هو الذي يأخذها فلن يضيعها، بل ينميها لعبده المؤمن، ويضاعفها له، ويخلف عليه ما أنفق كما قال تعالى: (وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين)
فيؤمن بأن الله يأخذها ويبارك فيها، ويؤمن بأن الله يخلف عليه ما أنفق ويرزقه رزقاً حسناً، فما الذي يمنعه بعد من التصدق؟
لذلك كان الإنفاق في سبيل الله وإيتاء الزكاة والتصدق من أعظم صفات المؤمنين التي ورد ذكرها كثيراً في القرآن الكريم.

ومن الأدلة أيضاً قول الله تعالى:{ وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآَيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [الأنعام: 54]
وقوله: { وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (15) الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آَمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (16) الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ } الآيَةَ [آل عمرانَ: 15-17]
وقوله: { فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنـزلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا} [الفتح: 18]







توقيع علو الهمة
[url=http://alejaaby.com/up][img]http://alejaaby.com/up/uploads/d4b127970c.gif[/img][/url]
علو الهمة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس