عرض مشاركة واحدة
قديم 07-04-10, 10:32 AM   #10
رقية مبارك بوداني
|تواصي بالحق والصبر|
مسؤولة الأقسـام العامة
افتراضي الصدق مع الله في السرّ علامة كمال الإيمان

الصدق مع الله في السرّ علامة كمال الإيمان

"لا تكن وليا لله في العلانية عدوا له في السر"

العبد مأمور بصون نفسه في حالتي السرّ والعلانية، وإن كان صونها في حالة الخفاء هو أصل الأمر، لما لذلك من الشأن العظيم.
قال ابن رجب رحمه الله: " وفي الجملة فتقوى الله في السرّ هوعلامة كمال الإيمان" جامع العلوم والحكم.
فصلاح سر الإنسان هو ميزان إيمانه ومعيار استقامته حتى أن السلف رضوان الله عليهم كانوا يحرصون على صفاء حالة الخلوة أكثر من حالة الجلوة، فها هوالإمام ابن سيرين رحمه الله كان: "يضحك بين الناس وإذا خلى بالليل فكأنه قتل أهل قرية".
فالخلوات الخلوات فإن أكثر الناس "في خلوته على غير حالته في جلوته" كما قال الإمام ابن الجوزي.
أخرج الإمام ابن ماجة في سننه بسند صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لأعلمنَّ أقواما يوم القيامة يأتون بحسنات أمثال جبال تهامة بيضاء يجعلها الله هباءا منثورا".. ثم قال لأصحابه: "وهم منكم ومن جلدتكم ويأخذون من الليل كما تأخذون، ولكنهم إذا خلو بمحارم الله انتهكوها".
وقال أبوالدرداء رضي الله عنه: "ليتق أحدكم أن تلعنه قلوب المؤمنين وهولا يشعر، يخلو بمعاصي الله، فيلقي الله له البغض في قلوب المؤمنين".
وقال سليمان التيمي رحمه الله: "إن الرجل ليصيب الذنب في السر فيصبح وعليه مذلته".
وقال وهب بن الورد رحمه الله: "إن الذنب في الخفاء له عاقبته في السر".
فعلى العبد أن يتقي ربه في حالتي الجهر والسر وأن يحذر من مغبة ذلك.
قال بلال بن سعد رحمه الله: "لا تكن وليا لله في العلانية عدوا له في السر".
وقال ابن الجوزي رحمه الله: "والحذر الحذر من الذنوب، خصوصا ذنوب الخلوات فإن المبارزة لله تعالى تسقط العبد من عينه" صيد الخاطر.
فالواجب إذا أن ينهض العبد إلى إصلاح حالة سره خصوصا وإصلاح أمره عموما، فمن أصلح حال سره أحسن الله له حال علانيته.
قال ابن عون رحمه الله: "كان أهل الخير يكتب بعضهم إلى بعض بثلاث كلمات :
- إذا اشتغلت بآخرتك كفاك الله دنياك.
- وإذا أحسنت سرك أحسن الله علانيتك.
- وإذا أصلحت ما بينك وبين الله أصلح الله ما بينك وما بين الناس
".
وقال سليمان التيمي رحمه الله: "من أحسن لله سريرته فاح عبير مسكه في علانيته".
لذلك حمل جمع من السلف رفعة وعلو مكانة الأئمة الأعلام بين الناس على إحسانهم في حالة سرهم فأعلى الله شأنهم وقدرهم.
قال ابن المبارك رحمه الله: "إن الله عز وجل قد رفع مالك بن أنس وليس عنده كثير صلاة ولا صيام، وأرى ذلك أنه أصلح سره مع الله فرفع الله علانيته وقدره".
وقد ذكر عند الإمام أحمد فضل الإمام عبد الله بن المبارك رحمه الله فقال :"قد رفع الله ذكره وأحسب أنه لخبيئته في السر".
فما أحوجنا إلى إصلاح السر وإحسان الخلوة، وقد ذكر أهل العلم جملة من الأسباب لتحقق ذلك إن شاء الله تعالى منها:
1- الخلوة الإيمانية الأثرية بحيث يخلو الإنسان في المسجد أو في بيته يتلو كتاب الله ويذكر الله ويدعوه ويتضرع إليه وفق السنة، ففي هذا فضل عظيم كما في الحديث الصحيح حديث السبعة الذين يظلهم الله يوم لا ظل إلا ظله فذكر منهم: "..ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه".

قال مسروق رحمه الله: "لا بدَّ للعبد من مجالس الخلوة مع نفسه".

2- الحياء من الله واستحضار مراقبته.
قال ابن السماك رحمه الله:
يا مدمنا على الذنب أما تستحي........ والله في الخلـوة ثانيـك
غرك من ربك إمهـــــاله ........وستره طـول مساويك

وقال الإمام أحمد رحمه الله:
إذا ما خلوت الدهر يوما فلا......... تقل خلوت ولكن قل علي رقيب

3- الدعــاء فإنه من أنفع الأدوية، فيدعوالعبد ربه جل وعلا بصلاح سره وعلانيته ويطلب المغفرة من ذنوب خلوته وجلوته.
فمن الأدعية المأثورة الثابتة عنه صلى الله عليه وسلم في التشهد الأخير: "اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أعلنت وما أسررت، وما أنت أعلم به مني..".

رزقنا الله وإياكم الصدق مع الله في السر و العلانية.

أبو أويس الإدريسي






توقيع رقية مبارك بوداني

الحمد لله أن رزقتني عمرة هذا العام ،فاللهم ارزقني حجة ، اللهم لا تحرمني فضلك ، وارزقني من حيث لا أحتسب ..


رقية مبارك بوداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس