عرض مشاركة واحدة
قديم 29-01-12, 06:16 PM   #1
نور الزعبي
|طالبة في المستوى الثاني1 |
 
تاريخ التسجيل: 03-12-2010
المشاركات: 421
نور الزعبي is on a distinguished road
افتراضي

شرح كتاب التوحيد لمحمد بن صالح العثيمين

الجزء الأول
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين، وعليه نتوكل
قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله‏:‏ كتاب التوحيد‏.‏
لم يذكر في النسخ التي بأيدينا خطبة للكتاب من المؤلف، فإما أن تكون سقطت من النساخ وإما أن يكون المؤلف اكتفى بالترجمة لأنها عنوان على موضوع الكتاب وهو التوحيد، وقد ذكر المؤلف في هذه الترجمة عدة آيات‏.‏
والكتاب بمعنى‏:‏ مكتوب أي مكتوب بالقلم، أو بمعنى مجموع من قولهم‏:‏ كتيبة وهي المجموعة من الخيل‏.‏
والتوحيد في اللغة‏:‏ مشتق من وحد الشيء إذا جعله واحدًا، فهو مصدر وحد يوحد، أي‏:‏ جعل الشيء واحدًا‏.‏
وفي الشرع‏:‏ إفراد الله - سبحانه - بما يختص به من الربوبية والألوهية والأسماء والصفات‏.‏
* أقسامه‏:‏ ينقسم التوحيد إلى ثلاثة أقسام‏:‏
1- توحيد الربوبية‏.‏ 2- توحيد الألوهية‏.‏ 3- توحيد الأسماء والصفات‏.‏
وقد اجتمعت في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا‏}‏ ‏[‏مريم‏:‏ 65‏]‏‏.‏
* القسم الأول ‏:‏ توحيد الربوبية‏:‏
هو إفراد الله - عز وجل - بالخلق، والملك، والتدبير‏.‏
فإفراده بالخلق‏:‏ أن يعتقد الإنسان أنه لا خالق إلا الله، قال تعالى‏:‏ ‏{‏أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ‏}‏ ‏[‏الأعراف‏:‏ 54‏]‏، فهذه الجملة تفيد الحصر لتقديم الخبر؛ إذ إن تقديم ما حقه التأخير يفيد الحصر، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ‏}‏ ‏[‏فاطر‏:‏ 3‏]‏؛ فهذه الآية تفيد اختصاص الخلق بالله، لأن الاستفهام فيها مشرب معنى التحدي‏.‏
أما ما ورد من إثبات خلق غير الله؛ كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ‏}‏ ‏[‏المؤمنون‏:‏ 14‏]‏، وكقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في المصورين‏:‏ يقال لهم ‏(‏أحيوا ما خلقتم‏)‏ ‏[‏البخاري‏:‏ كتاب اللباس/ باب عذاب المصورين يوم القيامة، ومسلم‏:‏ كتاب اللباس والزينة/ باب تحريم صورة الحيوان‏.‏‏]‏‏.‏
فهذا ليس خلقًا حقيقة، وليس إيجادًا بعد عدم، بل هو تحويل للشيء من حال إلى حال، وأيضًا ليس شاملًا، بل محصور بما يتمكن الإنسان منه، ومحصور بدائرة ضيقة؛ فلا ينافي قولنا‏:‏ إفراد الله بالخلق‏.‏
وأما إفراد الله بالملك‏:‏
فأن نعتقد أنه لا يملك الخلق إلا خالقهم؛ كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ‏}‏ ‏[‏آل عمران‏:‏ 19‏]‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ‏}‏ ‏[‏المؤمنون‏:‏ 88‏]‏‏.‏
وأما ما ورد من إثبات الملكية لغير الله؛ كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ‏}‏ ‏[‏المؤمنون‏:‏ 6‏]‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏أَوْ مَا مَلَكْتُم مَّفَاتِحَهُ‏}‏ ‏[‏النور‏:‏ 61‏]‏، فهو ملك محدود لا يشمل إلا شيئًا يسيرًا من هذه المخلوقات؛ فالإنسان يملك ما تحت يده، ولا يملك ما تحت يد غيره، وكذا هو ملك قاصر من حيث الوصف؛ فالإنسان لا يملك ما عنده تمام الملك، ولهذا لا يتصرف فيه إلا على حسب ما أذن له فيه شرعًا، فمثلًا‏:‏ لو أراد أن يحرق ماله، أو يعذب حيوانه؛ قلنا‏:‏ لا يجوز، أما الله - سبحانه ـ فهو يملك ذلك كله ملكًا عامًا شاملًا‏.‏
وأما إفراد الله بالتدبير‏:‏
فهو أن يعتقد الإنسان أنه لا مدبر إلا الله وحده؛ كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ‏}‏ ‏[‏يونس‏:‏ 30‏:‏ 31‏]‏‏.‏
وأما تدبير الإنسان؛ فمحصور بما تحت يده، ومحصور بما أذن له فيه شرعًا‏.‏ وهذا القسم من التوحيد لم يعارض فيه المشركون الذين بعث فيهم الرسول صلى الله عليه وسلم، بل كانوا مقرين به، قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ‏}‏ ‏[‏الزخرف‏:‏ 9‏]‏، فهم يقرون بأن الله هو الذي يدبر الأمر، وهو الذي بيده ملكوت السماوات والأرض، ولم ينكره أحد معلوم من بني آدم؛ فلم يقل أحد من المخلوقين‏:‏ إن للعالم خالقين متساويين‏.‏
فلم يجحد أحد توحيد الربوبية، لا على سبيل التعطيل ولا على سبيل التشريك، إلا ما حصل من فرعون؛ فإنه أنكره على سبيل التعطيل مكابرة؛ فإنه عطل الله من ربوبيته وأنكر وجوده، قال تعالى حكاية عنه‏:‏ ‏{‏فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى‏}‏ ‏[‏النازعات‏:‏ 24‏]‏، ‏{‏مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي‏}‏ ‏[‏القصص‏:‏ 38‏]‏‏.‏ وهذا مكابرة منه لأنه يعلم أن الرب غيره؛ كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا‏}‏ ‏[‏النمل‏:‏ 14‏]‏، وقال تعالى حكاية عن موسى وهو يناظره‏:‏ ‏{‏لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنزَلَ هَؤُلاء إِلاَّ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ‏}‏ ‏[‏الإسراء‏:‏ 102‏]‏؛ فهو في نفسه مقر بأن الرب هو الله -عز وجل-‏.‏
وأنكر توحيد الربوبية على سبيل التشريك المجوس، حيث قالوا‏:‏ إن للعالم خالقين هما الظلمة والنور، ومع ذلك لم يجعلوا هذين الخالقين متساويين، فهم يقولون‏:‏ إن النور خير من الظلمة؛ لأنه يخلق الخير، والظلمة تخلق الشر، والذي يخلق الخير خير من الذي يخلق الشر‏.‏
وأيضًا؛ فإن الظلمة عدم لا يضيء، والنور وجود يضيء؛ فهو أكمل في ذاته‏.‏
ويقولون أيضًا بفرق ثالث، وهو‏:‏ أن النور قديم على اصطلاح الفلاسفة، واختلفوا في الظلمة، هل هي قديمة، أو محدثة‏؟‏ على قولين‏.‏
دلالة العقل على أن الخالق للعالم واحد‏:‏
قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ‏}‏ ‏[‏المؤمنون‏:‏ 91‏]‏، إذ لو أثبتنا للعالم خالقين؛ لكان كل خالق يريد أن ينفرد بما خلق ويستقل به كعادة الملوك؛ إذا لا يرضى أن يشاركه أحد، وإذا استقل به؛ فإنه يريد أيضًا أمرًا آخر، وهو أن يكون السلطان له لا يشاركه فيه أحد‏.‏
وحينئذ إذا أرادا السلطان؛ فإما أن يعجز كل واحد منهما عن الآخر، أو يسيطر أحدهما على الآخر؛ فإن سيطر أحدهما على الآخر ثبتت الربوبية له، وإن عجز كل منهما عن الآخر زالت الربوبية منهما جميعًا؛ لأن العاجز لا يصلح أن يكون ربًّا‏.‏
القسم الثاني‏:‏ توحيد الألوهية‏:‏
ويقال له‏:‏ توحيد العبادة باعتبارين؛ فاعتبار إضافته إلى الله يسمى‏:‏ توحيد الألوهية، وباعتبار إضافته إلى الخلق يسمى توحيد العبادة‏.‏
وهو إفراد الله - عز وجل - بالعبادة‏.‏
فالمستحق للعبادة هو الله تعالى، قال تعالى‏:‏ ‏{‏ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الْبَاطِلُ‏}‏ ‏[‏لقمان‏:‏ 30‏]‏‏.‏
والعبادة تطلق على شيئين‏:‏
الأول‏:‏ التعبد‏:‏ بمعنى التذلل لله - عز وجل - بفعل أوامره واجتناب نواهيه؛ محبة وتعظيمًا‏.‏
الثاني‏:‏ المتعبد به؛ فمعناها كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله‏:‏ ‏)‏اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة‏(‏‏.‏
مثال ذلك‏:‏ الصلاة؛ ففعلها عبادة، وهو التعبد، ونفس الصلاة عبادة، وهو المتعبد به‏.‏
فإفراد الله بهذا التوحيد‏:‏ أن تكون عبدًا لله وحده تفرده بالتذلل؛ محبة وتعظيمًا، وتعبده بما شرع، قال تعالى‏:‏ ‏{‏لاَّ تَجْعَل مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَّخْذُولاً‏}‏ ‏[‏الإسراء‏:‏ 22‏]‏‏.‏ وقال تعالى‏:‏ ‏{‏الْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ‏}‏ ‏[‏الفاتحة‏:‏ 2‏]‏؛ فوصفه سبحانه بأنه رب العالمين كالتعليل لثبوت الألوهية له؛ فهو الإله لأنه رب العالمين، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 21‏]‏؛ فالمنفرد بالخلق هو المستحق للعبادة‏.‏
إذ من السفه أن تجعل المخلوق الحادث الآيل للفناء إلهًا تعبده؛ فهو في الحقيقة لن ينفعك لا بإيجاد ولا بإعداد ولا بإمداد، فمن السفه أن تأتي إلى قبر إنسان صار رميمًا تدعوه وتعبده، وهو بحاجة إلى دعائك، وأنت لست بحاجة إلى أن تدعوه؛ فهو لا يملك لنفسه نفعًا لا ضرًا؛ فكيف يملكه لغيره‏؟‏‍‏!‏
وهذا القسم كفر به وجحده أكثر الخلق، ومن أجل ذلك أرسل الله الرسل، وأنزل عليهم الكتب، قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ‏}‏ ‏[‏الأنبياء‏:‏ 25‏]‏‏.‏
ومع هذا؛ فأتباع الرسل قلة، قال عليه الصلاة والسلام‏:‏ ‏(‏أفرأيت النبي ومعه الرهط، والنبي ومعه الرجل والرجلان، والنبي ليس معه أحد‏)‏ ‏[‏البخاري‏:‏ كتاب الطب/باب من أكتوى أو كوى غيره، ومسلم‏:‏ كتاب الإيمان/باب الدليل على دخول طوائف من المسلمين الجنة بغير حساب ولا عذاب‏.‏‏]‏‏.‏
* تنبيه‏:‏
من العجب أن أكثر المصنفين في علم التوحيد من المتأخرين يركزون على توحيد الربوبية، وكأنما يخاطبون أقوامًا ينكرون وجود الرب - وإن كان يوجد من ينكر الرب ـ لكن ما أكثر المسلمين الواقعين في شرك العبادة‍‍‏!‏‏!‏‏.‏
ولهذا ينبغي أن يركز على هذا النوع من التوحيد حتى نخرج إليه هؤلاء المسلمين الذين يقولون بأنهم مسلمون، وهم مشركون، ولا يعلمون‏.‏
القسم الثالث‏:‏ توحيد الأسماء والصفات‏:‏
وهو إفراد الله - عز وجل - بما له من الأسماء والصفات‏.‏
وهذا يتضمن شيئين‏:‏
الأول‏:‏ الإثبات، وذلك بأن نثبت لله - عز وجل - جميع أسمائه وصفاته التي أثبتها لنفسه في كتابه أو سنة نبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏.‏
الثاني‏:‏ نفى المماثلة، وذلك بأن لا نجعل لله مثيلًا في أسمائه وصفاته؛ كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ‏}‏ ‏[‏الشورى‏:‏ 11‏]‏‏.‏ فدلت هذه الآية على أن جميع صفاته لا يماثله فيها أحد من المخلوقين؛ فهي وإن اشتركت في أصل المعنى، لكن تختلف في حقيقة الحال، فمن لم يثبت ما أثبته الله لنفسه؛ فهو معطل، وتعطيله هذا يشبه تعطيل فرعون، ومن أثبتها مع التشبيه صار مشابهًا للمشركين الذين عبدوا مع الله غيره، ومن أثبتها بدون مماثلة صار من الموحدين‏.‏
وهذا القسم من التوحيد هو الذي ضلت فيه بعض الأمة الإسلامية وانقسموا فيه إلى فرق كثيرة؛ فمنهم من سلك مسلك التعطيل، فعطل، ونفى الصفات زاعمًا أنه منزه لله، وقد ضل، لأن المنزه حقيقةً هو الذي ينفي عنه صفات النقص والعيب، وينزه كلامه من أن يكون تعمية وتضليلًا، فإذا قال‏:‏ بأن الله ليس له سمع، ولا بصر، ولا علم، ولا قدرة، لم ينزه الله، بل وصمه بأعيب العيوب، ووصم كلامه بالتعمية والتضليل، لأن الله يكرر ذلك في كلامه ويثبته، ‏[‏سميع بصير‏]‏، ‏[‏عزيز حكيم‏]‏، ‏[‏غفور رحيم‏]‏، فإذا أثبته في كلامه وهو خال منه؛ كان في غاية التعمية والتضليل والقدح في كلام الله - عز وجل ـ ومنهم من سلك مسلك التمثيل زاعمًا بأنه محقق لما وصف الله به نفسه، وقد ضلوا لأنهم لم يقدروا الله حق قدره؛ إذا وصموه بالعيب والنقص، لأنهم جعلوا الكامل من كل وجه كالناقص من كل وجه‏.‏
وإذا كان اقتران تفضيل الكامل على الناقص يحط من قدره، كما قيل‏:‏
ألم تر أن السيف ينقص قدره ** إذا قيل إن السيف أمضى من العصا
فكيف بتمثيل الكامل بالناقص‏؟‏‏!‏ هذا أعظم ما يكون جنايةً في حق الله - عز وجل ـ، وإن كان المعطوف أعظم جرمًا، لكن الكل لم يقدر الله حق قدره‏.‏
فالواجب‏:‏ أن نؤمن بما وصف الله وسمى به نفسه في كتابه، وعلى لسان رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل‏.‏
هكذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره من أهل العلم‏.‏
فالتحريف في النصوص، والتعطيل في المعتقد، والتكييف في الصفة، والتمثيل في الصفة، إلا أنه أخص من التكييف؛ فكل ممثل مكيف، ولا عكس، فيجب أن تبرأ عقيدتنا من هذه الأمور الأربعة‏.‏
ونعني بالتحريف هنا‏:‏ التأويل الذي سلكه المحرفون لنصوص الصفات؛ لأنهم سموا أنفسهم أهل التأويل، لأجل تلطيف المسلك الذي سلكوه؛ لأن النفوس تنفرُ من كلمة تحريف، لكن هذا من باب زخرفة القول وتزيينه للناس، حتى لا ينفروا منه‏.‏
وحقيقة تأويلهم‏:‏ التحريف، وهو صرف اللفظ عن ظاهره؛ فنقول‏:‏ هذا الصرف إن دل عليه دليل صحيح؛ فليس تأويلًا بالمعنى الذي تريدون، لكنه تفسير‏.‏
وإن لم يدل عليه دليل؛ فهو تحريف، وتغيير للكلم عن مواضعه؛ فهؤلاء الذين ضلوا بهذه الطريقة، فصاروا يثبتون الصفات لكن بتحريف؛ قد ضلوا، وصاروا في طريق معاكس لطريق أهل السنة والجماعة‏.‏
وعليه لا يمكن أن يوصفوا بأهل السنة والجماعة؛ لأن الإضافة تقتضي النسبة، فأهل السنة منتسبون للسنة؛ لأنهم متمسكون بها، وهؤلاء ليسوا متمسكين بالسنة فيما ذهبوا إليه من التحريف‏.‏
وأيضًا الجماعة في الأصل‏:‏ الاجتماع، وهم غير مجتمعين في آرائهم؛ ففي كتبهم التداخل، والتناقض، والاضطراب، حتى إن بعضهم يضلل بعضًا، ويتناقض هو بنفسه‏.‏
وقد نقل شارع ‏"‏الطحاوية‏"‏ عن الغزالي - وهو ممن بلغ ذروة علم الكلام - كلامًا إذا قرأه الإنسان تبين له ما عليه أهل الكلام من الخطأ والزلل والخطل، وأنهم ليسوا على بينة من أمرهم‏.‏
وقال الرازي وهو من رؤسائهم‏:‏
نهاية إقدام العقول عــــقال ** وأكثر سعي العالمين ضـلال
وأرواحنا في وحشة من جسومنا ** وغاية دنيانا أذى ووبـــال
ولم نستفد من بحثنا طول عمرنا ** سوى أن جمعنا فيه قيل وقالوا
ثم قال‏:‏ لقد تأملت الطرق الكلامية والمناهج الفلسفية؛ فما رأيتها تشفي عليلًا، ولا تروي غليلًا، ووجدت أقرب الطرق طريقة القرآن، أقرأ في الإثبات‏:‏ ‏{‏الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى‏}‏ ‏[‏طه‏:‏ 5‏]‏ ‏{‏إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ‏}‏ ‏[‏فاطر‏:‏ 10‏]‏؛ يعني‏:‏ فأثبت، وأقرأ في النفي‏:‏ ‏{‏لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ‏}‏ ‏[‏الشورى‏:‏ 11‏]‏، ‏{‏وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا‏}‏ ‏[‏طه‏:‏ 110‏]‏؛ يعني‏:‏ فأنفي المماثلة، وأنفي الإحاطة به علمًا، ومن جرب مثل تجربتي عرف مثل معرفتي‏.‏
فتجدهم حيارى مضطربين، ليسوا على يقين من أمرهم، وتجد من هداه الله الصراط المستقيم مطمئنًا منشرح الصدر، هادئ البال، يقرأ في كتاب الله وفي سنة رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ما أثبته الله لنفسه من الأسماء والصفات؛ فيثبت؛ إذ لا أحد أعلم من الله بالله، ولا أصدق خبرًا من خبر الله، ولا أصح بيانًا من بيان الله؛ كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ‏}‏ ‏[‏النساء‏:‏ 26‏]‏، ‏{‏يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ‏}‏ ‏[‏النساء‏:‏ 176‏]‏، ‏{‏وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ‏}‏ ‏[‏النحل‏:‏ 89‏]‏، ‏{‏وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلاً‏}‏ ‏[‏النساء‏:‏ 122‏]‏، ‏{‏وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا‏}‏ ‏[‏النساء‏:‏ 87‏]‏‏.‏ فهذه الآيات وغيرها تدل على أن الله يبين للخلق غاية البيان الطريق التي توصلهم إليه، وأعظم ما يحتاج الخلق إلى بيانه ما يتعلق بالله تعالى وبأسماء الله وصفاته حتى يعبدوا الله على بصيرة؛ لأن عبادة من لم نعلم صفاته، أو من ليس له صفة أمر لا يتحقق أبدًا؛ فلابد أن تعلم من صفات المعبود ما تجعلك تلتجئ إليه وتعبده حقًا‏.‏
ولا يتجاوز الإنسان حده إلى التكييف أو التمثيل؛ لأنه إذا كان عاجزًا عن تصور نفسه التي بين جنبيه؛ فمن باب أولى أن يكون عاجزًا عن تصور حقائق ما وصف الله به نفسه، ولهذا يجب على الإنسان أن يمنع نفسه عن السؤال بـ ‏"‏لِمَ‏"‏ و‏"‏كيف‏"‏ فيما يتعلق بأسماء الله وصفاته، وكذا يمنع نفسه من التفكير بالكيفية‏.‏
وهذا الطريق إذا سلكه الإنسان استراح كثيرًا، وهذه حال السلف رحمهم الله، ولهذا لما جاء رجل إلى الإمام مالك بن أنس رحمه الله قال‏:‏ يا أبا عبدالله‏!‏ ‏{‏الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى‏}‏، كيف استوى‏؟‏ فأطرق برأسه وقال‏:‏ ‏"‏الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وما أراك إلا مبتدعًا‏"‏‏.‏
أما في عصرنا الحاضر؛ فنجد من يقول إن الله ينزل إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر كل ليلة، فيلزم من هذا أن يكون كل الليل في السماء الدنيا؛ لأن الليل يمشي على جميع الأرض؛ فالثلث ينتقل من هذا المكان إلى المكان الآخر، وهذا لم يقله الصحابة رضوان الله عليهم، ولو كان هذا يرد على قلب المؤمن؛ لبينه الله إما ابتداءً أو على لسان رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ‏:‏ أو يقيض من يسأله عنه فيجاب، كما سأل الصحابة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أين كان الله قبل أن يخلق السماوات والأرض، فأجابهم ‏[‏(1)]‏‏.‏
فهذا السؤال العظيم يدل على أن كل ما يحتاج إليه الناس فإن الله يبينه بأحد الطرق الثلاثة‏.‏
والجواب عن الإشكال في حديث النزول ‏[(2)
‏">]‏‏:‏ أن يقال‏:‏ ما دام ثلث الليل الأخير في هذه الجهة باقيًا، فالنزول فيها محقق، وفي غيرها لا يكون نزول قبل ثلث الليل الأخير أو النصف، والله - عز وجل - ليس كمثله شيء، والحديث يدل على أن وقت النزول ينتهي بطلوع الفجر‏.‏
وعلينا أن نستسلم، وأن نقول‏:‏ سمعنًا، وأطعنا، واتبعنا، وآمنا؛ فهذه وظيفتنا لا نتجاوز القرآن والحديث‏.‏
* * *
وقول الله تعالى‏:‏ ‏{‏وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ‏}‏ ‏[‏الذريات‏:‏ 56‏]‏ الآية‏.‏
* الآية الأولى قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ‏}‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏{‏إلا ليعبدون‏}‏ استثناء مفرغ من أعم الأحوال؛ أي‏:‏ ما خلق الجن والإنس لأي شيء إلا للعبادة‏.‏
واللام في قوله‏:‏ ‏{‏إلا ليعبدون‏}‏ للتعليل، وهذا التعليل لبيان الحكمة من الخلق، وليس التعليل الملازم للمعلول؛ إذ لو كان كذلك للزم أن يكون الخلق كلهم عبادًا يتعبدون له، وليس الأمر كذلك، فهذه العلة غائية، وليست موجبة‏.‏
فالعلة الغائية لبيان الغاية والمقصود من هذا الفعل، لكنها قد تقع، وقد لا تقع، مثل‏:‏ بريت القلم لأكتب به؛ فقد تكتب، وقد لا تكتب‏.‏
والعلة الموجبة معناها‏:‏ أن المعلول مبني عليها؛ فلابد أن تقع، وتكون سابقة للمعلول، ولازمة له، مثل‏:‏ انكسر الزجاج لشدة الحرة‏.‏
قوله‏:‏ ‏{‏خلقت‏}‏، أي أوجدت، وهذا الإيجاد مسبوق بتقدير، وأصل الخلق التقدير‏.‏
قال الشاعر‏.‏
ولأنت تفــري مـا خلقـت ** وبعض الناس يخلق ثم لا يفري
قوله‏:‏ ‏{‏الجن‏}‏‏:‏ هم عالمُ غيبيُ مخفيُ عنا، ولهذا جاءت المادة من الجيم والنون، وهما يدلان على الخفاء والاستتار، ومنه‏:‏ الجَنة، والجِنة، والجُنة‏.‏
قوله‏:‏ ‏{‏الإنس‏}‏ سموا بذلك، لأنهم لا يعيشون بدون إيناس، فهم يأنس بعضهم ببعض، ويتحرك بعضهم إلى بعض‏.‏
قوله‏:‏ ‏{‏إلا ليعبدون‏}‏ فُسِّر‏:‏ إلا ليوحدون، وهذا حق، وفُسِّر‏:‏ بمعنى يتذللون لي بالطاعة فِعلًا للمأمور، وتركًا للمحظور، ومن طاعته أن يوحد سبحانه وتعالى؛ فهذه هي الحكمة من خلق الجن والإنس‏.‏
ولهذا أعطى الله البشر عقولًا، وأرسل إليهم رسلًا، وأنزل عليهم كتبًا، ولو كان الغرض من خلقهم كالغرض من خلق البهائم؛ لضاعت الحكمة من إرسال الرسل، وإنزال الكتب؛ لأنه في النهاية يكون كشجرة نبتت، ونمت، وتحطمت، ولهذا قال تعالى‏:‏ ‏{‏إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ‏}‏ ‏[‏القصص‏:‏ 85‏]‏؛ فلابد أن يردك إلى معادٍ تجازى على عملك إن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر‏.‏
وليست الحكمة من خلقهم نفع الله، ولهذا قال تعالى‏:‏ ‏{‏مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ‏}‏ ‏[‏الذريات‏:‏ 57‏]‏‏.‏
وأما قوله تعالى‏:‏ ‏{‏مَن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 245‏]‏‏.‏
فهذا ليس إقراضًا لله سبحانه، بل هو غنيُّ عنه، لكنه سبحانه شبه معاملة عبده له بالقرض؛ لأنه لا بد من وفائه، فكأنه التزامُ من الله سبحانه أن يوفى العامل أجر عمله كما يوفي المقترض من أقرضه‏.‏
* * *
وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللَّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ‏}‏
‏[‏النحل‏:‏ 36‏]‏
* الآية الثانية قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللَّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ‏}‏ ‏[‏النحل‏:‏ 36‏]‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏{‏ولقد‏}‏‏:‏ اللام موطئه لقسم مقدر، وقد‏:‏ للتحقيق‏.‏
وعليه؛ فالجملة مؤكدة بالقسم المقدر، واللام، وقد‏.‏
قوله‏:‏ ‏{‏بعثنا‏}‏؛ أي‏:‏ أخرجنا، وأرسلنا في كل أمة‏.‏
والأمة هنا‏:‏ الطائفة من الناس‏.‏
وتطلق الأمة في القرآن على أربعة معانٍ‏:‏
‌أ- الطائفة‏:‏ كما في هذه الآية‏.‏
‌ب- الإمام، ومنه قوله تعالى‏:‏ ‏{‏إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلّهِ‏}‏ ‏[‏النحل‏:‏ 120‏]‏‏.‏
‌ج- الملة‏:‏ ومنه قوله تعالى‏:‏ ‏{‏إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ‏}‏ ‏[‏الزخرف‏:‏ 23‏]‏‏.‏
‌د- الزمن‏:‏ ومنه قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ‏}‏ ‏[‏يوسف‏:‏ 45‏]‏‏.‏
فكل أمة بعث فيها رسول من عهد نوح إلى عهد نبينا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ ‏.‏
* والحكمة من إرسال الرسل‏:‏
‌أ- إقامة الحجة‏:‏ قال تعالى‏:‏ ‏{‏رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ‏}‏ ‏[‏النساء‏:‏ 165‏]‏‏.‏
‌ب- الرحمة‏:‏ لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ‏}‏ ‏[‏الأنبياء‏:‏ 107‏]‏‏.‏
‌ج- بيان الطريق الموصل إلى الله تعالى، لأن الإنسان لا يعرف ما يجب لله على لوجه التفصيل إلا عن طريق الرسل‏.‏
قوله‏:‏ ‏{‏أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ‏}‏ أن‏:‏ قيل تفسيرية، وهي التي سبقت بما يدل على القول دون حروفه؛ كفوله تعالى‏:‏ ‏{‏فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ‏}‏ ‏[‏المؤمنون‏:‏ 27‏]‏، والوحي فيه معنى القول دون حروفه، والبعث متضمن معنى الوحي؛ لأن كل رسول موحى إليه‏.‏
وقيل‏:‏ إنها مصدرية على تقدير الباء؛ أي‏:‏ بأن اعبدوا، والراجح الأول؛ لعدم التقرير‏.‏ أي‏:‏ تذللوا له بالعبادة، وسبق تعرف العبادة‏.‏
قوله‏:‏ ‏{‏وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ‏}‏ أي‏:‏ ابتعدوا عنه بأن تكونوا في جانب، وهو في جانب، والطاغوت‏:‏ مشتق من الطغيان، وهو صفة مشبهة، والطغيان‏:‏ مجاورة الحد؛ كما في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاء حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ‏}‏ ‏[‏الحاقة‏:‏ 11‏]‏؛ أي‏:‏ تجاوز حده‏.‏
وأجمع ما قيل في تعريفه هو ما ذكره ابن القيم رحمه الله بأنه‏:‏ ‏"‏ما تجاوز به العبد حده من متبوع، أو معبود، أو مطاع‏"‏‏.‏
ومراده من كان راضيًا بذلك، أو يقال‏:‏ هو طاغوت باعتبار عابده، وتابعه، ومطيعه؛ لأنه تجاوز به حده حيث نَزَّله فوق منزلته التي جعلها الله له، فتكون عبادته لهذا المعبود، واتباعه لمتبوعه، وطاعته لمطاعه طغيانًا لمجاوزته الحد بذلك‏.‏
فالمتبوع مثل‏:‏ الكهان، والسحرة، وعلماء السوء‏.‏
والمعبود مثل‏:‏ الأصنام‏.‏
والمطاع مثل‏:‏ الأمراء الخارجين عن طاعة الله، فإذا اتخذهم الإنسان أربابًا يحل ما حرم الله من أجل تحليلهم له، ويحرم ما أحل الله من أجل تحريمهم له؛ فهؤلاء طواغيت، والفاعل تابع للطاغوت، قال تعالى‏:‏ ‏{‏أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ‏}‏ ‏[‏النساء‏:‏ 51‏]‏، ولم يقل‏:‏ إنهم طواغيت‏.‏
ودلالة الآية على التوحيد‏:‏ أن الأصنام من الطواغيت التي تعبد من دون الله‏.‏ والتوحيد لا يتم إلا بركنين، هما‏:‏
1- الإثبات‏.‏
2- النفي‏.‏
إذ النفي المحض تعطيل محض، والإثبات المحض لا يمنع المشاركة‏.‏
مثال ذلك‏:‏ زيد قائم، يدل على ثبوت القيام لزيد، لكن لا يدل على انفراده به‏.‏
ولم يقم أحد، هذا نفي محض‏.‏
ولم يقم إلا زيد، هذا توحيد له بالقيام؛ لأنه اشتمل على إثبات ونفي‏.‏
قوله‏:‏ ‏"‏الآية‏"‏ أي‏:‏ إلى آخر الآية، وتقرأ بالنصب؛ إما على أنها مفعول به لفعل محذوف تقديره أكمل الآية، أو أنها منصوب بنزع الخافض؛ أي‏:‏ إلى آخر الآية‏.‏
ووجه الاستشهاد بهذه الآية لكتاب التوحيد‏:‏ أنها دالة على إجماع الرسل عليهم الصلاة والسلام على الدعوة إلى التوحيد، وأنهم أرسلوا به؛ لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏أَنِ اعْبُدُواْ اللَّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ‏}‏‏.‏
* * *
وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا‏}‏‏.‏ ‏[‏الإسراء‏:‏ 23‏]‏ الآية‏.‏
* الآية الثالثة قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الآية‏.‏
قوله‏:‏ ‏{‏قضى‏}‏ قضاء الله - عز وجل - ينقسم إلى قسمين‏:‏
1- قضاء شرعي‏.‏ 2- قضاء كوني‏.‏
فالقضاء الشرعي‏:‏ يجوز وقوعه من المقضي عليه وعدمه، ولا يكون إلا فيما يحبه الله‏.‏
مثال ذلك‏:‏ هذه الآية‏:‏ ‏{‏وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ‏}‏ ‏[‏الإسراء‏:‏ 23‏]‏؛ فتكون قضى بمعنى‏:‏ شرع، أو بمعنى‏:‏ وصى، وما أشبههما‏.‏
والقضاء الكوني‏:‏ لابد من وقوعه، ويكون فيما أحبه الله، وفيما لا يحبه‏.‏
مثال ذلك‏:‏ قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا‏}‏ ‏[‏الإسراء‏:‏ 4‏]‏ فالقضاء هنا كوني؛ لأن الله لا يشرع الفساد في الأرض، ولا يحبه‏.‏
قوله‏:‏ ‏{‏أن لا تعبدوا‏}‏‏.‏ ‏{‏أن‏}‏ هنا مصدرية بدليل حذف النون من تعبدوا، والاستثناء هنا مفرغ؛ لأن الفعل لم يأخذ مفعوله؛ فمفعوله ما بعد إلا‏.‏
قوله‏:‏ ‏{‏إلا إياه‏}‏ ضمير نصب منفصل واجب الانفصال؛ لأن المتصل لا يقع بعد إلا، قال ابن مالك‏:‏
وذو اتصال منه ما لا يبتدا** ولا يلي إلا اختيارًا أبدًا
* إشكال وجوابه‏:‏
إذا قيل‏:‏ ثبت أن الله قضى كونًا ما لا يحبه؛ فكيف يقضي الله ما لا يحبه‏؟‏
فالجواب‏:‏ أن المحبوب قسمان‏:‏
1- محبوب لذاته‏.‏
2- محبوب لغيره‏.‏
فالمحبوب لغيره قد يكون مكروهًا لذاته، ولكن يحب لما فيه من الحكمة والمصلحة؛ فيكون حينئذ محبوبًا من وجه، مكروهًا من وجه آخر‏.‏
مثال ذلك‏:‏ الفساد في الأرض من بني إسرائيل في حد ذاته مكروه إلى الله؛ لأن الله لا يحب الفساد، ولا المفسدين، ولكن للحكمة التي يتضمنها يكون بها محبوبًا إلى الله - عز وجل - من وجه آخر‏.‏
ومن ذلك‏:‏ القحط، والجدب، والمرض، والفقر؛ لأن الله رحيم لا يحب أن يؤذي عباده بشيء من ذلك، بل يريد بعباده اليسر، لكن يقدره للحكم المترتبة عليه؛ فيكون محبوبًا إلى الله من وجه، مكروهًا من وجه آخر‏.‏
قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ‏}‏ ‏[‏الروم‏:‏ 41‏]‏‏.‏
فإن قيل‏:‏ كيف يتصور أن يكون الشيء محبوبًا من وجه مكروهًا من وجه آخر‏؟‏
فيقال‏:‏ هذا الإنسان المريض يعطى جرعة من الدواء مُرَّة كريهة الرائحة واللون، فيشربها، وهو يكرهها لما فيها من المرارة واللون والرائحة، ويحبها لما فيها من الشفاء، وكذا الطبيب يكوي المريض بالحديدة المحماة على النار، ويتألم منها؛ فهذا الألم مكروه له من وجه، محبوب له من وجه أخر‏.‏
فإن قيل‏:‏ لماذا لم يكن قوله‏:‏ ‏{‏وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ‏}‏ من باب القضاء القدري‏؟‏
أجيب‏:‏ بأنه لا يمكن؛ إذ لو كان قضاءً قدريًا لعبد الناس كلهم ربهم، لكنه قضاء شرعي قد يقع وقد لا يقع‏.‏
والخطاب في الآية للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولكن، لكنه قال‏:‏ ‏{‏وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ‏}‏، ولم يقل ‏"‏أن لا تعبد‏"‏، ونظير ذلك في القرآن قوله تعالى‏:‏ ‏{‏يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء‏}‏ ‏[‏الطلاق‏:‏ 1‏]‏ ؛ فالخطاب الأول للرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ والثاني عام؛ فما الفائدة من تغيير الأسلوب‏؟‏
أجيب‏:‏ إن الفائدة من ذلك‏:‏
1- التنبيه؛ إذ تنبيه المخاطب أمر مطلوب للمتكلم، وهذا حاصل هنا بتغيير الأسلوب‏.‏
2- أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ زعيم أمته، والخطاب الموجه إليه موجه لجميع الأمة‏.‏
3- الإشارة إلى أن ما خوطب به الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ فهو له ولأمته؛ إلا ما دلّ الدليل على أنه مختص به‏.‏
4- وفي هذه الآية خاصة الإشارة إلى أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مربوب لا رب، عابد لا معبود؛ فهو داخل في قوله‏:‏ ‏{‏تعبدوا‏}‏، وكفى به شرفًا أن يكون عبدًا لله - عز وجل - ولهذا يصفه الله تعالى بالعبودية في أعلى مقاماته؛ فقال في مقام التحدي والدفاع عنه‏:‏ ‏{‏وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 23‏]‏، وقال في مقام إثبات نبوته ورسالته إلى الخلق‏:‏ ‏{‏تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ‏}‏ ‏[‏الفرقان‏:‏ 1‏]‏، وقال في مقام الإسراء والمعراج ‏{‏سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ‏}‏ ‏[‏الإسراء‏:‏ 1‏]‏، ‏{‏فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى‏}‏ ‏[‏النجم‏:‏ 10‏]‏‏.‏
* أقسام العبودية‏:‏
تنقسم العبودية إلى ثلاثة أقسام‏:‏
1- عامة، وهي عبودية الربوبية، وهي لكل الخلق، قال تعالى‏:‏ ‏{‏إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا‏}‏ ‏[‏مريم‏:‏ 93‏]‏، ويدخل في ذلك الكفار‏.‏
2- عبودية خاصة، وهي عبودية الطاعة العامة، قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا‏}‏ ‏[‏الفرقان‏:‏ 63‏]‏، وهذه تعم كل من تعبد لله بشرعه‏.‏
3- خاصّة الخاصّة، وهي عبودية الرسل عليهم الصلاة والسلام، قال تعالى عن نوح‏:‏ ‏{‏إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا‏}‏ ‏[‏الإسراء‏:‏ 3‏]‏، وقال عن محمد‏:‏ ‏{‏وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 23‏]‏، وقال في آخرين من الرسل‏:‏ ‏{‏وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ أُوْلِي الأَيْدِي وَالأَبْصَارِ‏}‏ ‏[‏ص‏:‏ 45‏]‏‏.‏
فهذه العبودية المضافة إلى الرسل خاصة الخاصة؛ لأنه لا يباري أحد هؤلاء الرسل في العبودية‏.‏
قوله‏:‏ ‏{‏وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا‏}‏ أي‏:‏ قضى ربك أن نحسن بالوالدين إحسانا، والوالدان‏:‏ يشمل الأم، والأب، ومن فوقهما، لكنه في الأم والأب أبلغ، وكلما قربا منك كانا أولى بالإحسان، والإحسان، بذل المعروف، وفي قوله‏:‏ ‏{‏وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا‏}‏ بعد قوله‏:‏ ‏{‏وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ‏}‏ دليل على أن حق الوالدين بعد حق الله- عز وجل -‏.‏
فإن قيل‏:‏ فأين حق الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ‏؟‏
أجيب‏:‏ بأن حق الله متضمن لحق الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ؛ لأن الله لا يعبد إلا بما شرع الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏.‏
وقوله‏:‏ ‏{‏إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ‏}‏ أي‏:‏ كف الأذى عنهما؛ ففي قوله‏:‏ ‏{‏إحسانًا‏}‏‏:‏ بذل المعروف، وفي قوله‏:‏ ‏{‏فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ‏}‏‏:‏ كف الأذى، ومعنى ‏"‏أف‏"‏‏:‏ أتضجر؛ لأنك إذا قلته؛ فقد يتأذّيان بذلك، وفي الآية إشارة إلى أنهما إذا بلغا الكبر صارا عبئًا على ولدهما؛ فلا يتضجر من الحال، ولا ينهرهما في المقال إذا أساءا في الفعل أو القول‏.‏
قوله‏:‏ ‏{‏وقل لهما قولًا كريمًا‏}‏، أي‏:‏ لينا حسنًا بهدوء وطمأنينة؛ كقولك‏:‏ أعظم الله أجرك، أبشري يا أمي، أبشر يا أبي، وما أشبه ذلك؛ فالقول الكريم يكون في صيغته، وأدائه، والخطاب به، فلا يكون مزعجًا كرفع الصوت مثلًا، بل يتضمن الدعاء والإيناس لهما‏.‏
والشاهد في هذه الآية‏:‏ قوله تعالى‏:‏ ‏{‏أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ‏}‏؛ فهذا هو التوحيد لتضمنه للنفي والإثبات‏.‏
* * *
وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَاعْبُدُواْ اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا‏}‏ ‏[‏النساء‏:‏ 36‏]‏‏.‏
* الآية الرابعة قوله تعالى‏:‏ ‏{‏واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الآية‏.‏
‏{‏ولا تشركوا‏}‏ في مقابل ‏"‏لا إله‏"‏؛ لأنها نفي‏.‏
وقوله‏:‏ ‏{‏واعبدوا‏}‏ في مقابل ‏"‏إلا إله‏"‏؛ لأنها إثبات‏.‏
وقوله‏:‏ ‏{‏شيئًا‏}‏ نكرة في سياق النهي؛ فتعم كل شيء‏:‏ لا نبيًا، ولا ملكًا، ولا وليًا، بل ولا أمرًا من أمور الدنيا؛ فلا تجعل الدنيا شريكًا مع الله، والإنسان إذا كان همه الدنيا كان عابدًا لها؛ كما قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ ‏:‏ ‏(‏تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم، تعس عبد الخميلة، تعس عبد الخميصة‏)‏ ‏[‏‏)‏ البخاري‏:‏ كتاب الجهاد/ باب الحراسة في الغزو‏.‏‏]‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏{‏وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا‏}‏ يقال فيها ما قيل في الآية السابقة (3).‏
قوله‏:‏ ‏{‏وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ‏}‏؛ أي‏:‏ إحسانًا‏.‏
وذو القربى هم من يجتمعون بالشخص في الجد الرابع‏.‏
واليتامى‏:‏ جَمْعُ يتيم، وهو الذي مات أبوه، ولم يبلغ‏.‏
والمساكين‏:‏ هم الذين عدموا المال فأسكنهم الفقر‏.‏
وابن السبيل‏:‏ هو المسافر الذي انقطعت به النفقة‏.‏
قوله‏:‏ ‏{‏وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ‏}‏ الجار‏:‏ الملاصق للبيت، أو من حوله، وذي القربى؛ أي‏:‏ القريب، والجار الجنب؛ أي‏:‏ الجار البعيد‏.‏
قوله‏:‏ ‏{‏وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ‏}‏، قيل‏:‏ إنه الزوجة، وقيل‏:‏ صاحبك في السفر، لأنه يكون إلى جنبك، ولكل منهما حق؛ فالآية صالحة لهما‏.‏
قوله‏:‏ ‏{‏وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ‏}‏ هذا يشمل الإحسان إلى الأرقّاء والبهائم؛ لأن الجميع ملك اليمين‏.‏
قوله‏:‏ ‏{‏إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا‏}‏‏.‏
المختال‏:‏ في هيئته‏.‏
والفخور‏:‏ في قوله، والله لا يحب هذا ولا هذا‏.‏
* * *
وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا‏}‏ ‏[‏الأنعام‏:‏ 151‏]‏ الآيات‏.‏

التعديل الأخير تم بواسطة عمادة إشراف معهد العلوم الشرعية العالمي ; 17-08-14 الساعة 11:43 AM
نور الزعبي غير متواجد حالياً