عرض مشاركة واحدة
قديم 31-08-15, 03:43 PM   #2
أروى آل قشلان
|تواصي بالحق والصبر|
افتراضي

(2)

ومن تأمل السنة النبوية وجد كما كبيرا من النصوص تظهر فيها عناية النبي عليه الصلاة والسلام بإيمان الصغار والشباب، وترسيخه بكل الوسائل والأساليب؛ حتى لا تميد بهم الأهواء، ولا تقلبهم الشبهات.

يجب في هذا الزمن أن يُعلَّم الطفل الإيمان وهو رضيع، ثم وهو يحبو، ثم وهو لا ينطق إلا الكلمة والكلمتين.
يجب أن يكرر الإيمان بالله تعالى على مسمعه كل حين حتى يسكن الإيمان قلبه، ويتمكن فيه، فيُعرف بالله تعالى وقدرته وعلمه المحيط بكل شيء،
ويُعلم نسبة النعم إليه سبحانه، ويربى على تعلق القلب به عز وجل.
فينمو إيمانه مع نمو جسده حتى إذا بلغ مرحلة التلقين التي هي دون التمييز لُقن الأذكار والسور القصار من القرآن ليزيد الذكر والقرآن ما ثبت في قلبه من إيمان.
وهكذا كان يُربى الأطفال في حضرة النبي عليه الصلاة والسلام وصحابته الكرام رضي الله عنهم.

تأملوا معي قول جُنْدُبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه، قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ فِتْيَانٌ حَزَاوِرَةٌ "فَتَعَلَّمْنَا الْإِيمَانَ قَبْلَ أَنْ نَتَعَلَّمَ الْقُرْآنَ، ثُمَّ تَعَلَّمْنَا الْقُرْآنَ فَازْدَدْنَا بِهِ إِيمَانًا" رواه ابن ماجه وصححه الألباني.

وقَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ رَضِيَ عَنْهُمَا: عَلَّمَنِي رَسُولُ صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَلِمَاتٍ أَقُولُهُنَّ فِي الْوِتْرِ "اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ... إلى آخر الدعاء" رواه أبو داود وصححه الألباني.

كم كان عمر الحسن رضي الله عنه حين علمه النبي صلى الله عليه وسلم هذا الدعاء؟!
إنه على اليقين لم يتجاوز سبع سنوات، ويحتمل أنه ابن ست أو خمس أو أربع؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم توفي وعمر الحسن سبع سنوات فقط.
يعلمه أن يدعو بهذا الدعاء في وتره، والوتر كل ليلة، فهو دعاء يتكرر كل ليلة،
وتأملوا بماذا يدعو: يسأل الله تعالى أن يهديه وأن يعافيه وأن يتولاه وأن يبارك له فيما أعطاه، وأن يقيه شر ما قضاه،
ثم يختمه بهذه المعاني الإيمانية العالية:
"إِنَّكَ تَقْضِي وَلَا يُقْضَى عَلَيْكَ، وَإِنَّهُ لَا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ، وَلَا يَعِزُّ مَنْ عَادَيْتَ".

بالله عليكم هل يزيغ الحسن رضي الله عنه وهو يلتزم هذا الدعاء الذي ينضح بمعاني الإيمان منذ طفولته؟!
فلا غرو أن يقف الحسن موقفا عظيما حين افترقت الأمة، فيتنازل عن أعظم منصب فيها وهو الخلافة وقد انعقدت له؛ ليحقن دماء المسلمين، ويصلح ذات بينهم.
فهل يفعل الحسن ذلك لولا الإيمان الذي عمر قلبه بالنشأة عليه منذ طفولته، فنمى إيمانه مع نموه، فلما ثارت الفتنة أسعفه إيمانه، فأصلح الله تعالى به الأمة، وأطفأ به نيران الفتنة.

يـــــُـــــــــــتـــــــــــــــبــــــــــــــعـــــــــــــ
..



توقيع أروى آل قشلان
إن نفترق فقلوبنـا سيضمها *** بيت على سحب الإخاء كبير
وإذا المشاغل كممت أفواهنا *** فسكوتنا بين القلوب سفير
بالود نختصر المسـافة بيننا *** فالدرب بين الخافقين قصير
والبعـد حين نحب لامعنى له *** والكون حين نحب جد صغير
أروى آل قشلان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس