الموضوع
:
فوائد | "وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا".
عرض مشاركة واحدة
20-09-16, 11:53 AM
#
1
مريم بنت خالد
معلمة بمعهد خديجة
مشرفة التفسير
تاريخ التسجيل: 07-10-2012
المشاركات: 2,204
فوائد | "وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا".
’’
وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ.
وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ
...‘‘
[الأعراف]
قال ابن القيّم -رحمه الله-:
فَهَذَا مثل عَالم السوء الَّذِي يعْمل بِخِلَاف علمه
وتأمّل مَا تضمنته هَذِه الْآيَة من ذمه وَذَلِكَ من وُجُوه:
أَحدهَا
: أَنه ضل بعد الْعلم وَاخْتَارَ الْكفْر على الْإِيمَان
عمدًا
لَا جهلًا.
وَثَانِيها
: أَنه فَارق الْإِيمَان مُفَارقَة من لَا يعود إِلَيْهِ أبدًا؛
فَإِنَّهُ انْسَلَخَ من الْآيَات
بِالْجُمْلَةِ
-كَمَا تنسلخ الْحَيَّة من قشرها- وَلَو بَقِي مَعَه مِنْهَا شَيْء لم يَنْسَلِخ مِنْهَا .
وَثَالِثهَا
: أَن الشَّيْطَان أدْركهُ ولحقه بِحَيْثُ ظفر بِهِ وافترسه وَلِهَذَا قَالَ "
فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَان
" وَلم يقل "تبعه"؛
فَإِن فِي معنى أتبعه أدْركهُ
ولحقه
وَهُوَ أبلغ من تبعه لفظا وَمعنى.
وَرَابِعهَا
: أَنه غوي بعد الرشد
و(الغي) الضلال فِي الْعلم وَالْقَصْد وَهُوَ أخص بِفساد الْقَصْد وَالْعَمَل كَمَا أَن (الضلال) أخص فَسَاد الْعلم والاعتقاد فَإِذا أُفرد أَحدهمَا دخل فِيهِ الآخر وَإِن اقترنا فَالْفرق مَا ذكر.
وخامسها
: أَنه -سُبْحَانَهُ- لم يَشَأْ أَن يرفعهُ بِالْعلمِ فَكَانَ سَبَب هَلَاكه؛ لِأَنَّهُ لم يرفع بِهِ
فَصَارَ وبالا عَلَيْهِ
،
فَلَو لم يكن عَالمًا كَانَ خيرا لَهُ وأخف لعذابه.
وسادسها
: أَنه -سُبْحَانَهُ- أخبر عَن
خسة همته
وَأَنه اخْتَار الْأَسْفَل الْأَدْنَى على الْأَشْرَف الْأَعْلَى.
وسابعها
: أَن اخْتِيَاره للأدنى لم يكن عَن خاطر وَحَدِيث نفس وَلكنه كَانَ عَن إخلاد إِلَى الأَرْض و
ميل بكُلّيّته
إِلَى مَا هُنَاكَ.
وأصل الإخلاد = اللُّزُوم على الدَّوَام، كَأَنَّهُ قيل لزم الْميل إِلَى الأَرْض، وَمن هَذَا يُقَال: أخلد فلَان بِالْمَكَانِ؛ إِذا لزم الْإِقَامَة بِهِ. قَالَ مَالك بن نُوَيْرَة:
بأبناء حَيّ من قبائل مَالك ... وَعَمْرو بن يَرْبُوع أَقَامُوا فأخلدوا
* وعبّر عَن ميله إِلَى الدُّنْيَا بإخلاده إِلَى الأَرْض
لِأَن الدُّنْيَا هِيَ الأَرْض
وَمَا فِيهَا وَمَا يسْتَخْرج مِنْهَا من الزِّينَة وَالْمَتَاع.
وثامنها
: أَنه رغب عَن هداه وَاتبع هَوَاهُ فَجعل هَوَاهُ إِمَامًا لَهُ يَقْتَدِي بِهِ ويتبعه.
وتاسعها
: أَنه شبهه بالكلب الَّذِي هُوَ أخس الْحَيَوَانَات همة وأسقطها نفسا وأبخلها وأشدها كَلبا وَلِهَذَا سمي كَلْبا.
و
عاشرها
: أَنه شبه لهثه على الدُّنْيَا
وَعدم صبره عَنْهَا
وجزعه لفقدها و
حرصه على تَحْصِيلهَا
بلهث الْكَلْب فِي حالتي تَركه وَالْحمل عَلَيْهِ بالطرد،
وَهَكَذَا هَذَا إِن ترك
فَهُوَ لهثان على الدُّنْيَا
وَإِن وعظ وزجر فَهُوَ كَذَلِك فاللهث لَا يُفَارِقهُ فِي كل حَال كلهث الْكَلْب.
* قَالَ ابْن قُتَيْبَة: كل شَيْء يَلْهَث فَإِنَّمَا يَلْهَث من إعياء أَو عَطش إِلَّا الْكَلْب فَإِنَّهُ يَلْهَث فِي حَال الكلال وَحَال الرَّاحَة وَحَال الرّيّ وَحَال الْعَطش،
فَضَربهُ الله مثلا لهَذَا الْكَافِر فَقَالَ
إِن وعظته فَهُوَ ضال وَإِن تركته فَهُوَ ضال
كَالْكَلْبِ إِن طردته لهث وَإِن تركته على حَاله لهث،
وَهَذَا التَّمْثِيل لم يَقع بِكُل كلب وَإِنَّمَا وَقع بالكلب اللاهث وَذَلِكَ أخس مَا يكون وأشنعه.
ا.ه من كتاب (الفوائد)
توقيع
مريم بنت خالد
لا تسألوني عن حياتي فهي
أسرار
الحياة،
هي
منحة
.. هي
محنة
.. هي عالمٌ من أمنيات،
قد
بعتها لله
ثمّ مضيت في
ركب الهداة
() *
مريم بنت خالد
مشاهدة ملفه الشخصي
البحث عن المشاركات التي كتبها مريم بنت خالد