عرض مشاركة واحدة
قديم 15-02-09, 02:29 PM   #20
إيمان مصطفى عمر
|مديرة معهد العلوم الشرعية|
Icon58 تابع تفريغ الشريط الخامس ....

المتن :




موهم التعارض في القرآن



التعارض في القرآن أن تتقابل آيتان ، بحيث يمنع مدلول إحداهما مدلول الأخرى ، مثل أن تكون إحداهما مثبته لشئ والأخرى نافية فيه .



ولا يمكن أن يقع التعارض بين آيتين مدلولهما خبري ، لأنه يلزم كون إحداهما كذبا ، وهو مستحيل في أخبار الله تعالى ، قال الله تعالى : ( وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثاً)(النساء: الآية 87) (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلاً)(النساء: الآية 122) ) ولا يمكن أن يقع التعارض بين آيتين مدلولهما حكمي ؛ لأن الأخيرة منهما ناسخة للأولى قال الله تعالى (مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا)(البقرة: الآية 106) وإذا ثبت النسخ كان حكم الأولى غير قائم ولا معارض للأخيرة .



وإذا رأيت ما يوهم التعارض من ذلك ، فحاول الجمع بينهما ، فإن لم يتبين لك وجب عليك التوقف ، وتكل الأمر إلى عالمه .



وقد ذكر العلماء رحمهم الله أمثلة كثيرة لما يوهم التعارض ، بينوا الجمع في ذلك . ومن أجمع ما رأيت في هذا الموضوع كتاب " دفع إيهام الاضطراب عن أي الكتاب " للشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى .



فمن أمثلة ذلك قوله تعالى في القرآن : ( هُدىً لِلْمُتَّقِينَ)(البقرة: الآية 2) وقوله فيه : (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاس)(البقرة: الآية 185) فجعل هداية القرآن في الآية الأولى خاصة بالمتقين ، وفي الثانية عامة للناس ، والجمع بينهما أن الهداية في الأولى هداية التوفيق والانتفاع ، والهداية في الثانية هداية التبيان والإرشاد .



ونظير هاتين الآيتين ، قوله تعالى في الرسول صلى الله عليه وسلم : (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ) (القصص:56) وقوله فيه ( وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)(الشورى: الآية 52) فالأولى هداية التوفيق والثانية هداية التبيين .



ومن أمثلة ذلك قوله تعالى : (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ) (آل عمران: الآية 18) وقوله (وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّه)(آل عمران: الآية 62) وقوله :( فَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ) (الشعراء:213) وقوله : ( فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ)(هود: الآية 101) ففي الآيتين الأوليين نفي الألوهية عما سوى الله تعالى وفي الأخريين إثبات الألوهية لغيره .



والجمع بين ذلك أن الألوهية الخاصة بالله عز وجل هي الألوهية الحق ، وأن المثبتة لغيره هي الألوهية الباطلة ؛ لقوله تعالى : (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ) (الحج:62) .



ومن أمثلة ذلك قوله تعالى : ( قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ)(لأعراف: الآية 28) وقوله (وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً) (الإسراء :16) ففي الآية الأولى نفي أن يأمر الله تعالى بالفحشاء ، وظاهر الثانية أن الله تعالى يأمر بما هو فسق . والجمع بينهما أن الأمر في الآية الأولى هو الأمر الشرعي ، والله تعالى لا يأمر شرعا بالفحشاء لقوله تعالى : (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (النحل:90) والأمر في الآية الثانية هو الأمر الكوني ، والله تعالى يأمر كونا بما شاء حسب ما تقتضيه حكمته لقوله تعالى : (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (يّـس:82) .



ومن رام زيادة أمثلة فليرجع إلى كتاب الشيخ الشنقيطي المشار إليه آنفا .




شرح الشيخ :



موهم التعارض في القرآن



هذا مبحث هام يجب معرفته , لما قلنا موهم التعارض ولم نقل التعارض ؟


لانه لا تعارض في القرآن وانما يتوهم الواهم ان هناك تعارض .



التعارض في القرآن أن تتقابل آيتان ، بحيث يمنع مدلول إحداهما مدلول الأخرى ، مثل أن تكون إحداهما مثبته لشئ والأخرى نافية فيه .


يعني التقابل من كل وجه يسمى تعارض , لان كل واحد اعترض طريق الآخر ومنعه



ولا يمكن أن يقع التعارض بين آيتين مدلولهما خبري ،


التعارض بين آيتين مدلولهما خبري لا يمكن ان يكون , يعني لا يمكن ان يخبر الله بشئ ثم يخبر بضده , هذا مستحيل , لماذا ؟


لان الله تعالى عالم بكل شئ , ولايمكن ان يكون جاهلا ثم علم ,


ويقول هنا : ولا يمكن أن يقع التعارض بين آيتين مدلولهما خبري ، لأنه يلزم كون إحداهما كذبا ، وهو مستحيل في أخبار الله تعالى ، ايضا يلزم شيئا آخر كما قلنا ان يكون الله تعالى جاهلا ثم علم .


فيلزم علينا الآن اما ان يكون الله (وحاشاه ) ان يكون كاذبا , واما ان يكون (وحاشاه ) ان يكون جاهلا , كلاهما ممتنع .


انا لو قلت : جاء زيد في الساعة التاسعة والنصف , هذا خبر مدلوله مجئ زيد في التاسعة والنصف , ثم قلت : لم يأت زيد في الساعة التاسعة والنصف , يلزم ذلك ان اكون كاذبا اما في الخبر الاول او في الخبر الثاني , او انني كنت جاهلا وتبين انه ليس كذلك , كنت جاهلا انه قدم الساعة التاسعة والنصف ثم تبين لي فقلت انه لم يأت .


اذن الله تعالى ليس في خبره كذب ولا جهل , بل هو جل وعلا اصدق القائلين واعلم العالمين .


اذن التعارض يلزم ان يكون كذب في اخبار الله او صادرة عن جهل وهو مستحيل في اخبار الله تعالى


قال الله تعالى : ( وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثاً)(النساء: الآية 87)


(وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلاً)(النساء: الآية 122) )


نفى الله عز وجل ان يكون احد اصدق منه حديثا او قولا .




ولا يمكن أن يقع التعارض بين آيتين مدلولهما حكمي ؛ لأن الأخيرة منهما ناسخة للأولى , هذا ايضا ضابط آخر , لماذا لم يقل : نطلب التجيح اذا وقع التعارض؟


لانه لا ترجيح في القرآن , القرآ، كله ثابت .بطريق واحد عن طريق التواتر . ولكن تكون الاخيرة ناسخة للاولى . وهل يلزم ذلك من ذلك اثبات النسخ ؟ نعم , وقع النسخ في القرآن الكريم : اما نسخ اللفظ او المعنى او الحكم او اللفظ والحكم ,


قال الله تعالى


(مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا)(البقرة: الآية 106)


اذن اذا لم يأت بمثلها يأت بخير منها , فالنص واضح ان فيه فائدة , اذا اتى بمثلها ما الفائدة ؟


الفائدة امتحان العبد لانه اذا كان النسخ بالمماثل قد يقول قائل ما الفائدة ؟


فسأبقى على حكم الاولى ولا اقلب النص ,


فصار نسخ الحكم الى مماثل فيه فائدة عظيمة وهي اختبار الانسان .


اختبار المكلف هل يستسلم ويذعن ام لا .


واذا ثبت النص كان حكم الاول غير قائم وغير معارض للاخيرة .



قال تعالى :


((ان يكن منكم عسشرون صابرون يغلبوا مئتين وان يكن منكم مئة يغلبوا ألفا من الذين كفروا ))


اذا هنا الواحد يقابل عشرة امثال .


ثم قال تعالى :


((الآن خفف الله عنكم وعلم ان فيكم ضعفا ان يكن منكم مئة صلبرة يغلبوا مئتين وان يكن منكم ألف يغلبوا ألفين ....))


صار الواحد يقابل اثنين .


هل حكم الاولى باق ؟ لا , نسخت .


وحينئذ لا تعارض بين الآيتين لان احداهما نسخت الاخرى .



وإذا رأيت ما يوهم التعارض من ذلك ، فحاول الجمع بينهما ، فإن لم يتبين لك وجب عليك التوقف ، وتكل الأمر إلى عالمه .


ماقال وجب عليك الترجيح . المهم ان اذا رايت ما يوهم التعارض فاجمع بينهما قبل كل شي , فان لم يتبين الجمع فالواجب التوكل ونقول : سبحانك لا علم لنا الا ما علمتنا .




وقد ذكر العلماء رحمهم الله أمثلة كثيرة لما يوهم التعارض ، بينوا الجمع في ذلك . ومن أجمع ما رأيت في هذا الموضوع كتاب " دفع إيهام الاضطراب عن أي الكتاب " للشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى .


كتاب صغير جمع فيه كل ما امكنه من آيات القرآن العزيز التي ظاهرها التعارض وجمع بينها .



فمن أمثلة ذلك قوله تعالى في القرآن


: ( هُدىً لِلْمُتَّقِينَ)(البقرة: الآية 2)


وقوله فيه :


(شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاس)(البقرة: الآية 185)


هدى للمتقين وهدى للناس , كيف الجمع ؟


أيهما أعم ؟ الناس أعم من المتقين , الناس يشمل المتقي وغير المتقي , فلا بد من الجمع .


1" اما ان نقول ان هدى للمتقين وهدى للناس معناهما واحد والمراد بالناس الخصوص , أي الناس المتقين , وحينئذ لا تعارض ما دمنا فصلنا الناس بالمتقين , فالآية الأخرى هدى للمتقين .


2"او نقول : الهدى نوعان :


هدى دلالة – هدى التزام .


فباعتباره هدى دلالة , يكون هدى الناس جميعا


وباعتباره هدى التزام , يكون هدى للمتقين لانهم هم الذين يلتزمون به ,


فجعل هداية القرآن في الآية الأولى خاصة بالمتقين ، وفي الثانية عامة للناس والجمع بينهما أن الهداية في الأولى هداية التوفيق والانتفاع ، والهداية في الثانية هداية التبيان والإرشاد .


يعني ان نجعل معنى الهداية في الآيتين مختلفا , فنقول هدى الناس هداية الدلالة والارشاد , وهدى للمتقين هي هداية التوفيق والتنفيذ زالقيام بشرعه .


فصار الآن وجه الجمع :


اما ان يكون في الهدى واما ان يكون في الناس والمتقين




ونظير هاتين الآيتين ، قوله تعالى في الرسول صلى الله عليه وسلم :


(إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ) (القصص:56)


وقوله فيه


( وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)(الشورى: الآية 52)


فالأولى هداية التوفيق والثانية هداية التبيين .


هداية التوفيق لا تكون للرسول ولا لغيره , وهداية التبيين والارشاد تكون للرسول ولغيره .




ومن أمثلة ذلك قوله تعالى :


(شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ)


(آل عمران: الآية 18)


وقوله (وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّه)(آل عمران: الآية 62)


وقوله :( فَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ) (الشعراء:213)


وقوله :


( فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ)(هود: الآية 101)


ففي الآيتين الأوليين نفي الألوهية عما سوى الله تعالى وفي الأخريين إثبات الألوهية لغيره .



والجمع بين ذلك أن الألوهية الخاصة بالله عز وجل هي الألوهية الحق ، وأن المثبتة لغيره هي الألوهية الباطلة ؛


لقوله تعالى :


(ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ) (الحج:62) .



قوله ان الله هو الحق : يعني ان الله تعالى هو الاله الحق الذي ليس في الوهيته باطل


وان ما تدعون من دونه هو الابطل .


هو : ضمير فصل لا محل له من الاعراب والشاهد قوله تعالى :


(( لعلنا نتبع السحرة ان كانوا هم الغالبين ))


فلو كان للضمير (هم ) محل من الاعراب لكانت الآية ( ان كلنوا هم الغالبون )


اذن هذا ضمير فصل ما فائدته ؟



** انني خاطبت رجلا من البلاد المجاورة , يكثر فيها الحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم , فقال : والنبي أفتني . قولك : والنبي , هذا شرك , ما يجوز لكن ان شاء الله لن تعود اليه . فقال : والنبي لا اعود اليه .**



سبحان الله , فائدة ضمير الفصل ثلاث : التوكيد والحصر وتمييز الصفة من الخبر .





يتبع الشريط السادس <<<<<<<
الملفات المرفقة
نوع الملف: doc الشريط 5.Doc‏ (247.3 كيلوبايت, المشاهدات 676)

التعديل الأخير تم بواسطة إيمان مصطفى عمر ; 18-02-09 الساعة 11:41 PM
إيمان مصطفى عمر غير متواجد حالياً