عرض مشاركة واحدة
قديم 13-07-07, 05:31 PM   #10
سمية بنت إبراهيم
|مديرة معهد أم المؤمنين خديجة|
c4



فما هي إلا لحظات .. حتى ألقي الصغير في الزيت .. والأم تبكي وتنظر .. وإخوته يغطون أعينهم بأيديهم الصغيرة .. حتى إذا ذاب لحمه من على جسمه النحيل .. وطفحت عظامه بيضاء فوق الزيت .. نظر إليها فرعون وأمرها بالكفر بالله .. فأبت عليه ذلك ..
فغضب فرعون .. وأمر بولدها الثاني .. فسحب من عند أمه وهو يبكي ويستغيث .. فما هي إلا لحظات حتى ألقي في الزيت .. وهي تنظر إليه .. حتى طفحت عظامه بيضاء واختلطت بعظام أخيه .. والأم ثابتة على دينها .. موقنة بلقاء ربها ..
ثم أمر فرعون بالولد الثالث فسحب وقرب إلى القدر المغلي ثم حمل وغيب في الزيت .. وفعل به ما فعل بأخويه ..
والأم ثابتة على دينها .. فأمر فرعون أن يطرح الرابع في الزيت ..
فأقبل الجنود إليه .. وكان صغيراً قد تعلق بثوب أمه .. فلما جذبه الجنود .. بكى وانطرح على قدمي أمه .. ودموعه تجري على رجليها .. وهي تحاول أن تحمله مع أخيه ..
تحاول أن تودعه وتقبله وتشمه قبل أن يفارقها .. فحالوا بينه وبينها .. وحملوه من يديه الصغيرتين .. وهو يبكي ويستغيث .. ويتوسل بكلمات غير مفهومة .. وهم لا يرحمونه ..
وما هي إلا لحظات حتى غرق في الزيت المغلي .. وغاب الجسد .. وانقطع الصوت .. وشمت الأم رائحة اللحم .. وعلت عظامه الصغيرة بيضاء فوق الزيت يفور بها ..تنظر الأم إلى عظامه .. وقد رحل عنها إلى دار أخرى ..
وهي تبكي .. وتتقطع لفراقه .. طالما ضمته إلى صدرها .. وأرضعته من ثديها .. طالما سهرت لسهره .. وبكت لبكائه ..
كم ليلة بات في حجرها .. ولعب بشعرها .. كم قربت منه ألعابه .. وألبسته ثيابه ..
فجاهدت نفسها أن تتجلد وتتماسك ..فالتفتوا إليها .. وتدافعوا عليها ..
وانتزعوا الخامس الرضيع من بين يديها .. وكان قد التقم ثديها ..
فلما انتزع منها .. صرخ الصغير .. وبكت المسكينة .. فلما رأى الله تعالى ذلها وانكسارها وفجيعتها بولدها .. أنطق الصبي في مهده وقال لها :
يا أماه اصبري فإنك على الحق ..ثم انقطع صوته عنها .. وغيِّب في القدر مع إخوته ..
ألقي في الزيت .. وفي فمه بقايا من حليبها ..
وفي يده شعرة من شعرها .. وعلى أثوابه بقية من دمعها ..
وذهب الأولاد الخمسة .. وهاهي عظامهم يلوح بها القدر ..
ولحمهم يفور به الزيت .. تنظر المسكينة .. إلى هذه العظام الصغيرة ..
عظام من ؟ إنهم أولادها .. الذين طالما ملئوا عليها البيت ضحكاً وسروراً .. إنهم فلذات كبدها .. وعصارة قلبها .. الذين لما فارقوها .. كأن قلبها أخرج من صدرها ..
طالما ركضوا إليها ..وارتموا بين يديها ..
وضمتهم إلى صدرها .. وألبستهم ثيابهم بيدها .. ومسحت دموعهم بأصابعها .. ثم هاهم ينتزعون من بين يديها .. ويقتلون أمام ناظريها ..
وتركوها وحيدة وتولوا عنها .. وعن قريب ستكون معهم ..



توقيع سمية بنت إبراهيم
.................

(وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا) (الإسراء-82)

قال أويس القرني رضي الله عنه :
لم يجالس هذا القرآن أحد إلا قام عنه بزيادة أو نقصان.


أم عمـــر .. أسعدكِ ربي يا حبيبة .. وجمعني بكِ في أعالي الجنان
سمية بنت إبراهيم غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس