عرض مشاركة واحدة
قديم 02-01-17, 03:16 PM   #3
أم إبراهيم السلفية
~مشارِكة~
 
تاريخ التسجيل: 13-10-2013
الدولة: فرنسا - ليل
المشاركات: 204
أم إبراهيم السلفية is on a distinguished road
افتراضي

كِتَابُ الطَّهَارَةِ

وَهِيَ ارْتِفَاعُ الحَدَثِ، وَمَا ِفي مَعْنَاهُ، وَزَوَالُ الخَبَثِ.
المِيَاهُ ثَلَاثَةٌ: طَهُورٌ لَا يَرْفَعُ الحَدَثَ، وَلَا يُزِيلُ النَّجسَ الطَّارِئَ غَيْرُهُ، وَهُوَ البَاقِي عَلَى خِلْقَتِهِ، فَإِنْ تَغَيَّرَ بِغَيْرِ مُمازِجٍ كَقِطَعِ كَافُورٍ، أَوْ دُهْنٍ، أَوْ بِمِلْحٍ مَائِيٍّ، أَوْ سُخِّنَ بِنَجسٍ كُرِهَ، وَإِنْ تَغَيَّرَ بِمُكْثِهِ، أَوْ بِمَا يَشُقُّ صَوْنُ المَاءِ عَنْهُ مِنْ نَابِتٍ فِيهِ، وَوَرَقِ شَجَرٍ، أَوْ بِمُجَاوَرَةِ مَيْتَةٍ، أَوْ سُخِّنَ بِالشَّمْسِ،أَوْ بِطَاهِرٍ لَمْ يُكْرَهْ،وَإِنِ اسْتُعْمِلَ فِي طَهَارَةٍ مُسْتَحَبَّةٍ كَتَجْدِيدِ وُضُوءٍ، وَغُسْلِ جُمْعَةٍ، وَغَسْلَةٍ ثَانِيَةٍ، وَثَالِثَةٍ كُرِهَ، وَإِنْ بَلَغَ قُلَّتَيْنِ -وَهُوَ الْكَثِيرُ - وَهُمَا خَمْسُمِائَةِ رَطْلٍ عِرَاقِيٍّ تَقْرِيبًا، فَخَالَطَتْهُ نَجَاسَةٌ غَيْرُ بَوْلِ آدَمِيٍّ، أَوْ عَذِرَتِهِ المَائِعَةِ، فَلَمْ تُغَيِّرْهُ، أَوْ خَالَطَهُ الْبَوْلُ أَوِ الْعَذِرَةُ، وَيَشُقُّ نَزْحُهُ كَمَصَانِعِ طَرِيقِ مَكَّةَ فَطَهُورٌ.


--------------------
قوله: «كتاب» فِعَال بمعنى مكتوب؛ يعني هذا مكتوب في الطهارة.
قوله: «وهي ارتفاع الحدث» أي زوال الوصف المانع من الصلاة ونحوها، والحدث: وصف قائم بالبدن يمنع من الصلاة ونحوها مما تُشْتَرط له الطهارة.
قوله: «وما في معناه»؛ أي وما في معنى ارتفاع الحدث؛ كغسل اليدين بعد القيام من نوم الليل؛ فإنه واجب، ويسمى طهارة وليس من حدث.
قوله: «وزوال الخبث»فزوال الخبث طهارة، سواء زال بنفسه أو زال بمزيـل آخر([1])، والخبث هو النجاسة، وهي كل عين يحرم تناولها، لا لضررها ولا لاستقذارها ولا لحرمتها؛ فقولنا: يحرم تَنَاوُلها خرج به المباح تناوله، وقولنا: لا لضررها خرج به السم وشبهه، فإنه حرام لضرره، وليس بنجس، وقولنا: ولا لاستقذارها، خرج به المخاط وشبهه، فليس بنجس، وقولنا: ولا لحرمتها، خرج به الصيد في حال الإحرام والصيد داخل الحرم.
قوله: «المياه» جمع ماء، وهي ثلاثة أنواع:
الأول: الطَّهور، وسيأتي تعريفه، وهذا «لا يرفع الحدث» غيره؛ أي: لا يرفع الحدث إلا الماء الطهور، والتراب في التيمم على المذهب لا يرفع الحدث، وكذلك «لا يزيل النجس الطارئ»أي الذي ورد على محل طاهر-أما النجاسة العينية كالكلب فهذه لا تطهر أبدًا- «غيره».
قوله: «وهو الباقي على خِلْقَتِهِ» هذا تعريف الماء الطهور، فهو الباقي على خلقته حقيقة، بحيث لم يتغير شيء من أوصافه، أو حكمًا بحيث تغير بما لا يسلبه الطهورية ويأتي مثاله.
«فإن تغير»الماء «بغير ممازج»؛أي: بشيء لا يخالطه «كقطع كافور» وهو نوع من الطيب يكون قطعًا ودقيقًا ناعمًا غير قطع؛ فالقِطَع إذا وُضِعَتْ في الماء غَيَّرت طَعْمَه ورائحته، ولكنها لا تمازجه؛ أي: لا تذوب فيه؛ فإذا تَغَيَّر بهذا فإنه طهور مكروه؛ لأنه تغير عن مجاورة لا ممازجة، وكذا لو تغَيَّر بـ «دهن أو بِمِلْح مَائِيٍّ» وهو الذي يتكَوَّن من الماء، فلو تغير بملح معدني يُستخرج من الأرض فإنه يسلبه الطهورية على المذهب، فيكون طاهرًا غير مطهر([2])، وكذا لو «سُخِّن بنجس»تغير أو لم يتغير فإنه يُكْرَه، وإن كان مغطّى ومحكم الغطاء. والصواب في هذه المسائل كلها: أنه لا يكره؛ لأن الكراهة حكم شرعي يفتقر إلى دليل ([3]).
قوله: «وإن تغير بِمُكْثِهِ» أي: بطول إقامته «أو بما يشق صون الماء عنه من نابت فيه» مثل: غدير نبت فيه عشب أو طحلب، فتغير بها، فإنه طهور غير مكروه، ولو تغيَّر لونه وطعمه وريحه؛ لأنه يشق التحرُّز منه، وكذا لو تغير «بمجاورة ميتة» كغدير عنده عشرون شاة ميتة من كل جانب، فصار له رائحة كريهة جدًّا؛ فهو طهور غير مكروه أيضًا؛ لأن التغيير عن مجاورة لا عن ممازجة([4]).
وكذا لو «سخن بالشمس»؛ أي وضع في الشمس ليُسَخّن «أو بطاهر» يعني أو سخن بطاهر مثل الحطب أو الغاز أو الكهرباء، فإنه لا يكره، وكذا «إن استعمل» أي الماء الطهور «في طهارة مستحبَّة»بأن يمر على العضو ويتساقط منه «كتجديد وضوء وغسلة ثانية وثالثة»في الوضوء، فإنها ليست بواجبة.
قوله: «وإن بلغ»الماء الطهور«قُلّتين» تثنية قُلة، والقلتان في اصطلاح الفقهاء «هو الكثير» واليسير ما دون القُلّتَين، «وهما خمسمائة رطل عراقي تقريبًا» مائة الرّطل العراقي يَزِنُ قِرْبة ماء تقريبًا، وعلى هذا يكون خمس قِرَب تقريبًا، وبالوزن 191.25 كيلو جرامًا، والمسألة ليست على سبيل التحديد فلا يضر النقص اليسير؛ كرطل ورطلين.
فإن بلغ قُلّتين «فخالطته نجاسة» أي امتزجت به، ولكنها «لم تغيره» طعمًا أو لونًا أو رائحة، ففيه قولان في المذهب: الأول: وهو المذهب عند المتقدمين: أنه إذا خالطته نجاسة، وهو دون القلتين نجس مطلقًا، تَغَيَّر أو لم يتَغَيَّر، أما إذا بلغ القُلّتين فإن خالطه بول آدمي أو عذرته المائعة نجس، وإن لم يتغير إلا أن يشق نزْحه ولم يتغير فطهور، أما بقية النجاسات فالمعتبر قلتان، فإذا بلغ قلتين ولم يتغير فطهور، وإن لم يبلغ القلتين فنجس بمجرد الملاقاة.
القول الثاني: وهو المذهب عند المتأخرين: أنه لا فرق بين بول الآدمي وعذرته المائعة وبين غيرهما من النجاسات؛ فإذا بلغ الماء قُلّتين لم ينجس إلا بالتغير، وما دُون القُلّتين ينجس بمجرد الملاقاة.
قوله: «كمصانع طريق مكة» مصانع جمع مصنع، وهي عبارة عن مجابي المياه في طريق مكة من العراق، وهذه المجابي يكون فيها مياه كثيرة، فإذا سقط فيها بول آدمي أو عذرته المائعة ولم تغيِّرْه فطهور، حتى على ما ذهب إليه المؤلف؛ لأنه يشق نزحه.


--------------------
([1]) إنما عبر في جانب الحدث بالارتفاع وفي جانب الخبث بالزوال؛ لأن المراد بالحدث الأمر، والإزالة لا تكون إلا في الأجرام غالبًا، ولأن الخبث قد يكون جرمًا ناسب التعبير معه زوالًا، ولما كان الحدث أمرًا معنويًّا عبر عنه بما يناسب وإن ناسب غيره أيضًا. انظر: حاشية أبي بطين على الروض المربع (1/15).

([2]) وإنما كره للاختلاف في سلبه الطهورية، وذكر غير واحد استحباب الخروج من الخلاف في مسائل الاجتهاد، لكن إذا كان الخلاف مخالفًا سنة صحيحة فلا حرمة له، ولا يستحب الخروج منه؛ لأن صاحبه لم تبلغه، وإن بلغته وخالفها فمحجوج بها. انظر: حاشية ابن قاسم النجدي على الروض المربع (1/62).

([3]) ما ذكره المصنف هو المذهب، كما في شرح منتهى الإرادات (1/16)، وما صوبه الشيخ أحد وجهين، كما في الإنصاف (1/23).

([4]) وكذا ما تغير بمَمَرِّه أو بمَقرِّه أو مجردًا ونحوه مما لا نفس له سائلة، وبآنية أدم ونحاس. انظر: حاشية أبي بطين (1/17).
__________________



توقيع أم إبراهيم السلفية
[CENTER] [CENTER][CENTER][B][COLOR=fuchsia][FONT=&quot]وما من كــاتب إلا سيلقى .. .. .. كتابته وإن فنيت يـــداه[/FONT][/COLOR][/B][/CENTER]
[/CENTER]
[CENTER][CENTER][B][COLOR=fuchsia][FONT=&quot]فلا تكتب بحظك غير شيء .. .. .. يسرك في القيامة أن تراه[/FONT][/COLOR][/B][/CENTER]
[/CENTER]
[/CENTER]

التعديل الأخير تم بواسطة أم إبراهيم السلفية ; 02-01-17 الساعة 03:19 PM
أم إبراهيم السلفية غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس