عرض مشاركة واحدة
قديم 16-05-07, 10:57 AM   #1
أم المهند
~مشارِكة~
 
تاريخ التسجيل: 22-01-2007
المشاركات: 70
أم المهند is on a distinguished road
Lightbulb (تدبر القرآن وتعليم التفكير) حلقة إذاعية للدكتور خالد الدريس حفظه الله

بسم الله الرحمن الرحيم
أخواتي في الله ..

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
لما لهذا البرنامج الماتع من صدى رائع .. أحببت أن أضع بين أيديكن إحدى الحلقات المتميزة فيه، والتي أسأل الله أن ينفع بها، وأن يجزي من نشر علمًا كل خير ..
وهذا الموضوع من برنامج:
"تعليم التفكير" برنامج أسبوعي من إعداد وتقديم: د/ خالد بن منصور الدِّريس
وإليكنَّ الحلقة مُفرّغـــــة ..


بسم الله الرحمن الرحيم إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

أيّها المستمعون الكرام: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
إنّ من أظهر الأدلة على عناية القرآن الكريم بالتفكير والاهتمام به, ما جاء في ثناياه من أمرٍ بتدبره في آيات عديدة, منها قوله جلّ شأنه: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} وكذا قوله تعالى: {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ}.
وتدلّ هذه الآية الكريمة على أن الغرض الأساس من إنزال القرآن هو: التدبر والتفكر في معانيه ومقاصده وأحكامه, لا مجرد التلاوة على عظم أجرها.
والمقصود بتدبر القرآن: هو التفكر الشامل في معاني عباراته ودلالاته, مع التفهم لمقاصده ومراميه البعيدة.

يقول ابن القيم -رحمه الله- في بيان أهمية التدبر:
"ليس شيءٌ أنفع للعبد في معاشه ومعاده من تدبر القرآن، وجمع الفكر على معاني آياته, فإنها تطلع العبد على معالم الخير والشرِّ بحذافيرهما, وتعطيه فرقانًا ونورًا يفرّق به بين الهدى والضلال, وتعطيه قوةً في قلبه وحياةً واسعة, وانشراحًا وبهجة وسرورًا, فيصير في شأن والنّاس في شأن آخر".
ولأهمية التَّدبر وعظم شأنه فقد نهى رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- عن ختم القرآن في أقل من ثلاث ليال, كما في الحديث عن عبد الله ابن عمرو ابن العاص -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: (لا يفقه من قرأ القرآن في أقلَّ من ثلاث) أخرجه أبو داوود والترمذي وقال: حسن صحيح.
ومن حكمة هذا النهي: أن الختم في أقل من ثلاث؛ يضعف معه التدبر ويقل.
ويدل الحديث على أن فقه القرآن وفهمه والتفكر في معانيه ومراميه أفضل وأنفع من التلاوة بدون ذلك.
أحبتي في الله: لو سُئل أحدنا: أيهما أفضل: قراءة عشرة أجزاء في ليلة؟ أو تدبر آيةً واحدةً في ليلة بأكملها؟؟
في ظنكم ماذا سيكون جواب الأكثرين؟؟
في الغالب أن حال كثيرٍ من الناس وواقعهم يدل على تفضيلهم للكثرة على القلة, وتقديمهم للكم على الكيف, وهذا يدل على خلل في تفكير بعضنا.

يقول ابن القيم: "قراءة آيةٍ بتفكر وتفهم, خيرٌ من قراءة ختمة بغير تدبرٍ وتفهم".
وبما أن خير الهدي هدي محمدٍ -صلَّى الله عليه وسلَّم- فقد كان من حاله -عليه الصَّلاة والسَّلام- ما ورد في الحديث الثابت الذي رواه أبو ذر -رضي الله عنه- قال: "صلّى رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- ليلةً فقرأ بآية حتى أصبح, يركع بها, ويسجد بها".وهذا يدل على أنّه -عليه الصَّلاة والسَّلام- فضّل التدبر على كثرة التلاوة فقام ليلته تلك يقرأ آيةً واحدة فقط.

ومما يُستدل به على فضل تدبر القرآن: ما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: (ما اجتمع قومٌ في بيتٍ من بيوت الله, يتلون كتاب الله , ويتدارسونه بينهم, إلا نزلت عليهم السكينة, وغشيتهم الرحمة, وحفَّتهم الملائكة, وذكرهم الله فيمن عنده).
فنزول السكينة والرحمة وحضور الملائكة وذكر الخالق -عزّ وجل- لأولئك القوم, لم يكن بسبب التلاوة فقط, كما يُفهم من الحديث:فقد كانوا مع تلاوتهم, يتدارسونه بينهم أي: يتدبرون ألفاظه, ومعانيه, وتراكيبه, مع التفكر في ذلك كله, سعيًا للوصول إلى الفهم الصحيح, والعمل به, وهكذا كان شأن الصحابة -رضوان الله عليهم- في اهتمامهم بتدبر آيات الكتاب الكريم.
فعن ابن مسعودٍ قال: "كان الرّجل منّا إذا تعلّم عشر آيات لم يُجاوزهنّ, حتى يعرف معانيهنّ, والعمل بهنّ", وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: "تعلم عمر -رضي الله عنه- البقرة في اثنتي عشرة سنة، فلما ختمها نحر جزورًا".

وطول المدة ليس عجزًا أو تكاسلًا من عمر -رضي الله عنه-، ولكنه التدبر والتفكر.
أيها الإخوة الكرام: ومن الأمور المعينة على تدبر القرآن وتفهمه ما يلي:
أولًا: الإخلاص لله عزّ وجلّ, وتصحيح القصد, وتفريغ النفس من شواغلها, وحصر الفكر مع القرآن.

ثانيًا: التلاوة بتأنٍ واسترسال, بعيدًا عن الاستعجال والسرعة مع الخشوع والتأثر.
وقد وصف أحدهم قراءة الفضيل ابن عياض فقال: "كانت قراءته حزينةً, شهية, بطيئةً, مترسلة, كأنه يخاطب إنسانًا".

ثالثًا: الالتزام بفهم السلف الصالح وتفسيرهم للقرآن, ويتحقق ذلك بالرجوع إلى التفاسير المشهورة على منهج السلف, أو إلى أحدها على الأقل, والرجوع إلى أقوال العلماء في التفسير يعين على التدبر, كما قال إياس بن معاوية -رحمه الله-: "مثل الذين يقرءون القرآن وهم لا يعلمون تفسيره, كمثل قوم جاءهم كتابٌ من ملكهم ليلًا وليس عندهم مصباحٌ فتداخلتهم روعة, لا يدرون ما في الكتاب, ومثل الذي يعلم التفسير كرجلٍ جاءهم بمصباح فقرءوا ما في الكتاب".

رابعًا: التمكن من قواعد علوم التفسير وأصوله, مع الاستعانة بما كتبه بعض العلماء في العصر الحديث في قواعد التدبر ووسائله.

خامسًا: الوقوف مع الآية التي يقرأها المرء وقفةً متأنية فاحصة ويكون ذلك بالنظر في معاني كلماتها, وتراكيب جملها, وترتيب سياقها, وسبب نزولها, وما يدخل في الآية من باب النزول, ومفهوم المخالفة, إلى غير ذلك.

سادسًا: التعرف على المقاصد الكبرى, والمحاور الرئيسة, والخطوط العريضة, لكل سورة من سور القرآن الكريم.

سابعًا: مراعاة مناسبة الآيات, ويتحقق هذا بالتساؤل عن علاقة الآية السابقة بالتي تليها, وبما قبلها.
ومن أنفع الكتب في معرفة هذا الأمر: (تفسير البقاعي المسمى: بنظم الدرر في تناسب الآي والسور).

ثامنًا: الموازنة بين الواقع المعاصر, ومضمون الآية ومعناها, بحيث يجعل أحدنا من الآية منطلقًا لعلاج حياته وواقعه, وميزانا لما حوله وما يحيط به, فيتلو القارئ وهو يستشعر أن القرآن كأنه خطاب من الخالق له.
قال ابن القيم -رحمه الله-: "إذا أردت الانتفاع بالقرآن فاجمع قلبك عند تلاوته وسماعه, والقِ سمعك, واحضر حضور من يخاطبه به,(من تكلم به سبحانه), فإنه خطابٌ منه لك, على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم".

اللهم اجعل القرآن ربيع قلوبنا, ونور صدورنا, وجلاء أحزاننا وذهاب همومنا, وصلى الله وسلم على عبده ونبيه محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..

وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته


لللاستماع لبقية حلقات البرنامج المسجلة في موقع مسلمات ينظر هذا الرابط :

http://www.muslimat.net/?action=sec&id=44



توقيع أم المهند
[CENTER][SIZE="4"][COLOR="Magenta"]( مَنْ كَانَ وِعَاءً لِلخيْرِ مَلأَ اللهُ وِِعَاءَه) [/COLOR][/SIZE][/CENTER]
أم المهند غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس