عرض مشاركة واحدة
قديم 22-11-18, 04:24 PM   #75
حسناء محمد
ما كان لله يبقى
| المديرة العامة |
افتراضي

فصل في: القبر*
(1-2)


فتنة القبر ثابتة بالكتاب، والسُّنَّة، والإجماع.


فمِن الكتاب: قول الله -تعالى-: {يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ} [إبراهيم:27].
ومن السُّنة:
أ- حديث البراء بن عازب -رضي الله عنه- أنَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: «الْمُسْلِمُ إِذَا سُئِلَ فِي الْقَبْرِ: يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} [إبراهيم:27]»(1)، وهذه الآية الكريمة، والحديث الشريف يدلان على أنه ليس كل إنسان يثبت عند ذلك السؤال، وإنما المؤمن فقط، نسأل الله -تعالى- الثبات، والسداد.



ب- وحديث أسماء بنت أبي بكر-رضي الله عنهما- في حديث صلاة الكسوف، وفيه: قال النَّبيُّ -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «وَإِنَّهُ قَدْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِي الْقُبُورِ...»(2).




ج- وحديث عائشة -رضي الله عنها- أنَّ النَّبيّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- كان يقول: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْكَسَلِ وَالْهَرَمِ، وَالْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْقَبْرِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ...»(3)، والأحاديث في هذا كثيرة، وأجمع السلف -رحمهم الله- على إثبات فتنة القـبر.





ما هي فتنة القبر؟ وكيف تكون؟
فتنة القبر؛ هي: سؤال الملكين، يسألان العبد ثلاثة أسئلة: من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟.
ويدلّ على ذلك: حديث البراء بن عازب -رضي الله عنه- وتقدَّم بعضه، وفيه قال النَّبيُّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- عن العبد المؤمن: « ... فَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ فَيُجْلِسَانِهِ فَيَقُولَانِ لَهُ: مَنْ رَبُّكَ؟ فَيَقُولُ: رَبِّيَ اللَّهُ، فَيَقُولَانِ لَهُ: مَا دِينُكَ؟ فَيَقُولُ: دِينِيَ الْإِسْلَامُ، فَيَقُولَانِ لَهُ: مَا هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ؟ فَيَقُولُ: هُوَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَيَقُولَانِ لَهُ: وَمَا عِلْمُك؟ فَيَقُولُ: قَرَأْتُ كِتَابَ اللَّهِ فَآمَنْتُ بِهِ وَصَدَّقْتُ، فَيُنَادِي مُنَادٍ فِي السَّمَاءِ أَنْ صَدَقَ عَبْدِي، فَافْرِشُوهُ مِنْ الْجَنَّةِ، وَأَلْبِسُوهُ مِنْ الْجَنَّةِ، وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى الْجَنَّةِ، قَالَ: فَيَأْتِيهِ مِنْ رَوْحِهَا، وَطِيبِهَا وَيُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ مَدَّ بَصَرِهِ، قَالَ: وَيَأْتِيهِ رَجُلٌ حَسَنُ الْوَجْهِ، حَسَنُ الثِّيَابِ طَيِّبُ الرِّيحِ، فَيَقُولُ: أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُرُّكَ، هَذَا يَوْمُكَ الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ، فَيَقُولُ لَهُ: مَنْ أَنْتَ فَوَجْهُكَ الْوَجْهُ يَجِيءُ بِالْخَيْرِ، فَيَقُولُ: أَنَا عَمَلُكَ الصَّالِحُ، فَيَقُولُ: رَبِّ أَقِمْ السَّاعَةَ حَتَّى أَرْجِعَ إِلَى أَهْلِي وَمَالِي...».
وقال عن العبد الكافر: « ... وَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ فَيُجْلِسَانِهِ فَيَقُولَانِ لَهُ: مَنْ رَبُّكَ؟ فَيَقُولُ: هَاهْ، هَاهْ لَا أَدْرِي، فَيَقُولَانِ لَهُ: مَا دِينُكَ؟ فَيَقُولُ: هَاهْ، هَاهْ لَا أَدْرِي، فَيَقُولَانِ لَهُ: مَا هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ؟ فَيَقُولُ: هَاهْ، هَاهْ لَا أَدْرِي، فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنْ السَّمَاءِ أَنْ كَذَبَ فَافْرِشُوهُ لَهُ مِنْ النَّارِ، وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى النَّارِ، فَيَأْتِيهِ مِنْ حَرِّهَا، وَسَمُومِهَا وَيُضَيَّقُ عَلَيْهِ قَبْرُهُ حَتَّى تَخْتَلِفَ فِيهِ أَضْلَاعُهُ، وَيَأْتِيهِ رَجُلٌ قَبِيحُ الْوَجْهِ، قَبِيحُ الثِّيَابِ، مُنْتِنُ الرِّيحِ فَيَقُولُ: أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُوءُكَ، هَذَا يَوْمُك الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ، فَيَقُولُ: مَنْ أَنْتَ فَوَجْهُكَ الْوَجْهُ يَجِيءُ بِالشَّرِّ، فَيَقُولُ: أَنَا عَمَلُكَ الْخَبِيثُ، فَيَقُولُ: رَبِّ لَا تُقِمْ السَّاعَةََ». والحديث تقدَّم تخريجه، وسيأتي عند مسألة: إثبات نعيم القبر، وعذابه أدلّة أخرى.




ما اسم الملَكَين الَّذَيْن يسألان الميت؟
روى الترمذي في سننه حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «إِذَا قُبِرَ الْمَيِّتُ -أَوْ قَالَ: أَحَدُكُمْ- أَتَاهُ مَلَكَانِ أَسْوَدَانِ أَزْرَقَانِ، يُقَالُ: لِأَحَدِهِمَا الْمُنْكَرُ وَالْآخَرُ النَّكِيرُ، فَيَقُولَانِ: مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ؟ فَيَقُولُ مَا كَانَ يَقُولُ: هُوَ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، فَيَقُولَانِ: قَدْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُولُ هَذَا، ثُمَّ يُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ سَبْعُونَ ذِرَاعًا فِي سَبْعِينَ، ثُمَّ يُنَوَّرُ لَهُ فِيهِ، ثُمَّ يُقَالُ لَهُ: نَمْ، فَيَقُولُ: أَرْجِعُ إِلَى أَهْلِي فَأُخْبِرُهُمْ، فَيَقُولَانِ: نَمْ كَنَوْمَةِ الْعَرُوسِ الَّذِي لَا يُوقِظُهُ إِلَّا أَحَبُّ أَهْلِهِ إِلَيْهِ، حَتَّى يَبْعَثَهُ اللَّهُ مِنْ مَضْجَعِهِ ذَلِكَ.
وَإِنْ كَانَ مُنَافِقًا قَالَ: سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ فَقُلْتُ مِثْلَهُ، لَا أَدْرِي، فَيَقُولَانِ: قَدْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُولُ ذَلِكَ، فَيُقَالُ لِلْأَرْضِ: الْتَئِمِي عَلَيْهِ، فَتَلْتَئِمُ عَلَيْهِ فَتَخْتَلِفُ فِيهَا أَضْلَاعُهُ، فَلَا يَزَالُ فِيهَا مُعَذَّبًا حَتَّى يَبْعَثَهُ اللَّهُ مِنْ مَضْجَعِهِ ذَلِكَ»(4).





*فائدة: من أهل العلم من أنكر تسميتهما بـ (منكَر، ونكير)؛ لأنهما اسمان لا يليقان بالملائكة، الذين وصفهم الله -تعالى- بأوصاف الثناء، فضعَّفوا الحديث السابق، ورُدَّ هذا القول بـ : أنَّ تسميتهما بذلك ليس لأنهما منكران من حيث ذواتهما، وإنما من حيث أن الميت لا يعرفهما فينكِرْهما، كما قال إبراهيم -عليه السلام- لأضيافه الملائكة: {قَوْمٌ مُّنكَرُونَ} [الذاريات: 25]؛ لأنه لا يعرفهم.
وكلمة (مُنْكَر) بفتح الكاف على الصحيح؛ ولذا يقول السيوطي -رحمه الله-:
وضبط منكَر بفتح الكاف ** فلست أدري فيه من خلافِ
وبعد الفتنة يكون المصير والحال في القبر، إمَّا إلى نعيم، نسأل الله من فضله، وإمَّا إلى عذاب، نسأل الله -سبحانه- السلامة والعافية.



-------
(1) رواه البخاري برقم (4699).
(2) رواه البخاري برقم (922)، رواه مسلم برقم (584).
(3) رواه البخاري برقم (6368)، رواه مسلم برقم (2723).
(4) صححه ابن حِبَّان (386/7)، وحسَّنه الألباني.



[hr]#960387[/hr]
*باختصار يسير من كتاب: ( فقه الانتقال من دار الفرار إلى القرار)
للشيخ د. عبد الله بن حمود الفريح
[hr]#960387[/hr]


سؤال الدرس:
ما هي فتنة القبر؟



توقيع حسناء محمد
عن أبي هريرة، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
( اللهم أصلح لي ديني الذي هو عِصمةُ أمري، وأصلح لي دُنياي التي فيها مَعاشي، وأصلح لي آخرتي التي فيها مَعادي، واجعل الحياة زيادةً لي في كل خير، واجعل الموتَ راحةً لي من كل شر). صحيح مسلم 2720
حسناء محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس