عرض مشاركة واحدة
قديم 19-09-18, 09:39 PM   #56
حسناء محمد
ما كان لله يبقى
| المديرة العامة |
افتراضي

تغسيل الميت, وتكفينه, والصَّلاة عليه, ودفنه*
(1-5)

يُسَنّ الإسراع في المشي بالجنازة.

وهذا باتفاق العلماء؛ لحديث أبي هريرة -رحمه الله- عن النَّبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: «أَسْرِعُوا بِالْجِنَازَةِ, فَإِنْ تَكُ صَالِحَةً؛ فَخَيْرٌ تُقَدِّمُونَهَا, وَإِنْ يَكُ سِوَى ذَلِكَ؛ فَشَرٌّ تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ»(1).
وضابط الإسراع: أن يكون فوق المشي المعتاد ولا يزيد على ذلك, فالإسراع الشديد غير مراد؛ لأنه يُتعب المشيِّعِين, وأيضاً قد ينزل معه من الميت شيء يلوث الكفن، وكذلك التباطؤ الشديد غير مراد؛ لأن فيه مخالفة للسُّنَّة.
قال ابن القيِّم -رحمه الله-: "وأمَّا دبيب الناس اليوم خطوة خطوة فبدعة مكروهة, مخالفة للسُّنَّة, ومتضمَّنة للتشبه بأهل الكتاب (اليهود)"(2).


كيف يسير الماشي, والراكب مع الجنازة؟

أولاً: الماشي
الأظهر -والله أعلم-: أنَّ الأمر واسع, إن شاء مشى أمامها, أو خلفها, لكن يكون قريباً منها؛ ليُسمَّى تابعاً لها وبكل الجهات وردت آثار عن الصحابة -رضي الله عنهم-.
ويدلّ على ذلك:
أ- حديث المغيرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «الرَّاكِبُ يَسِيرُ خَلْفَ الْجَنَازَةِ, وَالْمَاشِي يَمْشِي خَلْفَهَا وَأَمَامَهَا, وَعَنْ يَمِينِهَا وَعَنْ يَسَارِهَا قَرِيبًا مِنْهَا»(3).
ب- حديث أنس -رضي الله عنه-: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبُو بَكْرٍ, وَعُمَرَ, يَمْشُونَ أَمَامَ الْجِنَازَةِ, وَخَلْفَهَا"(4). قال الألباني: "وهذا سند صحيح على شرط الشيخين"(5).
ج- وأيضاً حتى يتوسع المشيِّعون, ولا يلزمون جهة واحدة فربما يشقّ ذلك عليهم، وروى البخاري معلَّقًا: "عَنْ أَنَس بْن مَالِك -رضي الله عنه- أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الْمَشْي فِي الْجِنَازَة فَقَالَ: أَمَامهَا وَخَلْفهَا، وَعَنْ يَمِينهَا وَشِمَالهَا، إِنَّمَا أَنْتُمْ مُشَيِّعُونَ"(6), ووصله ابن المنذر -رحمهما الله-(7).

ثانيًا: الراكب.
الأظهر -والله أعلم-: أنَّ السُّنة للراكب أن يكون خلف الجنازة.
ويدلّ على ذلك:
أ- حديث المغيرة -رضي الله عنه- السابق, وفيه :«الرَّاكِبُ يَسِيرُ خَلْفَ الْجَنَازَةِ».
ب- ولأن الراكب إذا كان أمام الجنازة آذى الناس بخلاف ما لو كان خلفهم.

* فائدتان:
الأولى: الأفضل لمن تبع جنازة ألّا يكون راكبًا, فالأفضل أن يكون ماشيًا؛ لحديث ثوبان -رضي الله عنه-: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أُتِيَ بِدَابَّةٍ وَهُوَ مَعَ الْجَنَازَةِ فَأَبَى أَنْ يَرْكَبَهَا, فَلَمَّا انْصَرَفَ أُتِيَ بِدَابَّةٍ فَرَكِبَ, فَقِيلَ لَهُ, فَقَالَ: «إِنَّ الْمَلَائِكَةَ كَانَتْ تَمْشِي, فَلَمْ أَكُنْ لِأَرْكَبَ وَهُمْ يَمْشُونَ, فَلَمَّا ذَهَبُوا رَكِبْتُ»(8).
أما الركوب بعد الانصراف منها فجائز؛ للحديث السابق, ولذا كَرِه بعض أهل العلم الركوب في التشييع, ولم يكرهوه في الانصراف منها.
الثانية: جاء في فضل تشييع الجنازة فضل عظيم ينبغي للمسلم أن يجتهد في تحصيله ولا يتوانى، وهو ما جاء في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: «مَنْ اتَّبَعَ جَنَازَةَ مُسْلِمٍ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا وَكَانَ مَعَهُ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا وَيَفْرُغَ مِنْ دَفْنِهَا؛ فَإِنَّه يَرْجِعُ مِنْ الْأَجْرِ بِقِيرَاطَيْنِ، كُلُّ قِيرَاطٍ مِثْلُ أُحُدٍ»(9).
وفي رواية أخرى: «مَنْ شَهِدَ الْجَنَازَةَ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا فَلَهُ قِيرَاطٌ, وَمَنْ شَهِدَهَا حَتَّى تُدْفَنَ فَلَهُ قِيرَاطَانِ». قِيلَ وَمَا الْقِيرَاطَانِ؟ قَالَ: «مِثْلُ الْجَبَلَيْنِ الْعَظِيمَيْنِ»(10).



-------
(1) رواه البخاري برقم (1315), رواه مسلم برقم (944).
(2) انظر: زاد المعاد (517/1).
(3) رواه أبو داود برقم (3180), رواه الترمذي برقم (1011), رواه النَّسائي برقم (1944), رواه ابن ماجه برقم (1481), وقال الترمذي: "حديث حسن صحيح".
(4) أخرجه الطحاوي (278/1).
(5) انظر: أحكام الجنائز (ص74).
(6) انظر: فتح الباري (182/3).
(7) انظر: الأوسط (383/5).
(8) رواه أبو داود برقم (3177) وصححه الألباني في أحكام الجنائز (ص75).
(9) رواه البخاري برقم (47).
(10) رواه البخاري برقم (1325), رواه مسلم برقم (945).



[hr]#960387[/hr]
*من كتاب: ( فقه الانتقال من دار الفرار إلى القرار)
للشيخ د. عبد الله بن حمود الفريح
[hr]#960387[/hr]

سؤال الدرس:
ما ضابط الإسراع بالجنازة؟



توقيع حسناء محمد
عن أبي هريرة، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
( اللهم أصلح لي ديني الذي هو عِصمةُ أمري، وأصلح لي دُنياي التي فيها مَعاشي، وأصلح لي آخرتي التي فيها مَعادي، واجعل الحياة زيادةً لي في كل خير، واجعل الموتَ راحةً لي من كل شر). صحيح مسلم 2720
حسناء محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس