عرض مشاركة واحدة
قديم 26-09-06, 12:18 AM   #8
أمةالله
أم مالك المصرية
افتراضي

فوائد الحفظ:

للحفظ فوائد كثيرة منها:ـ
1 ـ بقاء المعلومات في الذهن.
2 ـ الاستفادة من الأوقات في تحصيل العلم زيادة على المحفوظ.
3 ـ استحضار المعلومات بكل يسر وسهولة.
4 ـ تظهر فائدة الحفظ ومنفعته في حالات منها: فقد الكتاب ، فقد الإضاءة ليلاً ، فقد البصر.

إن الحافظ يقدم على غيره ، وتظهر ميزته بين أهل العلم أنفسهم ،ولهذا قال صاحب الرحبية ـ لما ذكر الفروض المقدرة في كتاب الله ـ قال:
والثلثان وهما التمام فاحفظ فكل حافظ إمام
قال البقري ـ على قوله " فكل حافظ إمام " ـ: أي مقدم على غيره ممن لم يكن مثله ، بأن كان أدون حفظاً ، أو لم يحفظ شيئاً.أ.هـ.
وقال ابن غليون ـ في شرح البيت السابق ـ: اي مقتدى به مقدم على غيره ، فمن جدّ وجد ، ومن فرش رقد ،ومن زرع حصد ،ومن كسل نال الهم ، والندم ، والنكد..

وقال الحافظ ابن حجر في مقدمة بلوغ المرام:" أما بعد فهذا مختصر يشمل على أصول الأدلة الحديثية للأحكام الشرعية ، حررته تحريراً بالغاً ، ليصير من يحفظه من بين أقرانه نابغاً..

طرق إحكام المحفوظ:

الطريق في إحكامه كثرة الإعادة ، والناس يتفاوتون في ذلك: فمنهم من يثبت معه المحفوظ مع قلة التكرار ، ومنهم من لا يحفظ إلا بعد التكرار الكثير ، فينبغي للإنسان أن يعيد بعد الحفظ ليثبت معه المحفوظ ، ولاسيما في حفظ القرآن الكريم.

فعن أبي موسى رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" تعاهدوا هذا القرآن ، فو الذي نفس محمد بيده لهو أشد تفلتا من الإبل في عقلها " متفق عليه..
وعن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" إنما مثل صاحب القرآن كمثل الإبل المعلقة إن عاهد عليها أمسكها وإن أطلقها ذهبت " متفق عليه.
وقد قيل: السبق حرف والتكرار ألف.
وقيل: حفظ حرفين خير من سماع وِقْرَيْن ، وفهم حرفين خير من حفظ سطرين ، والوِقْر: الحمْل الثقيل.

وقال الخليل بن أحمد الشجري ـ رحمه الله تعالى:ـ
وأدم درسه بفعل حميدثم أكده غاية التأكيدوإلى درسه على التأبيدفانتدب بعده لشيء جديدواقتناء لشأن هذا المزيد اخدم العلم خدمة المستفيدوإذا ماحفظت شيئاً أعدهثم علقه كي تعود إليهفإذا ماأمنت منه فواتاًمع تكرار ماتقدم منه

مايعين على الحفظ من المأكولات:

عن ابن جريج قال: قال الزهري عليك بالعسل فإنه جيد للحفظ.
وقال الزهري أيضاً: من سره أن يحفظ ا لحديث فليأكل الزبيب.
وينبغي أن يستعمل ما جعله الله تعالى سبباً لجودة الذهن كمضغ اللبان والمصطكى على حسب العادة وأكل الزبيب بُكْرة

أحكام الحفظ:

يختلف الحكم التكليفي بالنسبة للحفظ تبعاً لاختلاف مايضاف إليه ، فهناك أحكام تتعلق بحفظ القرآن وحفظ مايقرآ في الصلاة وحفظ الوديعة إلى غير ذلك من الأحكام ، تراجع في مظانها من كتب أهل العلم.

صلاة حفظ القرآن:

اشتهر عن علي رضي الله عنه أنه تفلت القرآن من صدره فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلي أربع ركعات وأن يدعو في آخرها بدعاء خاص.. إلخ.
إلا أن هذا الحديث لا يصح عند أهل العلم.

حفظ متن في كل فن , وشيء من كلام أهل العلم حول المتون والعناية بها:

من المفيد جداً لطالب العلم أن يحفظ متناً مختصراً في كل فن.
قال النووي رحمه الله تعالى: " وبعد حفظ القرآن ، يحفظ من كل فن مختصراً , ويبدأ بالأهم ، ومن أهمها الفقه والنحو ، ثم الحديث والأصول ، ثم الباقي على ماتيسر ، ثم يشتغل باستشراح محفوظاته.."

وقال ابن جماعة رحمه الله تعالى:" ثم يحفظ من كل فن مختصراً يجمع فيه بين طرفيه ، من الحديث وعلومه ، والأصولين ،والنحو ،و التصريف ،ولا يشتغل بذلك كله عن دراسة القرآن ،وتعهده ،وملازمة ورده منه في كل يوم ، أو أيام ، أوجمعة ـ كما تقدم ـ وليحذر من نسيانه بعد حفظه ، فقد ورد فيه أحاديث تزجر عنه "

وقال مرتضي الزّبيدي رحمه الله تعالى في ألفية السند:
وبعضها بشرط بعض مرتبطشخص فخذ من كل فن أحسنهتأخذه على مفيد ناصححقق ودقق مااستمد منهمختلف وباختلاف العلمبحثا بعلم وجهه دقيق فإن أنواع العلوم تختلطفما حوى الغاية في ألف سنةبحفظ متن جامع للراجحثم مع الفرصة فابحث عنهلكن ذاك باختلاف الفهمفالمبتدي كالفدْم لا يطيق

وقال الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله تعالى:ـ
" الأمور النافعة في الدين ترجع في أمرين: علم نافع ، وعمل صالح ، أما العلم النافع فهو العلم المزكي للقلوب والأرواح ، المثمر لسعادة الدارين ، وهو ماجاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من حديث وتفسير،وفقه، ومايعين على ذلك من علوم العربية ، بحسب حالة الوقت والموضع الذي فيه الإنسان.
وتعيين مايشتغل به من الكتب يختلف باختلاف الأحوال والبلدان ،والحالة التقريبية في نظرنا هذا: أن يجتهد طالب العلم في حفظ مختصرات الفن الذي يشتغل به ، فإن تعذر ، أو قصر عليه حفظه لفظاً ، فليكرره كثيراً ، حتى ترسخ معانيه في قلبه ، ثم تكون باقي كتب الفن كالتوضيح والتفسير لذلك الأصل الذي أدركه وعرفه.
فلو حفظ طالب العلم " العقيدة الواسطية " لشيخ الإسلام ابن تيمية ، و" ثلاثة الأصول " ، و " كتاب التوحيد " للشيخ محمد ، وفي الفقه: " مختصر الدليل " و " مختصر المقنع " ، وفي الحديث:" بلوغ المرام " ، وفي النحو:" الآجرومية " ، واجتهد في فهم هذه المتون وراجع عليها ماتيسر من شروحها ، أو كتب فنها ، فإنها كالشروح لها لأن طالب العلم إذا حفظ الأصول ،وصار له ملكة تامة في معرفتها ، هانت عليه كتب الفن كلها الصغار والكبار ، ومن ضيع الأصول حرم الوصول.
فمن حرص على هذه العلوم النافعة ، واستعان بالله أعانه وبارك له في علمه ، وطريقه الذي سلكه. ومن سلك في طلبه للعلم غير الطريقة النافعة ، فاتت عليه الأوقات ، ولم يدرك إلا العناء ، كما هو معروف بالمشاهدة والتجربة.
أما الثاني وهو العمل الصالح ، فالعمل الصالح هو الذي جمع الإخلاص لله ،والمتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم.."

وفي الشقاق النعمانية في ترجمة علاء الدين علي بن محمد القوشجي رحمه الله تعالى:"وقد جمع عشرين متناً في مجلدة واحدة ، كل متن من علم ، وسماه " محبوب الحمائل " وكان بعض غلمانه يحمله ولا يفارقه أبداً ، وكان ينظر فيه كل وقت ، يقال إنه حفظ كل مافيه من العلوم "

وكثير من الناس ثكلوا الوصول بتركهم الأصول ، وحقه أن يكون قصده من كل علم يتحراه التبلغ به إلى مافوقه حتى يبلغ به النهاية.
قال بعضهم:
ومايغني التندم ياخليلي بما ضيّعت من حفظ الأصولِ لقد أصبحتُ في ندمٍ وهَمٍ مُنعت من الوصول إلى مَرامي

أسباب النسيان:

للنسيان أسباب كثيرة منها:ـ
1 ـ الإستهانة بأداء فرئض الله وتعدي حدوده.
قال ابن مسعود رضي الله عنه: إني لأحسب الرجل ينسى العلم كان يعلمه بالخطيئة يعملها.
وقال الضحاك بن مزاحم رحمه الله تعالى: مامن أحد تعلم القرآن ثم نسيه إلا بذنب يحدثه وذلك بأن الله تعالى يقول:{وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ}(الشورى ـ30) ونسيان القرآن من أعظم المصائب.
وسئل سفيان بن عيينة: هل يسلب العبد العلم بالذنب يصيبه ؟! قال: ألم تسمع قوله:{فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ}(المائدة ـ 13).
2 ـ كثرة الأكل.
3- الإجهاد والسهر المضني.
4 ـ كثرة الاهتمام بأمور الدنيا والانشغال عن مراجعة المحفوظ.

الحافظ عند المحدثين:

قال ابن سيد الناس رحمه الله تعالى:" وأما المحدث في عصرنا فهو: من اشتغل بالحديث رواية ، ودراية ، وجمع رواة ، واطلع على كثير من الرواة والروايات في عصره ، وتميز في ذلك حتى عرف فيه خطه ، واشتهر فيه ضبطه ، فإن توسع في ذلك حتى عرف شيوخه ،وشيوخ شيوخه ، طبقة بعد طبقة ، بحيث يكون مايعرفه من كل طبقة أكثر مما يجهله منها ، فهذا هو الحافظ.."

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى ـ في النكت على ابن الصلاح ـ: للحافظ في عرف المحدثين شروط إذا اجتمعت في الراوي سموه حافظاً:
1 ـ وهوا لشهرة بالطلب والأخذ من أفواه الرجال لا من الصحف.
2 ـ والمعرفة بطبقات الرواة ومراتبهم.
3 ـ والمعرفة بالتجريج والتعديل وتمييز الصحيح من السقيم حتى يكون مايستحضره من ذلك أكثر مما لا يستحضره مع ا ستحضار الكثير من المتون.
فهذه الشروط إذا اجتمعت في الراوي سموه حافظاً.
والحفاظ من المحدثين كثيرون. وقد ذكر ابن الجوزي جماعة منهم ورتبهم على حروف المعجم في كتابه " الحث على حفظ العلم وذكر كبار الحفاظ" فانظرهم هناك.

تربية الصبيان على الحفظ:

ينبغي لولي الصبي أن يجتهدمعه في التحفظ للقرآن،وسائر العلوم ، في صغره ،وكذا كل مبتدئ في طلب العلم ، حتى يكون الحفظ سهلاً على الطالب ، لأن الحفظ في الصغر كالنقش على الحجر.
وقد جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعاً وموقوفاً:" حفظ الغلام الصغير كالنقش في الحجر ، وحفظ الرجل بعدما يكبر كالكتابة على الماء " وهو صحيح من حيث المعنى وإن لم يصح من جهة الرواية.
أمةالله غير متواجد حالياً