الموضوع: بحث دليل المعتكف
عرض مشاركة واحدة
قديم 19-12-13, 01:59 AM   #6
لبنى أحمد
| طالبة في المستوى الثالث |
افتراضي




اشتراط الخروج في الاعتكاف


وفيه مسائل:

المسألة الأولى: حكمه.

المسألة الثانية: نوعاه.

المسألة الثالثة: فائدته.

المسألة الأولى : حكمه :
اختلف العلماء في جواز الشرط وصحته في الاعتكاف على قولين:
القول الأول: جوازه وصحته.
وهو مذهب الحنفية والشافعية والحنابلة، وبه قال كثير من السلف كالحسن وقتادة وعطاء، وإبراهيم النخعي، وغيرهما [95].
القول الثاني: عدم جوازه وعدم صحته.
وهو مذهب المالكية [96].
قال ابن رشد: "وسبب اختلافهم تشبيههم الاعتكاف بالحج في أن كليهما عبادة مانعة لكثير من المباحات" [97].
الأدلة:
استدل الجمهور بالأدلة الآتية:
1 - قولـه صلى الله عليه وسلم: "المسلمون على شروطهم" [98]، وهذا عام يشمل الاعتكاف[99].
2 - حديث ضباعة بن الزبير رضي الله عنهما، وفيه قولـه صلى الله عليه وسلم لها: "حجي واشترطي قولي: اللهم محلي حيث حبستني" [100].
وجه الدلالة: أن الإحرام ألزم العبادات بالشروع، ويجوز مخالفته بالشرط، فالاعتكاف من باب أولى.
3 - ما روي عن علي وابن مسعود رضي الله عنهما "في المجاور لـه نيته" أي شرطه [101]. لكنه ضعيف.
4 - أنه يجب الاعتكاف بعقده فكان الشرط إليه فيه كالوقف.
5 - أن الاعتكاف لا يختص بقدر فإذا شرط الخروج فكأنه نذر القدر الذي أقامه [102].
دليل المالكية: عدم ورود الشرط في الاعتكاف.
قال الإمام مالك: "لم أسمع أحدًا من أهل العلم يذكر في الاعتكاف شرطًا، وإنما الاعتكاف عمل من الأعمال مثل الصلاة والصيام والحج وما أشبه ذلك من الأعمال ما كان من ذلك فريضة أو نافلة فمن دخل في شيء من ذلك فإنما يعمل بما مضى من السنة، وليس لـه أن يحدث في ذلك غير ما مضى عليه المسلمون لا من شرط يشترطه ولا يبتدعه" [103].
ونوقش هذا الاستدلال: أنه وإن لم يرد في الاعتكاف بخصوصه فقد ورد جواز الشرط العام الشامل للاعتكاف، وكذا ورد في الإحرام وهو ألزم العبادات فألحق به الاعتكاف.

المسألة الثانية: نوعاه

وفيها أمران:

الأمر الأول: أن يكون عامًا.

الأمر الثاني: أن يكون خاصًا.
الأمر الأول: أن يكون الشرط عامًا، كأن يقول: إذا عرض لي عارض، أو شغل، أو مرض ونحو ذلك خرجت.
فمذهب الشافعية والحنابلة وبه قال ابن حزم [104]، صحة هذا الشرط سواء كان الاعتكاف واجبًا أو تطوعًا.
لما تقدم من الأدلة على صحة الشرط في الاعتكاف.
والقول الثاني: عدم صحته.
وبه قال بعض الشافعية [105].
لأنه شرط مخالف لمقتضى الاعتكاف فبطل كما لو شرط الخروج للجماع.
ونوقش هذا التعليل: بعدم التسليم فإنه قياس مع الفارق، فإن شرط الخروج أباحه الشارع بخلاف الجماع فقد حرمه الشارع.
الترجيح:
الراجح – والله أعلم - صحة الشرط العام؛ لعموم أدلة صحة الشرط في الاعتكاف.
فعلى هذا عند الشافعية [106]: يخرج لكل شغل ديني، أو دنيوي مباح.
فالديني مثل: صلاة الجمعة، والجماعة، وعيادة المريض، ونحو ذلك.
والدنيوي المباح: مثل لقاء سلطان أو اقتضاء غريم ونحوه.
وليس من الشغل الفرجة والنزهة والنظارة.
وعند الحنابلة [107]: يخرج لكل قربة كعيادة مريض، أو صلاة جنازة، أو زيادة عالم ونحو هذا.
أو أمر مباح لا ينافي الاعتكاف كأكله في بيته، أو مبيته فيه إذا احتاج إلى ذلك.
فإن كان ينافي الاعتكاف؛ كالجماع، أو المباشرة، أو الفرجة، أو النزهة، أو البيع للتجارة، أو التكسب بالصنعة في المسجد أو غيره لم يجز لـه ذلك لما يأتي.
الأمر الثاني: أن يكون خاصًا، فإن كان قربة كعيادة مريض، وصلاة جنازة، وحضور مجلس علم فجائز عند أبي حنيفة [108]، والشافعية [109]، والحنابلة [110].
وإن كان غير قربة فعند الحنابلة يشترط أن يحتاجه ولا ينافي الاعتكاف.
وكذا عند الشافعية: يشترط أن يكون مباحًا مقصودًا غير مناف للاعتكاف.
فقول الحنابلة: "أن يحتاجه" مثل المبيت في بيته، وأكله فيه.
وقول الشافعية: "مباحًا" خرج المحرم كالسرقة.
وقولهم: "مقصود" خرج غير المقصود كالنزهة والفرجة.
وقولهم: "غير مناف للاعتكاف" خرج الجماع ونحوه مما ينافي للاعتكاف [111].
وعن الإمام أحمد: لا يصح الشرط لغير القربة، جزم به القاضي وابن عقيل واختاره المجد[112].


المسألة الثالثة: فائدة الاشتراط
أما في الاعتكاف المستحب ففائدته عدم بطلانه بالخروج لأجل الشرط.
وأما في الاعتكاف الواجب بنذر:
ففائدته عند الشافعية: في الاعتكاف المتتابع لا يلزمه تدارك ما فاته فكأنه قال: نذرت هذا الزمن والمشروط مستثنى منه [113].
وفائدته عند الحنابلة: سقوط التدارك أي القضاء في المدة المعينة كنذر اعتكاف شهر رمضان.
وأما في المدة المطلقة كنذر شهر متتابع ففائدة الشرط البناء على ما سبق مع سقوط الكفارة[114].

الهامش
[95] مصنف عبدالرزاق 4/355، ومصنف ابن أبي شيبة 3/89، حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح 1/476، وروضة الطالبين 2/402، ومغني المحتاج 1/457، والكافي لابن قدامة 1/371، والإنصاف 3/376.
[96] المدونة مع المقدمات 1/198، الموطأ مع شرح الزرقاني 2/207، القوانين الفقهية ص85.
[97] بداية المجتهد 1/317.
[98] أخرجه البخاري معلقًا بصيغة الجزم في الإجارة، أجرة السمسرة 4/451 فتح.
[99] شرح الزركشي 3/10.
[100] أخرجه البخاري في النكاح، باب الأكفاء في الدين ح5089، ومسلم في الحج، باب جواز اشتراط المحرم ح1207 2/867.
[101] أخرجه عبد الرزاق 4/355، وفي إسناده مبهم.
[102] المغني 4/471، والكافي لابن قدامة 1/372.
[103] الموطأ مع شرح الزرقاني 2/207.
[104] روضة الطالبين 2/402، والشرح الكبير مع الإنصاف 7/611، والمحلى 5/187.
[105] روضة الطالبين 2/402.
[106] روضة الطالبين 2/402.
[107] المغني 4/471، والكافي 1/372، والمبدع 3/76.
[108] الدر المختار 2/246.
[109] روضة الطالبين 2/402.
[110] المغني 4/471، والشرح الكبير مع الإنصاف 7/611، والمبدع 3/76.
[111] روضة الطالبين 2/402، ومغني المحتاج 2/457.
[112] الإنصاف والشرح الكبير 2/612.
[113] روضة الطالبين 2/402، ومغني المحتاج 2/457.
[114] الشرح الكبير مع الإنصاف 7/613، والمبدع 3/76.


منقول من شبكة الألوكة



توقيع لبنى أحمد

التعديل الأخير تم بواسطة لبنى أحمد ; 19-12-13 الساعة 02:03 AM
لبنى أحمد غير متواجد حالياً