عرض مشاركة واحدة
قديم 01-08-09, 12:54 PM   #4
إيمان مصطفى عمر
|مديرة معهد العلوم الشرعية|
افتراضي الدرس الرابع



الدرس الرابع
السلام عليكم ورحمة الله
إن الحمد لله نحمده ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات إعمالنا ... من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له .... وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له وان محمد عبده ورسوله
اللهم انفعنا بما علمتنا وعلمنا ما ينفعنا وزدنا علما اللهم يامعلم إبراهيم علمنا ويامفهم سليمان فهمنا.... أما بعد :
نبدأ هذا اللقاء الرابع ونسال الله سبحانه وتعالى أن نكون قد استفدنا جميعا , ونتكلم اليوم عن التعليم , بعد أن انتهينا من الكلام عن التعلم .
ونذكر فيه : بعض صفات المعلم , متى يتأهل المعلم للتعليم , وكيف يبدأ في مسألة التعليم .
نبدأ على بركة الله
نقول الأصل أن المتعلم ينبغي أن يكون معلما من البداية . لكن تعليمه لا بد أن يتصف بصفات غير الذي يتصدى للتدريس .
بمعنى أن المتعلم إذا تعلم حديثا للنبي عليه الصلاة والسلام , مثلا , حديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : ((أوصاني خليلي بثلاث : أن أصوم ثلاثة أيام من كل شهر , وأن أصلي الضحى , وأن أوتر قبل أن أنام ))
فإنه يعمل بهذا الحديث ثم بعد ذلك يعلم غيره هذا الحديث إذا رأى مناسبة لذلك . فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم (وانظر إلى الطريقة التي يستخدمها رسول الله صلى الله عليه وسلم في التحبيب والترفق في الدعوة وإفادة الآخر بطريقة مشوقة ) مرة جاء معاذ بن جبل رضي الله عنه وشبك أصابعه بأصابعه وقال : يا معاذ , إني أحبك في الله , فلا تدع أن تقول دبر كل صلاة : اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك .
هذا تعليم لكنه لا يكون في مجلس أو درس ...
فإذا تعلم الطالب حديث سواء من الأمور الواجبة مثلا : الوضوء فانه يطبقه ثم يعلم غيره , هذا الأصل .. يعلم كل ما تعلم
لكن يتحين الفرص المناسبة لطرح ما عنده من علم أو يشوق لما يريد أو ما يطرحه أو يسأل سؤال ثم يطرح ما عنده حتى يحصل التشويق للآخرين في طلب الإجابة عن هذا السؤال .
والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : بلغوا عني ولو آية ...
وقال : رب حامل فقه لمن هو أفقه منه )
فالإنسان يبلغ ... وقال : رحم الله امرئ سمع مقالة فوعاها فأداها ....
فإذن هو في طور طلب العلم ولكن يدخل عليه من أمور التعليم اليسير جدا من باب التدريب والتعويد .
فمثلا يأخذ أي حديث من أحاديث رسول الله من كتاب رياض الصالحين مثلا : فيقرأ (( لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع .......)) فيتكلم بشيء مما فهمه من هذا الحديث .
أو أنه يأخذ آية من القرآن الكريم ويتكلم فيها في خمس دقائق في المجالس التي يناسب أن يتكلم فيها بمثل هذا الكلام , ولا يأت للمجالس التي ينشغل فيها الناس أو التي يكون فيها السخط الكثير والنقاشات القوية ...
وإنما يمهد للتحدث و إن لم يتيسر ينتظر لعل الله ييسر له مرة أخرى .
ثم بعد ذلك , يرتقي إلى درجة أعلى وهو أن يأخذ موضوع من الموضوعات : بر الوالدين – الصدقة – فضل رمضان – القرآن وتلاوته وما أعد الله لقارئ القرآن .... وغيرها .
ولا يأت بأمور خلافية ولا يسرد أدلة وكأنه يناقش غيره في هذا , وإنما يطرح فوائد من هذا الحديث .
هذا يكون في بداية التعليم . وإذا رأى أنه تمرس وتدرب على هذا ووصل إلى نهاية المرحلة الثانية من طلب العلم واستطاع أن يبسط المسائل والأقوال ويعرف الأدلة ,
فممكن له أن يبدأ بالتعليق على بعض المتون الصغيرة , في مجموعة من طلاب العلم , ثم ينتقل بعدها إلى شرح متن من المتون , فإذا وصل لهذه المرحلة يكون بذلك قد تأهل للتعليم ويقيم الدروس .
وطلبة العلم في هذه المرحلة ينقسمون إلى قسمين :
1"منهم من يأخذ موضوع ويذكر فيه عناصر والأحكام التي تندرج تحت هذا الموضوع , بمعنى يقسم الموضوع إلى مسائل ثم يطرح كل مسألة لوحدها ويأت بالأحكام عليها
2" ومنهم من يشرح المتن , وهم الأغلبية , وهذا القسم ينقسمون فيه إلى قسمين
أ " منهم من يلتزم بالمتن ولا يخرج عنه كثيرا وإنما يبين ألفاظه
ب " منهم من يزيد في الشرح ويذكر الأقوال والخلافات والاستدلالات , وهذا لا يصلح إلا لمن لهم باع في طلب العلم والمتقدمين في طلب العلم , ولا يصلح للطلبة المبتدئين لأنها ستشتت عليهم .
هناك بعض التنبيهات :
1" الذي يحدث ويعلم لا بد له أن يجعل مفهومه من مفهوم الطلبة الذين أمامه , فلا يتحدث كأنه يخاطب علماء , بل عليه أن يعلم أن الذي إمامه يجهل بما يعلم هو فلا يأت على المسائل بأن يشير إليها إشارات ويسير , فهو قد بحث واطلع وعرف القول الراجح , لكن من إمامه لم يطلع ولم يعرف شيئا , فلا بد من تبسيط المسألة ويحاول أن يتنزل فيها حتى تكون مفهومة لمن يتعلم منه , ولهذا لا بد مكن معرفة مستوى من يعلمه حتى يعطيه المقدار المناسب له , وهذا يكون بطريقتين :
(1) إما أن يكون عنده خبر سابق قبل بداية الدرس
(2) من أول درس يعمل معهم نقاشات وأسئلة من خلالها يتعرف على المستوى التعليمي للمجموعة , وعلى هذا يقيس طريقة شرحه .
2" إذا أراد أن يشرح كتاب لا بد له من معرفة هذا الكتاب , ينظر إلى المسائل الموجودة فيه , و إلى الأحاديث وتخريجها و ألفاظها والأحكام المترتبة عليها والفوائد وما استنبط العلماء منها . بل لا بد له من قراءة المتن كله مع شرحه , يحضر له تحضيرا جيدا , بحيث يستطيع أن يجيد في هذا , ويتشجع أن يلقي مرات أخرى , ويعطي الطلاب زبدة ما عنده من علم ويترك المسائل الخلافية , أما إذا تخاذل ووجد في نفسه تقصير وجاء من يلومه على هذا فيسبب له إحباط ثم يترك .
3" إذا طرح عليه كتاب ينظر من سيدرسه ؟ ليراه هل مناسب أم لا , فإن رأى أنه غير مناسب يتوقف ويقترح كتاب آخر أنسب لهم , فلو طرح عليه كتاب التدمرية لطلاب مرحلة أولى يتركه ويطرح كتاب العقيدة الواسطية مثلا لأنها انسب للبدايات , وهكذا
إذا تعددت الدروس فيبدأ بالأهم فألاهم ,,, ثم يتدرج .
4" لا يشتت الطالب بالأقوال , وإنما يعطيه القول الراجح مباشرة , مع دليله وخاصة لطالب العلم المبتدئ .
ننتقل إلى صفات المعلم :
1" المسؤولية : يشعر بالمسؤولية الملقاة على عاتقه تجاه من يعلمهم لأنهم أمانة في عنقه , فلا بد أن يتقي الله تعالى فيهم ويبذل كل ما يستطيع لإيصال المعلومة وإفهام المادة العلمية وتوضيحها
2" الأمانة العلمية : ينقل لهم ما كان صحيحا , وما هو المعتمد عند العلماء , لا يخالف في هذا ويجتهد في المسائل .
3" التواضع : يتواضع للطلبة ويتقرب إليهم ولا يتكلم بنظرة تكبر واحتقار , بل يشجعهم ويحفزهم , حتى لو أتوا بأشياء يسيرة يجعلها عظيمة ، ويطلب منهم المزيد , أما إذا كان هناك كثرة معاتبات فانه قد يتسبب بترك الطالب للدرس .
4" الاعتزاز بالعلم: يعتز بالعلم الشرعي الذي يعلمه و أن لهم الفضل الأكبر ويربيهم على هذا , وكذلك يعمل بمقتضى هذا العلم .
5" التمكن : أن يكون متمكنا من المادة العلمية التي يعطيها , وكذلك من اللغة العربية , وكيف يحصل له هذا ؟ بأن يدرس النحو وقد ذكرنا له عدة كتب , ولا يكون عنده لحن واضح جلي يلحظه من عنده ادني علم .
وكذلك يهتم بالجانب اللغوي :فيقرأ في كتب الأدب ليستطيع إيصال المعلومة بأكثر من طريقة ,
ومن كتب الأدب : الآداب الشرعيةغذاء الألباب -- أنس المجالس لابن عبد البرالبيان والتبيينعيون الأخبارالعقد الفريدالكامل للمبردالأخلاق والسير لابن حزم .....
وان شاء أخذ من كتب مصطفى صادق الرافعي .... والمنفلوطي ...
6" ارتفاع الصوت : وهذا مهم في إلقاء الدرس , لا يكون منخفض فينام من يستمع إليه .
7" الابتسامة : يتحبب إليهم بالابتسامة ولا يكون درسه جاف .
8" تسلسل المعلومات : لا يقدم معلومة ويتفرع عنها وينتقل إلى أخرى ثم يعود أدراجه للأولى , فلا يستطيع الطالب أن يتسلسل في المعلومات , ممكن أن يذكر عناصر الدرس في البداية ثم يبدأ بشرح كل عنصر على التوالي , حتى تكون المعلومات مرتبطة ومتسلسلة , بالإضافة إلى أنه يربطها بواقع الحياة قدر الإمكان .
9" الأسئلة : يسأل أسئلة بين فترة وأخرى , بين عنصرين أو ثلاثة , حتى يحرك الأذهان , ويتخير من يظن انه شرد عن الدرس
10" تقبل الأجوبة من الآخرين : فلا يعارض الإجابات لئلا يخرج عن صلب الموضوع , ويتجنب الجدال , ولو سأل أحد الطلبة أسئلة بعيدة أو مشوشة للدرس فممكن مباشرة يترك الجدال ويستمر في الدرس كما يريد لا كما يريد الطالب , حتى لا يضيع الوقت وينتهي وقت الدرس دون إكمال عناصره .
11" احترام التلاميذ : يتأدب مع الطلبة ويسميهم بأسمائهم ويكنيهم بكنيتهم إذا لزم الأمر , فلاحترام لا يأتي إلا بخير . ونجاح المعلم في تلاميذه .
وخلاصة كلامنا : صفات المعلم تنحصر في : الإخلاص لله تعالى – التمكن من المادة – احترام الطالبة .
من الأساليب التي يسلكها المعلم , التنوع في عرض الدرس , يهتم بالمسائل الاجتماعية و الأدبية والشرعية أولا, معرفة طلابه ومستوياتهم وتحصيلهم وخلفياتهم الاجتماعية وغيرها ....
و أن يجعل مجال للأسئلة حسب نوع الدرس إما أن يعطي مجال ضمن الدرس أو أنه يسرد عناصر الدرس والأسئلة تؤخر إلى النهاية .
اكتفي بهذه الإشارات , واللبيب يأخذ العبرة من تلك الإشارات .
أسال الله سبحانه وتعالى أن يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح , وصلى الله وسلم على نبينا وسيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
سؤال : كيف نتعامل مع طالب العلم سيء الأخلاق ؟
بالتعامل معه بالأدب والتحفيز والتشجيع وتوليته بعض الأمور والمهام ...
لأن القوة قد لا تناسب في مثل هذا
سؤال : هل يجب على طالب العلم أن يحفظ أم يكفي الفهم ؟
الحفظ أساسي في طلب العلم , لكن قال بعض العلماء انه إذا لم يستطع الطالب أن يحفظ أبدا فلا أقل من أن يدمن القراءة ويجاهد نفسه بالقراءة بكثرة ويحاول أن يضبط المسائل بالأدلة .
سؤال : إذا تفوق الإنسان في أحد علوم الآلة كالنحو والتجويد هل يستطيع التعليم أم يشترط أن يكون عنده كافة العلوم ؟
نعم , إذا تفوق في هذا الجانب فلا بأس أن يدرس هذا العلم , ولا يشترط أن يكون عنده كل العلوم , ولكن إذا كانت عنده معرفة العلوم الأخرى تكون فضيلة وسعة علم , يدمج هذا بهذا , فيعلم النحو من الآيات والأحاديث وينبه على الفوائد فيها .
لكن هناك قاعدة : أن لا يجتهد المعلم في الإجابات , والمقصود ألا يجتهد هو في إجاباته , لا بد أن يكون عنده علم في المسائل ، ولا يتأفف من قول لا أعلم ، لا أدري ، الله أعلم ، وكما قيل : من افتقد لا أدري أصيبت مقاتله .
والإمام مالك رضي الله عنه قال في مسائل كثيرة : لا أعلم .
سؤال : ما رأيك في كتاب توفيق الرحمن – كتاب مختصر لجامع البيان والبغوي – تفسير الصابوني ؟
كتاب توفيق الرحمن كتاب جيد , أم المختصر فليس عندي فكرة عنه , أما البغوي فكتبه جيدة , تفسير الصابوني لا أنصح به لأن فيه بعض الأخطاء ، وأفضل منه تفسير ابن كثير أو عمدة التفسير ...
اكتفي بهذا ... سبحانك اللهم وبحمدك , أشهد أن لا إله إلا أنت , أستغفرك وأتوب إليك
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
إيمان مصطفى عمر غير متواجد حالياً